تجارب الدول العربية والعالمية في التمويلات العقارية التشاركية


Warning: Array to string conversion in /home/anfassqa/public_html/wp-includes/formatting.php on line 1096

مقدمة :

شهد الربع الأخير من القرن العشرين ميلاد المصارف الإسلامية، التي ظهرت إلى الواقع العملي تلبية لرغبة قطاع عريض من المسلمين الذين كان لديهم حرج شديد في التعامل مع البنوك التقليدية.

وقد ساعد على ذلك تنامي تيار الصحوة الإسلامية في الدول العربية والإسلامية الذي واكب حركات التحرر من الاستعمار الغربي مع بداية النصف الثاني من القرن العشرين، فكان التحدي الأكبر للمسلمين في المجال الاقتصادي يتمثل في إصلاح مؤسساتهم المالية، وجعلها تتناسب مع تعاليم الشريعة، ولا شك أنه من الصعوبة بمكان، أن تعيد تنظيم المؤسسات المالية على أساس خال من الربا، في بيئة يهيمن عليها النظام الربوي[1]، الذي انتقلت إلى الدول العربية والإسلامية مع قدوم الاستعمار, الذي زال وترك أنظمته الاقتصادية المادية التي لا تأخذ في اعتبارها القيم والأخلاق الإسلامية.

ولقد قطعت البنوك الإسلامية، منذ بدء ظهورها في العقد السابع من القرن الماضي، شوطا كبيرا من الزمن، استطاعت خلاله تحقيق الكثير من الإنجازات الاقتصادية والاجتماعية المتميزة للبلدان الإسلامية وغير الإسلامية، التي تعمل داخلها، كما استطاعت بفضل من اللّٰه إعادة النور إلى التعامل القائم على أحكام الشريعة الإسلامية بين الناس، بعد أن كاد يقرب من التلاشي.

وقد شهدت الساحة العربية والإسلامية جهوداً فكرية كبيرة لتأصيل المنتوج الإسلامي مصنوع بدقة وإحكام، بحيث ينسجم ويتسق مع الأحكام الشرعية في كل جوانبه، فلا يخالف نصا من القرآن أو السنة ولا قاعدة شرعية، ولا جزئية شرعية معروفة، ومقررة في الفقه الإسلامي وأحكامه التفصيلية، وعرفت مرحلة التأسيس الخدمات البنكية الإسلامية قفزة نوعية ومهمة في الاقتصاد الإسلامي.

وتعرف المؤسسات التشاركية بأنها بنوك تلتزم بأحكام الشريعة الإسلامية في كل أنشطتها الاستثمارية والخدمية من خلال دورها كوسيط مالي بين المدخرين والمستثمرين.

أما عن التعريفات التي أعطيت ” للتمويل التشاركي أو الإسلامي[2]” أنه تقديم المال من خلال مؤسسات مصرفية للضوابط والأسس والقواعد والمقاصد الشريعة والاقتصادية الإسلامية، بهدف المحافظة على المال وتنميته، وتحقيق مهمة الخلافة في الأرض، بما بسهم في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المجتمع وعمارة الكون.

وتمارس البنوك الإسلامية خدماتها في جميع المجالات التي تعمل فيها البنوك التقليدية، ولاسيما المجال العقاري ولكن دون أن يدخل فيها عنصر الفائدة. فهي تعمل على تقديم تمويلات عقارية للزبناء متوقفة على مبدأ المشاركة في الأرباح والخسائر، كالمضاربة العقارية، والمشاركة العقارية، وإلى جانبها تمويلات أخرى، إضافة إلى تمويلات وتقوم على مبدأ الهامش الربحي، كالبيع بالمرابحة والإجارة العقارية، وتمويلات لا تعتمد أي ربح كالقرض الحسن.

وحسب الإحصائيات التي قدمها مجلس الاستقرار المالي للخدمات المالية الإسلامية سنة 2019[3]، فإن قيمة إجمالي الأصول البنكية التشاركية على المستوى العالمي تصل إلى 1,65 تريليون دولار، غير أن حصة الاصول البنكية التشاركية من مجموع الأصول البنكية في العالم لا تصل إلى 1%، تمثل أزيد من 50% منها (أي من 1%) لإيران والسعودية، وماليزيا 10%، والامارات 9,8%، ومصر وقطر %0,6.

أما حصة الأصول البنكية التشاركية من مجموع الأصول البنكية داخل كل بلد بالمقارنة مع الصرفة التقليدية: بالسعودية تشكل التمويلات الإسلامية نسبة %51,5، والكويت 41%، ماليزيا 27%، أما تركيا ومصر وتونس أقل من 5%. وبالنسبة لسنة انطلاق النشاط البنكي التشاركي في بعض البلدان الرائدة: الإمارات 1975 كان أول بنك إسلامي هو دبي إسلامي بنك الذي تم تأسيسه بطريقة تستجيب للمعايير الدولية، وتركيا 1982، وماليزيا وتونس والسعودية سنة 1983.

من خلال هذه الشريحة يتبين أن الصرافة الإسلامية تم وضعها لسنوات تفوق 30 و40 سنة؛ لكن مقارنة مع ما تمثله من مجموع الأصول هناك تغيير وتباين في الأرقام، هذا يعني أن الصرافة الإسلامية متوقفة على العديد من العوامل قانونية وجبائية، وعوامل ذات ثقافة مالية، وهذا التباين لا يمكن مقارنته بشكل حيادي نظرا لاختلاف العوامل، ولأن بعض الدول عملت ببعض المنتجات عكس الدول الأخرى.

ويكتسي موضوعنا أهمية بالغة في ظل اكتشاف وتقييم تجربة البنوك الإسلامية في الدول العربية والعالمية.

وعلى ضوء هذه الأهمية يمكن صياغة الإشكالية التالية:

ما واقع التمويلات العقارية التشاركية في الدول العربية والعالمية؟

وما هي التمويلات العقارية التي تعتمدها البنوك الإسلامية في

الدول العربية والعالمية؟

ولتسليط الضوء على هذا الموضوع، سنعتمد التقسيم الآتي:

المبحث الأول : التمويلات العقارية التشاركية بالمغرب

المبحث الثاني : تجربة بعض الدول العربية والعالمية في التمويلات العقارية التشاركية


[1] محمد إبراهيم محمد مصطفى، تقييم ظاهرة تحول البنوك التقليدية للمصرفية الإسلامية دراسة تطبيقية عن تجربة بعض البنوك السعود ث لنيل درجة الماجيستر في الاقتصاد الإسلامي، كلية ادارة الاعمال والتجارة الدولية -جامعة مصر الدولية 2006م، ص 7.

[2]  محمد طاهر الهاشمي، تقيم أداء المصارف الإسلامية في توظيف أساليب التمويل لخذمة التنمية الاقتصادية والاجتماعية، بدون ذكر المطبعة والطبعة، ص 5، موجود على الموقع

https://drive.google.com/file/d/10t0e1F8gfEY72SghEvesPrrf8J8e2d/view?usp=sharing

[3] مداخلة للأستاذ نبيل بدر، تحت عنوان الوضع الحالي للإطار المؤسساتي والتنظيمي للمالية الإسلامية، لقاء منظم من طرف فريق العدالة والتنمية بمجلس المستشارين، بتاريخ 5 فبراير 2020.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

"لا تقرأ وترحل شاركنا رأيك"

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من أنفاس قانونية

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading