الوثيقة العصرية
الوثيقة العصرية
مقدمة:
لقد عرف التوثيق عدة تطورات على مدى التاريخ الإنساني منذ عهد الحضارات القديمة ومروراً بعهد الجمهورية الرومانية ثم العهد الإسلامي فالعصور الوسطى والعصر الحديث، حيث مرت الإتفاقات والتصرفات عموماً عبر التاريخ بمراحل عديدة، يمكن أن تختزل في مرحلتين أساسيتين:
- المرحلة الشفوية: وكانت الإتفاقات تبرم خلالها بمحضر شهود أو بالقيام ببعض الممارسات أو الطقوس التي من شأنها أن تبقيها عالقة بالأذهان
- المرحلة الكتابية: وفي بدايتها قامت الكتابة بدور ثانوي بالنسبة للشهادة، إذ كانت عبارة عن مذكرة يستعين بها الشهود ليتذكروا ما شهدوا به.
ونظراً لما كانت توفره الكتابة من ضمانات، فقد تطورت وشكلت بعد ذلك وسيلة للإثبات قائمة الذات، فاحتلت بسبب ذلك مكانة بارزة، إلا أن ذلك لا يعني أنها خالية من العيوب، فهي عرضة للتحريف والجحود والنكران، لذا كان لابد من تطويرها لتكون في مأمن مما ذكر.
وهكذا ذكرت الكتابة الرسمية التي تتميز عن الكتابة العادية بحجيتها في الإثبات، إذ لا يمكن الطعن في مصدرها أو محتواها إلا بسلوك مسطرة خاصة ومعقدة؛ أي مسطرة الزور، وكان العمل بها في البداية محصوراً على الوثائق التي تصدرها السلطات العمومية فيما يعود إليها من اختصاصات[1]، ولما أبانت عن نجاعتها انتقلت إى الإتفاقات الخاصة لتكتسب هي الأخرى الصفة الرسمية متى تدخل في تحريرها أو إنجازها أشخاص يملكون صلاحية التوثيق، فلا يخفى على ذي بال مدى أهمية التوثيق بالنسبة لكافة المعاملات الحيوية، حيث أنه يعتبر وسيلة لضمان الحقوق من الضياع وحجة على كاهل المعنيين بهذه المعاملات، ومع تطور أشكال التوثيق ازدادت هذه الضمانات قوة وأصبح التوثيق اختصاصاً لا يمارسه كل من هب ودب.
حيث أصبح موكلاً لأشخاص يملكون الصلاحية للتوثيق ويخضعون لقانون ينظمهم وكذا لفترة تدريبية تصقل معرفتهم القانونية بمجال التوثيق وتجعلهم أقرب إلى مقتضياته العملية.
وقد صار التوثيق العرفي من أكثر أنواع التوثيق شيوعاً بدءاً من المحررات الكتابية التي كان دورها هو تذكير الأطراف بالتزاماتهم لتصبح محررات ذات قوة إلزامية لا يمكن الإستغناء عنها خاصة في بعض المجالات الهامة كالبيوعات العقارية والرهون، لذا فمن الورقة العرفية إلى الورقة الرسمية، أصبحت هذه الأخيرة تتطلب شكليات واجبة التنفيذ، فقد ألزم المشرع الموثق باحترام القواعد الشكلية والموضوعية المتعلقة بشكل المحرر أو بتحرير العقود الرسمية، فكان من اللازم أن يتدخل المشرع لفرض قواعد وضوابط شكلية وموضوعية لابد من مراعاتها في تحرير العقد الرسمي، وأي تجاوز لإحداها قد يحمل الموثق المسؤولية.
فالموثق تقع على عاتقه مجموعة من الإلتزامات، تختلف باختلاف المراحل التي يمر منها تحرير المحرر وتوقيعه وتضمينه مجموعة من الشكليات والأوضاع القانونية الخاصة بالمحرر، والتي يمكن تحديدها في مجموعة من الخطوات والإجراءات القبلية والبعدية لتحرير وتوقيع المحرر والتي تضفي عليه صفة الرسمية بدءاً من قواعد تلقي الوثيقة العصرية مروراً بتعريب الورقة التي يحررها الموثق استناداً إلى المادة 42 من قانون 32.09، وصولاً إلى تضمين بنية الوثيقة للعديد من الشكليات وكذا البيانات التي منها ما هو عام ومنها ما هو منظم بمقتضى قوانين خاصة التي تتضمن جزاءاً عن تخلفها.
وهذا ما يحيلنا إلى طرح إشكال أساسي يمثل جوهر دراستنا وهو:
ما هي أبرز الأوضاع القانونية الخاصة بشكل الوثيقة العصرية؟
وسنحاول بإذن الله الإجابة عن هذا الإشكال من خلال التقسيم التالي، سنقف عند تلقي الوثيقة العصرية (المبحث الاول)، ثم سنرصد بنية الوثيقة العصرية وبياناتها (المبحث الثاني).
المبحث الأول: تلقي الوثيقة العصرية
استلزم المشرع المغربي أوضاعاً قانونية خاصة يجب على الموثقين احترامها عند تحريرهم للوثيقة العصرية حتى تكون صحيحة وخالية من كل عيب ينال من ضماناتها وحجيتها في توثيق المعاملات القانونية وإن كانت لا تتطلب المرور بنفس مراحل الوثيقة العدلية[2].
وعليه، سنحاول تحليل هذا المبحث من خلال مطلبين: (المطلب الأول) قواعد تلقي الوثيقة العصرية، (المطلب الثاني) مسطرة التلقي والإشهاد للوثيقة العصرية.
المطلب الأول: قواعد تلقي الوثيقة العصرية
نصت المادة 35 من قانون 32.09 المتعلق بتنظيم مهنة التوثيق صراحة على: “يتلقى الموثق ـ ما لم ينص القانون على خلاف ذلك ـ العقود التي يفرض القانون إعطاءها الصبغة الرسمية المرتبطة بأعمال السلطة العمومية أو التي يرغب الأطراف في إضفاء هذا الطابع عليها أو يقوم بإثبات تاريخها وضمان أموالها وتسليم نظائر ونسخ منها”.
ومعنى هذه المادة أن الموثق يتلقى جميع العقود التي يريد الأطراف أن يكسبوها الصبغة الرسمية الخاصة بعقود السلطة العامة، ويقوم الموثق بضمان صحة تواريخ العقود ويحتفظ بإيداعهم لديه ويعطي منها صوراً ونسخاً تنفيذية، وبالتالي فالموثق العصري يتلقى إشهاداته على العقود والرسوم بشكل انفرادي دون توقف على غيره، ويتلقى جميع العقود التي يريد الأطراف أن يكسبوها الصبغة الرسمية، كما يعمل على إسداء النصائح للأطراف وهذا ما نصت عليه المادة 37 من قانون 32.09، كما يجب عليه الإستعانة بترجمان محلف مقبول لدى المحاكم، وهذا ما أكدته المادة 38 من قانون 32.09 (الفقرة الأولى)، أما بخصوص تحرير الوثيقة فخلافاً لما كان عليه ظهير 4 ماي 1925 في كتابة المحررات الرسمية من طرف الموثق باللغة الفرنسية، فإن المشرع المغربي نص صراحة في المادة 42 من قانون 32.09 على وجوب تحرير العقود والمحررات باللغة العربية إلا إذا اختار الأطراف تحريرها بلغة أخرى (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: التلقي الإنفرادي للوثيقة العصرية
إن أهم ما يميز التوثيق العصري عن التوثيق العدلي هي مسألة التلقي الإنفرادي في الأول والتلقي الثنائي في الآخر، فالمعلوم من منهجية التوثيق العدلي أن الوثيقة يجب أن تتصدر بذكر اسم العدلين ودائرة انتصابهما وتذيل بشكلهما وتوقيعهما، إذ تعتبر هذه البيانات من أهم ضوابط الوثيقة الأساسية التي يؤدي إغفالها إلى المس بالقوة الثبوتية للوثيقة. أما التوثيق العصري، فإن التلقي فيه لا يتم إلا بموثق واحد ولا يتوقف على آخر[3] ودون حاجة إلى خطاب القاضي المكلف بالتوثيق مثلما هو الشأن بالنسبة للوثائق العدلية، وهنا يثار التساؤل: كيف سمح المشرع بصدور محررات الموثقين العصريين انفرادياً دون رقابة قاضي التوثيق، بينما أوجب هذه الرقابة على وثائق العدول رغم أن التلقي فيها يتم بشكل ثنائي ـ إلا في حالا استثنائية ـ ؟ لذلك فوثائق ورسوم الموثقين العصريين لا تحمل سوى توقيع الموثق رغم أنها وثائق رسمية لا يطعن فيها إلا بسلوك مسطرة الزور.
وهنا تجدر الإشارة إلى بند غريب كان سائداً في الظهير السابق المنظم لمهنة التوثيق العصري والذي كان متجاوزاً في الواقع العملي رغم التنصيص عليه، وهو الفقرة الثانية من الفصل 21 التي كانت تستثني شهادة النساء المغربيات أو اليهوديات في الوثائق وتحصر هذه الشهادة للمرأة غير المسلمة وغير المغربية وغير اليهودية. ولعل مستند هذا الميز كان هو الحفاظ على مصالح الإستعمار الفرنسي وإطلاق يد المستعمرين في المغرب ليس إلا، غير أن هذا المقتضى تجاوزه الواقع العملي لمهنة التوثيق العصري بعد أن تمغربت أطره وولجته المرأة المغربية بلا أدنى إشكال، حيث لم يتطلب الأمر أكثر من استشارة الدوائر العليا المختصة لأحد الموثقين الذي تولى يوماً رئاسة الغرفة الوطنية للموثقين العصريين ومثل المغرب في الهيئات الدولية للتوثيق، وبعد أن أفتى بعدم المانع التحقت أولى النساء بالمهنة في الثمانينات من القرن الماضي، وقد أوردنا هذه الملحوظة من باب الإستئناس فقط والتأكيد على غرابة بعض مقتضيات الظهير السابق.
والتوثيق العصري إذ يعتمد التلقي الإنفرادي مبدأ للعمل يخالف بذلك مجموعة من القواعد المنظمة للإثبات في الشريعة الإسلامية، إذ يقول تعالى: {واستشهدوا شاهدين من رجالكم } وقال سبحانه: { وأشهدوا ذوا عدل منكم }.
وعليه، فالإكتفاء بموثق واحد في تلقي الشهادة يُعد ارتكاباً لمحذور من محاذير الشرع[4]. وعلى أي، فلابد لنا في هذا المطلب أن نسلط الضوء على بعض قواعد تلقي الوثيقة العصرية.
فمن خلال منطوق المادة 35 من قانون 32.09 نجد أن الموثق يعمل على تلقي جميع العقود التي يريد الأطراف أن يكسبوها الصبغة الرسمية الخاصة بعقود السلطة العامة، ويقوم الموثق بضمان صحة تواريخ العقود ويحتفظ بإيداعهم لديه ويعطي منها صوراً ونسخاً تنفيذية كما سبقت الإشارة إلى ذلك.
ويعمل أيضاً على إسداء النصح للأطراف، والمقصود بذلك هو التزام الموثق بنصح الأطراف الراغبة في التعاقد من خلال قيامه أثناء عملية التعاقد بإطلاهم على مضمون العقد وآثاره، ولا يعنى فقط بتحرير العقود وإضفاء الرسمية عليها[5].
وقد سار الفقه الفرنسي في نفس الإتجاه الذي سار فيه القضاء، حيث قال أحدهم بأن الموثق حالياً أصبح له دور مزدوج، فبالإضافة إلى إضفاء الرسمية على الإتفاق، فهو ملزم أيضاً بإسداء النصيحة للأطراف[6]، وهذا ما نصت عليه المادة 37 من قانون 32.09، إذ نصت في فقرتها الثانية على: “يجب على الموثق إسداء النصح للأطراف، كما يجب عليه أن يبين لهم ما يعلمه بخصوص موضوع عقودهم وأن يوضح لهم الأبعاد والآثار التي قد تترتب عن العقود التي يتلقاها”.
ومن هنا إذن يظهر لنا أن دور الموثق العصري أصبح أساسياً وينبغي عليه القيام به على أحسن وجه لأنه يزود الأطراف بالمعلومات الكافية التي تجعل العقد صحيحاً ومنتجاً لآثاره، ويطلعهم على المخاطر التي تهدد حقوقهم ومصالحهم[7].
ومما تجدر الإشارة إليه أن الموثق يقدم النصح إما في شكل معلومات شخصية أو كتابية وإما في شكل مجهود فكري، وذلك بقيامه بعمل أو بإجراء ما، وهنا يطرح التساءل حول الأثر القانوني للنصائح والإرشادات الشفوية التي يقدمها الموثق للزبون؟
حيث؛ وفي إطار علاقة الموثق بالأطراف، يكمن الإشكال في خطورة إنكار أحدهم تلقي هذه النصائح، وبالتالي يقع عبء الإثبات على الموثق. لذا نجد أغلب الموثقين يعمدون إلى إدراج هذه النصائح في صلب العقد الرسمي، وعادة ما يصوغونها في شكل بنود خاصة clauses particulières والمثال على ذلك: “… إبراء تام للأستاذ فلان بن فلان الموثق الذي أعطى كامل النصائح والتوضيحات بخصوص…”[8].
كما يعمل الموثق على التحقق من هوية الأطراف وصفتهم وأهليتهم للتصرف ومطابقة الوثائق المدلى بها للقانون، فالمشرع المغربي ألزم الموثق وتحت مسؤوليته أن يتحقق من هوية الأطراف وصفتهم وأهليتهم للتعاقد والتاكد من وضعية الأطراف[9]، ولكي يتسنى للموثق أن يتفادى المشاكل التي قد تنتج عن إثبات الهوية، فإنه يلح بطلب أصل دفتر الحالة المدنية.
كما يجب عليه الإستعانة بترجمان محلف مقبول لدى المحاكم عند وجود صعوبة في التلقي، وهذا ما أكدته المادة 38 من قانون 32.09.
وخلافاً لما كان عليه ظهير 4 ماي 1925 في كتابة المحررات الرسمية من طرف الموثق باللغة الفرنسية، فإن المشرع المغربي في القانون الحالي نص صراحة في المادة 42 على: “تحرر العقود والمحررات باللغة العربية وجوباً، إلا إذا اختار الأطراف تحريرها بلغة أخرى”.
الفقرة الثانية: لغة الكتابة في محررات الموثقين العصريين
بداية ومن غير تردد نبادر إلى الجزم بأن استخدام اللغة الوطنية في النصوص القانونية، وفي التواصل الإداري، هي الأقدر على تحقيق الغاية في ضبط سلوك الأفراد في الدولة والمجتمع، كونها المؤهلة لفظاً ومعنى لبلوغ إدراك المخاطبين بالنص القانوني، وقواعده التنظيمية، الآمرة منها والمكملة[10].
ونظراً للتطورات التي عرفتها مختلف المجالات بالمغرب، فإنه من غير المقبول الإبقاء على قانون التوثيق العصري بصيغته الفرنسية، فقد أصبح من الضروري مراجعة هذا القانون وذلك بهدف دعم وتقوية دور التوثيق في ضبط المعاملات وتوثيقها والحد مما من شأنه أن يهدد الثقة بين المتعاقدين، إلا أن اعتماد اللغة العربية كمبدأ في صياغة وتحرير العقود التوثيقية في إطار القانون 32.09 يعد من إحدى أهم المستجدات التي أتى بها هذا الأخير، والتي جاءت استجابة للعديد من المطالب[11]:
- تنص أحكام الدستور على أن اللغة العربية هي اللغة الرسمية للمغرب وباعتبار الدستور أسمى قانون في البلاد[12]، فكان لابد من إعمال هذا المقتضى وتطبيقه على قطاع التوثيق العصري ـ خاصة ـ بجعل لغة العقود والمحررات والمراسلات هي اللغة الرسمية للبلاد[13].
- كما أنه وبصدور ظهير 26 يناير 1965 ـ المتعلق بتوحيد القضاء وتعريبه ومغربته ـ فإنه أصبح من اللازم أن تكون اللغة العربية هي لغة القضاء، وبالتبعية هي لغة التوثيق، مادام الموثق يُعد من مساعدي القضاء ومادامت مهنته مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالمحاكم.
- صدور المناشير والدوريات عن وزارة العدل بوصفها الوصي على قطاع التوثيق والتي تحث الموثقين على ضرورة استخدام اللغة العربية في التحرير قصد تكريس الإستقلال التشريعي للمغرب، والتماشي مع مقتضيات الدستور ومقومات الحضارة المغربية وثقافتها وتاريخها العريق.
- اللغة العربية هي الرافد الرئيسي لكل المغاربة، مهما اختلفت وتنوعت اثنياتهم وأعراقهم، يسهل بها التواصل مع المغاربة، بالإضافة لكونها اللغة الرسمية بموجب الدستور الذي نص على ذلك صراحة، فاللغة، ليست مجرد مكون من مكونات الهوية الوطنية للبلد، بل هي رمز من رموز سيادته[14].
- اعترض الكثير من المهتمين والباحثين على اعتماد اللغة الفرنسية كلغة رسمية في تحرير محررات الموثقين، معتبرين ذلك يشكل تبعية واضحة للإستعمار وضرباً عميقاً للهوية المغربية.
أولاً: مستجدات القانون 32.09 من خلال المادة 42
رغبة من المشرع المغربي في مسايرة المقتضيات الدستورية وتأكيداً للتشبث بالهوية المغربية، فإن القانون المنظم لمهنة التوثيق الجديد سعى إلى جعل اللغة العربية هي اللغة الأساسية في تحرير العقود والمحررات التي يقوم بها الموثقون[15]:
حسب المادة 42: “تحرر العقود والمحررات باللغة العربية وجوباً، إلا إذا اختار الأطراف تحريرها بلغة أخرى”[16]. أي إلزام الموثقين بتحرير العقود باللغة العربية إلا إذا اختار الأطراف تحريرها بلغة أخرى[17].
فحسب المادة 42 من القانون المنظمة لمهنة التوثيق يكون المشرع قد جعل من تحرير العقد أو الوثيقة العصرية باللغة العربية قاعدة ومبدأ أساسياً، غير أنه ترك الخيار للأطراف أن يعتمدوا أي لغة أخرى في التحرير وبإرادتهم المنفردة وليس للموثق الحق في أن يلزمهم بلغة معينة لتحرير التزاماتهم، الشيء الذي يطرح إشكالاً بالنسبة لإثبات الإتفاق المبدئي للأطراف في اللغة التي ينبغي أن يحرر بها العقد، فهل يتوجب عليهم الإداء باتفاق كتابي أم يكفي مجرد تصريحهم أمام الموثق باعتماد لغة المحرر؟
تماشياً مع ما هو جاري به العمل، فإنه عادة ما نجد السادة الموثقين يحرصون على أن يضمنوا العقود والمحررات التوثيقية بنداً يشار فيه إلى أن الأطراف يتفقون على تحرير اتفاقهم بلغة العقد، أي باللغة الفرنسية أو العربية أو غيرهما من اللغات، وبهذا يكون هذا البند ملزماً للأطراف وغيرهم.
ثانياً: طبيعة مقتضيات المادة 42 من قانون 32.09
إن مقتضيات المادة 42 من القانون رقم 32.09 تعد قاعدة مكملة وليست آمرة، بحيث يجوز للأطراف الإتفاق على مخالفتها، كما أن المشرع المغربي لم يرتب أي جزاء على عدم احترام هذه القاعدة، فلا يمكن أن نعتبر العقد أو المحرر باطلاً أو قابلاً للإبطال أو رهين إحدى الجزاءات الأخرى في هذه الحالة، الشيء الذي يفرغ المادة من محتواها في غياب أي إلزامية أو جزاء، بل الأكثر من ذلك نجد أن المادة 42 من قانون 32.09 أشارت إلى آثار عدم التقيد بشكليات التحرير في العقود والمحررات التوثيقية فاعتبرتها باطلة، غير أنها لم تشر إلى الكتابة أو اللغة التي ينبغي أن يحرر بها العقد واستثنتها من هذا الجزاء[18].
المطلب الثاني: مسطرة التلقي والإشهاد للوثيقة العصرية
لقد حاول المشرع المغربي أن يحيط العقد بسياج من الحماية حتى لا يترك لذوي النيات السيئة الفرصة للعبث بمضامينه، وحتى لا تطاله يد المزورين والمحرفين، لهذا فقد ألزم المشرع أن يتم تحرير العقد بطريقة محكمة، وجعل من صياغة وتحرير هذا النوع من المحررات فناً، من خلال ما أورده من شروط تهم تحريره، حيث ألزم الموثق العصري بمسك مجموعة من البيانات والدفاتر واللوائح المكتبية أثناء مباشرة وظيفته (الفقرة الأولى)، كما قد فرض عليه وجوب تحرير العقد وفق ضوابط خاصة (الفقرة الثانية)، وأخيراً، فإن المشرع قد نص على ضرورة حضور الموثق والأطراف في مجلس العقد وتوقيعه (الفقرة الثالثة).
الفقرة الأولى: مسك الدفاتر والفهارس والبيانات واللوائح المكتبية
نصت المادة 40 من قانون 32.09 على: “يشار في العقد إلى قراءة الأطراف له أو أنهم اطلعوا على مضامينه من طرف موثق، ويتلقى الموثق الإشهادات في دفتر الفهرسة المشار إليه المادة 41”. فحسب الفقرة الثانية من هذه الأخيرة فإن الموثق يضمن في السجل البيانات الموجزة للعقود التي يتلقاها حسب الأرقام التسلسلية يوماً فيوم، وبدون ترك بياض ولا مسافة بين السطور بصورة منتظمة ومتتابعة؛ كل من رقم الوثيقة وتاريخها، طبيعة العقد، التعريف بالمتعاقدين، ومواطنهما، تحديد المبيع، والثمن، بيانات التسجيل[19] وغيرها على الشكل الآتي:
- رقم العقد الترتيبي.
- تاريخ موضوعه.
- الأسماء الكاملة للأطراف وجنسيتهم وموطنهم.
- بيان الأموال وتحديد موقعها وثمنها إذا كان الأمر يتعلق بحق ملكية أو انتفاع أو استغلال.
- مراجع التسجيل.
وفي الأخير يتعين على الموثق أن يقدم هذا السجل إلى مفتش الضرائب المكلف بالتسجيل المختص، وذلك خلال عشرة أيام التي تلي نهاية كل شهر قصد التأشير عليه وحصر عدد العقود المقيدة فيه.
إن المشرع من خلال القانون 32.09 الجديد لم يغير شيئاً من البيانات، فكانت كل من الفقرة الثانية والثالثة مطابقة للفقرة الثانية والثالثة من الفصل 26 من القانون القديم.
كما ينبغي على الموثق أن يجهز ديوانه بجملة من الملفات الدراسية والمستندات المكتبية وملفات العمل والتسيير والمفاوضات ونماذج العقود، وغير ذلك من البطائق التي يتم اعتمادها في العمل التوثيقي، حتى إذا ما تلقى إشهاداً ضمنه في فهارسه ودفاتر مكتبه، بغية الرجوع إليه عند الحاجة أثناء تحرير الوثيقة العدلية[20].
بالإضافة إلى ذلك يقوم الموثق بتحرير الإتفاق في أصل يحفظ في مكتبه ونسخ تمنح لأصحاب الشأن، ويتجلى الفرق بين أصل المحرر ونسخته في أن الأول يتضمن توقيعات الأطراف والشهود والموثق، أما النسخة فإنها لا تتضمن إلا توقيع هذا الأخير، كما أنه ينبغي أن تكون مشهود بمطابقتها للأصل من قبل الموثق مع الإشارة إلى بيان التضمين بأصل الرسم وبيانات التسجيل وذكر تاريخ ومكان تحرير الوثيقة، ويعتبر حفظ الأصول وصيانتها من الإلتزامات الملقاة على كاهل الموثق[21].
وكذا تضمن الشكليات الخاصة بالمحرر التي من اللازم توافرها حتى تتم العملية التعاقدية في جو من الأمانة والثقة، حيث يتعين على الموثق العصري تقديم نسخ من الوثيقة العصرية والعقود بعد الإشهاد بمطابقتها للأصل من طرفه لمكتب التسجيل المختص لإتمام إجراء التسجيل وأداء الواجب في الأجل المحدد قانوناً وإنجاز الإجراءات الضرورية للتقييد في السجلات العقارية وغيرها لضمان فعاليتها، كما يقوم بإجراءات النشر والتبليغ عند الإقتضاء، وهذا ما نصت عليه المادة 49 من قانون 32.09، كما يمكن للأطراف إعفاء الموثق من إجراءات النشر والتبليغ وذلك تحت مسؤوليتهم ويشار إلى ذلك في صلب العقد وفي وثيقة مستقلة وثابتة التاريخ يوقعها الطرف المعني.
الفقرة الثانية: تحرير الوثيقة العقدية
لقد تطرقت المواد من 36 إلى 49 من القانون 32.09 إلى تحرير العقود وحجيتها، والتي من خلالها حاول المشرع أن يعمل على ضبط وتنظيم العقود التوثيقية وألزم الموثق تحت مسؤوليته بالتقيد بها عند تحريره للعقد.
فبموجب المادة 41 من القانون المشار إليه أعلاه يتضح أن المشرع تفنن في صياغة عقود التوثيق من خلال تنصيصه على الشكل الذي ينبغي أن تكون عليه الوثيقة، فالمشرع عمل على وضع حد لكل ما من شأنه أن يمس برسمية هذه العقود، وذلك من خلال وضع ضوابط خاصة في التحرير، فهكذا أصبح من اللازم أن لا يكون بالعقد انقطاع أو ترك بياض سواء بين الكلمات أو السطور، كما يمنع إدخال أي تصحيح على العقد بطريقة عشوائية دون التقيد بمسطرة خاصة في تدارك الأخطاء في الأخير إلى جانب توقيعات الأطراف، وبهذا تصبح التصحيحات والإستدراكات جزءاً من العقد لها حجيتها شأنها في ذلك شأن باقي البنود الأخرى.
فالمشرع من خلال المادة 41 من القانون المنظم لمهنة التوثيق عمل على الحد من أي تزوير أو تحريف لمضمون هذا العقد أو المحرر، وحاول أن يعطي للعقد التوثيقي جمالية خاصة به من حيث الشكل قد تميزه عن العقود الأخرى، وبالتالي فقد عمل على توحيد شكل العقود في مجال التوثيق بسبب التطور الكبير الذي تعرفه وسائل الكتابة وبإدخال أجهزة الحاسوب إلى الخدمة في المجال التوثيقي، فقد أصبح من المتجاوز الحديث عن التصحيح والإقحام والإلحاق وغيره نظراً لما تتيحه هذه الوسائل المستجدة من إمكانية التصحيح متى تطلب الأمر ذلك، فكان حرياً بالمشرع في القانون الجديد أن يراعي هذا المعطى، وتجاوز الحديث عن التصحيح والإلحاق وغير ذلك[22].
أضف إلى ذلك فهناك مجموعة من الشكليات الأخرى التي تشكل مجموعة من القواعد الأخرى التي لها أهميتها في منح العقد كل المقومات التي تكسبه الصفة الرسمية وتميزه عن غيره من المحررات العرفية، وهي ضوابط شدد عليها المشرع وأكد على ضرورة توفرها، ومن أهمها أنه أوجب على الموثق أثناء تحريره لمختلف العقود أن يتقيد باستعمال أسلوب يتضمن التعبير الدقيق عن إرادة الأطراف ليسد بذلك باب التأويل، وقيام النزاعات حول عيب أو لبس في الأسلوب إما لعدم دقته أو لغموضه، والتقيد بما استوجبه المشرع بخصوص لغته، لما في ذلك من تعبير عن احترام خصوصيات المجتمع ولتمكين الأطراف من التأكد والثقة بما تتضمنه العقود التي يبرمونها من حقوق والتزامات[23].
كذلك فمن الضوائط التي ينبغي على الموثق مراعاتها بخصوص أسلوب العقد هو استعمال الموثق لأسلوب بسيط خال من كل حشو أو إسهاب وإطناب، إذ المطلوب هو إثبات ما اتفق عليه الأطراف من حيث المعنى بألفاظ صريحة وواضحة، وليس إضفاء جمالية أدبية خاصة والإستغراق في تنميق المصطلحات والكلمات، لما لذلك من أهمية في درء تأويلها على وجه يخالف ما نص عليه الفصل 461 من ق.ل.ع[24].
والمسطرة الخاصة بالتصحيح هي مسطرة الإحالات، ويقصد بها العلامة التي يضعها الموثق في المكان الذي حصل فيه نقص أو تعبير غامض للرجوع إلى العلامة المشابهة لها الموجودة إما في الهامش أو أسفل المحرر[25].
ففيما يخص هذه الإحالات والملحقات فقد وضعت لتفادي بعض الصعوبات التي تعتض الموثق عند تحريره العقد، كأن يجد عبارة غامضة في صلب المحرر أو خطأ قد يؤثر على رسميته إن ترك بغير تصحيح، ونحن نعلم أن القانون قد منعه من إضافة أي كلمة أو عبارة في متن المحرر لتدارك هذا الخطأ أو إزالة هذا الغموض.
فالموثق قد يقع في خطأ أو سهو أثناء تحريره للعقود، وهذا الخطأ لا يكتشفه إلا بعد تمام تحرير العقد وتوقيعه، ولأجل تخفيف العبء عليه من إعادة تحرير العقد من جديد، أتاح له المشرع الإستعانة بتقنية الإحالات والملحقات، وعلى الموثق مراعاة إجراءات هذا الشرط والتمييز بين ما إذا كانت الإحالات والملحقات قصيرة أم لا، إذ يتعين كتابتها في الهامش إذا كانت قصيرة، أما إذا كانت طويلة فيجب إدراجها في آخر العقد مع إحاطتها بجميع الضمانات القانونية، بحيث يجب التنصيص في الصفحة الأخيرة على الكلمات والأرقام الملغاة وعدد الإحالات والإشارات إلى الحيز الفارغ من الكتابة مع بيان عدد الخطوط التي وضعت عليه ويذيل الموثق هذه البيانات بتوقيعه وخاتمه، ونص المشرع صراحة على أن كل إضافة تكون ملغاة وباطلة ما لم يتم احترام المقتضيات القانونية التي استلزم المشرع اتباعها في حالة وجود شيء من هذا القبيل[26].
وما تنبغي الإشارة إليه كذلك أن أي تصحيح أو إحالة يجب أن تكون باتفاق الأطراف عليها، بحيث ألزم المشرع أن يتم توقيع جميع الأطراف على هذه التصحيحات أو الإحالات في آخر الصفحة من العقد بعد إطلاعهم عليها من قبل الموثق، كما يوقع هذا.
الفقرة الثالثة: حضور الموثق والاطراف مجلس العقد
يعتبر العقد التوثيقي أهم العقود المتلقاة وفق إجراءاتها الشكلية والرسمية المفروضة قانوناً، وهو بهذا يختلف جذرياً عن العقد العرفي مثلاً الذي يوقعه ويمضيه الأطراف دون حضور المحرر ودون أدنى شروط شكلية أو مساطر رسمية بل يكفي أن يحرر في أي مكان وأي زمان ووفق أي شكل كان، فالموثق بعد أن يتلقى مضامين العقد وعناصر الإتفاق، وبعد أن يحرر العقد في صورته النهائية بجميع البيانات الأساسية، يحدد الأطراف اليوم الذي يقرأ فيه الرسم عليهم لتوقيعه، ويتوجب قانوناً حضور الأطراف مجلس العقد تحت طائلة البطلان، كما يتوجب على الموثق الحضور بنفسه حتى يتأكد من هوية الأطراف الكاملة طبقاً لأوراقهم الرسمية كالبطاقة الوطنية أو جواز السفر أو غيرها، كما يتحقق من السلطات المخولة للمتعاقد بالنيابة عند الإقتضاء، أي من صلاحية التوكيل أو التفويض وثبوتهما[27].
فالمشرع ألزم الموثق بحضوره وكذا حضور الاطراف في مجلس العقد واعتبر أن العقود الخالية من البيان المتعلق بمكان إنشائها وكذا الحضور في مجلس العقد باطلة كمحررات رسمية، لكن تبقى لها حجية العقود العرفية إذا كانت موقعة من قبل جميع الأطراف[28].
وبعد تحقق الموثق من الإجراءات السابقة على الوجه المطلوب ينطلق في توضيح جوانب العقد للأطراف ومقدار التزام كل طرف وآثار ذلك عليهم، مع مدهم بالبيانات اللازمة والتوضيحات الكافية في خصوص البنود التي يحتويها الإتفاق، حتى يعلم الأطراف موجباته وقدره لتأتي مرحلة التوقيع حيث يوقع الأطراف والمترجم والشهود عند الإقتضاء، ثم يوقع الموثق ويخاطب على الرسم إيذاناً برسميته، وبذلك فمحررات الموثقين العصريين تمر من أربع مراحل قبل صيرورتها رسمية، وهي المناقشة والتحرير والقراءة ثم التوقيع[29].
لكن تجدر الإشارة إلى أن مجلس العقد يطرح إشكالاً مهماً عندما يتعلق الأمر بالتوثيق الإلكتروني، فكما هو معلوم فإن تكنولوجيا المعلومات والحاسوب أفرزت عدة وسائل لربط المعلومات التي هي في صيغة إلكترونية بأشخاص وجهات ومجالس افتراضية، ومن أجل ضمان سلامة تلك المعلومات وتمكين الأشخاص من إثبات الحق والإذن الممنوح لهم لإحراز سبل الوصول إلى خدمة معينة، ولضمان نوع من الثقة والأمان، تم إنشاء آليات قانونية ومؤسساتية إلكترونية متعددة.
ويأتي على رأسها التوثيق الإلكتروني، فنظراً لارتباط المعلومات الإلكترونية ارتباطاً عضوياً بثلاثة مفاهيم هي المحرر والكتابة والتوثيق، فإنه كان من الضروري أن يتدخل المشرع لكي يعطي لهذه المفاهيم الثلاثة بعداً جديداً مخالفاً للبيئة الورقية، وذلك من خلال قانون 53.05 المتعلق بالتبادلات الإلكترونية للمعطيات القانونية، حيث حدد المشرع المغربي من خلال باب تمهيدي الإطار العام لهذا القانون والمتمثل بالنظام المطلق على المعطيات القانونية التي يتم تبادلها بطريقة إلكترونية وعلى المعادلة بين الوثائق المحررة على الورق، وتلك المعدة على دعامة إلكترونية وعلى التوثيق الإلكتروني، وبالتالي يكون قد أقر بحجية المحرر الإلكتروني وإلزاميته بنفس قيمة حجة الكتابة الورقية العرفية إذا كانت مصحوبة بتوقيع موثق به أو مؤمن، كما أن المشرع جعل لنسخة المحرر الإلكتروني نفس قوة الإثبات التي يتمتع بها أصل المحرر[30].
فبعد إصدار قانون 53.05 المتعلق بالتبادل الإلكتروني للمعطيات القانونية، عمل على نقل الوثائق الإلكترونية التي كانت قبل هذا القانون تخضع كلية للسلطة التقديرية لقاضي الموضوع الذي يفصله فيها وفقاً لقناعته، إلى تكريس القيمة الثبوتية للوثائق والمحررات الإلكترونية وهو ما يوضح تعاطي المشرع المغربي مع وسائل الإتصال والتعاقد الحديثة، كما جاءت مبادرة المشرع المغربي بتعديل الفصول 417 و 425 و 440 و 443 من قانون الإلتزامات والعقود حتى تتلاءم مع التطور الحديث لنظم التعاقد والإثبات، وبموجب هذه التعديلات أصبح بإمكان الموثق العصري بصفته صاحب الصلاحية في إضفاء الرسمية على وثائق الأطراف ان يصدر الوثائق الإلكترونية العرفية منها والرسمية[31].
ووفقاً للفصلين 417/1 و 417/2 فإن الوثيقة الإلكترونية هي التي تستوفي الشروط التالية:
- أن تعرف الوثيقة العرفية الإلكترونية بالشخص الذي صدرت عنه.
- أن تحمل توقيعاً مؤمناً.
- وأن تحمل تاريخاً ثابتاً عند التوقيع الإكتروني المؤمن.
واجتماع هذه الشروط وتحققها في الوثيقة العصرية التي يصدرها الموثق العصري في حدود اختصاصه المنظم في القانون يجعلها تتمتع بالحجية والقوة الثبوتية، لكن وفق الفصل 417/2 في فقرته الثانية فإنه يلزم إضافة إلى توفر الشروط الأربعة في الوثيقة الإلكترونية العرفية تحقق شرط خامس يتمثل في وضع التوقيع على الوثيقة الإلكترونية الرسمية أمام موظف عمومي له صلاحية التوثيق[32].
لكن، وكما سبق أن أشرنا أن الموثق يتولى مهمة الإشراف والمصادقة على اتفاقات الأطراف وتعاقداتهم ويكون مسؤولاً عما يشهد به من وقائع جرت أمامه ويختم المحرر بتوقيعه إلى جانب توقيع الأطراف حيث يتولى مهمة حفظ الأصل بديوانه وتسليم نسخة تنفيذية منها تتمتع بنفس القوة الثبوتية، وما يهمنا في دراستنا هذه هو التساؤل التالي:
كيف يتم إضفاء الصبغة الرسمية على المحرر الإلكتروني الرسمي علماً أنه يبرم عن بعد، باعتماد الوسائط الإلكترونية، وكيف يتصور حضور الموثق مجلس العقد وتلاوة العقد على الأطراف وتعريفهم بحجم التزاماتهم للنتائج المترتبة عن تعاقدهم؟
لما كانت خاصية العقود الإلكترونية أن تبرم عن بعد فإنه لا يمكن أن نتصور إلا مشهدين لا ثالث لهما، مادام الحضور الشخصي للموثق في مجلس العقد هو أمر مستبعد على اعتبار أن التعاقد الإلكتروني جاء تلبية لحاجات اختصار الوقت والمسافات والحدود بين الدول.
فالمشهد الأول هو حضور الموثق الفعلي لوضع التوقيع الإلكتروني لأحد الأطراف فقط، ثم بعد ذلك يرسل الوثيقة إلكترونياً للثاني للغرض نفسه أمام موثق ثان، أو أمام نفس الموثق إذا أمكنه الإنتقال للطرف الآخر، وهذا الأمر الأخير يتعارض مع الإختصاص المكاني للموثق العصري بالمغرب، كما أن الأمر ينطوي على تعقيدات تتنافى مع مصالح الأطراف بل ومع طبيعة عمل الموثق نفسه واختصاصه المكاني.
أما المشهد الثاني الذي قد يكون هو المقصود من النص القانوني يتمثل في الحضور الإفتراضي للموثق، بمعنى أن تكون معاينته لوضع التوقيع الإلكتروني افتراضية وهو ما يتطلب معدات تقنية وبرمجية خاصة ومتطورة توفر مجالاً لتلاقي الموثق بالأطراف على شبكة الإنترنت، وهي إمكانية غير متاحة للموثقين في البلاد المتقدمة، فما بالك في دول العالم الثالث، حيث لا يزال استعمال وسائل الإتصال في التوثيق من أجل الطبع وتخزين البيانات وعلى البريد الإلكتروني[33].
فمن استقراء الفصلين السابقين يتبين لنا أن مهمة التوثيق تنحصر في معاينة وضع التوقيع على المحرر ولا تمتد صلاحيته إلى مراقبة مضمونه والإشهاد على صحة إرادة المتعاقد، وهو ما يعد مساساً جوهرياً بكل من صلاحيات الموثق ودوره في تأمين العمليات التعاقدية شكلاً ومضموناً من جهة، ومساساً بحقوق الأطراف المتعاقدة تجاه الموثق الذي تلزمه نصوص القانون المنظم لمهنته بتقديم النصح للمتعاقدين وتبصيرهم وهو ما لا يتأتى في ظل هذه الطريقة من التعاقد، التعاقد عن بعد والحضور الإفتراضي للموثق.
المبحث الثاني: بنية الوثيقة العصرية وبياناتها
حتى تمر العملية التعاقدية في مناخ من السلالة والإئتمان والثقة، فإن المشرع قد وضع للشخص المشرع عليها ـ الموثق ـ مجموعة من الأوضاع القانونية التي يتعين عليه أن يحترمها وهو بصدد كتابة المكرر التوثيقي ليكون صحيحاً وخالياً من كل عيب قد يمس حجيته، كما أوجب عليه مراعاة مجموعة من البيانات عند توثيقه للمحرر حتى تتكامل له عناصره اللازمة لاعتباره محرراً رسمياً[34].
فبالرجوع إلى مختلف الوثائق التي يصدرها الموثق العصري يتبين أن صياغتها تتسم بوحدة منهجية منضبطة لقواعد بنيوية تشمل في أقسامها ما يمكن نعته بوحدة البنية، وإن تعددت البيانات، ذلك أنه في إطار وحدة منهج الخطاب القانوني عموماً يلاحظ أن بنية الصيغ التي تحرر بها العقود التوثيقية لا تختلف عن باقي صيغ الخطاب القانوني الأخرى، سواء كانت ستشارة قانونية أو حكماً أو قراراً قضائياً، بل ولو تعلق الأمر بعمل علمي أكاديمي صرف[35].
وبنية أي وثيقة عقدية تصدر بمعرفة موثق عصري لا منص من أن تتضمن مقدمة صياغية وهيكلاً عقدياً ثم سوراً تختتم به، وما وصفناه بالمقدمة والهيكل والسور يتضمن عادة مجموعة من الضوابط التوثيقية المختلفة القيمة والحجية (المطلب الأول)، فمنها ما هو معدود من البيانات الجوهرية للوثيقة ومنها ما هو مصنف من البيانات الثانوية، فأما البيانات الجوهرية أو الأساسية فهي التي يترتب على تخلفها بطلان الوثيقة العصرية بطلاناً مطلقاً تفقد معه قيمتها وحجيتها كاملة، ومن هذا الصنف بيانات الأسماء والأهلية ومحل التعاقد وغيرها، وأما البيانات الشكلية فهي وإن كانت مهمة للمحررات التوثيقية الرسمية فهي تبقى مع ذلك أقل من الأولى من حيث قيمتها، حيث يترتب على تخلفها بطلان الوثيقة العصرية كمحرر رسمي مع إمكانية الإحتجاج بها كمحرر عرفي إذا كانت موقعة من قبل الأطراف وإلا انجرفت إلى مجرد بداية الحجة الكتابية أو المكتوب الخاص الذي يحتاج إلى قرائن أخرى لتعضده حتى يصير حجة كاملة، ومن هذا القبيل تاريخ تحرير السند ومكانه وغيرها.
وأما النوع الخير فيتعلق بمجموعة من البيانات الثانوية التي حظ المشرع على تضمينها في محررات الموثقين العصريين، على أنه إذا لم تتم الإشارة إليها، فإن ذلك لا يؤثر في حجية الوثيقة ولا ينتقص من قيمتها، ومن هذا الصنف نذكر مثلاً مهنة المتعاقدين ومحل إقامتهم، ونحوه.
وعلى ذلك، فإن تخلف إحدى بيانات الوثيقة العصرية يرتب جزاءاً بحسب مدى جوهرية وأساسية هذه البيانات كما تمت الإشارة إلى ذلك، وكل هذا سنتناوله في (المطلب الثاني).
المطلب الأول: بنية الوثيقة العصرية
يلتزم الموثق العصري المصدر لأي وثيقة عصرية بأن يحدد أوضاعاً وضوابط وأسس أوجبها القانون ينبغي أن لا يخرج عن إطارها، وذلك على شكل فصول وقواعد مترادفة ومتناسقة، يبين في كل فصل من هذه الفصول عناصر الإتفاقية الأساسية منها أو الثانوية أو القانونية وذلك تحت طائلة بطلان المحرر التوثيقي أو انقلابه إلى محرر عرفي في حالما اشتمل على توقيع الأطراف[36].
وللإحاطة بموضوع بنية الوثيقة العصرية لابد من معالجته انطلاقاً من ثلاث فقرات رئيسية تتمثل أساساً في الفرش (الفقرة الأولى) والهيكل (الفقرة الثانية) ثم السور (الفقرة الثالثة).
الفقرة الأولى: الفرش أو فرش النص العقدي Le Préambule
يمكن التعبير عن الفرش أيضاً بمقدمة صياغة الوثيقة العقدية وكذا الديباجة أو الإستهلال أو التقديم، ويتضمن مجموعة من البيانات لا تختلف في مجملها في كل العقود وأهمها:
أولاً: التاريخ
ويقصد به تاريخ مثول الأطراف المتعاقدة أمام الموثق للإشهاد عليهم، وقد ألزم المشرع ذكره في طليعة الرسم، وإذا لم يتضمن المحرر هذا البيان كان لاغياً كمحرر رسمي، بحيث يصير مجرد محرر عرفي وذلك إذا تضمن توقيعات الأطراف.
ثانياً: مسمى العقد
إضافة إلى تاريخ الوثيقة العقدية فمن البيانات التي يتضمنها فرش الوثيقة مسمى العقد، أي نوع التصرف القانوني الذي يحرره الموثق، هل هو بيع أو هبة… أو غيرها من التصرفات القانونية التي تدخل ضمن اختصاصات الموثق العصري.
ثالثاً: تعيين الموثق أو تلقي الإشهاد
وذلك بذكر اسم ولقب الموثق في فرش الوثيقة، وكذا الدارة التي ينتصب للإشهاد فيها، وذلك قصد إضفاء الصبغة الرسمية على توثيقه[37].
رابعاً: أطراف العقد
وكمرحلة أخيرة يتضمنها فرش النص العقدي تأتي مرحلة ذكر وضبط هويات جميع الأطراف المتعاقدة والتأكد منها بجميع الوسائل الممكنة، ولا يجب الإقتصار على الإيجار فيها وإنما يتم التفصيل فيها وذلك طبقاً لما تقتضيه المادة 36 من قانون 32.09 والتي نصت صراحة على البيانات الواجب تضمينها في هذا الشأن إلا إذا كان قد تم ذكرها في العقد من قبل، فإن كان الأطراف لا يتوفورن على وثائق أو بطائق رسمية تعرف بهم، عرف بهم الموثق بواسطة شاهدين.
الفقرة الثانية: هيكل النص العقدي أو المحرر التوثيقي Le Corps De L’acte
يتجلى أساساً في شكل النص العقدي وفي موضوع العقد، الذي يمثل الجزء الأساسي والمميز للمحرر الرسمي كونه يبين ما تعلق به الرضا في التعاقد ويحدد مقدار التزام كل طرف من المتعاقدين والآثار التي تترتب عنه.
ويمكن تحديد وتضنيف البنود التي يتضمنها هيكل النص العقدي إلى أربعة بنود أساسية مبلورة للعناصر الأساسية في العقد (أولاً) وبنود مبلورة للعناصر الثانوية في العقد (ثانياً) وبنود مبلورة للعناصر العرضية فيه (ثالثاً) وكبنود أخيرة مبلورة للعناصر القانونية فيه (رابعاً).
أولاً: البنود المبلورة للعناصر الأساسية في العقد
يمكن إجمال هذه البنود في كل الفقرات التي تحدد ما وقع الإتفاق والتراضي عليه، والذي على ضوئه يمكن تحديد طبيعة العقد وتكييفه بشكل صحيح. والعناصر الأساسية لكل عقد هي التي يؤدي تخلف أحدها أو كلها إلى عدم انعقاده من الأساس، وهي إما أساسية بحكم القانون أو أساسية بحكم الإتفاق.
فالعناصر الأساسية بحكم القانون تنصب أساساً على أركان كل عقد، وخاصة الرضا الذي يرتكز بعناصر العقد الساسية والإحتياطية وكذا الإختيارية إن لزم أو المحل الذي يجب أن يكون موجوداً أو قابلاً للوجود، معيناً أو قابلاً للتعيين، ومشروعاً[38]، والسبب الذي يجب أن يكون كذلك مشروعاً وغير مخالف للقانون أو الأخلاق الحميدة.
بينما العناصر الأساسية بحكم الإتفاق[39] فهي كل العناصر الثانوية التي تؤثر في التعاقد لولا أن إرادة المتعاقدين قصدت أن تصير عناصر أساسية يجب الخضوع لها تحت طائلة البطلان، وهي تتمثل أساساً في كل البنود التعاقدية الرامية إلى مخالفة ما يتصل بالقواعد المكملة بصفتها عناصر اختيارية في العقود لا يؤثر إغفالها على الإنعقاد[40].
ثانياً: البنود المبلورة للعناصر الثانوية في العقد
هذه البنود هي في الأساس عناصر متفق عليها وتضمينها إنما غايته تأكيد ما اتفق الأطراف المتعاقدون عليه ضمناً، وإغفال هذه العناصر الثانوية في الصيغة العقدية لا يؤثر في صحتها، ويدخل في هذا النطاق كل البنود التي تتصدى لبيان متحمل مصاريف التسليم أو التسلم أو يحدد فوائد التأخير وأحكام الضمان ومصاريف التوثيق ومكان وزمان التسليم وصوائر التسجيل ورسوم الضرائب، فكل هذه العناصر والبنود منصوص عليها ومنظمة بقواعد مكملة فإن ورد النص عليها في بنود خاصة في الوثيقة فلا بأس، وإن تم إغفالها فلا يؤثر في صحة التعاقد.
ثالثاً: البنود المبلورة للعناصر العرضية في العقد
العناصر العرضية في الصيغة العقدية هي تلك العناصر غير المألوف إدراجها، وإنما يقع إيرادها على سبيل الإستيثاق والضمان، كما هو الأمر في حالة إدخال أحد الأغيار كملتزم بأداء الثمن في البيع، أو كمن يشهد شخصياً في العقد على هوية شخص لا يمتلك وثائق رسمية تعرف به، وإشهاد شخصين في حالة التلقي الرسمي من الأمي، ومن هنا يأتي ذكر اسم الترجمان القضائي في صلب العقد ويوقع مع جميع أطرافه، وإلا نزعت صفة الرسمية عن هذا المحرر التوثيقي.
رابعاً: البنود المبلورة للعناصر القانونية في العقد
يقصد بالبنود المبلورة للعناصر القانونية في العقد كل ما يرد فيه بناء على اشتراط قانوني ويدخل في هذا الشأن إشارة وتلاوة الموثق للنصوص المنظمة ومحاربة الغش والتهرب الضريبيين المنصوص عليهما في هذا الباب، لهذا فعلى الموثق أن يقدم للأطراف المتعاقدة النصح والإرشاد الكافي في هذا المضمار، وذلك تماشياً مع نصوص المادة 37 من قانون 32.09[41] ، وعليه كذلك أن يسرد عليهم المقتضيات المتعلقة بكتمان وإخفاء الأصول وأن يبين لهم الغرامات المطبقة على كل تهرب من أداء الواجبات المفروضة.
الفقرة الثالثة: السور أو القفل La Clôture
والسور أو القفل أو خاتمة محرر النص العقدي يقصه به كل البنود التي ترمي إلى تبيان تمام كتابة ما يتعلق به الرضا في العقد والآثار القانونية لذلك. ويمكن تلخيص هذه البنود أو بيانات السور فيما يلي:
- تعيين محل المخابرة والتقاضي.
- التماس التقييد بالسجل العقاري إذا كان العقد واقعاً على عقار محفظ.
- الإشارة إلى قراءة العقد على الأطراف وإطلاعهم على بنوده ومقدار التزام كل طرف حسب الفقرة الأولى من المادة 40 من قانون 32.09.
- الإشارة إلى حصول التوقيع دلالة على إمضاء العقد وقبول مضمونه والرضا به رضاءاً تاماً في اللفظ والمعنى.
- الإشارة إلى توقيع الشهود والترجمان والضامن عند الإقتضاء حسب المادة 43 من قانون 32.09.
- تعيين مكان تحرير العقد وتاريخه[42].
المطلب الثاني: بيانات الوثيقة العصرية وجزاء تخلفها
حتى تمر العملية التعاقدية في جو من الأمانة والثقة، ألزم المشرع المغربي على الموثق بضرورة الإلتزام بمجموعة من الضوابط وهو بصدد تحرير الوثيقة التعاقدية، حتى تكون صحيحة وخالياة من كل عيب أو خلل قد يؤثر على حجيتها القانونية كما سبقت الإشارة، وذلك باعتبار هذه الوثيقة محرراً رسمياً لا يطعن فيه إلا بالزور، فما هي البيانات الواجب توفرها في المحرر العصري وما جزاء تخلفها؟ هذا ما سنتطرق إليه من خلال الفقرتين المواليتين.
الفقرة الأولى: بيانات الوثيقة العصرية
حدد المشرع المغربي بموجب القانون 32.09 المتعلق بتنظيم مهنة التوثيق مجموعة من البيانات التي يتعين أن تشتمل عليها الوثيقة العصرية بصفة عامة وفي مجال التصرفات العقارية بصفة خاصة، وقد اعتبر الفقه هذه البيانات أركاناً وشروطاً ضرورية لاعتبار هذا المحرر صحيحاً منتجاً لكل آثاره القانونية. ويمكن تقسيم هذه البيانات إلى بيانات عامة تضمنها القانون المنظم لمهنة التوثيق وبيانات خاصة واردة بمجموعة من النصوص والقوانين الخاصة.
أولاً: البيانات العامة الواردة في قانون 32.09
تتخلص هذه البيانات فيما يلي:
أ ـ تحديد أطراف العقد بدقة:
بذكر أسمائهم الكاملة وبيان مواطنهم وتاريخ ومكان ولادتهم وجنسيتهم ونوع الوثيقة الرسمية التي تثبت هويتهم ومراجعها[43]، وكذا الإشارة إلى حالتهم العائلية والنظام المالي للزواج عند الإقتضاء، وهي البيانات المحددة بالفصل 36 من القانون أعلاه.
وبخصوص التعريف بالأطراف بواسطة وثائقهم الرسمية فقد فرض المشرع من خلال المادة 37 من هذا القانون على الموثق التحقق والتثبت من هوية الأطراف وصفاتهم وأهليتهم، وفي حال إخلاله بذلك يتحمل مسؤولية تقصيره، لكن الملاحظ هو أن المشرع وعلى خلاف القانون القديم[44] لم يتناول الإجراءات القانونية الواجب اتباعها من طرف الموثق في حال إذا كان الأطراف لا يتوفرون على الوثائق الرسمية التي تعرف بهم، بحيث كان القانون القديم يعطي للموثق إمكانية التعريف بهم بواسطة شاهدين، في حين لم ينظم القانون الجديد ولم يتناول هذه الإمكانية، وفي اعتقادنا المتواضع، أن المشرع تعمد تجاوز مسطرة التعريف بالأطراف بواسطة الشهود وذلك رغبة منه في عصرنة الوثيقة وتحصين رسميتها باشتراط الوثائق الرسمية في التعريف بأطراف العقد التوثيقي.
ب ـ مكان إنشاء المحرر:
استلزم المشرع تحديد مكان تحرير الوثيقة العصرية وذلك بالإشارة إلى الدائرة التي يزاول بها الموثق إشهاده، على أن الهدف من ذلك هو مراقبة مدى احترام الموثق لاختصاصه المكاني، لأنه طبقاً للفصل 12 من القانون أعلاه بإمكان الموثق ممارسة مهامه بمجموع التراب الوطني، لكن يمنع عليه تلقي العقود وتوقيع الأطراف خارج مقر مكتبه، إلا لأسباب استثنائية ووفق إجراءات مسطرية وقانونية محددة قانوناً.
ج ـ تاريخ إنشاء المحرر:
بحيث أوجب المشرع تضمين تاريخ وساعة توقيع الأطراف والموثق بالأرقام والحروف[45]، ومعلوم أن لتاريخ المحرر دور مهم في فض الكثير من النزاعات القضائية المثارة بشأن العقود التوثيقية وخصوصاً عندما يتعلق الأمر باحتساب مدة التقادم ومعرفة وتحديد القانون الواجب التطبيق.
د ـ الإشارة إلى حضور الأطراف لمجلس العقد:
والتماسهم من الموثق الإشهاد عليهم وتوثيق الإتفاق موضوع العقد، بحياد تام بعيداً عن كل تأثير أو تدخل من طرفه، وفي إطار من الشفافية والصدق، وعدم إخفاء الحقائق التي من شأنها أن تؤثر على العملية الموكولة إليه[46].
هـ ـ بيان أركان وشروط العقد مع تعيين محله:
وينبغي أن يكون التعيين كاملاً، وأن يتم بيان مراجع الوثيقة المعتمدة من الأطراف في إبرام العقد وتضمين المبالغ المالية بالحروف والأرقام[47].
و ـ الإشارة إلى رضا الأطراف بالعقد وقراءة بنوده عليهم:
وتفسيرها وتوضيحها لاستيعابها وهم في حالة رشد وصحة مع إخبارهم بمضمونه والآثار القانونية المترتبة عليه من طرف الموثق[48].
ز ـ تعيين محل المخابرة والتقاضي:
بتحديد الجهة القضائية المختصة بفض النزاعات التي قد تنجم عن هذا العقد وفق المقتضيات القانونية والمسطرية المنظمة للإختصاص المكاني للمحاكم، مع الإشارة إلى ما إذا كان الأطراف قد اتفقوا على سلوك مسطرة التحكيم أو الوساطة.
ح ـ توقيع جميع الأطراف والموثق:
وكذا الشهود والترجمان إن تمت الإستعانة بهم في تلقي الإشهاد[49]، مع الإشارة إلى أنه إذا كان أحد الأطراف لا يحسن التوقيع، يتم وضع بصمته على العقد بعد أن يشهد عليه الموثق بذلك، وإذا تعذر عليه حتى الإبصام، فإن الموثق يشهد عليه بذلك بمحضر شاهدين، مع ضرورة توقيع الموثق بعد توقيع آخر طرف، بحيث يكتسب المحرر الصبغة الرسمية ابتداءاً من تاريخ توقيع الموثق[50].
هذا وتجدر الإشارة إلى أنه لكي يكون المحرر العصري سالماً من كل العيوب والشوائب التي قد تضعف حجيته، فإنه يتعين على الموثق احترام مجموعة من القواعد، أهمها تجنب الألفاظ المجملة التي لها احتمالات متعددة، وكذا إصلاح الأخطاء الكتابية وفي الطريقة المحددة في المادة 41 من القانون أعلاه[51].
ثانياً: بيانات الوثيقة العصرية المنظمة بموجب بعض القوانين الخاصة
سعى المشرع المغربي في الآونة الأخيرة إلى سن مجموعة من القوانين سمتها الأساسية الحرص على التنصيص على مكونات العقد داخل صلب القانون نفسه، كقوانين 44.00 المتعلق ببيع العقار في طور الإنجاز و 18.00 المتعلق بالملكية المشتركة و 51.00 المتعلق بالإيجار المفضي إلى تملك العقار، والتي اصطلح عليها الفقه وسماها مجازاً بـ “قوانين الأصفار”، على أن هدفه الأساسي من ذلك هو حماية المتعاقد المستهلك باعتباره الطرف الضعيف في العقد، من خلال توفير الحد الأدنى من الحماية له، وذلك بالتنصيص على مشتملات العقد، بشكل يجعل المحرر يلعب دوراً أساسياً في خدمة القانون، ووسيلة فعالة وناجعة لفض النزاعات أمام القضاء[52].
وتبعاً لذلك، فبالإضافة إلى البيانات العامة المنصوص عليها في القانون 32.09 استلزم المشرع توفر بعض البيانات الخاصة في المحرر التوثيقي في بعض أنواع المعاملات العقارية، وهي خصوصية نابعة من طبيعة العقارات موضوع العقد، وتتمظهر من خلال القوانين التالية:
أ ـ بالنسبة لقانون 44.00 المتعلق ببيع العقار في طور الإنجاز:
لا خلاف في أن عقد البيع المنصب على العقار قيد الإنجاز هو عقد شكلي بامتياز استلزم المشرع تحريره إما بمحرر رسمي أو بمحرر ثابت التاريخ منجز من طرف مهني خوله القانون إبرام هذا النوع من العقود تحت طائلة البطلان.
وتبعاً لذلك فقد أوجب المشرع في المادة 3/618 من ق.ل.ع أن يتضمن المحرر الإبتدائي للعقار في طور الإنجاز مجموعة من البيانات والشروط، والتي يمكن إجمالها فيما يلي:
- تحديد هوية الأطراف المتعاقدة.
- تحديد الرسم العقاري الأصلي للعقار المحفظ ـ موضوع البناء ـ أو مراجع ملكية العقار غير المحفظ مع تحديد الحقوق العينية والتحملات العقارية الواردة على هذا العقار.
- تحديد تاريخ ورقم رخصة البناء.
- تحديد ثمن البيع النهائي وكيفية الأداء وأجل التسليم.
- تحديد مراجع الضمانة البنكية أو التأمين عند الإقتضاء.
- ضرورة إرفاق العقد بمجموعة من الوثائق أهمها التصاميم الهندسية ودفتر التحملات وغيرها…
ب ـ بالنسبة لقانون 51.00 المتعلق بالإيجار المفضي إلى تملك العقار:
كما هو الشأن بالنسبة للعقار قيد الإنجاز فقد اشترط المشرع الرسمية لتوثيق عقد الإيجار المفضي إلى تملك العقار، بحيث أخضعه للتحرير الرسمي بداية ونهاية، أي سواء تعلق الأمر بعقد الإيجار المفضي إلى تملك العقار أو بالبيع النهائي الخاص به[53]، وتبعاً لذلك وطبقاً للمادة 7 من هذا القانون، يتوجب ضرورة تضمين هذا العقد بمجموعة من البيانات أهمها:
- تحديد هوية الأطراف المتعاقدة.
- مراجع العقار محل العقد.
- موقع العقار ووصفه كلياً او جزئياً.
- ثمن البيع المحدد غير قابل للمراجعة.
- مبلغ التسبيق عند الإقتضاء وتحديد الوجيبة التي يتحملها المكتري المتملك وكيفية تسديدها.
هذا وتجدر الإشارة إلى أنه طبقاً لمقتضيات الفقرة الأخيرة من المادة 44 من قانون 32.09 والمادة 48 من نفس القانون فإن المحرر العصري يكتسب الصبغة الرسمية ابتداء من تاريخ توقيعه من طرف الموثق، وذلك بعد استيفائه لكل البيانات والأوضاع القانونية المسطرة أعلاه، بحيث تكتسب العقود والمحررات المنجزة من طرف الموثق الصبغة الرسمية المقررة بقانون الإلتزامات والعقود، وفي هذا الإطار وخلافاً للعديد من التشريعات المقارنة التي أقرت مبدأ التنفيذ الجبري للمحرر التوثيقي، فإنه وطبقاً للقانون المنظم لمهنة التوثيق بالمغرب لا تقبل ولا تخضع النسخ التنفيذية ـ المحررات التوثيقية ـ للتنفيذ الجبري المباشر إلا بعد تذييلها بالصيغة التنفيذية بناء على طلب المستفيد منها أو نائبه[54].
الفقرة الثانية: الجزاء القانوني المترتب عن تخلف بيانات المحرر التوثيقي
تكتسب العقود والمحررات المنجزة من طرف الموثق الصبغة الرسمية المقررة بقانون الإلتزامات والعقود. والورقة الرسمية بمفهوم المادة 418 من هذا القانون هي الوثيقة التي يتلقاها الموظفون العمومية الذين لهم صلاحية التوثيق في مكان تحرير العقد، وهي حجة قاطعة حتى على الغير في الوقائع والإتفاقات التي يشهد الموظف العمومي الذي حررها بحصولها في محضره، إلى أن يطعن فيها بالزور.
وطبقاً للمادة 423 من القانون أعلاه فإن الورقة التي لا تصلح لتكون رسمية بسبب عدم اختصاص أو عدم أهلية الموظف أو بسبب عيب في الشكل، تصلح لاعتبارها محرراً عرفياً إذا كان موقعاً عليه من الأطراف الذين يلزم رضاهم لصحة الورقة.
وبالإطلاع على الأحكام الخاصة بحجية الوثيقة العصرية يتبين أن القانون 32.09 اعتمد وتبنى جميع القواعد العامة المتعلقة بحجية الوثيقة الرسمية الواردة بقانون الإلتزامات والعقود، بحيث نص الفصل 49 من هذا القانون على أنه: “يكون باطلاً كل عقد تم تلقيه وفقاً للشكل الرسمي إلا أنه أنجز خلافاً لأحكام المواد 30 و 31 و 37 و 39 و 40 من هذا القانون، وذلك إذا لم يكن هذا العقد مذيلاً بتوقيع كافة الأطراف، أما إذا كان يحمل توقيع كل الأطراف، فتكون له قيمة وحجية العقد العرفي…”
كما طبق المشرع وأقر بموجب الفقرة الثانية من المادة أعلاه، نفس الجزاء القانوني إذا تلقى الموثق عقداً خارج مكتبه خلافاً للمادة 12 من هذا القانون أو إذا تلقاه موثق موقوف أو معزول.
أولاً: حالات بطلان المحرر العصري
يعتبر البطلان، نظاماً جزائياً مدنياً أقره المشرع من أجل حماية القواعد القانونية الخاصة بإنشاء التصرفات القانونية بمنع ترتيب آثارها، ولأجل ذلك فقد جعله من النظام العام[55]، وبتفحص أحكام بطلان المحرر التوثيقي كما هي منظمة بالفصل 49 يتبين أن المشرع أقر بطلان هذه الوثيقة وتجريدها من حجيتها القانونية في الحالات التالية:
- إذا لم يتضمن هذا المحرر أحد البيانات الجوهرية المشار إليها أعلاه، أو إذا تسرب عيب أو خلل إلى إحدى هذه البيانات[56] كالحالة التي لا يتحقق فيها من هوية الأطراف وصفتهم وأهليتهم للتصرف وعدم إبداء النصح للأطراف أو إعلامهم بمضمون العقد وآثاره والإستعانة بترجمان في حال عدم إتقان أحد الأطراف للغة التي حرر بها العقد…
- إذا تلقى الموثق هذا المحرر خارج مكتبه مخالفاً بذلك قواعد الإختصاص المنصوص عليها بالمادة 12.
- إذا صدر المحرر عن الموثق وهو في حالة عزل أو توقيف[57].
- إذا كانت للموثق أو زوجه أو أصوله أو فروعه مصلحة شخصية مباشرة أو غير مباشرة في إبرام العقد[58].
- إذا كانت زوجة الموثق أو أقاربه أو زوج أو أقارب شريكه أو أقارب أحد أطراف العقد، شاهداً في العقد الذي تلقاه هذا الموثق.
ثانياً: آثار بطلان المحرر العصري
إن الوثيقة المحررة من طرف الموثق، هي ورقة رسمية لها حجية قانونية لا يطعن فيها إلا بالزور، إلا إذا لحقها عيب شكلي أو اعتراها خلل مس ضوابطها القانونية[59] بحيث تصبح باطلة.
إلا أن المشرع المغربي لم يرتب بطلان المحرر التوثيقي بصفة كلية، بحيث اعتبره ووضعه في مصاف المحرر العرفي إذا كان يحمل توقيع الأطراف المتعاقدة، بحيث إذا كان المحرر العصري المشوب بالعيوب الشكلية أو الموضوعية المذكورة أعلاه، مذيلاً بتوقيع كافة الأطراف، تكون له قيمة العقد العرفي[60].
ومعلوم أن الورقة العرفية المعترف بها ممن يقع التمسك بها ضده أو المعتبرة قانوناً في حكم المعترف بها منه يكون لها نفس قوة الدليل التي للورقة الرسمية في مواجهة كافة الأشخاص على التعهدات والبيانات التي تتضمنها، وهي بذلك تملك قوة ثبوتية لا يمكن النيل من حجيتها إلا بإنكار خط أو توقيع المتعاقد المذيل بها.
بقيت الإشارة إلى أن المشرع قد نص على أن المحكمة تصرح بالبطلان بناء على طلب كل من له مصلحة أو من طرف النيابة العامة، بحيث يتعين إثارة هذا الدفع قبل أي دفاع في الجوهر، وهنا يثار التساؤل عن مدى إمكانية المحكمة إثارة هذا البطلان من تلقاء نفسها؟ أي هل يعتبر البطلان في مثل هذه الحالة أعلاه بطلاناً مطلقاً يعطي المحكمة الحق في إثارته تلقائياً بدون تدخل من أي طرف لمساسه بالنظام العام، أم أنه مجرد بطلان نسبي يتوجب على من له مصلحة به أن يثيره ويتمسك به؟[61]
بقيت الإشارة إلى أنه بإمكان أطراف العقد التوثيقي الباطل مقاضاة الموثق ومطالبته بالتعويض، على أن ذلك لا يعفيه من المتابعة التأديبية وكذا الزجرية متى تحققت موجباتها.
خاتمة:
وختاماً، فقد صادف المشرع الصواب إذ نص أولاً على إلزامية تضمين الوثيقة العصرية أو المحرر شكليات وأوضاع قانونية خاصة، وثانياً نص على إلزامية الورقة الرسمية في المجال العقاري، لما يشكله هذا الأخير من أهمية قصوى في كافة المجالات الحيوية التي تعنى بالتنمية الإقتصادية والإستثمار وكذلك الحفاظ على السلم الإجتماعي على اعتبار أن العقار هو حياة الإنسان وكينونته.
لكن لا يخلو المجال القانوني المنظم لهذه الوثيقة العصرية من بعض المشاكل التي تحتاج إلى ضبط وتنظيم أكثر، إذ بخصوص هذا التعديل الجديد المتعلق بإلزامية الورقة الرسمية، نجد أن الأشخاص ـ بالرغم من نشر هذا التعديل بالجريدة الرسمية ـ مايزالون يقبلون على توثيق معاملاتهم في المجال العقاري بشكل عرفي، كما أنه رغم تأكيد المشرع مؤخراً على ضرورة التوثيق باللغة العربية إلا إذا اختار الأطراف لغة أخرى، فإننا نجد أن معظم الموثقين العصريين مازالوا ينحون إلى التوثيق باللغة الفرنسية بحكم العادة التي درجوا عليها تبعاً لقانون التوثيق القديم، وبهذا فإننا نرى أن على المشرع أن يعطي إلزامية أقوى للتوثيق بالعربية ويجعل التوثيق بلغة أخرى استثناء، إذا كان أحد الأطراف أجنبياً.
كما تجدر الإشارة إلى أن هناك إشكالية تثار فيما يخص الإختصاص المكاني للموثق، فللموثق في هذا القانون حق ممارسة مهامه كموثق في مجموع التراب الوطني غير أنه ممنوع عليه أن يتلقى العقود وتوقيع الأطراف خارج مقر مكتبه الذي عين فيه بمقتضى قرار تعيينه إذ أن هذا القرار يتضمن المقر حسب مقتضيات المادة 10 من القانون المذكور وهذا المنع يخص الموثق ويتقيد به وحده لكن أصحاب الشأن ممن يطلبون توثيق أوراقهم مهما كانت مقار سكناهم في أي مكان بالتراب الوطني أن يلتجئوا إلى أي موثق أيا كان مقر عمله ويبقى هذا الأخير ملزم بتلقي العقود في هذا المقر تحت طائلة بطلان تلك العقود من حيث الشكل الرسمي، ومع ذلك فإن الموثق بصفة استثنائية يمكن له أن يتلقى تصريحات أطراف العقد والتوقيع عليه خارجه مقر مكتبه بإذن من رئيس المجلس الجهوي وإخبار الوكيل العام للملك لدى المحكمة المعين داخل دائرة نفوذها.
وكما هو معلوم فإن الموثق يلتزم بإسداء النصح ويجب أن يكون على اطلاع تام بالمعاملة الذي هو بصدد توثيقها، فكيف سيتأتى له أن يتأكد من ذلك إن جاءته الأطراف المتعاقدة من خارج دائرة انتصابه؟ هذا ما قد يزيد من كلفة المهمة ومشاقها، لهذا كان من الأفضل لو أن الموثقين اختصوا كل في دائرة انتصابه حتى يسهل عليه الإطلاع على المعاملة التعاقدية وحتى يتجنب الأطراف عناء السفر والذهاب بعيداً في حين أن بإمكانهم توثيق معاملاتهم في الأماكن التي يقيمون بها، فهذه الخاصية تخلو من أي أهمية عملية أو فائدة، سواء بالنسبة للموثق أو الأطراف.
كما أن آخر مستجد، وهو مشروع القانون رقم 12.88 المتعلق بوكلاء الأعمال الوثيقة الثابتة التاريخ (الكتاب العموميون) والذي صادق عليه المجلس الحكومي المنعقد في 3 أكتوبر 2013 أثار جدلاً قوياً واعتراضاً كبيراً من لدن مهنيي التوثيق بالمغرب، سواء الموثقون العصريون أو العدول، حيث أكدت الهيئة الوطنية للعدول والهيئة الوطنية للموثقين رفضهما التام والكامل لهذا المشروع الذي سيشكل لا محالة، إذا تم اعتماده، ضربة موجعة للاقتصاد الوطني من خلال فسح المجال أمام أشخاص غير مؤهلين لتولي مهام خطيرة وحساسة هي من اختصاص الموثقين والعدول، مما قد يؤدي – يقول البيان- لهروب المستثمرين الأجانب من جهة، وضياع حقوق وممتلكات المغاربة أفرادا وجماعات من جهة ثانية، ناهيك عن تفقير خزينة الدولة وإثقال كاهل المحاكم بكثرة النزاعات العقارية التي ستعرض عليها.
ويطالب الموثقون والعدول بضرورة سحب مشروع قانون 12 .88 الملغوم، حماية للأمن التعاقدي، وضمانا لاستقرار المعاملات، لما يمثله ذلك من ركائز هامة للاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي.
[1] محمد هومير: “رسمية المحررات التوثيقية ـ الواقع والآفاق”. مجلة الأملاك، العدد 1 لسنة 2006، ص: 81.
[2] غزلان الشافعي: “المعاملات العقارية بين ظاهرة انتشار المحررات العرفية وضمانات المحررات الرسمية”. رسالة لنيل دبلوم الماستر في وحدة القانون المدني والأعمال، جامعة عبد المالك السعدي، كلية العلوم القانونية والإقتصادية والإجتماعية بطنجة، السنة الجامعية: 2010 – 2011، ص: 88.
[3] عبد المجيد بوكير: “التوثيق العصري المغربي”. الطبعة الثانية، 1430 هـ – 2010 م، ص: 219.
[4] نفس المرجع السابق، ص: 220 وما بعدها.
[5] محمد الربيعي: “الأحكام الخاصة بالموثقين والمحررات الصادرة عنهم ـ دراسة على ضوء التوثيق العدلي والتوثيق العصري”. طبعة 2008، ص: 71.
[6] محمد الربيعي: “التزام الموثق بإرشاد الزبون ونصحه”. مجلة الإشعاع، مجلة نصف سنوية ـ هيئة المحامين بالقنيطرة، العدد 32، يونيو 2007، ص: 88.
[7] لمياء الفركاتي: “توثيق المعاملات العقارية في المحررات الرسمية”. رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص، جامعة محمد الأول، كلية العلوم القانونية والإقتصادية والإجتماعية بوجدة، السنة الجامعية: 2006 – 2007، ص: 45.
[8] رشيد خيري: “مسؤولية الموثق في التشريع المغربي”. رسالة لنيل دبلوم الدراسات العقارية والتعمر، جامعة الحسن الأول، كلية العلوم القانونية والإقتصادية والإجتماعية بسطات، السنة الجامعية: 2011– 2012، ص: 25.
[9] هذا ما أكدته المادة 38 من قانون 32.09.
[10] عبد المجيد بوكير: مرجع سابق، ص: 228.
[11] مجلة المنبر القانوني، عدد 4، أبريل 2013.
[12] هذا إضافة إلى اللغة الأمازيغية التي تمت دسترتها أخيراً، مما قد يطرح العديد من التساؤلات حول مستقبل المعاملات بين جدلية ما هو عربي وما هو أمازيغي، وكيفية الوصول إلى صيغة موحدة تحت مظلة الوحدة الترابية لمملكتنا؟
[13] انظر الفقرة الأولى من المادة الخامسة من الدستور الحالي للمملكة.
[14] بحث لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص ـ القانون المدني والأعمال: “واقع وآفاق التوثيق العصري بين ظهير 4 ماي 1925 ومشروع القانون 32.09″، السنة الجامعية: 2010 – 2011، ص: 134.
[15] مجلة المنبر القانوني، عدد 4، أبريل 2013، ص: 41.
[16] انظر الجريدة الرسمية عدد 5998 – 27 ذو الحجة 1432 (24 نوفمبر 2011).
[17] مجلة القبس المغربية: “نظام التوثيق بالمغرب”. العدد 5، يوليوز 2013، ص: 16.
[18] مجلة المنبر القانوني، مرجع سابق، ص: 41 و 42.
[19] لمياء الفركاتي: مرجع سابق، ص: 52.
[20] عبد المجيد بوكير: مرجع سابق، ص: 237.
[21] لمياء فركاتي: مرجع سابق، ص: 54.
[22] عبد المجيد بوكير: مرجع سابق، ص: 240.
[23] رشيد خيري: مرجع سابق، ص: 55.
[24] ينص الفصل 461 على: “إذا كانت ألفاظ العقد صريحة، امتنع البحث عن قصد صاحبها.”.
[25] مجلة المنبر القانوني، مرجع سابق، ص: 43.
[26] رشيد خيري: مرجع سابق، ص: 29.
[27] عبد المجيد بوكير: مرجع سابق، ص: 240.
[28] رشيد خيري: مرجع سابق، ص: 42.
[29] عبد المجيد بوكير: مرجع سابق، ص: 240.
[30] لبنى العافية الشاوني: “واقع وآفاق التوثيق العصري بين ظهير 4 ماي 1925 ومشروع القانون 32.09”. رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص ـ القانون المدني والأعمال، جامعة عبد المالك السعدي بطنجة، السنة: 2010 – 2011، ص: 148.
[31] حسن الزاهر: “نظام التوثيق بالمغرب في ضوء مستجدات قانون 32.09 و قانون 39.08 والقوانين ذات الصلة”. مجلة القبس المغربية، عدد 5، يوليوز 2013، دار الثقافة المغربية، ص: 65 – 66.
[32] لبنى العافية الشاوني: مرجع سابق، ص: 150.
[33] محمد بنهلال: “تأملات حول آفاق التوثيق الإلكتروني”. مجلة الملف، العدد 15، سنة 2009، ص: 100.
[34] لمياء الفركاتي: مرجع سابق، ص: 51.
[35] عبد المجيد بوكير: مرجع سابق، ص: 241.
[36] عبد المجيد بوكير: مرجع سابق، ص: 240.
[37] نفس المرجع السابق، ص: 243.
[38] قد يثار إشكال هنا حول بعض العمليات التي يقوم الموثقون العصريون بتحريرها والتي قد تكون مخالفة لحكم الشرع، والقانون الوضعي قد نهى أو سكت عنها، لكنها منتشرة بحكم الواقع العملي، ككافة العمليات الربوية أو المتعلقة ببعض التجارات الممنوعة كالخمور وغيرها.
[39] محمد شيلح: “مرشد الحيران إلى الفهم المحمود بفك القيود عن نكت أحكام البيع المنضود في القانون المغربي للإلتزامات والعقود”. طبعة 1998، ص: 48.
[40] عبد المجيد بوكير: مرجع سابق، ص: 245.
[41] تنص هذه المادة على: “… يجب على الموثق إسداء النصح للأطراف، كما يجب عليه أن يبين لهم ما يعلمه بخصوص موضوع عقودهم وأن يوضح لهم الأبعاد التي قد تترتب عن العقود التي يتلقاها”.
[42] عبد العزيز العيساوي: “ضوابط وبيانات قيام كل من الوثيقة العصرية والعدلية والمحرر العرفي”. مقال منشور بموقع marocdroit.com بتاريخ 16 غشت 2013، تم الإطلاع على المقال بتاريخ: 27 نوفمبر 2013.
ـ تنص المادة 43 على: “تذيل أصول العقود ـ تحت طائلة البطلان ـ بأسماء كاملة وتوقيعات الأطراف والترجمان والشهود إن وجدوا، ثم الموثق مع خاتمه…”
ـ تنص المادة 40 على: “يشار في العقد إلى قراءة الأطراف وإلى أنهم أطلعوا على مضامينه من طرف الموثق…”
[43] بطاقة التعريف الوطنية أو جواز السفر أو أية وثيقة إدارية رسمية تقوم مقامهما.
[44] الفصل 11 من قانون فانتوز.
[45] الفصل 43 من قانون 32.09.
[46] عبد الله درميش: “أخلاقيات مهنة التوثيق وسلطة التنظيم”. مجلة رحاب المحاكم، العدد 3.
[47] الفصل 36 من قانون 32.09.
[48] الفصل 40 من نفس القانون.
[49] الفصول 38 و 39 و 43 من نفس القانون.
[50] الفصل 44 من نفس القانون.
[51] عبد السلام العسري: “بيانات وثيقة المعاملات العقارية والتعابير الإحترازية المطلوبة ـ كتاب توثيق التصرفات العقارية”. طبعة 2.
ـ لقد سبقت الإشارة إلى كيفية التصحيح فيما تقدم من هذا العرض.
[52] ياسين جريفي: “دور الوثيقة في تطوير القانون”. وحدة البحث والتكوين بالقانون المدني، كلية الحقوق ـ أكدال، الرباط.
[53] عبد الكريم بوطالب: “توثيق الإيجار المفضي إلى تملك العقار ـ توثيق التصرفات العقارية”. مرجع سابق.
[54] عبد المجيد بوكير، مرجع سابق.
[55] إدريس العلوي العبدلاوي: نظرية العقد.
[56] عبد المجيد بوكير: مرجع سابق.
[57] حالة انعدام الأهلية.
[58] لأن ذلك يمس في العمق مبدأ حياد وتجرد الموثق.
[59] جيهان بونبات: “الكتابة في البيع العقاري ـ توثيق التصرفات العقارية”.
[60] يسوغ ان تكون الورقة العرفية مكتوبة بيد غير الشخص الملتزم بها شرط أن تكون موقعة من طرفه كما ينص على ذلك الفصل 426 من ق.ل.ع.
[61] يبدو أن المشرع تبنى نظرية البطلان النسبي.
كان هذا هو الوضع القانوني لانشاء الوثيقة العصرية في التشريع المغربي