مؤسسة قاضي التوثيق


مؤسسة قاضي التوثيق

تقديم:

تعد مؤسسة قضاء التوثيق،التي تشرف على سير التوثيق العدلي بالمغرب من المؤسسات الهامة التي تقدم للمجتمع خدمات مهمة، كما يعد القاضي المكلف بالتوثيق الذي اسند  له المشرع إعطاء القوة القانونية للوثيقة العدلية، وإضفاء الصبغة الرسمية عليها، العنصر الأساسي في توفير الحماية القضائية اللازمة لمعاملاتهم وتتجلى أهميته بصفته مشرفا على عملية التوثيق فيما يلي :

ـ إن التوثيق له قيمته العلمية والعملية في المجتمع إذ به تحسم كثير من النزاعات وتكشف أغلب الحقوق.

ـ والتوثيق العدلي يتم تحت إشراف القضاء،الذي هو سلطة عليا للإلزام.

ـ ثم إن التوثيق العدلي يتم عن طريق مسطرة مدققة وشكليات معقدة مرتبطة بعضها ببعض،دفعا لكل تحايل،وحفظا من كل شائبة.

ومما يزيد من أهميته هو أنه يخدم قضاء الموضوع في مرحلة الإثبات، كما يوفر للناس ضمانات قانونية وحماية قضائية لاتفاقاتهم وتصرفاتهم وبالتالي لا يمكن الاستغناء عن خطاب القاضي الذي يعد دعامة للوثيقة العدلية سيما وأن خطة العدالة غير مستعدة الآن للتخلي عنه  لا على مستوى الشكل حيث تتم الممارسة المهنية في مكاتب متواضعة إن لم نقل عديمة الشروط البسيطة للممارسة المهنية، أو على مستوى الموضوع حيث تفتقر الهيئة المؤطرة للعدول إلى استراتيجية واضحة هادفة إلى الرفع من مستوى المهنة وتعزيز الثقة دون الاعتماد على دور القاضي في الحجية.

فعملية التوثيق التي يشرف عليها القاضي المكلف بالتوثيق،يساهم فيها كل من العدلين اللذين يشهدان على تلقيهما المعاملات ويوقعان على ذلك، والناسخ الذي يقوم بتضمين هذه الشهادة بسجلات التضمين بالمحكمة،والقاضي الذي يراقب الشهادات ويراجع الوثائق المتضمن لها، ثم يخاطب عليها.

لهذا كان قاضي التوثيق وما زال من الأجهزة الهامة التي تؤدي دورا كبيرا في توثيق حقوق الأشخاص وحفظ معاملاتهم طبق القواعد المقررة شرعا وقانونا في إطار تحقيق مصلحة جميع أطراف المعاملة.

وهذا ما يدفعنا الى طرح التساؤل عن ما هو النظام القانوني لمؤسسة قاضي التوثيق ؟ وماهي علاقتها بالعدول و النساخ؟ هذا من جهة، ومن جهة أخرى أين تتجلى اختصاصات والتزامات قاضي التوثيق؟

وسنحاول الإجابة على هاتين الإشكاليتين من خلال التصميم التالي: (المبحث الأول) النظام القانوني لمؤسسة قاضي التوثيق وعلاقتها بالنساخ والعدول، (المبحث الثاني) اختصاصات والتزامات مؤسسة قاضي التوثيق.


المبحث الأول: النظام القانوني لمؤسسة قاضي التوثيق وعلاقتها بالنساخ والعدول

يعتبر القاضي هو العنصر الأساسي داخل مؤسسة التوثيق، باعتباره المسؤول عن هذه المؤسسة ومشرفا على تصريف الأشغال بها، لذلك كان علينا أن نتناول البحث عن طريقة تعيين قاضي التوثيق وخصائص هذه المؤسسة (المطلب الأول)، لننتقل بعد ذلك لعلاقته بالعدول والنساخ (المطلب الثاني).

المطلب الأول : تعيين قضاة التوثيق وخصائص مؤسسة قاضي التوثيق

سنحاول من خلال هذا المطلب التطرق الى كيفية تعيين قضاة التوثيق (الفقرة الأولى) والخصائص التي يتميز بها (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى : تعيين قضاة التوثيق

يعتبر القاضي في التشريع الإسلامي هو العنصر الأساسي داخل مؤسسة التوثيق القضائي، باعتباره المسؤول عن هذه المؤسسة ومشرفا على تصريف الأعمال بها، ولم يكن دور القاضي قاصرا على إصدار الأحكام فقط كما لم يكن محصورا في إثبات الحقوق والمعاملات فحسب، بل شملت مهامه هذه وتلك على حد سواء، وبالتالي لم يكن هناك مبرر للتفريق بين قاضي التوثيق وقاضي الموضوع من حيث طريقة التعيين، لأن صفة القضاء يكسبها قاضي التوثيق بنفس الإجراءات التي يكتسب بها قاضي الموضوع صفته القضائية.

    وسنتكلم عن تعيين القضاة بصفة عامة، لنخلص إلى إن قضاة التوثيق هم جزء لا يتجزأ عن هؤلاء من حيث كيفية تعيينهم وشروط ولوجهم سلك القضاء، حيث سيتبين لنا أن القاضي هو وحدة متكاملة بالرغم من تعدد الاختصاصات التي يمارسها والمهام التي يكلف بها.

إن تعيين القاضي هو الآلية القانونية والشرعية التي تمنحه صلاحية مباشرة أعماله بصفة رسمية، كما أن هذا التعيين هو الذي يحدد هذه الصلاحية ويقيدها، والغاية من إصدار تعيين القاضي تتجلى في أمرين:

أولهما: تمكين القاضي من سند رسمي لمباشرة أشغاله بهذه الصفة، وثانيهما: إفشاء هذا التعيين بين عامة الناس لتمكنهم من معرفة القاضي الذي يحكم قضاياهم.

    وبالرجوع إلى عهود التولية والتقاليد التي جرى بها العمل في التاريخ الإسلامي نجد أنها كانت تستعمل ألفاظ التقليد والعهد والتفويض بحسب الحالات، فترى مثلا قوله “أن يعقد إليه بقضاء كذا” أو “أن يقلد فلان قضاء كذا” أو “أن يفوض إليه القضاء”[1]….

    وتجدر الإشارة إلى أن هذه العبارات السالفة كانت من عمل أهل المشرق، أما بالمغرب الأقصى والأندلس، فكانت تعيينات القضاة يعبر عنها بالظهائر  والصكوك، ولم يكن للمغاربة مصطلح معين يستعملونه في الافتتاحيات كما هو الحال بالنسبة للمشرق، بل كانت تبتدئ الظهائر عندهم بما تجود به قريحة محرر رسم التعيين.

    يتبين لنا من خلال رسوم تعيين القضاة، أن قضاء التوثيق لم يكن يمارس في استقلالية عن قضاء الحكم[2]، فمؤسسة قاضي التوثيق كانت مندمجة في مجموع المنظومة القضائية، وكان القاضي الواحد يكفي لممارسة شؤون التوثيق وباقي الشؤون الأخرى.

    وقد استمر العمل بالمغرب بنفس الأسلوب إلى حد قريب، حيث بقي القاضي الواحد يمارس شؤون التوثيق إلى جانب المهام القضائية الأخرى برسم تعيين واحد، ويتبين ذلك جليا منذ أول تدوين للنظام القضائي بالمغرب من خلال ظهير الشريف المؤرخ في 13 شعبان 1332 موافق 7 يوليو 1914 لمتعلق بضبط العدلية المدنية والأهلية وانتقال الملكية العقارية،  المغير بمقتضى الظهير الشريف المؤرخ في 12 شعبان 1338 موافق 27 شتنبر 1919، الذي كان يخاطب القضاة بصفة عامة في أمور الحكم والتوثيق على حد سواء، بصفتهم قضاة يخاطبون على الرسوم ويفصلون بين الخصوم في نفس الوقت.

    وهكذا توالت القوانين على نفس المنوال، وبقي القاضي من حيث تعيينه يخضع لأحكام عامة تنطبق على جميع قضاة المملكة، وتبعا لذلك لم يقدم المشرع على فرز قضاة التوثيق عن قضاة الحكم وإصدار تعيينات خاصة بهم، بل ظلت التعيينات تتميز بالشمولية، وذلك بالرغم من محاولات فصل مؤسسة قاضي التوثيق، والني من بينها إصدار وزارة العدل لمنشور بتاريخ 22 ماي 1957 تحت عدد 6306 توصي فيه رؤساء محاكم السدد بإسناد مهمة الخطاب على الرسوم والسهر على سير التوثيق والعدالة إلى قضاة اشتهروا بكفاءتهم وقدم تجربتهم[3] بالإضافة إلى مراقبة تصرفات العدول وتتبع أحوالهم.

ثم حاولت وزارة العدل في مرحلة لاحقة أن تعمل على فصل قضاة التوثيق عن قضاة الموضوع، وذلك بواسطة المنشور الوزاري الصادر بتاريخ29 شتنبر 1959 تحت عدد 12894 الذي بينت من خلاله المهام الموكولة  إلى لقاضي بصفته رئيسا لمؤسسة التوثيق القضائي.

   ولكن بالرغم من هذه المحاولات، يظهر أنها محاولات لا ترقى إلى درجة الرغبة الأكيدة والإرادة القوية لإحداث مؤسسة مستقلة بأطرها ومقوماتها تهتم بمرحلة التوثيق القضائي، الذي هو روح العمل القضاء وثمرته.

إلا أنه بصدور قانون 11-81 الآمر بتنفيذه الظهير الشريف 1.82.322 الصادر في 11 رجب 1402 موافق 6 ماي 1982 القاضي بتنظيم خطة العدالة وتلقي الشهادة وتحريرها، والمرسوم التطبيقي له رقم 2.82.415، أصبح قاضي التوثيق يتم تعيينه من طرف زير العدل بقرار يكلف بمقتضاه القاضي بشؤون التوثيق[4]، وهو الإجراء الذي تم تكريسه في القانون رقم 16-03 المتعلق بتنظيم خطة العدالة ولمرسوم التطبيقي له.

وهكذا أصبح قاضي التوثيق بالإضافة إلى تعيينه العام في السلك القضائي يستقل بتعيين خاص، يملك فيه صلاحية مباشرة شؤون التوثيق بصفة رسمية.

   إلا أن هذا الإجراء لم يساعد بدوره على استقلال قاضي التوثيق ولا مؤسسة التوثيق عن قضاء الحكم، وذلك راجع بالأساس إلى عدم تخصيص هذه المؤسسة بقضاة تقتصر مهمتهم على شؤون التوثيق ومتفرغين لأشغالها، حيث أن القاضي بقي في ظل هذا القانون قاضي المحكمة الابتدائية، من بين قضاتها، وهو معرض لتكليفه بأي شعبة من شعب القضاء من طرف المسؤول المباشر[5].

    وتجدر الإشارة بناء على هذه الملاحظة أن المغرب ولأسباب من بينها ما سبق ذكره، دخل مرحلة جديدة في حياة مؤسسة قضاء التوثيق، وهي المرحلة التي تم فيها تعيين قضاة خاصين للتوثيق من خريجي دار الحديث الحسنية، لا يشتغلون بغيره ويمارسونه بصفة أصلية باعتبارهم متخصصين لمزاولته، ولا يسمح لهم بممارسة قضاء الحكم، لأن قرارات تعيينهم في السلك القضائي تنص على كونهم قضاة للتوثيق، وهذا التعيين يجعلهم قاصرين على مباشرة شؤون التوثيق ومتفرغين لأشغاله.

    وبالاطلاع على النصوص الخاصة بولوج السلك القضائي بالمغرب نجد وضعية هذه الفئة كقضاة لم تمر بالمسطرة المقررة في النظام الأساسي لرجال القضاء، حيث نجد أنهم في وضع استثنائي لا يستند إلى نص قانوني، فبمقارنة وضعيتهم بوضعية الهيأة القضائية بالمملكة التي تتكون كما هو معلوم من قضاة الحكام والنيابة العامة، فإننا لا نجد لهم موقعا محددا ضمن هذه الوحدة لمتكاملة، اعتبار تسميتهم المتميزة غير المشمولة بنص، فهم متخصصون في مجال التوثيق كما تنص على ذلك قرارت تعيينهم ووضعيتهم كقضاة للتوثيق مسكوت عنها في القانون.

    فبالرجوع إلى مقتضيات الفصل الثالث من القانون الأساسي لرجال القضاء يتضح أن الانخراط في السلك القضائي يتوقف على أمرين، إما اجتياز مباراة الملحقين القضائيين بنجاح، ومتابعة التدريب المنصوص عليه في الفصل السادس من النظام الأساسي لرجال  القضاء، والنجاح في امتحان نهاية التدريب، وإما بناء على طلب بالنسبة للأساتذة الجامعيين والمحامين الموظفين بالشروط المقررة في القانون.

    وبالتالي فإن قضاة التوثيق خريجي دار الحديث الحسنية لم تشملهم هذه المقتضيات، وهو ما يكمن معه القول بأن تعيين هؤلاء كان حالة خاصة شملت فئة معينة من طلبة الدراسات العليا، وقد تم تمتيعهم بامتيازات استثنائية قصد الالتحاق بالسلك القضائي منها:

    إضافة إلى هذه الامتيازات الخاصة فإن تعيينهم اقتصر على ممارسة شؤون التوثيق، وعليه فإن تعيين هؤلاء جاء نتيجة لما توليه الدولة لمؤسسة التوثيق من اهتمام، ولما يحدوها من رغبة في تكريس مبدأ التخصص في ممارسة القضاء، على غرار ما  تم تبنيه في القضاء الإداري والقضاء التجاري والقضاء المالي[6].

الفقرة الثانية :خصائص قاضي التوثيق

يتميز قاضي التوثيق بخصائص جعلته متميزا عن قاضي الموضوع و هذه المميزات أضحت موضوع نقاش بين الفقهاء و رجالات القانون حول عمل قاضي التوثيق هل هو عمل قضائي أو عمل إداري و سوف نتطرق في هذا المطلب إلى الخصائص التي يتسم بها قاضي التوثيق محاولين الإجابة عن هذا الإشكال مع إجمال أهم هذه الخصائص فيما يلي :

الخاصية الأولى : عدم المساس بجوهر القضايا:

 قضاء التوثيق لا يمس بجوهر القضايا فهو قضاء شكل بامتياز إذ أنه لا يبث في الأحكام فهو يثبت المعاملات و التصرفات في الشؤون التوثيقية فقط أي أنه يقف في المرحلة الأولى من التقاضي وهي مرحلة الإثبات دون المساس بمرحلة فصل النزاع. فهو لا يصدر أحكام ولا بفصل في النزاع ويطلع على الوثائق العدلية من أجل مراقبتها و الخطاب عليها و السهر على أن تكون في إطار قانوني يصح الاحتجاج بها[7].

وبهذا تظهر الأهمية البالغة التي يكتسيها من حيث أنه ضمانة للمتعاقدين لإثبات حقوقهم بالطريقة السليمة و الصحيحة، و هو ضمانة أيضا لقضاء الموضوع في تأسيس الحكم على الوثيقة لأنها منجزة من قبل جهاز قضائي مختص،  لذلك اعتبره بعض الفقهاء مرتبة من مراتب التقاضي في إثبات الدعوى وإقامة الحجج على صحة المدعي بإشراف سلطة عليا و هي قاضي التوثيق[8]، ليترك للخصوم الخيار في اللجوء إلى قضاء الموضوع لاستصدار أحكام في صالحهم أو الاقتصار بحفظ حقوقهم إلى حين احتياجها. كما لقاضي التوثيق اختصاصات إدارية أخرى سوف نتطرق لها لاحقا وتتجلى في: 

   السهر على سير العلاقات بين مكاتب التسجيل وبين مصلحة التوثيق العدلي.

فمن الملاحظ أن جل هذه الاختصاصات ذات صبغة إدارية أكثر مما هي قضائية مما يدل على أن عمل قاضي التوثيق عمل ولائي.

الخاصية الثانية : أنه ذو مرجعية فقهية و قانونية :

فهناك من يقول أن مرجعيته الأساسية هي مرجعية فقهية محضة باعتباره نظاما إسلاميا مستقلا حيث أن عمله يرتكز في الأساس على الحكم بثبوت الحجج و الشهادات أي أن شهادة القاضي على نفسه بثبوت العقد فهو حكم بعدالة البينة،  بيد أن النظام الإسلامي أسند مهمة الإشراف على الكتابة باعتبارها وسيلة إثبات للحقوق إلى القضاء وفقا للقواعد و الضوابط التوثيقية المقررة كل هذا من أجل الحصول على وسيلة إثباتيه سليمة من الناحية الشرعية[9]،  كما أن القوانين المنظمة لاختصاصاته هي مجرد ذلك القالب القانوني الذي جمع القواعد الفقهية للحسم في كل خلاف.  وهناك من يقول أن مرجعيته قانونية محضة مادامت أنها نظمت في نصوص  قانونية،  غير أنه ذو مرجعية فقهية وقانونية مزدوجة بمقتضى قانون خطة العدالة[10] و المراسيم التطبيقية و مدونة الأسرة[11].

الخاصية الثالثة: أن عمله ولائي (إداري):[12]

هذه الخاصية أثارت إشكالا و لازال هناك خلاف حول طبيعة عمل القاضي المكلف بالتوثيق، إن كان عمله ولائي إداري أو عمله قضائي، بالرجوع لجل الاختصاصات الممنوحة للقاضي المكلف بالتوثيق نجد أنها ذات صبغة ولائية فهو يزاول مهامه بواسطة قرار من وزير العدل و بالتالي فهو يخضع للتراتبية الإدارية، و لا خلاف في أن قاضي التوثيق لا يصدر أحكاما فهو لا يبث في الأحكام بل يثبت المعاملات في إطار عمله الولائي ويعطي الوقائع صفة الإثبات،  ليترك المجال لقضاء الموضوع ليبث في صحتها أو عدم صحتها ليعتمدها في بناء حكمه، و بهذا يتبين بوضوح الفرق بين العمل الولائي الذي تتمحور عليه مهام قاضي التوثيق و العمل القضائي الذي هو محور مهام قاضي التوثيق[13].

ثم إن القاضي المكلف بالتوثيق له الحق في الرجوع في القرار الذي يتخذه فيمكنه أن يخاطب على رسم رفض سابقا الخطاب عليه،  كما يمكنه أن يرفض الخطاب بعد أن أشر وسمح بتضمينه في السجل إذا تبث وتبين له ما من شأنه هذا الرفض أو أنه معيب.

ثم أن قراراته لا تخضع للطعن فعندما نقول أنها لا تقبل الطعن فنقصد الدرجة التراتبية أي الاستئناف و النقض كما هو الشأن بالنسبة للأحكام القضائية،  في حين يمكن الطعن فيها كقرار إداري و هنالك عدة أحكام في هذا الموضوع،  فقراراته اعتبرتها محكمة النقض قرارات إدارية و نذكر على سبيل المثال قرار 1339 الصادر عن محكمة النقض بتاريخ 2001 حيث أن الجواب عن السؤال يجب التعرف على وضعية قاضي التوثيق في النظام المغربي؟  و بالتالي هل كل الأوامر الصادرة عنه قضائية و تخضع للطعن أمام القضاء العادي؟ أم أن قراراته إدارية لا يفترض الطعن فيها أمام القضاء العادي لعدم وجود نص بشأنها ؟

  كما هو الوضع في النازلة عندما رفض قاضي التوثيق منح الإذن للعدل بتلقي الطلاق و بالتالي فقد اعتبره الكيف قرارا إداريا محضا  كما أن قرار القاضي هو خطابي لا يحتاج إلى خصومة أو نزاع للبث فيها على عكس قضاء الحكم. ناهيك عن الاختصاصات الأخرى الإدارية كمراقبة العدول وتفتيش مكاتبهم و إحالة مخالفاتهم، كلها مسائل إدارية تسمح بالقول أن عمله ولائي.

الخاصية الرابعة: ارتباط مهامه بمهام قضاة الحكم:

 فالعدول ملزمون بتهيئي الحجة وتلقي الشهادات[14]  التي يرفعونها لقاضي التوثيق من أجل الخطاب عليها لتكتسي الحجة الصبغة الرسمية[15] للاحتجاج بها، و بالتالي فهنا يكمل قاضي التوثيق ويساعد قاضي الحكم سواء قضاة الأسرة قضاء الهيئة الثلاثية أو القاضي المكلف بالزواج  أو قضاة العقار إلى غير ذلك… فهم يعتمدون على هذه الرسوم المستدل بها في الملف موضوع النزاع. و بجب الإشارة إلى أن مهام القاضي المكلف بالتوثيق بطبيعته بمكن أن يزاول مهام الشؤون التوثيقية و كذا مهام قضاة الحكم لأن تعيينه الأصلي هو  قاضيا للحكم. و بالتالي يسمح له بممارسة جميع الاختصاصات التي يزاولها القضاة بالإضافة إلى تكليفه بالشؤون التوثيقية، غير أن الأصل في قضاة التوثيق يجب عليهم ممارسة الشؤون التوثيقية فقط  لأن تنصيبهم و تكليفهم بهذه المهمة صريح حيث أعطاهم المشرع تخصصا معين لا يجب تجاوزه.

إلا أن الواقع العملي و نظرا لكثرة المهام و قلة القضاة المتخصصين المكلفين بالتوثيق أدت إلى خلق ازدواجية في مهام قضاة التوثيق الذين يمارسون مهامهم بالإضافة إلى مهام أخرى.

المطلب الثاني:علاقة مؤسسة قاضي التوثيق بالعدول و النساخ

من تسميته تظهر العلاقة جلية بين قاصي التوثيق و بعض المؤسسات التي لها علاقة بالشأن التوثيقي في مجال توثيق التصرفات،  خاصة مؤسسة العدول و مؤسسة النساخ،  حيث يضطلع قاضي التوثيق بدور بارز على مستوى الرقابة القضائية التي يخضع لها هؤلاء،  إلى حد أن قاضي التوثيق يشارك العدول في مهامهم التوثيقية.

و سنعالج ذالك في فقرتين وفق الشكل التالي :

الفقرة الأولى: علاقة قاضي التوثيق بالعدول

تتجلى علاقة العدول بقاضي التوثيق من خلال مهامه التوثيقية في تدبيره لبعض شؤون العدول و الإشراف عليهم وفي الاختصاصات التوثيقية الموكولة إليه.

أولا: تدبير قاضي التوثيق لبعض شؤون العدول :

يضطلع قاضي التوثيق في مجال الإشراف على العدول بمهام عدة نص عليها القانون المنظم لخطة العدالة [16] والمرسوم التطبيقي له[17].

نذكر من هذه المهام ما يلي :


– تكليف بعض العدول العاملين بدائرته في حالات المحددة لتلقي بعض الشهادات من ذلك مثلا:

– مراقبة الشهادات قبل تضمينها بالسجلات الخاصة.

ثانيا : الاختصاصات التوثيقية الموكولة لقاضي التوثيق:

يقوم قاضي التوثيق ببعض الاختصاصات التوثيقية “و منها على الخصوص الإذن بتوثيق بعض العقود و التصرفات القانونية من جهة أولى والخطاب على الرسوم من جهة ثانية” [18].

  1. الإذن بتوثيق بعض التصرفات :

نصت الفقرة الأخيرة من المادة 14 من القانون 16.03 أنه في حالة الظرف القاهر يجوز للعدول تلقي الوصية بعقار مكان وجود الموصي و ذالك بعد الحصول على إذن القاضي. استثناء من الاختصاص المكاني للعدول في تلقي الشهادة متعلقة بالعقار و التركات في حدود دائرة محكمة الاستئناف،  ” و إذا كان هذا الاستثناء يبدو إيجابيا في ظاهره فإنه يبقى غامضا من حيث مفهوم الظرف القاهر،  فماذا يقصد المشرع بهذه العبارة ؟ و هل سلطة تقديره تعود للعدول أم القاضي المانح للإذن.” [19]

و نصت المادة 27 من القانون 16.03 أنه يسوغ للعدلين تلقي الإشهاد منفردين  بإذن من القاضي،  و إذا تعذر الحصول على إذن القاضي يتعين على العدلين إشعاره بذالك داخل أجل ثلاثة أيام من تاريخ التلقي.

ويأذن بموجب نفس المادة القاضي للعدول بالشهادة العلمية ” وهي الشهادة التي يشهد فيها العدل أو العدلان بما في علمهما و حفظهما، أي أن موضوع الشهادة و مضمونها إنما يأتيان من معرفة العدلين الشاهدين و من حفظهما و علمهما،   فهما مصدر الشهادة ومنبعها.” [20]

ونصت المادة 296من مدونة الأسرة أن قاضي التوثيق يمنح الإذن بتوثيق الوصية التي تعذر الإشهاد أو الكتابة بشأنها و شهد عليها من اتفق حضوره من الشهود الذين يؤدون شهادتهم أمام قاضي التوثيق.

وإذا كانت  المادة 14 من القانون 16.03 قد حصرت الاختصاص المكاني للعدول في حدود دائرة محكمة الاستئناف فإن ذلك مشروط بإشعار القاضي المكلف بالتوثيق.

تعتبر هذه المرحلة هي أخر مراحل ميلاد الوثيقة العدلية،  فبعد التلقي ثم التحرير ثم التأشير ثم التضمين يأتي الخطاب ليعطي الوثيقة العدلية الصفةالرسمية و بالتالي القوة القانونية لتصبح مبدئيا حجة قانونية قاطعة يمكن الاحتجاج بها و بكل مضامينها سواء بين أطرافها أو الغير. [21]

لكن عند البحث في ظروف منح هذا الاختصاص لقاضي التوثيق نجد أن الشريعة الإسلامية لا تشترط مثل هذا الخطاب،  بحيث لم يكن معروفا في عهد الرسول صلى الله عليه و سلم ولا في عهد الصحابة و لا التابعين، بل تعود جذوره إلى الدولة الموحدية، وبالتحديد في المنتصف الثاني من القرن السادس الهجري و التي جعلته اختياريا بناء على رغبة أحد المتعاقدين.[22]

وقد اعتبرت المادة 35 من القانون 16.03 و المادة 38 من المرسوم التطبيقي له أن الخطاب على المحررات العدلية إجراء ضروري لا تكون الوثيقة تامة إلا إذا كانت مذيلة بالخطاب و يتولاه القاضي المكلف بالتوثيق لدى المحكمة الإبتدائية.

وحسب المادة38 من المرسوم التطبيقي رقم 2.08.378 يتكون الخطاب من خمسة عناصر وهي :

وقد ميز المشرع بخصوص أجال الخطاب بين الخطاب على الشهادة العدلية في المحرر الذي حدد أجله المادة 38 من المرسوم التطبيقي في ستة أيام ابتداء من تاريخ تضمينها، و الخطاب عليها في سجلات تضمين و الذي سيتم حسب المادة 32 مكن المرسوم في فقرتها الأخيرة داخل أجل شهر من تاريخ التضمين.[23]

الفقرة الثانية : علاقة قاضي التوثيق بالنساخ.

من حيث الإذن بالتضمين و النسخ :

تمر الوثيقة العدلية قبل الخطاب عليها بعدة مراحل تبتدئ بمرحلة التلقي من طرف العدول لمضمون الوثيقة ويتخذ إما صورة إشهاد على تصرف قانوني معين، أو الشهادة من طرف مجموعة من الأشخاص يشهدون بثبوت تصرف معين أو واقعة معينة، ثم عرضه على الجهة الموكول لها أصلا هذه المهمة  و هي قاضي التوثيق حيث يعاد أداء الشهادة أمامه،و الذي يتجسد في الصيغة اللغوية للخطاب على تلك الرسوم و الذي يختلف حسب صورتي التلقي أعلاه، لتأتي بعد ذلك مرحلة تضمينها بسجلات التضمين الممسوكة من طرف المحكمة و التي حددتها المادة 31 من المرسوم الصادر بتاريخ 28 أكتوبر 2008 لتطبيق أحكام القانون المنظم لخطة العدالة، في خمس سجلات : سجل الأملاك العقارية، سجل التركات والوصايا، سجل خاص يتضمن نصوص عقود الزواج، سجل رسوم الطلاق، وسجل باقي الوثائق.

و يتم هذا التضمين عن طريق نسخ ـ و المقصود بها النسخ التي يكتبها النساخ و يوقعها العدول والقضاة المكلفون بالتوثيق و ليس النسخ عن طريق آلة النسخ ــ محتوى الوثيقة بأحد السجلات المذكورة أعلاه من طرف النساخ [24]، و في هذا الإطار يتولى القاضي المكلف بالتوثيق توزيع الشهادات على النساخ بطريقة عادلة لتضمينها مع مراعاة المصلحة التوثيقية [25] ويعهد إلى الناسخ [26] تحت مسؤوليته بما يلي :

 أ ـ أن يضمن بخط يده و بمداد أسود غير قابل للمحو الشهادة بأكملها طبق أصلها المحرر من طرف العدلين بتتابع الشهادات حسب أرقام و تواريخ تضمينها دون انقطاع أو بياض أو إصلاح أو إلحاق أو تشطيب إلا ما اعتذر منه، أما البشر فيمنع مطلقا.

تضمن الشهادة حسب نوعها خلال 8 أيام من تاريخ تسليمها إلى الناسخ ما لم ينص على خلاف ذلك، بعد مراقبتها من طرف القاضي،في أحد السجلات المنصوص عليها في الفصل 25 من مرسوم 2.82.415 الصادر بتاريخ 18 أبريل 1983 بشأن تعيين العدول و مراقبة خطة العدالة وحفظ الشهادات و تحريرها و تحديد الأجور.

ب ـ أن يستخرج من السجلات المذكورة نسخ الشهادات المضمنة و المخاطب عليها.

و ذلك بعد الحصول على إذن من طرف قاضي التوثيق الذي يطلع على الرسوم بعد تحريرها،  ويتأكد من سلامتها و أداء الرسوم عليها،  ثم يضع علامة مميزة بطرة الرسم (توقيع مصغر، أو كلمة من قبيل ( ينسخ، يضمن…) كترخيص للناسخ بتضمينها،  و عند الفراغ من ذلك يكتب الناسخ على طرة الوثيقة العدلية تاريخ التضمين و الكناش الذي ضمن به و رقمه و صحيفته و محل التوثيق )[27]

و تستخرج نسخ الشهادات إذا تعلق الأمر بأصحاب الشهادات أو ذوي الحقوق، بناء على طلب كتابي يؤشر عليه قاضي المكلف بالتوثيق

كما يصدر القاضي المكلف بالتوثيق أمرا معللا لاستخراج نسخ الرسوم العدلية بالنسبة لغير أصحابها أو ذوي حقوقهم.[28] و لا تؤخذ النسخ إلا من الشهادات المضمنة بسجلات التضمين[29]، بمعنى أن الناسخ هو الذي يكتب النسخة ويستخرجها من أصلها المعتمد و ليس غيره من الأشخاص ولو كانوا عدولا[30]،وتوقع نسخ الشهادات بعد التأكد من مطابقتهما لما استخرجت منه من قبل العدلين والقاضي[31]. و هكذا يبرز أن تضمين الرسوم بالسجلات الممسوكة من طرف المحكمة هو إجراء توثيقي القصد منه الحرص على إيجاد مرجعـــــية توثيقية للرسوم لفائدة أصحاب الحقوق في حـــــــالة ضياع الرسوم الأصلية،  أو في حالة حاجة الأغيار إليها من خلال استخراج النسخ،  كما أنها تمثل معطيات إحصائية مهمة جدا،تمكننا من الوقوف على تطور ظاهرة معينة كظاهرة الزواج أو الطلاق، أو لتقييم المساهمة الاقتصادية للعقار غير المحفظ،  حيث تظل السجلات بمثابة سجله العقاري [32]

من حيث المراقبة :

يخضع الناسخ في مزاولة عمله لمراقبة القاضي المكلف بالتوثيق،[33]وتشمل هذه المراقبة :

كيفية تضمين الناسخ للشهادات في السجلات

كيفية استخراج نسخ الشهادات

تصرفاته أثناء قيامه بعمله [34]

يتقيد الناسخ أثناء القيام بعمله بأوقات العمل الإدارية.

لا يجوز للناسخ أن بتغيب عن عمله، إلا بإذن من القاضي المكلف بالتوثيق [35].

يحيل القاضي المكلف بالتوثيق الشكايات والأبحاث المتعلقة باخلالات الناسخ على وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية التي يعمل الناسخ بدائرة اختصاصها مرفقة بوثيقة تتضمن وجهة نظره في الموضوع.[36]

يحافظ الناسخ تحت مسؤوليته و تحت مراقبة القاضي المكلف بالتوثيق، على سجلات التضمين أثناء استعماله لها.

المبحث الثاني: اختصاصات والتزامات مؤسسة قاضي التوثيق.

لكي تأتي محررات العدول صحيحة مبنى ومعنى وخالية من كل نقص أو خلل، أناط المشرع المغربي بقاضي التوثيق مراقبة هذه المحررات، حتى تكون مطابقة لأحكام الشرع والقانون. وهكذا سنتناول اختصاصات مؤسسة قاضي التوثيق (المطلب الأول) ثم التزامات مؤسسة قاضي التوثيق (المطلب الثاني).

المطلب الأول: اختصاصات مؤسسة قاضي التوثيق.

من خلال هذا المطلب سنسلط الضوء على الرقابة التي يمارسها قاضي التوثيق على محررات العدول (الفقرة الأولى)، التي يتم التعبير عنها ماديا عن طريق وضع خطابه عليها (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: رقابة قاضي التوثيق على المحررات العدلية.

يعتبر قاضي التوثيق مسؤولا عن صحة المحررات التي تتم بواسطة العدول. وفي هذا الشأن نشير إلى أن اتجاها ساد في بلادنا، كان يعتبر أن القاضي عندما يضع خطابه على المحررات فإنه لا يراقب صحتها، بل يعني ذلك فقط أن العدول الذين حرروا الرسم مقبولون من طرفه.

ونظرا للدور المهم الذي تلعبه المحررات العدلية في إثبات الحقوق عند النزاع، حيث تمكن القاضي من الفصل في الدعوى على أساس سليم يطمئن إليه ضميره، قامت وزارة العدل بإصدار منشور تشير فيه إلى مسؤولية قضاة التوثيق عن صحة المحررات العدلية شكلا ومضمونا، وتنبههم إلى الأخطاء التي يرتكبها العدول[37].

وهكذا نصت الفقرة 23 من الفصل 9 من المنشور عدد 14714 الصادر بتاريخ 3 نونبر 1959 على ما يلي:

“يجب على القاضي عند إرادة الخطاب على الرسوم أن يتأكد من كونها مدرجة بكناش الجيب، وأن يتأكد أيضا من كونها صحيحة مبنى ومعنى، وأنها مؤسسة على جميع المستندات الواجبة، وأنها مطابقة للشرع والقانون. ولا يسوغ له الخطاب على أي رسم ناقص أو فاسد أو غير مستوف للشروط المطلوبة. وإذا عثر على مخالفة في رسم قدم إليه بقصد الخطاب عليه، رفع تقريرا في شأنها إلى الوزارة لتأديب العدلين المرتكبين للمخالفة”. وتأتي الفقرة 24 من الفصل 8 من نفس المنشور، لتنص صراحة على مسؤولية قضاة التوثيق على كل خلل أو نقص يعتري المحررات العدلية وذلك كالتالي:

“إن القضاة هم المكلفون بالسهر على التوثيق من الوجهة الفنية، فكل خلل أو نقص أو مخالفة تقع في الوثائق هم المسؤولون عنها وهي في عهدتهم، فيجب عليهم من أجل ذلك أن يراقبوا سير التوثيق وأن يسهروا على انتظامه واستقامته وتطبيق قواعده وضوابطه”.

وقد أشار المشرع في الفقرة الأولى من الفصل الخامس والثلاثين من قانون 03-16 إلى هذه المسؤولية: “يخاطب القاضي المكلف بالتوثيق على الشهادات بعد إتمام الإجراءات اللازمة والتأكد من خلوها من النقص وسلامتها من الخلل، وذلك بالإعلام بأدائها ومراقبتها”.

وبتصفحنا لبعض الأحكام الصادرة عن القضاء المغربي، نلاحظ أن هذه الرقابة كانت أحيانا لا تتم بالطريقة المطلوبة، ذلك أن بعض قضاة التوثيق، كانوا يخاطبون على المحررات المقدمة إليهم رغم ما يعتريها من نقص وخلل، مما جعل القضاء يحكم ببطلانها بناء على السلطة التقديرية الممنوحة له في هذا الشأن”[38].

وهكذا قضى المجلس الأعلى في قراره المدني عدد 171 الصادر بتاريخ 1 أبريل 1970، بإبعاد رسم عدلي رغم مخاطبة القاضي عليه، نظرا لعدم ورود إشارة إلى كناشي جيب العدلين[39].

كما قضى كذلك في قراره الصادر بتاريخ 27 ماي 1981 بما يأتي:

“الرسم العدلي الذي لم ينص فيه على أنه قد أدرج في كناش العدل المتوفى الشاهد فيه، ولم يشر بهامشه إلى تاريخ تضمينه بأحد كنانيش المحكمة، وإلى الرقم الذي أعطي له بالكناش يفقد هذا الرسم صفة الورقة الرسمية، كما لا يعتبر محررا عرفيا لعدم التوقيع عليه من قبل الأطراف فلا يمكن الاحتجاج به على الخصم”[40].

ومن هنا يتضح لنا أن قضاة التوثيق أصبحوا مكلفين بمراقبة المحررات العدلية والتأكد من خلوها من كل عيب ونقص، ولا يمكنهم التحلل من المسؤولية المناطة بهم في هذا الشأن[41]. وهكذا نجد محكمة الاستئناف بالدار البيضاء رفضت دفع أحد قضاة التوثيق المتمثل في كونه لم يقرأ الوثيقة المخاطب عليها بسبب كثرة الرسوم المعروضة عليه وضغط العمل اليومي، واعتبرت عمله هذا تقصير جسيما وإخلالا بواجبه المهني[42].

وخلاصة القول، فإن المسؤولية الملقاة على عاتق قضاة التوثيق تتطلب منهم الاطلاع الواسع على أحكام الفقه وقواعد التوثيق، لكي يتمكنوا من الوقوف على صحة الرسوم العدلية. كما أن هذه المهمة ليست بالأمر الهين، لأن دراسة الوثيقة الواحدة تتطلب من قاضي التوثيق وقتا طويلا وجهدا كبيرا، والحال أن عدد قضاة التوثيق لا يزال قليلا، خلافا لعدد الوثائق الذي هو في تزايد مضطرد، وهذا يتطلب من المسؤولين العمل على تهييئ الأطر الكافية لسد متطلبات هذا الميدان، حتى تتم المراقبة المناطة بهم على الوجه المطلوب.

الفقرة الثانية: خطابه على المحررات العدلية.

تعتبر المرحلة هي آخر مراحل ميلاد  الوثيقة  العدلية فبعد التلقي ثم التحرير، ثم التأشير، ثم التضمين يأتي الخطاب ليعطي الوثيقة العدلية الصفة الرسمية و بالتالي القوة القانونية لتصبح مبدئيا حجة قانونية قاطعة يمكن للاحتجاج بها و بكل مضامينها سواء بين أطرافها أو الغير.

ويقصد بالخطاب القضائي أداؤه على  الرسوم العدلية بعد التأكد من سلامتها من  الخلل، وذلك بوضع عبارات محددة تفيد الثبوت بخطه وشكله واسمه وطابعه مع تاريخ هذا الإجراء[43].

لذا سنحاول في هذه الفقرة تحديد مفهوم الخطاب وحكمه (أولا) شروط الخطاب على الرسوم العدلية (ثانيا) وصيغه (ثالثا).

أولا:مفهوم خطاب القاضي على الرسوم العدلية و حكمه

الخطاب في اللغة له عدة معان منها الكلام مشافهة بين طرفين و في الاصطلاح و خاصة مفهوم الفقه  الإسلامي يعرف بأنه توجيه بعض القضاة لبعض الكلام في شان الرسوم بان يعلمه بما ثبت عنده منها أو بما حكم به[44] أما المفهوم القانوني لخطاب القاضي فيمكن استخلاصه نمن الفصول المتضمنة له ضمن مواد القانون 16.03 المتعلق بتنظيم خطة العدالة[45] و المرسوم التطبيقي له رقم 2.08.378[46]

وتجدر الإشارة أن الهدف من الخطاب على الرسوم هو حفظها و توثيقها إذ به تكتسب الشهادة المخاطب عليها صبغة وثيقة رسمية لا عرفية، أما قبل ذلك فإنها لا تشكل سوى مجرد زمام حسب ما أوضحته الفقرة الثانية من الفصل 30 من القانون المنظم لخطة العدالة حينما نصت على انه ” لا تكون الوثيقة تامة إلا إذا كانت مذيلة بالخطاب” و أكدت الفقرة الرابعة من نفس المادة هذا المقتضى إذ جاء فيها: تعتبر الوثيقة  التامة شهادة رسمية[47]

ثانيا: شروط الخطاب على الرسوم العدلية.

يتوقف خطاب القاضي على الشهادات العدلية على تحقق شروط منها:

1- أن تكون الشهادة تامة: يتعين على القاضي المكلف بالتوثيق أن لا يخاطب على الشهادات العدلية بالا بعد أن يتأكد أنها تامة، أي صحيحة معنى ومبنا ومحترمة القواعد الشرعية والقانونية، عملا بما جاء في الفقرة الأولى من المادة 35، من خطة العدالة التي تنص على أن: ” يخاطب القاضي المكلف بالتوثيق على الشهادات بعد إتمام الإجراءات اللازمة والتأكد من خلوها من النقص وسلامتها من الخلل، وذلك بالإعلام بأدائها ومراقبتها”.

ثالثا:صيغ الخطاب على الرسوم العدلية.

لعل صيغ الخطاب تختلف بحسب اختلاف أنواع الشهادات إذا تعلق الأمر بالشهادات الاسترعائية أو الشهادات الأصلية:

فصيغة خطاب القاضي على الشهادات الاسترعائية تكون بعد كتابة أسماء اللفيف وهويتهم حيث يترك العدلان فراغا يكتب فيه القاضي بخطه “شهدوا لدا من قدم لذلك لموجبه فثبت”.

أما صيغة الخطاب على الشهادات الأصلية تكون كالتالي:”الحمد لله أعلم بثبوته”أي بثبوت الرسم لديه ولا تكون بأي لفظ آخر غيره[49].

وهذه الصيغ كانت سائدة قبل صدور القانون 16.03، أما في ظل هذا القانون فإن العبارة موحدة كالتالي:”الحمد لله أعلم بأدائها و مراقبتها”،وأصبح هناك طابعا ممسوكا من طرف القاضي المكلف بالتوثيق أو بيد الناسخ يحمل هذه العبارة و يطبع في نهاية كل الشهادة العدلية على محررها المحرر في ورق من طرف العدل،و أيضا على تضمينها في سجل التضمين من طرف الناسخ.

غير أن صيغ الخطاب التي حددها القانون و جعلها موحدة يتم وضعها في الشهادات الأصلية والاسترعائية معا، رغم اختلافها فالأولى هي التي يتلقاها العدول من أفواه المشهود عليهم ويدونونها بحضورهم و يشهدون بذلك أمام القاضي المكلف بالتوثيق، أما الشهادات الاسترعائية (شهادة العدول أو اللفيف) هي التي يمليه العدول من حفظه أو الشهود أمام  العدول نيابة عن القاضي[50].

المطلب الثاني: التزامات قاضي التوثيق

بعد تطرقنا إلى اختصاصات قاضي التوثيق في المطلب الأول، سوف نتحدث في هذا المطلب عن التزامات قاضي التوثيق التي تتجلى في الحقوق والواجبات في فقرتين: ( الفقرة الأولى: الحقوق) و(الفقرة الثانية: الواجبات).

الفقرة الأولى:الحقوق:

يتمتع قاضي التوثيق كباقي القضاة بالعديد من الحقوق فيما يخص التعيين الأجر والحصانة وغيرها من الحقوق نذكر منها:

أولا:عدم قابلية العزل أو النقل إلا بمقتضى قانون:

ينص الفصل الثامنة بعد المئة  108 من دستور2011 على أنه:” لا يعزل قضاة الأحكام  ولا ينقلون إلا بمقتضى القانون’’. وبذلك القضاة يتمتعون بالحصانة حيال كل نقل أو عزل مخالف للقانون، وهذا فيه حماية  قصوى لهم إذ يكونون في مأمن من النظام الأساسي  برجال القضاء يقضي بأن قضاة النيابة العامة يوضعون تحت سلطة وزير العدل و الحريات، وأنه يتم نقلهم بظهير باقتراح من وزير العدل  و الحريات بعد استشارة المجلس الأعلى للقضاء، يضاف إلى ذلك أن المشرع و حمايته منه لقضاة الأحكام  التنقل المفاجئ و غير القانوني جاء في الفصل 55 من النظام المذكور أنه :” يمكن لقضاة الأحكام أن يعينوا في مناصب جديدة بطلب منهم أو نتيجة ترقية أو إحداث محكمة أو حذفها أو لتدارك نقصان في عدد القضاة يكون له تأثير خطير على سير محكمة من المحاكم(51).

ثانيا: الحق في الترقي والتعويض عن الأضرار اللاحقة به:

أ-الحق في الترقي:

ينص الفصل الثاني من النظام الأساسي لرجال القضاء على أن القضاة يرتبون في درجات متسلسلة هي:

– خارج الدرجة.

– الدرجة الاستثائية.

-الدرجة الأولى.

-الدرجة الثانية.

-الدرجة الثالثة.(52)

وللترقي من درجة إلى درجة ومن رتبة غلى رتبة لابد من توافر بعض الشروط منها أن تكون ثمة مناصب شاغرة وان يكون القاضي المرشح  مسجلا بلائحة الأهلية ولن يسجل باللائحة إلا القضاة الدين يتوفرون على أقديمة خمس سنوات في الدرجة عند وضع اللائحة2.

وقد اصدر وزير العدل مرسوما يحدد شروط وكيفية تنقيط القضاة وترقيتهم  من الدرجة والرتبة  ونص في فصله الثالث على انه يعزل حق التنقيط(53):

–  لوزير العدل  بالنسبة للوكلاء العامين للملم لدى محاكم  الاستئناف  والقضاة العاملين بالإدارة المركزية بوزارة العدل.

– للرئيس الأول للمجلس الأعلى بالنسبة لقضاة الحكم بالمجلس وللرؤساء الأوليين لمحاكم الاستئناف.

– للوكيل العام للملك لدى المجلس الأعلى بالنسبة للمحاسبين العامين بالمجلس.

– للرؤساء الأولين لمحاكم الاستئناف بالنسبة لقضاة الحكم بمحكمتهم ولرؤساء المحاكم الابتدائية التابعة لدائرة نفوذهم.

– للوكلاء العامين للملك لدى محاكم الاستئناف بالنسبة لنوابهم العامين لوكلاء الملك لدى المحاكم الابتدائية التابعة لدائرة نفوذهم.

– لرؤساء المحاكم الابتدائية بالنسبة لقضاة الحكم بمحكمتهم.

– لوكلاء الملك لدى المحاكم الابتدائية بالنسبة لنوابهم.

ب- الحق في التعويض عن الأضرار اللاحقة بالقضاة(54):

ينص الفصل 20 من نظام رجال القضاء على أنه :

”تحمي الدولة لقضاة مما قد يتعرضون إليه من التهديدات و التهجمات و السب والقذف ضمن مقتضيات القانون الجنائي و القوانين الخاصة الجاري بها العمل’‘.

تضمن لهم زيادة على ذلك عند الاقتضاء طبقا للنصوص التنظيمية الجاري بها العمل تعويضا عن الأضرار التي يمكن أن تلحقهم أثناء مباشرة مهامهم أو بسبب القيام بها وذلك في غيرها يشمل التشريع الخاص برواتب المعاش ورأس مال الوفاة.

ثالثا: الحق في حرية التعبير وفي تأسيس الجمعيات و الانخراط فيها:

ينص الفصل 11 من دستور 2011 على أنه:

للقضاة الحق في حرية التعبير، بما يتلاءم مع واجب التحفظ والأخلاقيات القضائية .يمكن للقضاة الانخراط في جمعيات أو إنشاء جمعيات معينة مع احترام واجبات التجرد و الاستقلال القضاء طبقا للشروط المنصوص عليها في القانون.

يمنع على القضاة الانخراط في الأحزاب السياسية والمنضمات النقابيات.

وإذا كان الحق المذكور مقيد ببعض الضوابط، فإن الحق في تأسيس الجمعيات و الانخراط فيها غير مقيد. وهذه المسألة تحسب للدستور الجديد لأن المغرب يزخر بكفاءات قضائية-نساء و رجال-تنبض قلوبها بالعمل الجمعوي. وأنتجت هذه الإيجابية الدستور ثمراتها الأولى مند الأيام الأولى  لتنزيل الدستور،  وذلك بإنشاء جمعيات مهنية تهتم بشؤون القضاة على الرفع على الرفع من بعض الصعوبات  التي تم تسجيلها بهذا الخصوص والتي آثر المبادرون والمبادرات إلى تأسيسها بنادي القضاة و الذي تمت هيكلته حتى  المستويات الجهوية والمحلية.

الفقرة الثانية:الواجبات.

مقابل الحقوق التي يتمتع بها قاضي التوثيق كباقي القضاة قرر النظام الأساسي التزامه بعدة واجبات نشير إلى البعض منها:

1-على القضاة أن يحافظوا في جميع الأحوال على صفات الوقار و الكرامة التي تتطلبها مهامهم.(55)

 في الحقيقة هذا واجب في غاية الأهمية لأنه بدون أخلاق ووقار وكرامة لا يمكن أن نتحدث عن قضاء مجتهد وناجع، وللحفاظ على هذه الصفات، يجب أن تكون الظروف ملائمة لذلك، انطلاقا من  مكان عمل القضاة، مرورا بالوسائل الموضوعة رهن إشارتهم ووصولا إلى الوضع المادي، وصاحب الجلالة الملك محمد السادس لم يتوانى كلما سنحت المناسبة لذلك، في أن يوجه تعليماته السامية إلى الجهات المختصة للانكباب على هذا الورش الكبير الذي تم العزم على تحقيق نتائجه الإيجابية المتمثلة في استقلال القضاء و إصلاح العدالة و النهوض بالاقتصاد الوطني.

2- يمنع على القضاة ممارسة أي نشاط سياسي وكدا كل موقف يكتسي صبغة سياسية، وهذا واجب نابع من مبدأ استقلال القضاء،  لأن السماح للقاضي بممارسة السياسة من شأنه أن يؤثر على حياده.(56).

3- يمنع على القضاة القيام بأي عمل من شأنه إيقاف أو عرقلة تسيير المحاكم(57).

4- يمنع على القضاة ممارسة أي نشاط باجر أو بدونه، باستثناء  التعليم و المستندات القانونية، غير  أنه يسمح للقضاة بتأليف مؤلفات أو كتابة مقالات علمية أو أدبية أو فنية دون منع، لكن شريطة الحصول على إذن من وزير العدل إدا أراد المؤلف أو الكاتب الإشارة غلى صفته القضائية.(58)

5- على القضاة التصريح بممتلكاتهم العقارية و المنقولة وما يملكه أبناؤهم القاصرون وأزواجهم.(59)

6- يؤدي القضاة اليمين قبل الشروع في مهامهم أو إرجاعهم  إلى مناصبهم بعد انفصالهم عنها وذلك بتأدية اليمين أمام محكمة الاستئناف مالم يتعلق الأمر  بقاض معين بالمجلس الأعلى فيؤديها أمام المجلس.(60)

7- يحافظ القضاة على سرية المداولات، ويمنع عليهم إطلاع أي كان في غير الأحوال المنصوص عليها في القانون على نسخ ملخص للوثائق أو معلومات تتعلق بملفات الدعوى.(61)

خاتمة:

إن موضوع قاضي التوثيق الذي اتخذناه محورا لعرضنا تربطه بالفقه الإسلامي جذور تاريخية عميقة، و يعد بذلك من الأنظمة التي يختص بها النظام القضائيالإسلامي، فهو يشكل بقواعده ومبادئه مؤسسة من المؤسسات المهمة التي تسهر على تنظيم جانب هام من مصالح المواطنين، يتعلق الأمر بتوثيق معاملاتهم و ضبط تصرفاتهم و حفظها و إعطائها حجيتها القانونية.

إلا أنه من الملاحظ أن مؤسسة قضاء التوثيق تعاني من نقص كبير في الأطر القضائية المخصصة إذ أن نسبة  %90 من القضاة المكلفين بالتوثيق ليس لهم تخصص في مادة التوثيق و هذا راجع بالأساس إلى عدم وجود شعبة خاصة بالتوثيق بالمعهد العالي للقضاء حتى يتمكن المعهد من تخريج قضاة التوثيق. كما أن اعتماد نظام تكليف قضاة الموضوع بشؤون التوثيق يؤدي إلى اختيار قضاة من بين قضاة المحكمة الابتدائية و أحيانا يتم تكليف قاض له ممارسة في النيابة العامة بعيدا كل البعد عن الميدان دون النظر  إلى كون قاضي التوثيق لا بد له من أن يكون له على الأقل الهام بموضوع قضاء التوثيق.

 ولقد أدركت السلطات المختصة هذا الإشكال وحاولت معالجته بمجموعة من الإجراءات كتعيين فوج متخصص في التوثيق من خريجي دار الحديث الحسنية يتكون من 9 قضاة متفرغين لممارسة مهام التوثيق في بعض محاكم المملكة منها سلا و مكناس وطنجة و فاس و الدار البيضاء وأكادير ومراكش، إلا أن هذا الإجراء لم يكن كافيا لمعالجة الوضع لأن عدد القضاة المكلفين بالتوثيق يبلغ حاليا أزيد من 225 قاضيا في مختلف أقسام التوثيق بالمملكة و هو عدد كبير مقارنة مع عدد الفوج المتخصص الذي أرادت السلطات أن تعالج به الوضع مع العلم أن هذه التجربة تمت سنة 1998 و لم تتكرر إلى الآن مما ينبئ بأنه ليست هناك رغبة في إعادة التجربة.

كما قامت السلطات المختصة أيضا بتنظيم أيام دراسية تأطيرية للمبتدئين من القضاة المكلفين بالتوثيق لتعريفهم بقواعد التوثيق و أنظمته تسهيلا عليهم لمباشرة مهامهم في ظروف أحسن، إلا أن هذا الإجراء أيضا يعاب عليه انه يقتصر على المبتدئين من القضاة من جهة و من جهة ثانية يكرس مبدأ إسناد شؤون التوثيق لأي قاض كان حتى لو كان حديث العهد بالقضاء، مع أن التوثيق يحتاج إلى قضاة من عيار خاص لهم تجربة ميدانية وكفاءة علمية.

وبالرغم من هذه الملاحظات فان مؤسسة قاضي التوثيق مؤسسة لها جذور تاريخية تعود إلى قرون عديدة ولها تراكمات كثيرة تجعلها آلية قانونية ذات مصداقية عالية على مستوى الواقع و لها مكانة متميزة في الواقع المغربي، و مجرد التفكير في إلغاءها أو الاستغناء عن خدماتها لا يجد سندا قويا يبرره لمجرد الرغبة في تطوير التوثيق العدلي و جعله في ركب التحديث والتعديل، لذلك يجب إدخال تعديلات على مؤسسة قاضي التوثيق تنسجم مع التوجه نحو إصلاح مهنة العدول (خطة العدالة) بما يستجيب لتطلعات المهنيين في السرعة والنجاعة  في أداء الخدمات وتحسين الجودة وتبسيط مسطرة انجاز الوثائق العدلية.


عبد الله روحمات مهام القاضي المكلف بالتوثيق بين النظر و التطبيق طبعة 2014 ص42 1

عبد الله روحمات، مرجع سابق ص45 2

[3]– د.محمد بن معجوز “وسائل الإثبات في الفقه الإسلامي” ص 345-346\

[4]– المادة 37 من المرسوم رقم 2.08.378 الصادر في 28 أكتوبر 2008 يكلف وزير العدل بمقتضى مقرر قاضيا أو أكثر بشؤون التوثيق في دائرة كل محكمة ابتدائية. يوضح حد لهذا التكليف بنفس الطريقة كلما استوجب الأمر ذلك “.

[5]– يتم تحديد غرف المحكمة وتكوينها وأوقات جلساتها أثناء انعقاد الجمعية العامة في شهر دجنير من كل سنة، ويتولى رئيس المحكمة توزيع ملفات القضايا على مختلف الغرف.

[6]– المحاكم الإدارية بمقتضى ظهير 1.91.225 بتاريخ 10 شتنبر 1993،والمحاكم التجارية بمقتضى ظهير 1.97.65 بناريخ 12 فبراير 1997.

[7] نص المشرع في الفصل 419 من قانون الالتزامات و العقود على أن الورقة الرسمية :

”..حجة قاطعة، حتى على الغير في الوقائع والاتفاقات التي يشهد الموظف العمومي التي حررها بحصولها في محضره وذلك إلى أن يطعن فيها بالزور.

[8] عبد الله روحمات مهام القاضي المكلف بالتوثيق بين النظر و التطبيق مرجع سابق ص72

[9] عبد الله روحمات،  مهام القاضي المكلف بالتوثيق بين النظر و التطبيق مرجع سابق ص 68.

[10] قانون 16.03 المتعلق بخطة العدالة.

[11] قانون 70.03 بمثابة قانون الأسرة.

[12] مداخلة الأستاذة أسماء بنكور طالبة باحثة في القانون الخاص بكلية الحقوق بأكادير،  أثناء مشاركتها في أشغال اليوم الدراسي حول : التوثيق العدلي – المؤسسات والإجراءات،  المنظم من قبل فريق البحث المسؤولية المدنية والتأمين والمجتمع والقانون،  2014

[13] عبد الله روحمات، مرجع سابق ص 74.

[14] المادة 10 من قانون رقم 16.03 المتعلق بخطة العدالة.

[15] ينص الفصل 418  من ق ل ع على أن:

” الورقة الرسمية هي التي يتلقاها الموظفون العموميون الذين لهم صلاحية التوثيق في مكان تحرير العقد وذلك في الشكل الذي يحدده القانون.

وتكون رسمية أيضا:

– الأوراق المخاطب عليها من القضاة في محاكمهم.

– الأحكام الصادرة من المحاكم المغربية والأجنبية، بمعنى أن هذه الأحكام يمكنها حتى قبل صيرورتها واجبة التنفيذ أن تكون حجة على الوقائع التي تثبتها”.

وأضاف الفصل 419 من نفس القانون، في فقرته الأولى أن :

“الورقة الرسمية حجة قاطعة، حتى على الغير في الوقائع والاتفاقات التي يشهد الموظف العمومي الذي حررها بحصولها في محضره وذلك إلى أن يطعن فيها بالزور”.

                                                                  قانون رقم 16.03 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 56.06.1 في15 محرم 1427هجرية الموافق 14 فبراير 2004.[16]

المرسوم التطبيقي رقم 2.08.378 الصادر في 28 من شوال 1429 ( 28 أكتوبر 2008) بتطبيق أحكام القانون رقم 16.03 المتعلق بخطة العدالة[17]

[18]محمد مومن، نحو تشريع عقاري جديد، منشورات كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية سلسلة الندوات والأيام الدراسية، لعدد 38 – 2011 المطبعة والوراقة الوطنية، الطبعة 1، 2011 ص 385 وما بعدها

[19]عبد القادر بوبكري، العدالة العقارية والأمن العقاري بالمغرب، منشورات المنبر القانوني سلسلة ندوات وأبحاث، العدد2، مطبعة المعارف الجديدة الرباط 2014 ص 52.

محمد مومن، نحو تشريع عقاري جديد. م.س.ص 386.[20]

[21]محمد مومن، نفس المرجع، ص 387.

[22]حليمة المغاري، العدالة العقارية والأمن العقاري بالمغرب، م.س.ص 34.

[23]محمد مومن، مرجع سابق، ص 389.

[24]مجلة القضاء المدني العدد 2 السنة الأولى خريف 2000،ص 29

[25]المادة 5 من المرسوم رقم 2.01.2825 الصادر في 6 منشوال1433(17 يونيو 2002) بتطبيق أحكام القانون رقم 49.00 المتعلق بتنظيم مهنة النساخة.

[26]المادة 11 من القانون 49.00 المتعلق بتنظيم مهنة النساخة.

[27]مجلة القضاء المدني العدد 2 السنة الأولى خريف 2000،ص 30.

نحو تشريع عقاري جديد، سلسلة الندوات والأيام الدراسية العدد 38ـ2011، منشورات جامعة القاضي عياض، ص391[28]

[29]المادة 38 من القانون رقم 16.03 المتعلق بخطة العدالة.

[30]د.العلمي الحراق، الوجيز في شرح القانون المتعلق بخطة العدالة، الطبعة الأولى 2009 ص 120

[31]المادة 37 من القانون رقم 16.03 المتعلق بخطة العدالة

[32]مجلة القضاء المدني العدد 2 السنة الأولى خريف 2000،ص 30

[33]المادة 22 من القانون 49.00 المتعلق بتنظيم مهنة النساخة.

[34]المادة 11 من القانون 49.00.

[35]المادة 18 من القانون 49.00

[36]المادة 28 من القانون 49.00

[37]– جاء في مقدمة المنشور عدد 14714 الصادر بتاريخ 3 نونبر 1959 المتعلق بكيفية تأسيس الوثيقة العدلية وتحريرها على مايلي:

“…لقد استخلصت الوزارة من ملاحظات التفتيش الذي أجري في المحاكم أن الأكثرية الساحقة من العدول يهملون بعض ما يجب أن يتوفر في الرسوم من شروط وأركان وبيان، وأنهم يجعلون ما يجب تفصيله، ويبهمون ما يتعين تبيينه ويكتبون الرسم كيفما اتفق بدون مراعاة قواعد الإنشاء الصحيح والتحرير الوثيق الذي يجعل الوثيقة مستوفية لأوجب الشروط مبنية على تأكيد القواعد.

ولا يخفى أن القضاة يعانون من مثل هذه الرسوم عندما يتصفحونها للحكم بها، مما يقلق البال، كما أن أصحاب الخصام يستغلون هلهلة تلك الرسوم وانحلالها لاذكاء الخصام والعناد وتشعيب الدعاوى ومماطلة أصحاب الحقوق حيث يجدون في تلك الرسوم ثغرات ينفذون منها إلى أهوائهم.

ورغبة منا في قطع هذه الفوضى أصدرنا هذا المنشور لننبهكم فيه إلى هذه الحال التي يتعين التحول عنها إلى ما يقتضيها لواجب ويفرضه صون الحقوق”.

مجلة القضاء والقانون عدد 25 يناير 1960،ص: 55.

[38]– قرار مدني عدد 217 صادر بتاريخ 8 ماي 1968 وقد جاء فيه ما يلي:

“إن قضاة الموضوع لهم الحق في تصفح الرسوم المدلى بها لديهم واعتبار صحتها شكلا وموضوعا قبل أن يعملوا بها لم يقع فيها أي طعن من لدن المحتج بها عليه وإن ذلك داخل في سلطتهم التقديرية التي لا تخضع لرقابة المجلس الأعلى”.

قضاء المجلس الأعلى-عدد1،السنة الأولى، أكتوبر 1968،ص: 36.

[39]– القرار المدني عدد 171 صادر بتاريخ 1 أبريل 1970،مجلة قضاء المجلس الأعلى -عدد 17،السنة الثانية،ص:9.

[40]– محمد الربيعي : “الأحكام الخاصة بالموثقين والمحررات الصادرة عنهم-دراسة على ضوء التوثيق العدلي والتوثيق العصري-“، الطبعة الأولى 2008،ص: 215.

[41]– قرار المجلس الأعلى رقم 150، ملف شرعي رقم 78427 صادر بتاريخ 27 ماي 1981. مجلة قضاء المجلس الأعلى –عدد27، السنة السادسة، غشت 1981،ص: 81.

[42]– قرار محكمة الاستئناف بالدار البيضاء- صادر بتاريخ 10 يناير 1984،غرفة الجنايات، ملف جنائي عدد 1983 433، رقم الحكم 11-84، ينبغي الرجوع إلى أصلا لقرار بالمحكمة السابقة.

[43]محمد الشتوي :المعين في التوثيق وفقا لضوابط المنظمة لخطة العدالة دراسة نظرية وتطبيقية الطبعة الأولى 2001  ص: 152.

[44]عبد الله روحمات : مرجع سابق: 135.

[45]الفصل 35 من قانون المتعلق بتنظيم خطة العدالة ينص على ما يلي: يخاطب القاضي المكلف بالتوثيق على الشهادات بعد إتمام الإجراءات اللازمة، والتأكد من خلوها من النقص وسلامتها من الخلل وذلك بالإعلام بأدائها ومراقبتها يتعين على القاضي ان يخاطب على الشهادات الخاضعة لواجبات التسجيل إلا بعد تأديتها….

[46]الفصل 38 من المرسوم رقم 2.08.378 ينص على انه” يخاطب القاضي المكلف بالتوثيق على الشهادة المنجزة طبقا للقانون بمداد اسود غير قابل للمحو بصيغة الحمد لله اعلم بأدائها ومراقبتها، مع توقيعه مقرونا باسمه ووضع الطابع والتنصيص عل ىتاريخ الخطاب، وذلك في اجل لا يتعدى ستة أيام من تاريخ التضمين”.

.[47]محمد الشتوي، مرجع سابق، ص:153.

[48]-محمد البوشواري: التوثيق العدلي (مبادئ أولية) الطبعة الأولى 2005 ص: 54-55.

مرجع سابق – محم دشتوي- ص 156-160[49]

–مرجع سابق –عبد الله روحمات- ص 155[50]

(51)عدل هذا الفصل بالظهير الشريف بمثابة قانون رقم 1.77.57 بتاريخ 24  رجب 1397 موافق 12 يوليوز 1977، المنشور بالجريدة الرسمية عدد 3376 بتاريخ  25 رجب 1397 موافق 13 يوليوز 1977، ص 2042.

(52)عرف هذا الفصل عدة تعديلات بمقتضى الظهير الشريف المؤرخ في 12 يوليوز 1977 (المشار إليه سابقا) والظهير الشريف رقم 99-85-1 الصادر في 23 صفر 1407.

(53)المرسوم رقم 383 – 75 – 2 بتاريخ 20 ذي الحجة 1395 موافق 23 دجنبر 1975.

(54)هناك حقوق أخرى كالحق في العطل ورخص التغيب ورخص المرض…، لكن أثرنا الاقتصار على ما أشرنا إليه أعلاه نظرا لأهميته.

(55)الفقرة الأولى من الفصل 13 من النظام الأساسي لرجال القضاء.

(56)الفقرة الثالثة من الفصل 13 المذكور أعلاه.

(57)الفصل 14 من نفس الظهير.

(58)الفقرة الثانية من الفصل 15.

(59)الفقرة الأولى من الفصل 16.

(60)الفصل 17 من نفس الظهير.

(61)الفصل 18 من نفس الظهير.

Exit mobile version