دور الالتزام بالإعلام في حماية المستهلك
مقدمة :
الالتزام بالإعلام هو إحاطة المتعاقد الآخر بالمعلومات الهامة التي تنير رضاه، وتؤثر في إقدامه أو إحجامه عن التعاقد، فهو ضروري وهام لسلامة العقود الاستهلاكية في ظل عدم المساواة بين المهني والمستهلك، نظرا لعلم الأول وجهل الثاني، مما يدفع المهني إلى استغلال علمه بعناصر التعاقد للحصول على مزايا مبالغ فيها على حساب الطرف الثاني.
والالتزام بالإعلام قد يبدو حديث الظهور، غير أن الحقيقة تكمن في كون هذا الالتزام كان معروفا في القوانين القديمة، كالقانون الروماني الذي تضمن التزام البائع بإعلام المشتري عن الحالة القانونية للعقارات، إذا قام المحتسبين بالزام البائع بإعلام المشترين عن عيوب العبيد والحيوانات المبيعة، أما الإسلام فنجده قد أولى عناية خاصة له إيمانا منه بدوره الفعال في استقرار المعاملات وسلامتها،
وهذا ما رواه ابن خالد حكيم بن حازم رضي الله عن النبي صلى الله عليه وسلم أن قال :”البيعان بالخيار ما لم يفترقا فان صدق وبوركا لهما في بيعهما، وإن كذبا وكتما محقت بركة بيعهما”.
ويعود الفضل في ظهور مصطلح الالتزام بالإعلام إلى الفقيه الفرنسي جوكلار في منتصف القرن 220، أما بالنسبة للمشرع المغربي فقط كانت أولى بوادر تنظيمه في قانون الالتزامات والعقود، ثم بعد ذلك قانون حرية الأسعار والمنافسة رقم 06.99 الصادر في الخامس من يونيو 2000، لكن هذا التنظيم كان مقتضبا، بمعنى أنه فقط قام بتبني هذا الالتزام كالتزام عام، لذلك كان لابد من انتظار عشر سنوات إضافية لتنظيم الالتزام بالإعلام في مكانه الطبيعي أي بمقتضى القانون رقم 31.08 المتعلق بتحديد تدابير حماية المستهلك.
وقد برزت أهميته بشدة في عصرنا الحالي، إذ تطورت الاشياء والخدمات المعروضة على المستهلك، إضافة إلى ظهور عقود واشكال قانونية جديدة للمعاملات، وأبرزها عقود البيع الاستهلاكية، التي يكون فيها المستهلك في حاجة ماسة لإعلام بالشيء المبيع، خاصة أمام تزايد المنتجات المعروضة وللبيع، وتعقدها من الناحية التقنية والفنية، مما يصعب على المستهلك العادي إدراك ما يكتنفها من خطورة.
ولقد أدى التطور الاقتصادي والعلمي الحاصل في مجالات مختلفة، والذي صاحبته ثورة صناعية غير مسبوقة إلى إغراق الأسواق الاستهلاكية خاصة بالمنتجات المتنوعة، والتي يقف المستهلك عاجزا عن فك رموزها وعلامة تصنيعها ومكوناتها، ومدى تأثيرها على صحته، ولحماية المستهلك من الآثار السلبية لهذا الجهل، لابد من تحقيق نوع من التوازن بينه وبين المهني على نحو يستطيع معه الوقوف على مدى ملاءمة العقد بالنسبة اليه، ولن يتأتى ذلك إلا من خلال إعلامه بظروف هذا التعاقد، بالقدر الذي ينير رضاه.
من هذا المنطلق برز إشكالية محورية تتمثل في : إلى أي مدى تمكن المشرع المغربي من تنظيمه للالتزام بالإعلام بشكل يضمن حماية المستهلك؟
وتتفرع عن هذه الإشكالية، مجموعة من التساؤلات من قبيل :
ما هو نطاق الالتزام بالإعلام؟ وما هي الاثار المترتبة عن الاخلال بهذا الالتزام؟
هذا ما سنحاول الاحاطة به من خلال اتباعنا للمنهجية التالية :
المبحث الأول: نطاق الالتزام بالإعلام
المبحث الثاني : الآثار المترتبة عن الاخلال بالالتزام
ملاحظة : أنظر العرض كاملا أسفه