دعوى المنازعة الجبائية

دعوى المنازعة الجبائية

مقدمة:

 تحتل الضريبة أهمية كبرى ضمن القوانين المالية لكل دولة، كما أنها تعد أداة فعالة لتحقيق أهدافها على مستوى السياسات الاقتصادية والاجتماعية.

 ولقد تحولت الضريبة من مفهومها الحديث إلى وسيلة لتحقيق العدالة الاجتماعية، فلم تعد مجرد مورد يغطي النفقات الأساسية للدولة ولم تعد مجرد اقتطاع إجباري يبرر بواجب الانتماء إلى الوطن بعد تطور تدخل الدولة، وعاد يشمل مختلف القطاعات الاقتصادية والاجتماعية، أصبحت الضريبة الوسيلة الاكثر اهمية في تحقيق المردودية المالية لتلك النفقات الاقتصادية والاجتماعية مع اعتمادها كآلية أساسية لتحقيق التوازن الاجتماعي داخل الدولة، من خلال إعادة توزيع مداخلها وفق الحاجيات العامة وما يقتضيه الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي.

 وقد عهد المشرع الضريبي المغربي للسلطة العامة متمثلة في الإدارة العامة للضرائب والخزينة العامة،  أمر فرضها وتحصيلها وزودها بالعديد من الالتزامات لأداء وظيفتها تلك، وفي نفس الوقت أرسى ضمانات واسعة للخاضعين للضريبة لحماية حقوقهم من كل تعسف قد صدر عن الإدارة الضريبية ويعتبر القضاء أهم وسيلة في يد الملزم تمكنه من الدفاع عن حقوقه عند حدوث منازعة ضريبية بينه وبين الإدارة.

 والنزاع الضريبي في مفهومه الضيق كخلاف بين طرفين هما الإدارة والملزم يدفع فيه كل طرف بموقف متعارض مع موقف الطرف الآخر، أما الجهاز القضائي يفصل بينهما بإصدار حكم تنفيذي.

 وفي المفهوم الواسع يعرف النزاع الضريبي، بأنه مجموعة من الأساليب القانونية التي يتم بمقتضاها فرض النزاعات التي تنشأ عن تطبيق قانون الضريبة من طرف الإدارة الجبائية على الملزم.

 يقصد بالإدارة الضريبية ذلك الجهاز الإداري الذي ينفذ السياسة الجبائية والمالية للدولة، وذلك عن طريق بسط مختلف سلطاتها في سبيل توريد السيول المالية من المدينين في اتجاه خزينة الدولة، فهي بذلك طرف أصيل في المواجهة الضريبية مع الملزم، وهي في نفس الوقت المسؤول والمعني بتطبيق المساطر الجبائية فيما يتعلق بالمرحلة قبل اللجوء إلى القضاء.

 ويعرف الملزم في القانون الضريبي، بأنه ذلك الشخص أو الكيان الذي عليه سداد دين إلى الإدارة الضريبية وقد يكون الكيان شخصا أو شركة أو مؤسسة أو أي شخص اعتباري.

 وتجدر الإشارة، إلى أن الملزم لا يحق له أن يرفع نزاعه في الوعاء الضريبي مباشره إلى القضاء المختص، بل إن القانون اشترط صراحة لصحة الدعوى القضائية في المجال الجبائي أن يستنفذ الملزم طعنا سابقا أمام الإدارة الجبائية أو اللجان الضريبية حسب الحالات، وتقديم المطالبة النزاعية أمام الإدارة الجبائية في مجال منازعات الوعاء الضريبي وهو إجراء إلزامي قبل نشر الخلاف أمام القضاء.

 بعد استنفاذ الطعن خلال المرحلة الادارية، يحق له التقدم بالمنازعة الضريبية أمام القضاء الاداري طبقا للمادة 8 من القانون 41/90 المحدث للمحاكم الادارية.

 وقد عرفت المنازعات أمام القضاء تطورات متلاحقة، فقبل الحماية كان النزاع الجبائي يقدم إلى وزير الشكايات الذي يسجله ويلخصه ويعرضه على السلطان، أما خلال فترة الحماية فقد أدخلت فرنسا بمقتضى بنود الحماية لسنة 1912 عدة اصلاحات همت النظام القضائي المغربي 9 اكتوبر 1926 الذي يتعلق باستخلاص الديون البلدية.

 غير أن المنازع الجبائية ستدخل مرحلة نوعية بعد الاستقلال ارتبطت بالتطورات التي شهدها المجال الجبائي والمالي سواء الوطني أو المحلي، فقبل إحداث المحاكم الادارية كان يعهد إلى القضاء العادي الذي لم يتمكن من حمايه الملزمين في هذه المرحلة، لكن بعد إحداث المحاكم الإدارية بموجب القانون رقم 41/90 أسندت مهمة الفصل في النزاعات الضريبية إلى المحاكم الإدارية بعد صيانة حقوق وامتيازات الخاضعين للضريبة.

 وتأسيسا عليه، فهذا الموضوع يكتسي أهمية كبيرة تتجلى في كون السلطة الضريبية تتمتع بصلاحيات واسعة وامتيازات كبيرة في مواجهة الملزم، الذي يبقى الطرف الضعيف في العلاقة الضريبية وليس له سوى الاعتراض كوسيله للدفاع عن حقوقه.

 ومن خلال ملامسة اهمية الموضوع،  تتضح ملامح الغشكالية التي ترتبط أساسا حول مدى نجاح القضاء الجبائي في حمايه المكلف وتكريس التوازن المنشود بين طرف العلاقة الضريبية الإدارة الضريبية والملزم، وبالتالي ضمان حقوق الخزينة وحمايه المال العام من جهة وعدم إهدار حقوق الملزم من جهة أخرى.

 انطلاقا من هذه الإشكالية وتماشيا مع الضرورة المنهجية، فإننا سنتناول هذا الموضوع وفق الشكل التالي :

الفصل الأول : المرحلة الإدارية في المنازعات الجبائية

 الفصل الثاني : المرحلة القضائية في المنازعة الجبائية

Exit mobile version