أخر الأخبار

خصوصيات القانون الجنائي للأعمال

نضع بين أيديكم عرض بعنوان “خصوصيات القانون الجنائي للأعمال” من إعداد طلبة ماستر قانون الاعمال بتطوان.

مقدمة :

إن  التطورات  التي عرفها  العالم  و لا زال  يعرفها  على جميع  الأصعدة  سواء   الاقتصادية  او السياسة  وحتى  القانونية، جعلت   القانون   الجنائي الكلاسيكي لا يستوعب هذا الكم من التحولات الشيء الذي   استلزم   البحث  عن حلول  ناجعة  لذلك.  و لعل  أكثر  الميادين  التي استدعت  هذه  الحلول   نجد  ميدان  الأعمال   نتيجة  بروز  جرائم  جديدة  ومتعددة  ذات  صبغة   اقتصادية   انضافت   إلى   الجرائم  التقليدية   المنصوص  عليها  في  القوانين  الجنائية   الكلاسيكية  و التي  استحقت اصباغ الحماية  الجنائية  بشأنها  نظرا  لكونها  تدخل  في مصاف  المصالح  الاجتماعية  الأساسية  للمجتمع  [1].

و لقد  أخذ  القانون  الجنائي  لأعمال يتبلور و يظهر  للوجود   في فرنسا   في النصف  الثاني  من القرن  العشرين  حيث  بدأت  العديد   من وسائل  الإعلام  تسلط  لأضواء  على العديد   من رجال  لأعمال  و بعض الوزراء  الذين  انصرفوا  بسلطتهم  و ساهموا  في تبديد  رؤوس   أموال العديد  من  الشركات . مما دفع  بالمشرع  الفرنسي   إلى التفكير   في رسم  سياسة  جنائية  و عقابية  رادعة   توفر  للمتعاملين    في ميدان    الاعمال  إدارة  جيدة  و آمنة  لأموالهم  وممتلكاتهم .

و بحكم  لارتباط   التاريخي  بين  التشريع  المغربي  والتشريع  الفرنسي  كان  بديهيا   ان ينتقل ارتباط  القانون  الجنائي  بمجال  الأعمال  إلى المغرب .

و على  الرغم  من ظهور  بعض  الملامح  الأولى  لهذا  القانون   منذ  سنة 1913  في مجموعة  من القوانين  كالقانون  التجاري  المغربي  المؤرخ  بتاريخ  12  غشت  1913  و قانون  شركات  لأموال  المساهمة  المؤرخ  ب 11 غشت  1922 ،  و الظهير  المنظم  للشركة  ذات  المسؤولية  المحدودة  بتاريخ  1  شتنبر 1926….

إلا أن النصوص الجنائية المنظمة  لمجال الأعمال  لم  تظهر  بشكل  حقيقي  إلا خلال  التسعينيات  من القرن  الماضي من خلال  مجموعة  من القوانين  في مقدمتها   مدونة  التجارة  و قوانين  الشركات  التجارية و قانون  حماية  حقوق  الملكية الصناعية و التجارية.

و محاولة  منا للوقوف  على تعريف  القانون  الجنائي  لأعمال     فإنه  لابد   من لاعتراف  بوجود  صعوبة  في  تحديد  المقصود   بهذا القانون  و ذلك   ناتج  عن  الغموض   الذي   يحيط  بكلمة  لأعمال , فالقانون  الجنائي  لأعمال  مصطلح  مركب  من كلمتين ، القانون  الجنائي  الذي   لا ينطوي  على أي  إشكال  في تحديد   المقصود  منه  فهو  القانون  الذي يحدد  الجرائم  و العقوبات  المقررة  لها   و لكن    المشكل  يمكن  في تحديد  المقصود  بكلمة  لأعمال   فهي   لا تخص  فرع  من فروع  القانون   فحسب  وإنما تستعمل  في أكثر  من فرع  من فروع  القانون  (كالقانون  الضربي   و قانون  الجمارك  و قانون  الشغل  و قانون  المنافسة  و قانون  التجاري  و قوانين  الشركات  …)

و عليه  يمكن  القول  بأن  القانون  الجنائي  لأعمال   هو مجموع  النصوص  القانونية الزجرية  سواء  الموضوعية  أو الشكلية  و  التي تهدف   إلى  حماية  ميدان   الاعمال  .  و ذلك  بتحديد   لأعمال  التي   تعتبرها  جرائم  لما تسببه من اضطراب و عدم  استقرار  لهذا  الميدان  إضافة  إلى زجر  مرتكبيها   بعقوبات  و تدابير  ملائمة .

و على الرغم  من هذا   التعريف  الذي  أوردناه  و الذي  لا يعتبر   الا  واحدا  من مجموعة  من التعاريف  التي أعطيت  لهذا  القانون ، إلا أن  الحقيقة  التي  جب  الانطلاق  منها  هو أن  القانون  الجنائي  لأعمال  لا وجود له على  مستوى  التحديد  التشريعي  –   على الأقل على مستوى  القانون  المغربي  إذ  أن  مصطلح القانون  الجنائي  لأعمال  هو  من إنتاج  البحوث  الفقهية    خاصة  فقه  علم  الإجرام  الذي  اهتم  منذ  مدة  ليست  قصيرة  بإجرام  أصحاب   المال و الثروة .

إذ بالرجوع إلى التشريع المغربي  نجد  أن هناك  عدة  نصوص  جنائية  متناثرة   بين  مجموعة  من القوانين   التي  تصدت  لتنظيم  مجال  الأعمال .

و تمكن  أهمية   هذا  الموضوع  في معرفة  خصوصيات التي  جعلته يؤثر  من حيث  الشكل  و الموضوع  على القواعد   الجنائية  التقليدية  .

و تبعا لهذه  الأهمية  يمكن  طرح  الإشكال التالي :

ما هي خصوصيات القانون الجنائي   لأعمال والتي جعلته يتميز عن القانون الجنائي الكلاسيكي ؟

و إجابة  عن  الإشكالية  المطروحة  ارتأينا  تقسيمها  إلى    مبحثين   أساسين سنتطرق  في الأول إلى خصوصيات القواعد الموضوعية  للقانون الجنائي لأعمال  فحين   سيترك المبحث الثاني لخصوصيات القواعد الشكلية للقانون الجنائي للأعمال.

المبحث الأول :  خصوصيات   القواعد   الموضوعية  للقانون   الجنائي  للأعمال

إن    المتتبع  لخطوات  التشريعات  الجنائية  و من  بينها  التشريع  الجنائي  المغربي  سيلاحظ  أنها عملت  و لا زالت  تعمل  على إصدار  مجموعة  من القوانين   تنظم  عدة  مجالات  ،  و من بين المجالات   التي  حظيت  باهتمام  واسع   في العقود  الأخيرة   نجد  ميدان  الأعمال  بكل  ما يشمل  عليه  من تفرعات   سواء  النصوص   القانونية  المتعلقة  بجريمة  غسل الأموال  و غيرها من جرائم الأعمال .

و هذه  النصوص  القانونية  الخاصة  و إن كانت  غير  مدمجة  في مجموعة  القانون الجنائي  بشكل  مباشر  و في  قالب موحد   ، إلى أنها  مع ذلك  ترتكز  على قواعد   قانونية  في التجريم و الجزاء  لا تخرج في شكلها   العام  فتنظيمها  عما هي  عليه  في القانون   الجنائي  التقليدي ، لكن   هذا  لا ينفي  أنه  من حيث  الفحوى  شكلت    تمردا  على  المبادئ  التشريعية   المتعارف  عليها  منذ  أمد  طويل  في الميدان    الجنائي ،  هذا ما سنحاول دراسته، اذ سنخصص (المطلب الأول) خصوصية التجريم في القانون  الجنائي   للأعمال، فيما سنرصد (المطلب  الثاني ) خصوصية  الجزاء   في القانون  الجنائي  للأعمال.

المطلب  الأول :  خصوصية   التجريم  في القانون  الجنائي  للأعمال

لقد  شهدت  فكرة  التجريم   في مجال  الأعمال  عامة  والمجال  الاقتصادي  خاصة   توسعا  بالغ  الأهمية  .  و ذلك  راجع لما يعرفه  العالم  من تطور في ميدان   التكنولوجيا  المستعملة  في النهوض  باقتصاديات  العالم  المتحضر  .  ومواكبة  لهذا  التطور   في ميدان  الأعمال   عمل   المغرب  بدوره  على توسيع   ترسانته  التشريعية   الجنائية  لتشمل  ميدان  الأعمال  مراعيا في  ذلك   خصوصيات  هذه  الجرائم  سواء  على مستوى  الأركان  أو على  مستوى  المسؤولية  الجنائية  .

الفقرة  الأولى :  أركان   الجريمة  في  مجال  الأعمال

بخلاف  الإجرام   العادي  ، فإن  الإجرام   المرتبط بميدان  الأعمال   يتم  من قبل  أشخاص  يستعملون  معلوماتهم  النظرية  و المهنية  لارتكاب    جرائمهم  بكل براعة  ، دون  عنف و لا دم  ،  و لكن  بذكاء  و تفكير  علمي  مسنود   بتكتم   شديد ،  و يحدثون  أضرار  تتجاوز   العنف   المادي ،  أي أن  هذا  النوع  من الإجرام  يرتكبه  أناس  ذو مكانة  هامة  في المجتمع   و لا يستعملون  الأدوات  التقليدية  بل  يلتجؤون  إلى المعرفة  المتخصصة  .

و قيام   هذا النوع  من الجرائم  يقتضي  توافر  3  أركان  أساسية  كباقي  الجرائم  العادية  . هي الركن  القانوني  ، الركن  المادي  و الركن  المعنوي [2] .

أولا :  الركن  القانوني

الأصل  في الأفعال الإباحة  ، و   لا تجريم  إلا في مورد  النص ، فإذا  تم النص  على تجريم  نشاط  معين ،  فإن  هذا  النص  يحدد  ما يستلزمه  نص التجريم  لقيام  الجريمة   قانونا  ،  ولا يشمل  ذلك  أركان  الجريمة  الأساسية  فحسب  ، بل  ما يتضمنه  النص  أحيانا   من شروط  أولية  أو عناصر  مفترضة  أو خاصية  يؤثر  توافرها  أو تخلفها  على  الجريمة  وجودا  وعدما  ، و هو  ما يطلق عليه  البناء  القانوني  للجريمة  أو النموذج  القانوني  للجريمة [3].

و تتميز  جرائم  الأعمال  في النموذج  القانوني  عن باقي  الجرائم  حتى  أن الأحكام  العامة  لا تطبق  عليها  في كثير من الأحيان  فنصوصه  الأسوأ  للمتهم  قد تسري  بأثر  رجعي  ونصوصه  الأصلح  لا تسري  بأثر رجعي  ، كما  أن النصوص  الجنائية  للأعمال  الوطنية  قد  تتجاوز  حدود  الإقليم  لتسري  على الأجانب  المقيمين  بالخارج  ،إذا  ما ارتكبوا  من الجرائم  ما يمس بأمن  و اقتصاد  البلد  [4].

و تتجلى  أهم  خصوصيات  جرائم  الأعمال  على مستوى الركن   القانوني   ، في ما يتعلق  بخصوصية  المصادر  المنشئة  لمبدأ  الشرعية  في مجال  القانون  الجنائي  الأعمال  أي وضع المشرع المغربي  لتحديد  قانوني  مطاط  يهدم  البناء  الجنائي  القديم  على  مستوى  شرعية  التجريم  ، بشكل  يمكن  القول  عليه  بأنه   توقيع   على بياض[5]  من المشرع  لفائدة  جهات  معينة   متى  توفرت  أسباب  كثيرة  ، أهمها  التقني و الفني   في تحديد  الركن  المادي  للجريمة [6].

و كذا  في ما يتعلق  بتقنية  الإحالة  ، بحيث إذا كانت  الدقة  في تحديد   التجريم  و العقاب  من المبادئ  الضرورية  لحماية  الأفراد ، فإن  هذه  الدقة  تكاد  تكون  منعدمة   في القانون  الجنائي  للأعمال  الذي  يعرف  تقنية  غريبة  عن التشريع  الجنائي   ألا و هي تقنية  الإحالة .

و لكن  القانون  الجنائي  للأعمال  يرمي  إلى فرض  احترام  نظام  اقتصادي  و اجتماعي  و مالي  معين  ، فلا شك  أن هذه  الأنظمة  تتحدد  في مقتضيات  غير جنائية  و بعد  ذلك  يتدخل  القانون  الجنائي لحمايتها ،  و من ثم  فإن  العقوبة  تتحدد   في نص  لاحق  و التجريم   في نص سابق ، و تبقى  تقنية  الإحالة   الوسيلة  الوحيدة  للربط  بين التجريم  والعقوبة .

ثانيا :  الركن  المادي

جرائم  الأعمال  كغيرها  من الجرائم  لابد  لقيامها  و معاقبة   من ارتكبها  من  تمظهر مادي لها ، هذا   التمظهر  على أرض  الواقع  يكون   بشكل متطابق  تماما  مع  النص  القانوني  الذي حدده  المشرع  الجنائي  بدقة  و شمولية   تحول دون المس  بحقوق  و حريات  الأشخاص .

إلا أن ما يميز  جرائم   الأعمال  اتسامها  بصعوبة  التحديد  على  المستوى  المادي، لان  من خصائص  هذه  الجرائم   أنها معقدة  و ذات  طابع  تركيبي  و دولي  ، و هذا  راجع  إلى الطبيعة  التقنية  لمعظم  الجرائم  التي تدخل  في النظام  الجنائي  للأعمال [7].

و يعتبر  الركن  المادي  للجريمة  ، كل  ما يدخل  في بناء الجريمة  القانونية من عناصر مادية ملموسة يمكن  إدراكها  بالحواس.

و يتكون هذا الركن من ثلاثة عناصر و هي الفعل و النتيجة والرابطة السببية إلا أن هذه  العناصر تتميز بعدة خصوصيات شبه مخالفة لما هو عليه في القانون الجنائي  التقليدي فبالنسبة للفعل  و هو النشاط الإجرامي الذي يتمثل  في السلوك الإيجابي و السلبي للفاعل و كمثال  على هذا الأخير نجد  بعض جرائم منها الامتناع عن التسجيل في السجل التجاري و الامتناع  عن الإيداع القانوني ، و الامتناع عن التبليغ بالنسبة لمراقب الحسابات  إضافة إلى التملص الضريبي و كذا   الامتناع  عن القيام  بما أمر به القانون   فيما يخص   الحفاظ  على صحة  المستهلك  كالامتناع  عن وضع  تاريخ  الصلاحية  بالنسبة  للمواد  الغذائية ..

أما بالنسبة  للإيجابي  نذكر  جريمة خيانة  الامانة  و السرقة  والنصب  و الاحتيال  و إصدار  شيك بدون  مؤونة  و إساءة  استعمال   أموال  الشركة  و جرائم  غسل  الأموال  و غيرها من الجرائم  المنصوص  عليها  في هذا  المجال .

أما  بالنسبة   لعنصر  النتيجة  أي الأثر  المادي  الناتج  عن الفعل  الجرمي ،  فإذا  كانت  النتيجة  كأصل  تقوم   عند إتمام  النشاط  الجرمي  فالأمر  قد يختلف  احيانا  عندما  يتعلق  الأمر  بجرائم  الاعمال  و ذلك  لكون المشرع   في تعامله  مع هذه  الجرائم  أخذ  بعين  الاعتبار  خطورة  الآثار  التي قد تنجم  عن ارتكاب  الفعل  حيث لم ينتظر إلى أن   يتم   هذا  الفعل  حتى يمكن    المعاقبة  عليه .  و إنما  تدخل   بمجرد  المحاولة  التي  اعتبرها   بصريح   القانون   تعادل  الجريمة  التامة  .  و من ذلك  مثلا  ما نص  عليه  الفصل  206 من مدونة  الجمارك  و الضرائب  غير المباشرة [8].

أما   عن عنصر  العلاقة  السببية  بين  الفعل  الجرمي  والنتيجة فهي  تعني  علاقة  بين هادين العنصرين  تؤكد  أن الضرر الحاصل   لما حصل  جراء  الفعل  الجرمي  الذي  قام به  المعتدي   فلولا  اعتدائه  ما تمت  النتيجة  الحاصلة .[9]

ثالثا : الركن المعنوي

إن أهم ما يميز معظم جرائم الأعمال كونها جرائم ….. يغيب فيها الركن  المعنوي  إذ  أن   المشرع في الغالب يكتفي  في هذه   الجرائم  بتحقق  الركن  المادي  مما  يجعل  الجريمة  الاقتصادية  تتحقق  بمجرد  حصول  الأفعال  المادية  التي  حددها  القانون  و دون  حاجة  لأن  تكون  نية  مرتكز  الفعل   سيئة  أو إجرامية [10]

و لإبراز خصوصية القصد  الجنائي  في جرائم  الأعمال نسوق في هذا الصدد  خصوصيات بعض  الجرائم  على سبيل  المثال لا الحصر .

الركن   المعنوي  في جريمة  تبيض  الاموال :

إذ تتجلى  خصوصية  القصد  الجنائي  في جريمة  تبييض  الأموال  في الوقت  الذي  يجب  أن يتوافر  فيه  العلم  بعدم  مشروعية المال  المكون  لجريمة غسل الأموال و لتحديد  هذا الوقت يجب   الرجوع  بالضرورة  لطبيعة  جريمة  غسل الأموال  التي  تم تحديدها   سابقا  ( هل هي  جريمة  وقتية أم  جريمة  مستمرة   ؟ فإذا   ما سلمت  بأنها  جريمة  مستمرة  فإنه  لا يشترط  توفر  العلم   لحظة  ارتكاب  السلوك   المادي  المكون  للجريمة  ، بل  يكفي  توافر  العلم    بمصدر  المال  غير  المشروع  في أي   لحظة    تالية   على ارتكاب  السلوك  المادي للجريمة  .

أما إذا   كانت   جريمة  وقتية  ، فإنه  يتعين  توافر  العلم  بحقيقة   المال  محل  الغسل  لحظة  ارتكاب  السلوك  المادي  لهذه   الجريمة  و من  تم   ينتفي   الركن   المعنوي  إذا توافر  العلم   بالمصدر   غير المشروع للمال  عقب  ارتكاب  السلوك  المادي[11] .

الفقرة  الثانية  :  المسؤولية   الجنائية  في  جرائم  الاعمال

تجد  المسؤولية  الجنائية  منطلقها  الاول  من مبدأ  الشرعية  و الذي  يقصد  به  “لا جريمة  و لا عقوبة   إلا بنص   ”  و يترتب   عن ذلك  أنه   لا مسؤولية  عن فعل  أو عن  خطأ  غير  منصوص   عليه  في التشريع   بنص  خاص . لكن   مع  ما شهده  العالم   من تطورات  على لمستوى  القانوني  و الاقتصادي   و التكنولوجي   أفرز   لنا مجموعة  من النظريات  تخرج  قواعد المسؤولية  الجنائية   عن مسارها  التقليدي  ،  و بالتالي  نشوء مظاهر  جديدة  للمسؤولية  الجنائية  .

أولا:  نطاق  المسؤولية  الجنائية  في جرائم  الأعمال.

إن وجوب  إثبات الخطأ الجنائي  لدى  القائم   بالنشاط  الاقتصادي  و الصناعي  حاجزا  يحول  دون  ملاحقته  و بالتالي  عدم إسناد  المسؤولية  إليه  في كل  مرة   يصعب   معها  إقامة  الدليل  على ارتكابه  هذا   الخطأ    خاصة عندما  يتعلق  الامر  بمؤسسة  اقتصادية تقوم   على أساس  توزيع  العمل  داخلها  .مما يؤدي إلى ضياع  المسؤوليات  ، و عليه  فقد قامت بعض التشريعات  من بينها  المغرب   على  اعتماد  الشدة  في التجريم   و العقاب   كوسيلة  لضمان  سلامة  التعامل  الاقتصادي    لا سيما   داخل المؤسسات  الاقتصادية  ، حيث عمل   على تجريم   أفعال  تعد   من قبيل  الإهمال    الذي يطال مخالفة   النصوص  القانونية  و افتراض  مسؤولية  من قام   بهذا  الإهمال  دون ترك   مجال لتبرير  فعله  ( المسؤولية   الجنائية  المفترضة )   كما أنه  قام  بتحديد  مسؤولية   رب العمل  على  الاخطاء  التي قد  يرتكبها   تابعه  و بأمره   (  المسؤولية  عن فعل  الغير ).

  • المسؤولية  الجنائية  المفترضة

إن أساس  هذه  المسؤولية  يقوم   كما هو  الحال  في المسؤولية  الجنائية ضمن  القواعد   العامة  على الخطأ [12]  لكن  طبيعة  هذا  الخطأ  تتمثل  في كونه  خطأ  مفترضا  فقط  و يدل  عليه  الفعل  المادي   المرتكب  دون  حاجة  لإثباته [13].   فطبيعة  هذا الخطأ  تفرضها  طبيعة  الجريمة  في حد ذاتها  و كمثال  على ذلك  فالمشرع  المغربي  و نظرا  لطبيعة  الجريمة  الجمركية  و خطرها  على ميدان  الأعمال  و الاقتصاد  الوطني ،  جعل  تحديد  المسؤوليات  المتعلقة  بالمخالفات  المرتكبة  ضمتها  بيد  السلطة  التنظيمية  [14].  إذ  عند   افتراضه  للمسؤولية  الجنائية ،  عمل و بشكل  غير مباشر  على نقل  عبء  الإثبات  من النيابة  العامة  إلى المتهم   و ذلك  لكون  الخطأ  المفترض  الذي  تنبني  عليه  المسؤولية  يعتبر  في حد  ذاته  قرينة   إثبات ،  تلزم  المتهم  بإثبات  ما يخالفها  إذا  كانت  قرينة  بسيطة [15].

و إذا  كانت  المسؤولية  الجنائية   قد  خرجت  عما  هي عليه   في   القواعد    العامة  للقانون  الجنائي  و ذلك  بالأخذ  بالمسؤولية  المفترضة  في مجال  الأعمال ،   فإن  الأمر  لا يقف  عند  هذا الحد ،  و إنما  يوجد  حالة   أخرى  تحظي    بالاهتمام  و هي  المسؤولية  الجنائية  عن فعل الغير .

  • المسؤولية  الجنائية   عن فعل  الغير

من المبادئ   المسلم بها في نطاق  القانون  الجنائي ،  أن المسؤولية  الجنائية   تتسم  بطابع   الشخصية   ، أي  أن كل  شخص  مسؤول  عما ارتكبه  من أفعال ، و لا  يجوز  أن تنتقل  المسؤولية  إلى غيره  الذي  لم يساهم  أو يشارك  فيها.

غير  أ، المشرع  المغربي  أورد  استثناءا   عن هذه  القاعدة  بالمسؤولية  عن فعل  الغير  بمقتضى نصوص  خاصة ، و يجد  هذا  الاستثناء  مجاله  بحدة  في جرائم  الأعمال.  و نذكر  في هذا  الإطار   بعض  المبررات  التي جاء بها  الفقه  في هذا  المضمار  منها  حماية   تنفيذ  قوانين  الأعمال  و اتساع  نطاق  التجريم  و خطورة  جرائم  الأعمال  و خصوصيات   الركن  المعنوي  في جرائم  الأعمال .

و حسن  فعل   المشرع  عندما  قام  بخلق  مفهوم  جديد  للمسؤولية  الجنائية  و بمعنى  آخر  توسيع   نطاق  المسؤولية  الجنائية  فيما يخص  جرائم  الأعمال  المرتبطة  بالميدان  الاقتصادي .

فالمسؤولية  الجنائية   عن فعل  الغير رغم  ما قد  تطرحه  من  اختلاف  في الرأي  حول  شخصية  العقاب  و الشرعية  في  إسناد   الأفعال  المكونة  للجريمة ،  إلا انها  اعتبرت  حلا مناسبا   لتفادي   الإفلات  من  العقاب   من قبل   بعض  الأشخاص  المعتادين  على ذلك .

و قد  عرفت  فكرة  المسؤولية  الجنائية  عن فعل   الغير  في جرائم  الأعمال  تطبيقا  واسعا  منذ أوائل   القرن  التاسع  عشر  بفعل   شيوع الآلة  و العمل  لحساب  الغير  سواء  كان   هذا الغير  شخصا طبيعيا  أو  معنويا  مما  فتح  المجال  أمام التوسع   في رقعة  مسؤولية   الطرف  الأقوى  اقتصاديا   فصاحب المصنع  و المؤسسة  التجارية  عن أية  جريمة  يرتكبها  أحد عماله .

إذن   فمسؤولية  المتبوع  هنا  تقوم على أساس  الافتراض   بوجود  علاقة  بين  النشاط  المادي   الذي قام به  الغير  بالشخص  الذي حمله  القانون  مسؤولية   ، و هذه  العلاقة  لها وجهان  .  الأول  هو كون   الشخص  هو  المستفيد من التصرف  الذي قام به   الغير  و كان   في مقدره  منع  حدوثه  ،  أما الثاني   فيمثل    في كون  الغير  الذي   باشر التصرف  تحت إشراف و رقابة الشخص المسؤول  .

و خلاصة  ما سبق  هي أن    المسؤولية  الجنائية  عن فعل   الغير  يقوم  أساسها   القانوني  على خطأ  أي  الإهمال  و قلة  الاحترام  و عدم  مراعاة   الشرائع  و الأنظمة  أو مسؤولية  رئيس  المؤسسة   عن أعمال   تابعية  أو العاملين  معه  لا تقوم  إلا إذا أهمل    و لم  يتقيد  بالأنظمة  أما إذا لم  تقم  العلاقة  السببية   بين عدم  تقيده    بالأنظمة  و بين  الفعل  المرتكب  من قبل  تابعيه  فلا تقوم  مسؤوليته .

ثانيا :  تجليات  المسؤولية  الجنائية

ان المسؤولية  الجنائية  ارتبط  وجودها  أساسا  و منذ  القدم  بالشخص  الطبيعي   الذي  له  إرادة  تجعله  أهلا  لتحمل  المسؤولية  الجنائية  على اعتبار  أن الجريمة  فعل  شنييع   من يرتكبه  المجرم عن نية  و اختيار   و إدراك   كاف  و يجعله  يقوم  بالفعل  المادي  المكون   للجريمة .

إلا أن  التشريعات  الحديثة  استقرت  على  تحميل  الشخص  المعنوي  المسؤولية   الجنائية  مساوية  في ذلك  بينه  و بين  الأشخاص  الطبيعية  رغم   الجدل  الفقهي  الحاد  حول  مدى  إمكانية  تحميل    الشخص  المعنوي  المسؤولية  الجنائية .

  • المسؤولية  الجنائية  للشخص المعنوي  .

أغلب  و أهم   المعاملات  المالية  و الاقتصادية  تتم بواسطة  الأشخاص  المعنوية ،  التي أصبحت  تشكل  وسيلة   فعالة لإنتاج  الثروة  و تدبيرها ،  لأن  قدرة  الفرد  الواحد  في أحيان  كثيرة  قد  تعجز  عن توفير  السرعة  و المرونة  التي أصبح يطبعها  الاقتصاد[16].

و لقد  تبنى  المشرع  المغربي  قاعدة  تحميل  المسؤولية  للشخص  المعنوي   بنص  صريح  من خلال  الفصل  127  من  القانون  الجنائي[17]   سيرا على  خطى  المشرع  الفرنسي [18].

و المسؤولية  الجنائية  للشخص  المعنوي  في مجال جرائم  الأعمال  لها  وجهان  ،  مسؤولية  جنائية  مباشرة و  أخرى غير مباشرة   فالأولى  على إثرها   يتم  إسناد  المسؤولية  الجنائية  للشخص  المعنوي   مباشرة  مع استقلال  تام   عن مسيريه  و المدراء   فيه ، حيث  يمكن   إقامة  الدعوى   العمومية    عليه   بصفة  طرفا  أصليا  فيها،  و تتم  متابعته  على هذا  الأساس  أما   الثانية    مفادها  كون  الشخص  المعنوي  ليس طرفا   أصليا  في الدعوى  العمومية  و إنما  هو خصم  تابع  للأشخاص  الذين  ارتكبوا  الفعل  الجرمي  و هم  دائما  إما  ممثلوه   أو أعضاء  الإدارة  –  حيث  يسأل  الشخص المعنوي    هنا  مسؤولية   تضامنية  مع باقي   الأشخاص .

  • المسؤولية  الجنائية  للشخص  الطبيعي

الأشخاص  الطبيعيون  هم  المعنيون  أصلا  بالمسألة  الجنائية  ، مما  يعني  أن تحميل  هؤلاء  المسؤولية  الجنائية  سواء  في  الشريعة  الجنائية  العامة  أو في  القوانين   الخاصة   المشكلة  للقانون  الجنائي  للأعمال  لا يثير  أي  إشكال  قانوني .

و قد  لوحظ  أن  مختلف   نصوص  القانون  الجنائي  للأعمال  تنهج  نفس  منهج  الشريعة  الجنائية  العامة  سواء  من حيث  مبادئ  تحميل  المسؤولية   الجنائية  و موانعها  و شروط   قيامها  و حدودها  .

و انطلاقا  مما سبق  ،  فإذا كان  التجريم  في القانون  الجنائي للأعمال  له من  الخصوصيات  ما يجعله   متميزا  كل التمييز  عن طبيعة  التجريم  في القواعد  العامة  للقانون  الجنائي  فإن  الأمر  يمتد   كذلك  إلى الجزاء  هذا  الأخير  الذي يشهد  تطورا  ملحوظا  في مجال  جرائم  الأعمال  الشيء  الذي  أدى   بدوره   إلى التأثير  على النظرية  العامة  للقانون  الجنائي  من ناحية  الجزاء  كذلك .

المطلب الثاني   :  خصوصية الجزاء في القانون   الجنائي  للأعمال

عندما يتم  ارتكاب   الجرائم  و يتم  ضبط  مرتكبها  فإن  القانون   هنا يتدخل   لتحديد العقاب  المناسب  و  الكفيل  بردعه   و تنبيهيه    عن  معاودة   ارتكاب   هذا الجرم   مرة أخرى  و طبعا في  حدود  ما جاء  في النص  الجنائي  المحدد  للجريمة  و تطبيقا  للقاعدة  القديمة  لا عقوبة  و لا جريمة  إلا بنص .

و الجزاءات  الجنائية  في القانون  الجنائي   للأعمال  لا تختلف  عن  الجزاءات  المعروفة  في الشريعة   الجنائية   العامة  و لعل  أهمها   في العقوبة السالبة للحرية   والغرامة  المالية   و التي    تعتبر  جزاءات  تقليدية  اعتمدها  المشرع  الجنائي  بدوره  للعقاب  على  جرائم  الأعمال.

و نظرا  لان  الجزاءات  الجنائية   في مجال  لأعمال  لم  تعد  كافية  لردع  مرتكب  جريمة  لأعمال  و تعرضت  الانتقادات   عدة  .

فإن  المشرع  الجنائي  في مجال  الأعمال  ابتدع  جزاءات  حديثة  لمواكبة  طبيعة   الجرائم  التي نص  عليها   و الكل  بغية  جعل   العقاب  متناسب   أكثر مع الجريمة .

و نظرا  لطبيعة  الجرائم  التي أصبح  القضاء  يواجهها  خاصة  منها  ذات   البعد   الاقتصادي   جعلت  المشرع  في بعض   الأحيان  مضطرا  لإدخال  سلطة  و هي  الادارة   لكونها  أقرب  إلى ميدان  ارتكاب  هذه الجرائم  .  كما  أعطاها  الحق  في فرض  بعض  الجزاءات  و هو ما  يطلق  عليها  بالجزاءات  الإدارية  و نظرا  لعدم  كفاية  هذه  الجزاءات   فإن  المشرع  أعطى  للقضاء   إمكانية  لاستعانة  بمجموعة  من  الجزاءات  الإضافية  لتحقيق  الغاية  من فرض  الجزاء  و كل  من  سبق  قوله   هو ما سيتم  التطرق  إليه  بالتفصيل  من خلال  فقرتين  .

الفقرة   الأولى : ستعنى  بالجزاءات  الجنائية   في  القانون   الجنائي   لأعمال

التي سنتطرق  فيها  إلى  الجزاءات  الجنائية  التقليدية  على أساس  أن الفقرة  الثانية   سنخصصها  للجزاءات  الإدارية  والاضافية.

الجزاءات  الجنائية التقليدية  في القانون   الجنائي  لأعمال

لا شك  في أن هناك   جزاءات  جنائية   لا يمكن  لأي  تدخل   جنائي   أن يستغني  عنها  .  و في  مقدمتها   نجد   العقوبة  السالبة  للحرية  و الغرامة  التي  تغير  كجزاءات  تقليدية  اعتمدت  من طرف  المشرع  الجنائي  منذ  القدم

و تتفرع  الجزاءات  الجنائية التقليدية  إلى جزائين   العقوبات  السالبة  للحرية    ثم  الغرامة  المالية

أولا : العقوبات  السالبة  للحرية

هذه العقوبات حددها  المشرع   في الفصول  من  16  إلى 18  من  القانون  الجنائي  إلى جانب  عقوبة   الإعدام  و هي  العقوبات  السالبة  للحرية  طويلة  الأمد  و المتمثلة  في  السجن  المؤبد  و السجن  المؤقت  من خمس سنوات  إلى ثلاثين  سنة  ( الفصل  16  من  القانون   الجنائي)  و العقوبات  السالبة  للحرية   قصيرة  المدة  و هي حبس  من شهر إلى  خمس سنوات  ( الفصل 17  من القانون الجنائي )   إذا تعلق  الأمر  بعقوبة  جنحة  و الاعتقال  لمدة  تقل  عن شهر  إذا تعلق   الأمر  بعقوبة  ضبطية  ( الفصل 18  من القانون الجنائي ).

  و العقوبات  السالبة  للحرية  في القانون  الجنائي  للأعمال  لا تخرج  عما   هي عليه  في القواعد  العامة للقانون  الجنائي   كأصل  لكن مع    ذلك  فهي  تتميز  عنها  ببعض  الخصائص  تتجلى   أساسا   في كون  العقوبات  السالبة  للحرية  المطبقة  على جرائم  لأعمال  تتميز  بكونها  عقوبات  قصيرة  المدة   (معادا بعض  الجرائم  كجريمة  غسل  الأموال  المرتبطة    مثلا  بالمخدرات )  و ذلك  راجع  للسياسة  الجنائية  للمشرع  و التي جعلت  من معظم  الجرائم  المرتكبة  في هذا الإطار  عبارة  عن  جنح  أو مخالفات   و من  النصوص  القانونية  التي تؤكد  هذا  التوجه  نذكر ما يلي :

الجرائم الجمركية :  فيما يخص  هذه الجرائم  فرق المشرع  في إطار في مدونة الجمارك والضرائب غير المباشرة فيما يتعلق بالعقاب  بين  نوعين  من الجرائم  و هي :  أولا  الجنح  الجمركية   و تنقسم   بدورها  إلى جنح   جمركية  من الطبقة  الأولى  و جنح  جمركية  من الطبقة  الثانية  و ثانيا   المخالفات  الجمركية  و تنقسم  إلى مخالفات  من  الطبقة  الأولى  و الثانية  .

و الملاحظ بالنسبة  لهذه الجرائم  أن المشرع لجأ للعقوبات  السالبة للحرية  فقط  بالنسبة  للجنح  و هي  سنة  إلى ثلاث سنوات  بالنسبة    للجنح  من الطبقة الأولى  و من شهر  إلى سنة  بالنسبة  للجنح  من الطبقة  الثانية [19] .

ثانيا :  الغرامة المالية

بداية  تعتبر الغرامة  المالية  من الجزاءات  الأساسية التي يتم اللجوء إليها  قصد    زجر الجرائم  الاقتصادية  و ذلك  معاملة  للمجرم  بنقيض قصده  ما دام   المجرم   الاقتصادي  في الغالب  يستهدف  تحقيق و تكديس  المال  و الثروة .

و قصد  نص  المشرع المغربي  على  غرار  نظيره  الفرنسي  على  جزاء  الغرامة  المالية  في كثير   من النصوص  المشكلة  للقانون  الجنائي   للأعمال  و من ذلك  مثلا  قانون  الشركات  التجارية  و قانون  حماية  المستهلك  و غيرهما .

لكن عقوبة  الغرامة  المالية  لم تسلم    من  الانتقاد  إذ  رأى  فيها  بعض  الفقه

خاصة  ما يتعلق  بالغرامة  المالية  للشركات  التجارية  تأثر  على الذمة  المالية  للشركة  إذ  في  الغالب  يتم  أداء  هذه  الغرامة  بشكل  أو  بأخر   من اموال  الشركة  مما  عجل  بفشل  هذه العقوبة    الجنائية  في مجال  الشركات  التجارية .

لكن  مع ذلك   تبقى  الغرامة  المالية  الجزاء  الأنجع   في المجال  لأعمال  .  مادام   يحقق هدفين  اثنين  أولا أنه  يزيل   عن  المستثمرين  شبح  العقوبات  السالبة للحرية  .  كما   يحقق  فائدة  أهم  ، تتمثل  في تحقيق  موارد  للخزينة   تتمثل في اداء مبالغ  معينة  كغرامات  .  و يتحول   بذلك  النص الجنائي  المشتمل  فقط  على الغرامة  إلى أداة  جنائية  تخفف  من حالات  لاعتقال  و الوضع في السجون  و ما  سيتبعه  ذلك  من مصاريف  تكون  الدولة  ملزمة  بتحملها  ، من أجل   توفير  ظروف  العيش  للنزيل  في السجن  بالإضافة  إلى مصاريف  لاعتقال  المتمثلة  في أداء  أجور  الموظفين  و التنقلات  و غيرها ،  كما أن  فائدة  الغرامة  لا تقف  عند  هذا  الحد  .  بل انها  تقلل  من حالات  الاعتقال  بل  و تتحول  إلى مصدر   للأموال  العمومية .

و الغرامة  المالية  تتناسب  كثيرا   مع مجال  مثل  مجال  الأعمال  على اعتبار  أنه  يقوم  في محوره  و أساسه  على   كسب  الثروة  و تداول  الأموال  و سيكون   من الأفيد  معاقبة  الجاني بنفس  الطريقة  التي ارتكب  بها  الفعل  الجرمي  عن طريق  فرض  غرامة   عليه  تصيبه  في ماله  .  و بالتالي   تصد  من  أرباحه  و تجعله  يفكر  أكثر  من مرة  في ارتكاب  هذا  الجرم   الاقتصادي [20].

ولان سننتقل الى الفقرة الثانية المتعلقة بنوع اخر من الجزاءات التي تبرز خصوصية القانون الجنائي للأعمال.

الفقرة  الثانية :  الإجراءات  الإدارية  و الإضافية

نظرا لكون   جرائم الأعمال  أصبحت  ذات  صبغة  اقتصادية  الشيء الذي  حتم  على المشرع  المغربي  إدخال  سلطة  أخرى و هي  الادارة  و لم يعد  مقتصرا  في هذا  النوع  من الجرائم  على   سلطة القضاء  نظرا  لكون  الإدارة   هي  قريبة من  ميدان  ارتكاب    هذه  الجرائم  .

و في حالة  عدم  كفاية  الجزاءات  الإدارية  فإن  المشرع  أعطى  للقضاء  إمكانية  الاستعانة  بالجزاءات الإضافية   وهدا ما سنتناوله في فقرتنا هاته.

اولا :الجزاءات  الإدارية

الجزاءات الإدارية  هي  الجزاءات  التي  تتخذها الإدارة لتوقي في وقوع  الجريمة  و المحافظة   على النظام  …  فهي  بهذا  المفهوم    تختلف  عن  الجزاءات  التي  تنطوي  على معنى  التفكير  في الذنب  و تقويم   المجرم  و ردع  غيره  ، و  الجزاءات  الإدارية  في ميدان  الأعمال  نجد  أهم  تطبيق  لها ذلك   المنصوص  عليه   في مدونة  الجمارك  و الضرائب  غير المباشرة  و المتمثلة  أساسا  في مصادرة  البضائع  المرتكب   الغش  بشأنها [21].

و في هذا   الصدد يتعين علينا  تعريف  المصادرة ,والمصادرة هي نقل  ملكية   مال  من ذمة  المحكوم  عليه  إلى الدولة  و أساس  هذه  المصادرة  كتدبير  عيني   نابع  من نص   الفصل 62  من القانون  الجنائي  الذي ينص   على ”  مصادرة  الأشياء  التي لها  علاقة  بالجريمة  أو  الأشياء  الضارة  أو الخطيرة  أو  المحظور امتلاكها “

و المصادرة  هي  العقوبات   التي أوحى المؤتمر  السادس   لقانون  العقوبات  المنعقد   في روما  باضافتها  إلى  الجزاءات  الأخرى.

و هكذا   نجد  مدونة  الجمارك  و الضرائب  غير المباشرة قد نصت على مصادرة  البضائع [22]، المرتكب   الغش  بشأنها   و وسائل  النقل  و الأشياء  المستعملة  لإخفاء  الغش  ، حيث  يتبين  بأنها تنحصرس  في المصادرة  على الجنح  الجمركية ،  و المخالفات  الجمركية  من الطبقة  الأولى فقط .

لكن  ما يلاحظ  بالنسبة  لجزاء  أي  مدونة   الضرائب قد خرجت  عن القاعدة  العامة  المتعلقة بشخصية  العقوبة  ، و نتأكد  من ذلك  من خلال  الفصل  211  الذي جاء  فيه ”  تقع مصادرة  البضاعة  المثبت الغش  بشأنها  أيا   كان  حائزها  ، و يؤمر  بها وجوبا  و لو كانت هذه  البضاعة  ملكا  لشخص  أجنبي  عن الغش  أو الشخص  مجهول  و حتى  لو لم  يصدر   أي حكم  بشأنها “.

و من  هذا النص  يتبين  لنا  أنه  يساءل  حتى  الشخص  الأجنبي  الذي  لا علاقة  له  بالبضاعة   المثبت  الغش  بشأنها .

  1. الجزاءات  الإضافية

ان الجزاءات الاضافية عديدة ومتنوعة نذكر على سبيل المثال لا الحصر.

المنع  من مزاولة  المهنة :  و هذه  العقوبة   نصت عليها  المادة  87  من القانون  الجنائي  و تطبق  خاصة  إذا تبين  للمحكمة  أن هذه  المهنة  لها علاقة  مباشرة  بارتكاب  الجريمة  محل  المتابعة   ، و انها   تشكل خطرا  على أمن  الناس  أو صحتهم أو أخلاقهم ، و من  القوانين  الخاصة  التي نصت  على هذا  الجزاء  نجد  الفصل  574/5  من  القانون  رقم  05/ 43 المتعلق  بمكافحة   غسل الأموال .

وتجدر الإشارة   في هذا  الصدد  إلى أن  المشرع  الفرنسي  بدوره  نص  على هذا  الجزاء  في الفقرة الثانية  من الفصل  131-39  من القانون  الجنائي  الجديد  حيث  عرفه  بأنه  المنع النهائي  لمدة  خمس سنوات  فأكثر  من  مزاولة  نشاط  مهني  أو اجتماعي  بطريقة  مباشرة  أو غير مباشرة .

نشر الحكم  الصادر  بالإدانة   : و هو جزاء  يطبق  على  الأشخاص  الطبيعيين  و المعنويين  و يعتبر  الجزاءات  التي  لقيت  اقبالا  عالميا  عليها .

و فد  نص المشرع  المغربي  على هذا  الجزاء  في الفصل  48  من القانون   الجنائي   على غرار  نظيره  الفرنسي  الذي ينص  عليه  كذلك  في المادة  131/48  من قانونه  الجنائي   ، إلا أن  المشرع  المغربي  حدد  طريقة  النشر  في الصحف  أو  التعاليق  في أماكن  تبين  الحكم   بعكس  المشرع   الفرنسي  الذي جعل  من كل  الوسائل  السمعية    و البصرية  صالحة  لنشر الحكم  .

و نجد   المادة  442  من قانون  17.95  تجعل  من نشر  الحكم  أحد  الجزاءات  الإضافية    في حق  من خالفه [23].

و في الختام  يمكن القول  أن حماية  اقتصاد  أي بلد  يتم  بتدعيم  الثقة  العامة ،  و هذه  الثقة  تستمد  من قوانين  البلد   ذاته  و التي  تعمل  على مكافحة  الفساد  الاقتصادي  بمختلف  أشكاله  و تبعا  لذلك  فجرائم  الأعمال  في كثير من  الأحيان  تخرج  عن القانون  الجنائي ،  حيث  أصبحت  تنفرد  بقوانين  خاصة (  موضوعية)  ، كما  أن الإجراءات  الشكلية  أو  المسطرية  الخاصة  ببعض  هذه  الجرائم  تختلف  عما هي  عليه   في القواعد  الشكلية  لقانون  المسطرة  الجنائية .

 المبحث الثاني: خصوصيات القواعد الشكلية في القانون الجنائي للأعمال

إن خصوصية القانون الجنائي للأعمال لا تنحصر فقط في الشق الموضوعي، و إنما تمتد كذلك إلى الشق الشكلي أو ألمسطري، و ذلك لوجود أحكام خاصة يستقل بها في هذا الجانب تختلف عن أحكام القانون الجنائي العام منها ما يتعلق بمباشرة إجراءات الدعوى الجنائية ( المطلب الأول )، و كذا خصوصية الإثبات في جرائم الأعمال ( المطلب الثاني ).

المطلب الأول : خصوصيات إجراءات الدعوى الجنائية

لقد عمل المشرع المغربي على تحديد الجهات الموكولة لها صلاحيات تحريك الدعوى العمومية ( الفقرة الأولى )، و كذا الأطراف المطالبة بالحق المدني من خلال الدعوى المدنية التابعة ( الفقرة الثانية ).

الفقرة الأولى : الدعوى العمومية

لإبراز أهم خصوصيات الدعوى العمومية في ميدان القانون الجنائي للأعمال سنعمل على تقسيم هذه الفقرة إلى الجهات التي لها صلاحيات ممارسة الدعوى العمومية.( أولا )، و كذا مظاهر سقوط هذه الدعوى ( ثانيا ).

أولا : الجهات التي لها صلاحيات تحريك الدعوى العمومية

أ – تحريك الدعوى العمومية

تنص المادة 3 من قانون المسطرة الجنائية على أنه : ” يقيم الدعوى العمومية و يمارسها قضاة النيابة العامة كما يمكن أن يقيمها الموظفون المكلفون بذلك قانونا.

يمكن أن يقيمها الطرف المتضرر طبقا للشروط المحددة في القانون “.

إذن فمن خلال هذه المادة فإن تحريك الدعوى العمومية في القضايا العامة هو من اختصاص النيابة العامة. كما يمكن أن يحركها الطرف المتضرر في بعض الحالات المنصوص عليها قانونا، كالخيانة الزوجية، و السرقة بين الأقارب. لكن المشرع أعطى حق تحريك الدعوى العمومية للموظفين المكلفين بذلك قانونا.فتحريك الدعوى العمومية في شكلها الأخير يبقى أمرا استثنائيا خاضع لطبيعة بعض الجرائم. و هذا ما يهمنا في هذا الشأن، أي تدخل جهات غير النيابة العامة في تحريك الدعوى العمومية، إذن فما هي هذه الجهات، و على أي أساس أعطي لها هذا الدور؟.

برجوعنا إلى القوانين الخاصة نجد بأن أهم الإدارات المتخصصة التي خولها القانون صلاحية تحريك الدعوى العمومية، هي الإدارة المكلفة بالمياه و الغابات و إدارة الجمارك.و في إطار موضوعنا هذا و الخاص بالقانون الجنائي للأعمال، فسنقتصر على صلاحيات إدارة الجمارك في هذا المجال[24]. و في هذا الإطار تنص المادة 249 من مدونة الجمارك و الضرائب غير المباشرة على أنه : “

–  في حالة ارتكاب جنحة من الجنح الجمركية المنصوص عليها و المحددة في الفصلين 279 المكرر مرتين، و 281 بعده، يتولى تحريك الدعوى العمومية النيابة العامة أو الوزير المكلف  بالمالية أو مدير الإدارة أو أحد ممثليه المؤهلين لذلك.

–  لا يمكن في حالة ارتكاب المخالفات الجمركية المنصوص عليها و المحددة في الفصول 285 و 294 و 297 و 299 بعده، تحريك الدعوى العمومية إلا بمبادرة من الوزير المكلف بالمالية أو مدير الإدارة  أو ممثليه المؤهلين لذلك “.

هكذا يتضح على أن إدارة الجمارك، و الوزير المكلف بالمالية يملكان حق تحريك الدعوى العمومية بالتساوي مع النيابة العامة، في الجنح الجمركية المنصوص عليها في الفصل 279 مكرر مرتين، و الفصل 28 من مدونة الجمارك، هذا في الوقت الذي تحتكر فيه إدارة الجمارك ، إلى جانب الوزير المكلف بالمالية هذا الحق في المخالفات الجمركية[25].

ومما سبق فالسياسة الجنائية في مجال الجمارك و الضرائب غير المباشرة تخرج عن المألوف في السياسة الجنائية الخاصة بالجرائم العادية.حيث في هذه الأخيرة يكون

الاختصاص فيها لوزير العدل و للوكلاء العامين للملك بالتبعية. أما في الجنح و المخالفات الجمركية فإنها تبقى من اختصاص وزير المالية، و مدير إدارة الجمارك، حتى فيما يخص ممارسة الدعوى العمومية. و تجدر الإشارة إلى أن المشرع إذا كان قد أعطى الحق في تحريك الدعوى العمومية لوزير المالية و لإدارة الجمارك أو من هو مؤهل لذلك فإن الأمر لا يخرج كثيرا  عن هذا الوضع فيما يخص موضوع الغش الضريبي حيث المتابعات عن هذه الجريمة لا تتم مباشرة من طرف النيابة العامة، و إنما تتم بناء على شكاية تحال على وكيل الملك من طرف وزير المالية. و هذا وكتبسيط لإجراءات تحريك الدعوى العمومية فقد خول المشرع هذا الإختصاص مباشرة للمحاسب المكلف بالتحصيل بشرط حصوله على إذن رئيسه المباشر[26].

ب- ممارسة الدعوى العمومية

بعد تحريك الدعوى العمومية تأتي مرحلة ممارستها، حيث أنه من المعلوم أن ممارسة هذه الدعوى و طبقا لقواعد المسطرة الجنائية، هو من إختصاص النيابة العامة و هذا هو الأصل، إلا أنه في مجال الأعمال و خاصة مدونة الجمارك و الضرائب غير المباشرة. نجد أن المشرع إلى جانب إعطائه حق تحريك الدعوى العمومية في هذه الجرائم إلى أطراف غير النيابة العامة، وهم كما سبقت الإشارة إلى ذلك، وزير المالية و مدير إدارة الجمارك، و من هو مؤهل لذلك. و إذا كانت صفة الوزير المكلف بالمالية، و كذلك مدير الجمارك واضحة و لا خلاف بخصوصهما. فالملاحظ أن عبارة أحد ممثيليه المؤهلين لذلك تبقى فضفاضة و غير محددة، و هو ما يترك المجال واسعا لإدارة الجمارك لتحديد من تراه مناسبا لتمثيل مدير الجمارك بخصوص تحريك المتابعة الجنائية[27]. و عليه فإنه بعد تحريك هذه الاخيرة فإن إدارة الجمارك تقوم بممارستها بشكل فعلي إذا لم تمارسها النيابة العامة. حيث يصبح لها نفس الدور الذي تقوم به هذه الأخيرة بل قد يكون أكثر فعالية و تميزا، و ذلك من خلال ما يظهر من خلال فصول مدونة الجمارك و الضرائب غير المباشرة، ومن بينهما المادة 254 من المدونة، و التي نصت على أنه ، إذا صدر حكم بعقوبة حبسية نافذة من أجل التلبس بجنحة التهريب المنصوص عليها في المادة 282 يباشر فورا حبس المحكوم عليه إذا كان في حالة سراح وقت صدور هذا الحكم بالرغم من الإستئناف، ما عدا إذا كان مبلغ العقوبات المالية المحكوم بها عليه مضمون بكامله وفق الشروط المنصوص عليها في الفصل 253[28]. و من المقتضيات القانونية التي تظهر أن إدارة الجمارك لا تحرك فقط الدعوى العمومية، و إنما أيضا تتابعها، هو أن مدونة الجمارك جعلت تمتيع الظنين المعتقل بالسراح المؤقت متوقفة على عدم إستأناف إدارة الجمارك للحكم القاضي بمنح السراح المؤقت للمتهم.

هكذا جاء في الفقرة الثانية من الفصل 256 من مدونة الجمارك.”… يؤدي الإستئناف المرفوع من طرف الإدارة خلال هذا الأجل إلى تمديد الإعتقال إلى أن يتم البت في الإستئناف”. بل إن الفقرة الأولى من نفس الفصل أكدت على أنه في ” حالة صدور قرار بالسراح المؤقت قبل الحكم في جوهر القضية يبقى الظنين معتقلا طيلة اليوم الموالي ليم صدور القرار “. وبطبيعة الحال بقاء الظنين معتقلا في هذه الحالة، يكون تطبيقا لهذا الفصل، و ليس لان إدارة الجمارك استأنفت الحكم الذي متع المتهم بالسراح المؤقت[29].

ثانيا : مظاهر سقوط الدعوى العمومية

تتجلى مظاهر سقوط الدعوى العمومية على مستوى القانون الجنائي للأعمال في سقوطها بالتقادم ( أ ).أو بالصلح ( ب ).

أ – التقادم

إن تقادم الدعوى العمومية في إطار جرائم الأعمال يخضع لنفس القواعد المنصوص عليها في المادة 5 من قانون المسطرة الجنائية ، حيث تتقادم الجنايات بمرور خمسة عشر سنة كاملة، و الجنح بمرور أربع سنوات كاملة، أما المخالفات فتتقادم بمرور سنة ميلادية كاملة و يبدأ أجل التقادم في الجرائم من يوم إرتكابها، لكن مع ذلك فإننا نجد بعض القوانين الخاصة تخرج عن هذه القاعدة أحيانا، و يتعلق الأمر بجرائم الشركات التجارية و كذا الجرائم المنصوص عليها في مدونة الجمارك و الضرائب غير المباشرة.

فبالنسبة لجرائم الشركات فالأصل أنها تخضع للتقادم المنصوص عليه في المادة الخامسة من قانون المسطرة الجنائية أعلاه، لكن عندما يتعلق الأمر بتقادم الدعوى العمومية في إطار جريمة إساءة إستعمال أموال الشركة و إعتماداتها، و إن كانت تخض لنفس القواعد التي يخضع لها تقادم الجنح بصفة عامة سواء كانت هذه الجريمة من طبيعة فورية أو وقتية. أي أن السريان يبدأ من يوم إرتكاب الجنحة، فإن القضاء و من خلال إجتهاداته المتواترة في بعض القضايا الماسة بالأمانة ، حيث خرج عن القواعد العامة السالفة الذكر فيما يخص بدأ أجال سريان التقادم في جريمة إساءة إستعمال أموال إعتمادات الشركة حيث أقر بأن تاريخ بداية أمد التقادم هو التاريخ الذي يمكن من خلاله إكتشاف الجريمة و الذي يمكن فيه تحريك الدعوى العمومية و ممارستها. و ذلك راجع لإرادة القضاء في منع الإفلات من العقاب بعد سقوط التقادم نتيجة بقاء الجريمة مستترة، لصعوبة كشفها أمام ما يتميز مقترفو هذه الجرائم من دهاء و تحايل على القانون.

أما فيما يخص الجرائم الجمركية فإننا نلاحظ خروجا للمدونة عن القواعد العامة المتعلقة بالتقادم المنصوص عليها في المادة الخامسة من قانون المسطرة الجنائية، خاصة بالنسبة لأجل تقادم المخالفات الجمركية، حيث ينص الفصل 239 من مدونة الجمارك و الضرائب غير المباشرة على أنه : ” بالرغم من الأحكام المخالفة لهذا الفصل تتقادم الجنح أو المخالفات الجمركية بانصرام خمس سنوات تبتدئ من يوم إرتكاب هذه الجنحة أو المخالفات.”

و أخيرا تجدر الإشارة إلى أن هذا التقادم ( كيفما كان )، ينقطع بكل إجراء من إجراءات التحقيق أو المتابعة تقوم به السلطة القضائية أو تأمر به ( المادة 6 من ق.م.ج )، و فيما عدى التقادم يمكن للدعوى العمومية أن تسقط بالصلح بين أطرافها.

ب.الصلح

إن المشرع المغربي لم يخرج عن دائرة التشريعات التي تبنت فكرة الصلح خاصة على المستوى الجنائي،حيث نجد المادة41 من قانون المسطرة الجنائية تنص على انه.”يمكن للمتضرر أو المشتكى  به قبل إقامة الدعوى العمومية،وكلما تعلق

الأمر بجريمة يعاقب عليها بسنتين حبسا أو أقل أو بغرامة لا يتجاوز حدها الأقصى

5000درهم أن يطلب من وكيل الملك تضمين الصلح الحاصل بينهما في محضر…”

 فهذه المادة إذن  تجسيدا لفلسفة الصلح التي تبناها المشرع.

   والصلح يتم إما في إطار الدعوى العمومية المحركة من قبل الإدارة أو في إطار الدعوى الممارسة من قبل النيابة العامة،ففي الحالة الأخيرة جعل المشرع حق تضمين الصلح الممنوح للنيابة العامة في إطار الدعوى العمومية المحركة من قبلها ضد شخص من الخواص منحصرا في مرحلة ما قبل إقامة الدعوى العمومية،حيث ليس لها الحق في التنازل عنها إذا قامت بتحريكها،كما لاحق لها في التنازل عن الطعون التي تمارسها.

  أما بالنسبة للحالة الأولى،أي الصلح في إطار الدعوى العمومية المحركة من قبل الإدارة  فالأمر يختلف خاصة إذا توجهنا صوب ميدان الجمارك،حيث نجد بان لإدارة الجمارك الحق في التصالح بشان الدعوى العمومية في سائر المراحل وذلك ما تؤكده المادة273 من القسم السادس من مدونة الجمارك والضرائب غير المباشرة والمعنون بسقوط حقوق المتابعة والزجر حيث تنص على ان.

 “للإدارة قبل الحكم النهائي أو بعده أن تصالح الأشخاص المتابعين من اجل أفعال مخالفة للقوانين والأنظمة الجمركية.

  وإذا وقع الصلح وصار نهائيا قبل الحكم النهائي ترتب عنه بالنسبة للأطراف المتعاقدة انقضاء دعوى النيابة ودعوى الإدارة.

  وإذا وقع بعد حكم نهائي فانه يسقط عقوبة الحبس والتدبير الوقائي الشخصي المنصوص عليه في الفقرة الأولى من الفصل 220 “.[30]

  إذن فالمحكة بعد وقوع الصلح مع إدارة الجمارك وإثباته أمامها بجميع الوسائل الممكنة لا يبقى أمامها سوى الإشهاد على سقوط الدعوى العمومية  ولا يحق لها الحكم بالعقوبة أيا كان شكلها،فالصلح الجمركي يترتب عنه سقوط الدعوى العمومية.[31]

الفقرة الثانية: الدعوى المدنية التابعة 

  إن الحق في إقامة الدعوى المدنية التابعة منحه المشرع للمتضرر من الجريمة بشكل مباشر (أولا).بالإضافة إلى منح هذا الحق للإدارة العمومية (ثانيا).

 أولا : إقامة الدعوى المدنية التابعة من طرف المتضرر

     أي شخص تضرر من جريمة من جرائم الأعمال شأنه شأن باقي المتضررين من الجرائم الأخرى الحق في الانتصاب كمطالب بالحق المدني.[32]

في مواجهة المتهم الذي نسب إليه ارتكاب الفعل الجرمي،علما أن نفس الشروط التي تسري على المتضرر في الجرائم الأخرى لقبول انتصابه كمطالب بالحق المدني هي نفسها التي تسري على المتضرر من جرائم الأعمال،هكذا نجد الفقرة الأولى من المادة 7 من قانون المسطرة الجنائية تحدد هذه الشروط في ضرورة أن يكون الضرر مباشرا،أي نتج عن جريمة الأعمال مباشرة بغض النظر عن طبيعة هذه الجريمة،فلا يهم ما إذا كانت الجريمة تشكل جنحة أو جناية.

  وإذا كان البناء القانوني للشروط الواجب توفرها لتحريك الدعوى المدنية التابعة من طرف المتضرر من جريمة الأعمال واضحة ولا تطرح مشاكل،فان الملاحظ أن طبيعة التحديد القانوني لجرائم الأعمال قد تصعب من تطبيق هذه الشروط،بمعنى أن الطبيعة المفترضة للخطأ في جرائم الأعمال يترتب عنها وجود ضرر بدوره مفترض،وهو الضرر الذي يصعب القول عنه انه نتيجة مباشرة لجريمة الأعمال وألحق ضررا مباشرا بضحية قد يكون بدوره مفترضا،ومثال ذلك جريمة التهريب الجمركي.[33]

 والدعوى المدنية التابعة شأنها شأن الدعوى المدنية العادية يلزم فيها وجود طرفين أصليين هما المدعى والمدعى عليه،والمدعي في جرائم الشركات هو كل من أصابه ضرر مباشر جراء ارتكاب الفعل الجرمي. [34]

 ثانيا : إقامة الدعوى المدنية التابعة من طرف الإدارة    

لقد اوجد المشرع مجموعة من المؤسسات العمومية خولها حق الإشراف على مجال من مجالات قانون الأعمال،كالمكتب المغربي للملكية الصناعية والتجارية الذي خوله القانون[35]

المنظم له الإشراف على حماية الملكية الصناعية والتجارية،وكذلك المكتب المغربي لحقوق المؤلفين الذي خوله القانون[36]

المنظم له حماية حقوق المؤلفين،إضافة إلى الهيئة المغربية لسوق الرساميل التي تم تخويلها الإشراف على سير البورصة،وكذا مجلس المنافسة فيما يتعلق بالمقتضيات التي لها علاقة بالمنافسة وحرية الأسعار.

  وما يهمنا في هذا الإطار هو الدعوى التي تقيمها إدارة الجمارك أمام القضاء الزجري وكذا إدارة الضرائب،   

 فالدعوى المدنية التي تقيمها إدارة الجمارك هي بطبيعتها دعوى مختلطة مدنية وجنائية،أي دعوى من طبيعة خاصة حيث يغلب على الغرامات الجبائية المنصوص عليها في مدونة الجمارك والضرائب غير المباشرة صبغة تعويضات مدنية،غير أنها تصدر عن المحاكم الزجرية ويجب الحكم بها في جميع الحالات ولو لم تلحق الأفعال المرتكبة أي ضرر مادي للدولة.

  هذا فيما يتعلق بإدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة، أما الدعوى المدنية التابعة التي تقيمها إدارة الضرائب فهي وان كان لها الحق في أن تنتصب كطرف مدني إنما دورها يقتصر على مؤازرة النيابة العامة وليس على المطالبة بتعويض مدني حيث تعمل على تقديم جميع الحجج المفيدة لإثبات المخالفة،وكذا الرد على مختلف الوسائل التي يقدمها المتهم.[37]

  • المطلب الثاني :  خصوصية قواعد الإثبات في جرائم الأعمال

إن ما يهمنا ونحن نتحدث عن الإثبات في جرائم الأعمال هو خصوصية هذا الإثبات في الوقت الحاضر، وحدود ارتباطه بالإثبات الجنائي العام، خاصة وأن الإثبات حاليا يتم بواسطة آليات ووسائل متنوعة[38] (الفقرة الأولى)، وبما أن جرائم الأعمال تختلف عن الجرائم العادية بكونها جرائم يستند من ارتكبها على مؤهلات علمية ومالية جد مهمة، فإن الإثبات لا يبقى مطلقا وإنما قد يخضع لضوابط الإثبات والإقناع في هذا المجال[39] (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: تنوع وسائل الإثبات في جرائم الأعمال

تتميز النصوص الجنائية التي نظمت جرائم الأعمال، بكونها لم تستثن صراحة وسائل الإثبات المتعارف عليها في نظام الإثبات الجنائي العام. وعليه فكثير من جرائم الأعمال يمكن إثباتها بالوسائل التقليدية والعادية المتعارف عليها من قبيل الاعتراف وشهادة الشهود والقرائن والمعاينات وغيرها، ما دام الإثبات في الأخير، يبقى عملية برهنة أو تدليل[40].

ومن المعلوم أن الإثبات في جرائم الأعمال يتميز بالتنوع والاتساع ليشمل جميع وسائل الإثبات الممكنة بما فيها الوسائل العادية والبسيطة، التي تبقى محدودة وقاصرة في حالات عدة عن إثبات الجريمة.

وهو ما يفسح المجال أمام وسائل الإثبات المتطورة التي تقوم على الكفاءة العلمية والفنية، كالبصمة الوراثية وبصمة الصوت وما إلى ذلك من الوسائل الحديثة ، لذلك يمكن أن نتساءل عن حدود فعالية وسائل الإثبات العادية في جرائم الأعمال (أولا)، والدور الذي يمكن أن تقوم بها وسائل الإثبات العلمية منها والفنية (ثانيا).

أولا : محدودية وسائل الإثبات العادية

الإثبات بالوسائل التقليدية يقتضي البحث عن الأدلة باستخدام الأفكار العامة والقواعد المرتبطة بالبحث والاستدلال غايتها إقناع القاضي بالإدانة أو البراءة على اعتبار أن الإثبات يتحكم في مصير الدعوى العمومية[41].

وتبقى وسائل الإثبات العادية، رغم ارتباطها بالجرائم التقليدية، قابلة للتطبيق في ميدان جرائم الأعمال، على اعتبار أن الاعتراف وشهادة الشهود والكتابة والقرائن والمعاينات المجردة والتفتيش وغيرها، من الوسائل التي يمكن من خلالها إثبات جريمة الأعمال، غير أن تطبيق هذه الوسائل رغم فعاليتها في بعض الجرائم الاقتصادية، إلا أنه مع ذلك فإن هذه الفعالية تبقى محدودة وغير ذات فعالية، إما لأن الدليل التقليدي أو العادي لا يحقق الإقناع المنتظر، وبالتالي قد تقرر المحكمة التصريح بالبراءة لعدم توفر الاقتناع لديها.

كما أن الإثبات في مجال الأعمال وعلى عكس قواعد المسطرة الجنائية نقل عبء الإثبات من على عاتق النيابة العامة إلى عاتق المتهم أو الظنين مما يشكل إرهاقا لهذا الأخير[42].

ومن وسائل الإثبات التقليدية الاعتراف، والاعتراف سيد الأدلة كما يقال، لكن في مجال الأعمال لا يشكل إثباتا قاطعا وإنما قد يشكل مؤشرا يساعد على اكتشاف الجرائم الاقتصادية.

وهذا ما يستشف من القرار الصادر بتاريخ 11/06/2003 عن محكمة النقض[43]، والتي لم تطمئن لاعتراف المتهم، لأن اعترافه صدر دون تحديد للتاريخ، مما جعل المحكمة تقضي بنقض وإبطال قرار محكمة الاستئناف الصادر بتاريخ 1 مارس 2000 في القضية عدد 1180/99، ولكون الاعتراف يعتبر وسيلة من وسائل الإثبات التي يمكن اللجوء إليها لإثبات جرائم الأعمال، إلا أنها ليست مطلقة، وتخضع للسلطة التقديرية للقاضي الذي له أن يأخذ بها أو أن يصرف نظره عنها متى اتضح له أنها لا تشكل إثباتا[44].

كما أن شهادة الشهود في جرائم الأعمال تبقى جد محدودة نظرا لطبيعة الأفعال الجرمية التي ترتكب في مجال الأعمال، والتي يوظف فيها المجرم قدرة علمية ومالية جد هائلة، يصعب على الشاهد إدراكها ما لم يكن يتمتع على الأقل بالكفاءة المماثلة، بل وحتى إن كانت عنده هذه الكفاءة، فإن علاقة التبعية التي تجمعه بالمجرم قد تجعل شهادته غير حاسمة، خشية فقدان مورد عيشه، مما يفرض اللجوء إلى وسائل أخرى من أجل الإثبات[45].

            كما تعتبر المعاينة من أهم وسائل الإثبات التي يتم اللجوء إليها لإثبات الجرائم بما فيها جرائم الأعمال، بحيث يقوم مأمورو الإدارة المكلفة بتحرير محضر بخصوص ما عاينوه، وتوجيهه للسلطة المختصة من أجل القيام بما يفرضه القانون.

            كما يتضح بجلاء قيمة الكتابة كإثبات يمكن اللجوء إليه في جرائم الأعمال، لذلك نجد المشرع الجنائي في مجال الأعمال غالبا ما يخول للأعوان المكلفين بالبحث والتحري الاطلاع على كل الوثائق التي يرونها ذات فائدة، وهذا ما جاء في القانون المنظم للبورصة[46]، وكذلك في مدونة الجمارك المادة 42 منه[47].

       ويمكن القول أن التوقيع على المستندات له قيمته، بحيث يشترط فيه أن يكون دالا على صاحبه[48]، ولا يقوم الطابع أو الخاتم مقام التوقيع بالنسبة للقانون المغربي[49].

            ويمكن القول بأن قيمة التوقيع تظهر أكثر عند الحديث عن جرائم الشيك، بحيث يلاحظ أن القضاء المغربي يركز بشكل كبير على التوقيع في الشيكات من أجل متابعة مصدري الشيكات بدون مؤونة أكثر من أي شيء آخر.

            وتأكيدا لقيمة التوقيع في المستندات في القانون المغربي، فإننا نجد أن القضاء يكتفي بحصول التوقيع من المعني بالمستند دون حاجة لمناقشة ما تم تضمينه به، بل إن المستند يكون ملزما لصاحبه حتى ولو تم التوقيع على بياض، هكذا مثلا جاء في قرار صادر بتاريخ 13/05/2009[50] على أن توقيع الشيك على بياض دون إدراج قيمته وتسليمه إلى المستفيد دون إثبات تاريخه لا يؤثر في صحة الشيك، وهذا ما جاء في إحدى حيثياته : “وحيث إنه من المستقر عليه اجتهادا وفقها أن توقيع الساحب للشيك على بياض دون أن تدرج فيه القيمة التي يحق للمستفيد تسلمها من المسحوب عليه أو دون إثبات تاريخ به لا يؤثر على صحة الشيك ما دام قد استوفى البيانات التي يتطلبها القانون قبل تقديمه للمسحوب عليه…”

            “…إذ أن إعطاءه المصلحة بغير إثبات القيمة أو التاريخ يفيد أن مصدره قد فوض المستفيد في وضع باقي البيانات…”

            أما في الحالات التي يتعذر فيها الحصول على الإثبات الكتابي فالتقدير موكول لحكمة القاضي، وذلك بناء على أدبيات الفقه القانوني فيما يخص الإثبات الذي يسمى بالإثبات الحر أو المطلق بالنسبة للمادة التجارية[51].

            ثانيا : وسائل الإثبات العلمية والفنية

            نظرا للتقنيات الحديثة والوسائل المتطورة التي تستعمل في عالم المال والأعمال الذي يتسم بالسرعة في المعاملات، كان لا بد من تقنيات مقابلة لها لكشف الجرائم وإثباتها، وعلى رأس هذه الوسائل الخبرة، وتتبع الاتصالات.

  1. الخبرة

تعتبر الخبرة من أهم وسائل الإثبات في عالم الأعمال والتي يمكن الرجوع إليها من أجل إثبات ارتكاب الجرائم في هذا المجال.

وإذا كان بعض الفقه اعتبر أن القصد من الخبرة الكشف عن دليل أو تعزيز دليل قائم، إلا أن ما قد ينجزه الخبراء مجرد رأي استشاري لا يلزم المحكمة في شيء.

والخبرة علم وفن وإجراء في آن واحد، ونظرا للتطور العلمي والتكنولوجي الذي يعرفه عالم المال والأعمال، فلا بد للمحكمة أن تستعين بمختصين يواكبون هذا التطور وعلى دراية كافية به، وذلك لاستجلاء اللبس والغموض المحيط بالمسائل التقنية والفنية موضوع الخبرة، حتى يتسنى للقاضي البث انطلاقا مما هو ثابت علميا ليريح ضميره ويحقق العدالة المرجوة.

وهكذا مثلا نجد الفصل 33 من قانون زجر الغش في البضائع ينص على أنه “توجه العينات فورا إلى أحد المختبرات المبينة في القائمة المنصوص عليها في الفصل 39 من نفس القانون قصد تحليلها”

وعليه فالخبرة لها قيمتها ودورها الفعال في الإثبات الجنائي في مجال الأعمال، وذلك لعدة أسباب أهمها أن الجريمة الاقتصادية لا يمكن في كثير من الأحيان تلمس آثارها وتأطيرها، إلا إذا تم اللجوء إلى أهل الخبرة والمعرفة والدراية الفنية، بل في بعض الأحيان يتطلب الأمر الاعتماد على أكثر من خبير واحد واللجوء إلى مجموعة من المختبرات المعترف لها بالكفاءة ضمانا للمصداقية والشفافية[52].

2) التقاط وتتبع المكالمات والاتصالات بوسائل الاتصال عن بعد

بالرجوع إلى المادة 108 من ق.م.ج كما عدلت وتممت بمقتضى قانون 03.03 نجدها تنص على إمكانية التقاط المكالمات الهاتفية وكذلك الاتصالات المنجزة بوسائل الاتصال عن بعد وتسجيلها أو أخذ نسخة منها أو حجزها.

وتعتبر هذه الوسائل التي ذكرت في هذا النص أنها من وسائل الإثبات التي يمكن اعتمادها للتحقق من الجرائم، وخاصة منها المتعلقة بمجال الأعمال على اختلاف أشكالها.

والمعلوم أن هذه الوسائل تعتمد على أشكالها التقنية والفنية والعلمية، ويعتبر مجال الأعمال أهم المجالات التي تنشط فيها هذه الوسائل بشكل كبير.

ويتم التقاط المكالمات بناء على أمر من قاضي التحقيق متى اقتضت ضرورة البحث ذلك كما يمكن أن تتم بناء على أمر من الرئيس الأول لدى محكمة الاستئناف بناء على ملتمس للوكيل العام للملك.

كما يمكن للوكيل العام للملك أن يأمر كتابة بالتقاط المكالمات الهاتفية شريطة التقيد بالإجراءات الآتية :

ـ أن تكون هناك حالة الاستعجال القصوى.

ـ أن يأمر المسؤول القضائي المذكور كتابة بالتقاط المكالمات الهاتفية.

ـ أن تقتضي ضرورة البحث التعجيل خوفا من اندثار وسائل الإثبات.

ـ أن يتعلق موضوع الجريمة بأمن الدولة أو المخدرات والمؤثرات العقلية أو الاتجار بالأسلحة والذخيرة والمتفجرات أو الاختطاف أو بأخذ الرهائن.

ـ إشعار الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف بالأمر الصادر عنه فورا[53].

وهذا ما أكدته الفقرة الرابعة والخامسة من المادة 108 ق.م.ج. وبالرغم مما ذكر في هذه المادة، فإنه لا يشمل جل جرائم الأعمال، ونخص هنا بالذكر الجرائم التي تتم بواسطة الشبكة العنكبوتية (الإنترنيت)، ذلك أن هذا المجال يعرف كثيرا من الجرائم لا تتم فقط باستعمال وسائل الاتصال الشفوي عن بعد من قبيل مثلا استعمال مواقع التواصل بالصوت والصورة، وإنما تمتد إلى توظيف الرسائل المكتوبة والمشفرة لارتكاب الجرائم المتعلقة بالانترنيت، واستعمال برامج فيروسية للإضرار ببرامج عمل أنظمة الحاسوب لدى الشركات، وكذلك التجسس الاقتصادي عليها، من قبيل الحصول على معلومات لها علاقة بالبورصة مثلا أو الجمارك أو العمل البنكي أو التقني وذلك لتسهيل حصد وجمع الثروة[54].

الفقرة الثانية : ضوابط الإثبات والإقناع في جرائم الأعمال

لقد نصت المادة 286 ق.م.ج المغربي على أنه : “يمكن إثبات الجرائم بأية وسيلة من وسائل الإثبات، ما عدا في الأحوال التي يقضي فيها بخلاف ذلك…”

فالظاهر من خلال منطوق هذه المادة، أن القاعدة العامة هي حرية الإثبات (أولا) والاستثناء هو تقييد الإثبات بموجب قانون خاص (ثانيا).

أولا : حرية الإثبات في جرائم الأعمال

الإثبات الحر هو النظام الذي يحدد فيه القانون طرقا معينة للإثبات يخضع للسلطة التقديرية للقاضي.

وحينما نتحدث عن حرية الإثبات فهذا يعني أن لأطراف الخصومة الحرية في تقديم الأدلة التي تعزز ادعاءاتهم، كما هو الحال بالنسبة لسلطة الاتهام، التي تحاول إثبات التهمة بكافة وسائل الإثبات المشروعة، وللمتهم الحق في دحض هذه الاتهامات بكافة وسائل الإثبات المشروعة كذلك[55].

كما يمكن لأحد أطراف الدعوى مطالبة المحكمة بكل إجراء من شأنه تسهيل عرض حجة من قبيل التقدم بملتمس استدعاء الشهود أو المطالبة بإجراء الخبرة أو المعاينة، وغير ذلك من إجراءات تحقيق الدعوى.

وللإشارة فإن عرض الأدلة أمام المحكمة لا يعني إلزامها بتلك الحجج، وإنما لهذه الأخيرة حق تقديرها وفقا لقناعتها، وهذا ما أكده قرار[56] صادر عن محكمة النقض (المجلس الأعلى سابقا) بتاريخ 19/01/2005 جاء في إحدى حيثياته “حيث تقدير الحجج موكول لسلطة المحكمة التقديرية، وإن هذه الأخيرة عندما أيدت الحكم الابتدائي الذي علل ما قضى به بكون ادعاء الطاعن …”

            وعليه فحرية الإثبات مبدأ عام يمكن إعماله في جميع الجرائم، على اعتبار أن قانون المسطرة الجنائية تعتبر شريعة عامة بالنسبة لجميع الجرائم، لذلك فأطراف الدعوى الجنائية لهم الحق من أجل إثبات ما يدعونه، ونقصد المتهم بالدرجة الأولى، لأنه الأولى بالحق في التمسك بمبدأ حرية الإثبات، لأن آثار الدعوى العمومية هو الذي سيتحمل وزرها. وقد سبق للقضاء وأن كرس هذه القاعدة على المستوى العملي وذلك من خلال اجتهاد قضائي صادر عن محكمة النقض[57] والذي أكد على حق المتهم في إثبات عكس ما ضمن بمحضر الضابطة القضائية، بل واعتبر هذا القرار عدم تمكين المتهم من إثبات العكس يشكل خرقا للمادة 290 من قانون المسطرة الجنائية.

            ومبدأ حرية الإثبات يتم إعماله في جرائم الأعمال لا فرق في ذلك بين هذا النوع من الجرائم، وباقي الجرائم الأخرى.

            ولما كانت أغلب جرائم الأعمال تكيف على أنها جنح، فإن تكوين قناعة المحكمة، غالبا ما تتأثر بما جاء في محضر الضابطة القضائية.

                 ثانيا :  قيود الإثبات والإقناع في جرائم الأعمال

      الإثبات في الجرائم ليس مفتوحا على إطلاقيته ، وإنما ينص المشرع في خالات خاصة ولدواع مختلفة  على طرق  محددة على سبيل الحصر ، من أجل إثبات الجريمة ، وهذه القاعدة كما كرسها القانون الجنائي التقليدي ، كرستها النصوص الجنائية المتعلقة بالأعمال [58].

       ومن المبادئ التي يقوم عليها نظام تقييد الإثبات ، هو تحديد أدلة الإثبات من قبل المشرع  الذي يحددها ويقدر قيمتها الإقناعية ، مما يجعل القاضي الجنائي يتقيد بما يرسمه له المشرع ، فيكون دور هذا الأخير إيجابيا في هذا النظام ودور القاضي الجنائي سلبيا[59]  .

      وتقييد حرية الإثبات في مجال الأعمال له مجموعة من المظاهر في النصوص الجنائية المنظمة لمجال الأعمال ، من ذلك مثلا قانون 17.97 المتعلق بحماية الملكية الصناعية والتجارية  كما تم تعديله وتتميمه بموجب القانون 31.05 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.05.190 المؤرخ في 14 فبراير 2006 ، بحيث نجد أن إثبات وجود التحريف والتزييف لحق من حقوق الملكية الصناعية و التجارية[60]  ، يتم عبر مجموعة من الوسائل التي جاء النص عليها في القانون 17.97 على سبيل الحصر ، فلإثبات التزييف المتعلق بعلامة الصنع أو التجارة أو الخدمة ، على المالك و المستفيد[61] أن يسلك أحد الطريقين ، فإما أن يقوم بحجز المنتجات أو الخدمات التي تحمل العلامة موضوع التحريف أو التزييف، وإما أن يتقدم بطلب إجراء وصف مفصل ودقيق للمنتجات التي تحمل العلامة المزيفة مع أخذ عينات منها .

      وطبعا هذا الإجراء يكون بناء على أمر من رئيس المحكمة التجارية[62] بصفته قاضي المستعجلات ، ويتم هذا الأمر إما بواسطة مأموري التنفيذ التابعين لقسم التنفيذ بالمحكمة المصدرة للأمر الاستعجالي أو أحد المفوضين القضائيين ، وإن كان الغالب في السنوات الأخيرة أن التنفيذ يتم بواسطة المفوضين القضائيين .

     ويجب على المدعي أن يباشر الدعوى بخصوص هذا التحريف أو التزييف داخل أجل ثلاثين يوما من تاريخ تنفيذ الأمر الاستعجالي المتمثل في تحرير محضر الوصف المفصل والدقيق للمنتج موضوع التحريف أو التزييف وإلا أصبح هذا المحضر باطلا[63] ،كما جاء مبينا في المادة 222 من قانون 17.97 المتعلق بحماية الملكية الصناعية والتجارية.

       وعليه يكون المشرع قد قيد حرية الإثبات في قانون 17.97 بضرورة وجود محضر وصفي للتحريف أو التزييف وكذلك تحديد أجل الثلاثين يوما من تنفيذ الأمر الاستعجالي لتقييد الدعوى وإلا أصبح هذا المحضر باطلا وكأن لم يكن .

           وهذا ما سبق للاجتهاد القضائي أن أكد عليه في حكم[64]  صادر عن المحكمة التجارية بمكناس والذي جاء في حيثياته : “وحيث إنه وبخصوص طلب المصادرة  فإن مناط الاستجابة له يقضي إثبات وجود منتوجات تحمل علامة مزيفة وهو ما لم تدل المدعية بما يفيد قيامه ، ما دام أن الحجة الوحيدة بهذا الخصوص والمتمثلة في محضر الحجز الوصفي لا يمكن الاعتماد عليه، لأن هذا الحجز في حد ذاته أصبح باطلا بقوة القانون طالما أن الدعوى لم ترفع إلا بعد مرور ثلاثين يوما على تحرير محضر الحجز الوصفي كما تقضي بذلك الفقرة الأخيرة من المادة 222 من قانون 17.97 الأمر الذي يبرز رد هذا الطلب …………”.

    وبناء على ما سبق فإن المحاكم وكما هو واضح من الاجتهاد القضائي الآنف الذكر تحكم وفقا للوسيلة التي حددها القانون ، وبالتالي فإن اقتناعها يكون مقيدا بما جاء في النص القانوني ، وتكون ملزمة بالوقائع المادية الموجودة أمامها في الملفات .

     وعليه ، فما يمكن قوله عن تقييد حرية إقناع المحكمة ، يمكن قوله عن حرية تقييد حرية الإثبات ، فكما تلزم المحكمة في تعليلها لمنطوق حكمها باعتماد وسائل الإثبات التي حددها القانون على سبيل الحصر لإثبات جريمة ما ، فإن أطراف الدعوى تكون ملزمة باعتماد الوسائل التي اعتمدها القانون. 

خاتمة

في الختام  يمكن القول  أن حماية  اقتصاد  أي بلد  يتم  بتدعيم  الثقة  العامة ،  و هذه  الثقة  تستمد  من قوانين  البلد   ذاته  و التي  تعمل  على مكافحة  الفساد  الاقتصادي  بمختلف  أشكاله  و تبعا  لذلك  فجرائم  الأعمال  في كثير من  الأحيان  تخرج  عن القانون  الجنائي ،  حيث  أصبحت  تنفرد  بقوانين  خاصة (  موضوعية)  ، كما  أن الإجراءات  الشكلية  أو  المسطرية  الخاصة  ببعض  هذه  الجرائم  تختلف  عما هي  عليه   في القواعد  الشكلية  لقانون  المسطرة  الجنائية .


[1]  محمود  كبيش :  المسؤولية  الجنائية  لمراقبة   الحسابات  في شركات   المساهمة ، دار  النهضة  العربية ،  القاهرة   192  ص 7

[2] عبد العالي  برزجو  ، ترشيد  السياسة  الجنائية  في مجال  الأعمال  ، أطروحة  لنيل  الدكتوراه  في القانون  الخاص    ، كلية  العلوم  القانونية  و الاقتصادية  و الاجتماعية  ، جامعة عبد  المالك  السعدي  بطنجة  سنة 2011/2012 ص 31

[3]  عبد السلام  بنعدو ،  الوجيز  في القانون  الجنائي  المغربي ، المقدمة  و النظرية  العامة ، طبعة  2009  ، مطبعة  سبارتيل  طنجة  الصفحة 78

[4]  عبد العالي  برزجو ،  مرجع  سابق   الصفحة  34

[5] يقصد  بالقاعدة  الجنائية  على بياض  تفويض  المشرع  إلى  جهة   معينة  تحديد  الأفعال  التي يمكن  أن تعتبر  جريمة  معاقب  عليها    و قد   اعتمد  المشرع  المغربي  هذه الطريقة  في مجموعة  من النصوص  الجنائية  المنظمة  لمجال  الأعمال  خاصة  ميدان الجمارك  و مجال  الصرف.

[6] هشام  الزر بوح ، خصوصيات  القانون  الجنائي  للأعمال  بالمغرب  ـ  أطروحة  لنيل  الدكتوراه  في الحقوق  كلية  العلوم  القانونية  و الاقتصادية  و الاجتماعية  ، جامعة   مولاي اسماعيل  بمكناس  ، السنة  الجامعية  2013/2014  الصفحة  124 

[7] هشام  الزر بوح  ، مرجع  سابق ص 114

[8]  ينص الفصل  206 (  من م . ح.ض ) على ما يلي   حد  كل محاولة  خرق  القوانين  و الانظمة   الجمركية  تعتبر   بمثابة  الخرق  التام  لهذه  القوانين  و الأنظمة  الجمركية

[9] فاطمة الديب ,  مرجع  سابق  ، ص 23- 24

[10]  هشام  الزر بوح  : مرجع  سابق  ص 132

[11]  إدريس  النوارصي ،  اللإثبات  الجنائي  لجرائم  الأعمال  بالوسائل  الحديثة  ، الجزء الأول  ، الطبعة  الاولى  2014  ، المطبعة  الوطنية  مراكش ،الصفحة 259

[12]   الخطأ هو « التعرف  الذي لا يتفق  مع  الحيطة  التي  تتطلبها  الحياة  الاجتماعية “

[13] ينص  الفصل  133  من القانون  الجنائي  على أنه  ”  ….  أما  المخالفات   فيعاقب  عليها  حتى  و لو  ارتكبت  خطأ ،  فما   عدا الحالات  التي يستلزم  فيها  القانون  صراحة   قصد  الإضرار “

[14]   تنص  المادة  224  من مدونة  الجمارك  و الضرائب  غير المباشرة  على أنه  ”  لا يدحض  القرائن  القانونية  في ميدان  الجمارك  و الضرائب  غير  المباشرة   إلا الإثبات  الدقيق  لحالة  القوة  القاهرة “

[15]  فاطمة  الديب , مرجع  سابق ، ص 45

[16]  هشام  الزر بوح , مرجع  سابق  ص 184

[17]  ينص الفصل  127   من القانون  الجنائي  ”  لا يمكن   أن يحكم  الاشخاص  المعنوية   إلا بالعقوبات  المالية  و العقوبات  الإضافية  الواردة  في الأرقام  5  و 6 و 7  من الفصل  36  و يجوز  أيضا  أن يحكم  عليه  بالتدابير  الوقائية  العينية الواردة   في الفصل  62″

[18]   من خلال  المادة   2/221  من القانون  الجنائي  الفرنسي  –  فاطمة  الديب  ، مرجع  سابق  الصفحة 51

[19]   هشام الزر بوح ,مرجع سابق ,ص 60-61

[20] هشام  الزربوح  ص 144  -145

[21]  فاطمة  الديب  مرجع سابق

[22]  يقصد  بالبضائع   في مفهوم    المدونة  المنتجات و الأشياء  و المواد  من  جميع  الانواع  الممنوعة   و الغير الممنوعة  و لم  تكن  من أجل  تجارة  مشروعة   الفصل 1  من المدونة

[23] فاطمة الديب , مرجع سابق ص 68

 – فاطمة الديب،  مرجع سابق، ص 80[24]

– هشام الزربوح، مرجع سابق، ص 282.[25]

– فاطمة الديب، ، مرجع سابق، ص 81.[26]

-[27]  هشام الزربوح، ،م،س، ص 248.

 – [28] هشام الزربوح، ،م،س، ص 823.

. [29] هشام الزربوح، خصوصية القانون الجنائي للأعمال بالمغرب،م،س،ص285

[30]-فاطمة الديب،القانون الجنائي للأعمال خصوصياته وتطبيقاته،بحث لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص،جامعة سيدي محمد بن  

.87.86ص..2008.2007 عبد الله،كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية فاس السنة الجامعية،

 [31]-هشام الزربوح،خصوصية القانون الجنائي للأعمال بالمغرب،أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق،جامعة مولاي إسماعيل،السنة

.309..ص2014.2013 الجامعية

[32] المطالبة بالحق المدني في القانون المغربي لها شروطها والتي من أهمها أداء القسط الجزافي والمحدد في مبلغ  

100درهم بالنسبة للجنح و 500 درهم بالنسبة للجنايات

[33]. هشام الزربوح،خصوصية القانون الجنائي للأعمال بالمغرب،نفس المرجع، ص338،

[34]-فاطمة الديب،القانون الجنائي للأعمال خصوصياته وتطبيقاته،مرجع سابق،ص، – .91

[35].المنشئ للمكتب المغربي للملكية الصناعية والتجارية.”تناط بالمكتب المغربي للملكية الصناعية 13.99تنص المادة الثالثة من قانونوالتجارية المهام التالية،امساك السجلات الوطنية للملكية الصناعية…..”

[36]الذي يعتبر في التنظيم القانوني المغربي المؤسسة العمومية المكلفة بحماية حقوق المؤلفين والفنانين. –

.37 فاطمة الديب،القانون الجنائي للأعمال خصوصياته وتطبيقاته،مرجع سابق،ص – 94

[38] ـ هشام الزربوح، خصوصية القانون الجنائي للأعمال، أطروحة لنيل الدكتوراه، جامعة مولاي إسماعيل كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بمكناس، السنة الجامعية 2013-2014 ، ص 346.

[39] ـ المرجع نفسه، ص 347.

[40] ـ نفسه، ص 347.

[41] ـ ادريس النوازلي، الإثبات الجنائي لجرائم الأعمال بالوسائل الحديثة، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص، جامعة محمد الأول، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية وجدة، السنة الجامعية 2012 ـ 2013، ص 251.

[42] ـ فاطمة الديب، القانون الجنائي للأعمال خصوصياته وتطبيقاته، بحث لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص، جامعة سيدي محمد بن عبد الله، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بفاس، السنة الجامعية 2007\2008 ،  ص 101.

[43] ـ قرار عدد 644/2 والصادر بتاريخ 11/6/2003 في الملف الجنحي عدد 10884/2000، منشور بمجلة الملف العدد 9 نوفمبر 2006، ص 262.

[44] ـ هشام الزربوح، مرجع سابق، ص 352.

[45] ـ هشام الزربوح ،نفس المرجع، ص 356.

[46] ـ هشام الزربوح، نفس المرجع، ص 367.

[47] ـ المادة 42 م.الجمارك فق 1 : “يمكن لأعوان الإدارة من رتبة مفتش مساعد على الأقل وضابط الجمارك أن يطالبوا بالحصول على السجلات والمستندات والوثائق كيف ما كان نوعها المتعلقة بالعمليات التي تهم عملهم…”

والفقرة 3 “يمكن للأعوان المعنيين في الفقرة الأولى من هذا الفصل أن يقوموا خلال أعمال المراقبة والتحقق المنجزة لدى الأشخاص أو الشركات المشار إليها في نفس الفقرة بحجز كل الوثائق التي من شأنها أن تسهل القيام بمهمتهم مثل المحاسبة والفاتورات ونسخ الرسائل ودفاتر الصكوك والسفانج والحسابات البنكية”.

[48] ـ بهيجة فردوس “مسؤولية المعشر في القانون المغربي” أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق جامعة الحسن الثاني عين الشق، كلية الحقوق الدار البيضاء، السنة الجامعية 2002/2003، ص 193.

[49] ـ جاء في الفصل 426 ق ل ع المعدل والمتمم بقانون 53.05 في فقرته الثانية : “ويلزم أن يكون التوقيع بيد الملتزم نفسه وأن يرد في أسفل الورقة، ولا يقوم الطابع أو الختم مقام التوقيع ويعتبر وجوده كعدمه”.

[50] ـ قرار تحت عدد 457/1 صادر بتاريخ 13/05/2009 في الملف الجنحي عدد 25732/2008 عن محكمة النقض منشور بـمجلة “قضاء محكمة النقض في المادة الجنائية، ص 146 وما يليها ذكره هشام الزربوح مرجع سابق، ص 369.

[51] ـ نورة غزلان الشنيوي، العقود الخاصة المدنية والتجارية، الطبعة الأولى 2016 لم تذكر المطبعة، ص 252.

[52] . فاطمة الديب،مرجع سابق ، ص 374

[53] ـ احمد أبو العلاء د، دليل الباحث في قانون المسطرة الجنائية المغربي من خلال الأسئلة والأجوبة، الطبعة الأولى، 2011، مطبعة الخليج العربي، تطوان، ص 160.

[54] ـ خاصة أمام اعتماد جميع المؤسسات والمقاولات على الأنظمة الإلكترونية في تنظيم وسير عملها، وربط نظامها هذا بالشبكة العنكبوتية، مثل الأبناك وشركات التأمين وغيرها.

[55] ـ ادريس النوازلي، الإثبات الجنائي لجرائم الأعمال بالوسائل الحديثة، أطروحة، مرجع سابق، ص 255.

[56] ـ قرار تحت عدد 3/199 صادر في الملف الجنحي عدد 9430/396/04 منشور تحت عنوان “الإثبات أمام المحاكم من خلال قضاء المجلس الأعلى” ذكره هشام الزربوح في أطروحته مرجع سابق، ص 382.

[57]  ـ  قرار تحت عدد 901/10 صادر بتاريخ 08/03/2006 في الملف عدد 1348/6/5/2005 ، منشور بمجلة الملف العدد 19 ، يونيو2012 ، ص322 ، ذكره هشام الزر بوح، مرجع سابق، ص 383 .

[58] –  هشام الزر بوح مرجع سابق ص. 388.

[59] –  آدم وهيب النداوي، دور الحاكم المدني في الإثبات، الدار العلمية للنشر والتوزيع عمان الأردن الطبعة الثانية 2001  ص . 96. ذكره إدريس النوازلي مرجع سابق ص .256.

[60]  – هشام الزر بوح مرجع سابق ص. 389.

[61] – . يحق للمستفيد رفع دعوى تزييف علامة تجارية خاصة  به ،متى قام بتوجيه إنذار للمدعى عليه لرفع الضرر ، ولم يستجب هذا الخير خلال الأجل المحدد .

[62] – محمد ألفروجي ، الملكية الصناعية والتجارية وتطبيقاتها ودعواها المدنية والجنائية، مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء ، الطبعة الأولى أكتوبر 2002 ، ص. 345. ذكره هشام الزر بوح مرجع سابق ص.389.

[63] – . ذكرت المادة 222 من قانون 17.97 المتعلق بحماية الملكية الصناعية والتجارية في فقرتها الخامسة ” إذا لم يرفع المدعي القضية إلى المحكمة داخل أجل لا يزيد عن ثلاثين يوما يبتدئ من يوم تنفيذ الأمر أعلاه (ألاستعجالي)، اعتبر الوصف أو الحجز باطلا بقوة القانون دون الإخلال بما يحتمل منحه من تعويضات”.

[64] – حكم عدد 1037 صادر بتاريخ 20\11\2008 عن المحكمة التجارية بمكناس عدد 628\08\4 غير منشور ،ذكره هشام الزر بوح مرجع سابق ، ص 392.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

"لا تقرأ وترحل شاركنا رأيك"

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من أنفاس قانونية

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading