تمويل العقار بالاستصناع في البنوك التشاركية
تمويل العقار بالاستصناع في البنوك التشاركية المغربية
شهد الاقتصـاد الـعـالمـي خـلال اواخـر القـرن العشـرين بعثـا جديدا للاقتصاد الإسلامي على مختلف المستويات النظرية والتطبيقية، وكان من أبرز مظاهر هذا البعث ظهور البنوك الإسلامية، التي نمت وتطورت مؤسساتها خلال هذه الفتـرة كمـا وحجما وانتشارا وتأثيرا، فبعـد بـدايات متواضعة ونماذج محـدودة تطورت إلى – صناعة مالية تشكل رقما مهما في اقتصاديات العديد من البلدان، واتسع نشاطها ليشمل كـل القـارات، وحازت بذلك على الاهتمام والاعتراف في المحافل الاقتصادية العالمية.
وقد قامـت البنوك الإسلامية على منظومة فكرية وتشريعية متكاملة مستمدة من مبادئ الشريعة الإسلامية، وعلى أساس الكسـب الحـلال والابتعاد عن المعاملات التـي تتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية، ومن أمثلتهـا تشجيع التجارة وتحريم الربـا هذه الأخيرة التي انتشرت بكيفية واسعة في البنوك التقليدية وعصـفت باقتصاديات الـدول الرأسمالية الغربية وخلـفت أزمة مالية خانقة، انعكست آثارها على مختلف دول العالم، فـي حـين بقيـت البنوك الإسلامية صـامدة، ونجحت بجميـع المقاييس فـي التصدي للأزمات المالية والاقتصادية داخل الدول التي اعتمدتها سواء عربية او غربية.
كمـا تحظـر الفائدة الربوية وتستبعدها من جميع أنواع التعاقدات والمعاملات المالية، وما يستتبع ذلـك مـن ايجـاد واستحداث صيغ وأدوات مالية بديلة متوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية، تطبيقا لقول الله تعالى:” يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين “(سورة البقرة الآية 277)
وأدى ظهور البنوك الإسلامية وما تقدمـه مـن تمـويلات بديلة الى الاسهام بشكل كبير في رفع وتيرة التنمية الاقتصادية في الآونة الأخيرة، وزاد الاهتمام بهـا بعـد الفشـل الـذي عرفتـه الأنظمة الماليـة التـي تعتمـد علـى الفوائد الربوية، وأضـحـت بـذلك البــوك الإسلامية حقيقة ثابتة في المجتمعات المعاصرة.
وكانت بداية نشأة البنوك الإسلامية، مع -بنوك الادخار المحلية التـي أنشـأت في الأرياف المصرية سنة 1963 بمدينة ميت غمر، بإشراف الدكتور أحمـد عبـد العزيز النجـار والتي أخذت بنظـام لا ربوي يقوم على روابط وعلاقات مباشرة وعلى ثقة متبادلة بين البنـك والفلاحين، وحققت هذه التجربـة البسيطة نجاحـا لافتـا، فسح المجـال أمـام تـجـارب مماثلـة بدأت في العقد السابع من القرن المنصرم بإنشـاء بـنـك ناصـر الاجتماعي المصري سنة 1971، وبعد ذلك أنشـأ البنك الاسلامي للتنميـة سنة 1975 في مدينة جدة في المملكة العربية السعودية.
وفي ذات السنة أنشـأ بنـك دبي الإسلامي بالإمـارات الـذي يعـد الطفرة النوعية الحقيقية التي كرست العمـل المصرفي الإسلامي المتخصص علـى أرض الواقع، وتوالى بعـد ذلـك إنشـاء المؤسسات المالية الإسلامية حتى وصلت إلـى غايـة 2019 حـوالي 500 مؤسسـة مصرفية وماليـة تـدير استثمارات هامـة، حيث يتوقع ان ترتفع قيمـة الأصـول الماليـة الكليـة للتمويل الإسلامي على مستوى العـالم الـى 3.8 تريليونات دولار بحلـول عـام 2023، منها 2.44 تريليون دولار أصول للمصاريف الإسلامية.
ومع أن البنوك الإسلامية صـار لـهـا مـن التـواجـد مـا يناهز نصف قرن، عمـت خلاله معظـم بقاع العالم الاسلامي والغربي، إلا أنها لم تعرف طريقهـا لبلادنـا التـي شكلت استثناء غير مقبول على مر العقود السالفة، أمام الإقبال العالمي المتزايد على هذه التجربة، وأمام نجاعتها المالية ومردوديتها الاقتصادية.
لتحميل الرسالة كاملة المرجو الضغط أسفله.