الوعد بجائزة الموجه إلى الجمهور

الوعد بجائزة الموجه إلى الجمهور

يمكن تعريف الوعد بجائزة بأنه “إعلان موجه للجمهور يتضمن التزاما بإعطاء جائزة على عمل يقوم به شخص غير معين بذاته “. ومن الأمثلة  على ذلك أن يوجه شخص خطابا إلى الجمهور يعد فيه بتقديم جائزة محددة لمن يعثر على شيء مفقود . وقد عرض المشرع للوعد بجائزة في المواد 15 و 16 و 17 حيث عين شروطه وأوضح آثاره .ونحن سنتكلم في شروط الوعد بجائزة ثم في آثاره ،ولكن قبل ذلك سنتعرف على ماهيته و نبين خصائصه .

وعليه سنقسم هذا الفصل إلى ثلاثة فروع : الفرع الأول : ماهية الوعد بجائزة  / الفرع الثاني: شروط الوعد بجائزة  الفرع الثالث: آثار الوعد بجائزة .

الفرع الأول : ماهية الوعد بجائزة وخصائصه

ماهية الوعد بجائزة : اختلف الانظار القانونية في تحليل ماهية الوعد بجائزة وتحديد طبيعته : هل هو معاوضة أم هو تبرع . والنظر الأصح أنه ليس تبرعا دائما ولا معاوضة دائما بل تختلف طبيعته بحسب الأحوال :

فهو معاوضة إذا كان النشاط الذي يبذله الغير لاستحقاق الجائزة  تعود فائدته على الواعد ،كما في الوعد بجائزة لمن يعثر على شيء مفقود ،أو لمن يقترح أجمل اسم يؤدي غرض الدعاية لفندق او محل تجاري ،فالواعد هنا يجني فائدة مقابل الجائزة التي يقدمها :فهو يسترد شيئه المفقود أو يحصل على أحسن إسم لفندقه أو محله التجاري .

وهو تبرع إذا كان النشاط الذي يبذله الغير لاستحقاق الجائزة تعود فائدته عليه وحده دون الواعد ،كالإعلان عن الوعد بجائزة لمن يقدم أفضل بحث علمي في موضوع معين .فالواعد هنا يقدم الجائزة دون مقابل يحصل عليه ،إذ أن فائدة البحث العلمي تعود على من كانت الجائزة من نصيبه .

خصائص الوعد بجائزة :

يتميز الوعد بجائزة بالخصائص التالية :الوعد بجائزة هو تعبير موجه إلى شخص غير معين من الجمهور ،أما الوعد الموجه إلى شخص معين فهو يشكل إيجابا يحتاج إلى قبول من وجه إليه ليصبح عقدا يكون هو مصدر الالتزام .

الوعد بجائزة متى صدر مستوفيا شروطه لا يحتاج لانعقاده إلى أي تعبير يصدر من شخص آخر ،وبهذا يختلف الوعد بجائزة عن الإيجاب الموجه إلى الجمهور من حيث أن مثل هذا الإيجاب يعتبر عنصرا في تكوين العقد لا يتم إلا بقبول شخص آخر من ذلك الجمهور .فالوعد بجائزة يعتبر تصرف قانونيا كاملا في ذاته .أما الإيجاب الموجه إلى الجمهور فهو مجرد تعبير عن الإرادة في موضوع يحتاج إتمامه إلى اتفاق إرادتين .

الوعد بجائزة هو من نوع التعابير الملقاة أي التي تنتج أثرها القانوني بمجرد صدورها عن صاحبها ودون اشتراط وصولها إلى علم من وجهت إليه ،وليس هو من نوع التعابير المتلقاة أي التي لا تأخذ حكمها إلا إذا وصلت إلى علم الشخص الذي وجهت إليه كما في عزل الوكيل أو في الإيجاب الملزم . فالوعد بجائزة يلزم الواعد بمجرد صدوره عنه ،لذلك يكون من قام بالعمل بعد توجيه الوعد بالجائزة مستحقا لها ولو قام بعمله دون علم بالجائزة .

الفرع الثاني :شروط الوعد بجائزة

عرضت المادة 15 من ق ل ع لشروط الوعد بجائزة فقالت :” الوعد عن طريق الإعلانات أو أي وسيلة أخرى من وسائل الإشهار بمنح جائزة لمن يعثر على شيء ضائع أو يقوم بأي عمل آخر ،يعتبر مقبولا ممن يأتي بالشيء أو يقوم بالعمل ولو فعل ذلك وهو جاهل الوعد .وفي هذه الحالة يلتزم الواعد من جانبه بإنجاز ما وعد به “.

ففي ضوء هذا النص يتطلب الوعد بجائزة توافر الشروط التالية :

الشرط الأول :يجب أن تصدر من الواعد إرادة جدية بقصد الالتزام .فالشخص الذي يعلن مثلا عن جائزة لمن يكشف عيبا في بضاعة يصنعها أو يبيعها ،لا تكون إرادته في هذا الوعد إرادة جدية صالحة لان تنشيء التزاما في ذمته .فهو لم يقصد أن يلتزم ولا يرغب تحقق العمل الموعود عليه بالجائزة ،وإنما هو يبغي الإعلان عن بضاعته والدعاية لها .

الشرط الثاني : يجب أن يكون سبب التزام الواعد العثور على شيء ضائع أو القيام بعمل معين .فلا يكفي إذن أن يكون السبب مجرد  الوجود في وضع معين أو في مركز معين .

الشرط الثالث: يجب ان يوجه الوعد إلى الجمهور .فإذا وجه إلى شخص معين خرج عن نطاق الوعد بالمعنى المقصود في هذا المقام وأصبح إيجابا يجب أن يقترن به قبول .فغذا تم ذلك قام عقد يكون هو مصدر الالتزام .

الشرط الرابع :يجب ان يوجه الوعد بطريقة تتوفر فيها العلانية إلى الحد الذي يكفي ليعلم به عدد كبير من الناس. وليس للعلنية المقصودة طريق قانونية معينة ، بل هي تتحقق بكل وسيلة من وسائل الإعلام ،كأن تكون بطريق الإعلان في الإذاعة أو في الصحف أو المناداة .

الشرط الخامس :يجب أن يتضمن الوعد إعطاء جائزة معينة ،وقد تكون هذه الجائزة مبلغا من النقود أو شيأ آخر له قيمة مالية كبطاقة ركوب مجانية في طائرة او أسهما في شركة ،ويصح أن تكون قيمة الجائزة أدبية كوسام أو كأس تقديري .

                                      الفرع الثالث :آثار الوعد بجائزة

لا بد لبيان آثار الوعد بجائزة من التمييز بين الحالة التي يكون فيها الواعد قد حدد أجلا لإنجاز العمل الموعود بالجائزة من أجله ،وبين الحالة التي لم يحدد فيها أجلا لإنجاز هذا العمل.

آثار الوعد بجائزة عندما يكون له أجل محدد : إذا كان الواعد قد حدد أجلا اشترط أن يتم العمل خلاله ،التزم الواعد بوعده بمعنى أنه ليس له أن يعدل عنه قبل انقضاء هذا الأجل .وعلى هذا أوضح المشرع في المادة 16 أنه ” يفترض فيمن حدد أجلا لإنجاز الفعل ( الموعود بالجائزة من أجله ) أنه تنازل عن حقه في الرجوع عن وعده إلى انتهاء ذلك الأجل “.فإذا انقضى الأجل دون أن يقوم أحد بالعمل المطلوب انقضى التزام الواعد .وإذا قام بعد ذلك شخص بهذا العمل فلا يلتزم الواعد بأداء الجائزة التي كان وعد بها ،وإنما يمكن أن يلتزم على أساس الإثراء بلا سبب ،إذا ما توافرت شروطه .

أما إذا قام أحد بالعمل المطلوب قبل انقضاء الاجل ،فإنه يصبح صاحب الحق في الجائزة ،وهو يستحقها في كل حال سواء كان قام بالعمل بقصد الحصول على الجائزة او لم يكن لديه هذا القصد . وسواء كان يعلم بالجائزة وقت قيامه بالعمل أو كان لا يعلم بها ،وسواء كان أتم العمل بعد الاعلان عن الجائزة أو قبل الإعلان عنها .

آثار الوعد بجائزة عند عدم تحديد أجل له :إذا كان الواعد لم يحدد أجلا لإنجاز العمل ،فإنه يجوز له الرجوع فيه بنفس العلانية التي توافرت في الوعد ،ما لم يكن أحد الأشخاص قد بدأ بالعمل ولم ينجزه بعد ،ففي هذه الحالة يمتنع على الواعد الرجوع عن وعده على ما أوضحته المادة 16 وبمقتضاها :” لا يجوز الرجوع في الوعد بجائزة بعد الشروع في تنفيذ الفعل الموعود بالجائزة من اجله “.

ولا يخلو الامر في الحالة التي يكون فيها الواعد لم يحدد أجلا لإتمام العمل من وجود إحدى الفرضيات الثلاث التالية : الفرضية الأولى :يرجع الواعد في الوعد ولم يكن هناك أحد قام بالعمل المطلوب او بدأ به ،ففي هذه الفرضية يتحلل الواعد من وعده نهائيا .

الفرضية الثانية :يرجع الواعد في الوعد ويكون هناك شخص قد أنجز العمل المطلوب ،أو يكون قد بدأ فيه قبل الرجوع .ففي هذه الفرضية لا يكون للرجوع أثر في استحقاق الجائزة لأن العمل قد تم أو بدئ فيه في وقت كان فيه الواعد ملتزما بوعده ،فيصبح من قام بالعمل دائنا بالجائزة بمجرد إنجازه العمل .

الفرضية الثالثة: لا يرجع الواعد في الوعد ويكون هناك شخص قد قام بالعمل المطلوب في مدة معقولة يجدي فيها القيام بهذا العمل .ففي هذه الحالة يستحق هذا الشخص الجائزة ،حتى لو قام بالعمل دون قصده الحصول على الجائزة ،أو قام به وهو يجهل أمر الجائزة ،أو قام به قبل الإعلان عنها .

إنجاز العمل الموعود عليه بالجائزة من قبل عدة أشخاص أو اشتراك عدة أشخاص في إنجازه : عرض المشرع  في المادة 18 من ق ل ع للحالات التي ينجز فيها العمل لا موعود عليه بالجائزة من قبل عدة أشخاص في وقت واحد أو في أوقات مختلفة ،أو يشترك في إنجازه عدة أشخاص كل منهم بقدر فيه نوبين كيفية استحقاق الجائزة في مختلف هذه الحالات .

فبمقتضى المادة المذكورة تتبع الأحكام التالية :

إذا أنجز أشخاص متعددون في وقت واحد الفعل الموعود عليه بالجائزة قسمت الجائزة فيما بينهم بالتساوي .

وإذا أنجزوه في أوقات مختلفة كانت الجائزة لأسبقهم تاريخا .

وإذا اشترك عدة أشخاص في إنجاز الفعل كل منهم بقدر فيه ،قسمت عليهم الجائزة بنفس النسبة .

وقد تكون الجائزة التي استحقها عدة أشخاص لا تقبل القسمة ولكنها تقبل البيع ،كأن تكون سيارة مثلا .ففي هذه الحالة تباع الجائزة ويقسم ثمنها على مستحقيها.

وإذا كانت الجائزة شيئا ليست له قيمة في السوق كوسام ،أو كانت شيئا لا يمكن منحه وفقا لنص الوعد إلا لشخص واحد كبطاقة طائرة او كأس تقديري ،كان المرجع حينئذ للقرعة.

Exit mobile version