أخر الأخبار

المسطرة أمام المحاكم التجارية

يقدم لكم موقع أنفاس قانونية عرض بعنوان : خصوصيات المسطرة أمام المحاكم التجارية”

مقدمة عامة:

مما لا جدال فيه أن كل استثمار إلا ويبحث عن جو سليم  يوفر له كافة الضمانات القانونية  والقضائية، وفي هذا السياق تحركت الآلة التشريعية المغربية لمراجعة وتحيين القوانين التي لها اتصال بعالم الاقتصاد والتجارة، ولم يكن العامل الأجنبي المتمثل في مواكبة التحولات التي يعرفها العالم هو السبب الوحيد وراء التغيير  والتحديث، بل أن تحرك الفعاليات المكونة للمجتمع ساهمت إلى حد كبير في دفع عجلة التشريع إلى الأمام بهدف تحديث الترسانة القانونية لمجاراة الدول المتقدمة في هذا المجال  ومن بينها فرنسا التي تعتبر بحق المصدر التاريخي لمختلف المؤسسات والقوانين المغربية[1].

وكان من أهمها إحداث محاكم متخصصة وفعالة من شأنها أن تؤهل القضاء ليلعب دوره في التنمية ومسايرتها، فالمحاكم التجارية تندرج ضمن سلسلة من الإصلاحات التي همت عالم التجارة  والأعمال في السنوات الأخيرة، حيث تم إحداثها لأو ل مرة بالمملكة بمقتضى قانون رقم 53.95 المامور بتنفيذه  بظهير 1-97-65بتاريخ 1997-05-15، والمنشور في الجريدة الرسمية عددها 448216.

والهدف الأسمى الذي أراده المشرع المغربي لبلوغه من إحداثه للمحاكم التجارية، هو إحداث محاكم متخصصة في الميدان التجاري، ذات فعالية ونجاعة، وتميزها بالسرعة في البت في هذا النوع من القضايا، نظرا لكون المحيط الاقتصادي في حاجة ماسة إلى عدالة تجارية جيدة وسهلة، اقتصادية، موثوق بها وملائمة للقانون  والعمل في نفس الوقت، والملاحظ أن المشرع قد وضع بعد القواعد المسطرية  الخاصة أمام المحاكم التجارية.

وكذلك محاكم الاستئناف التجارية، حيث نص عليها في المواد من 13إلي 19 من قانون إحداث للمحاكم التجارية، والواضح أن قواعد أحكام المحاكم التجارية لا تختلف عن المبادئ المسطرية العامة الواردة في قانون المسطرة المدنية المحال عليها بنص صريح في الفقرة الثانية من المادة 19([2]).منقانون المحدث للمحاكم التجارية والخصوصية الواردة في قانون المحاكم التجارية بخصوص المسطرة في الواقع ما هي إلا استثناء عن القاعدة تخص بعض الإجراءات والآجال المعمول بها أمامها، والتي أراد المشرع من خلالها تكريس مبدأ السرعة في البت في النزاعات، وتبين أن هذا الأخير عند تنظيمه لإجراءات المتبعة أمام هذا النوع من المحاكم المختصة قد توخى بالأساس الإسراع بالمساطر  وضبط الآجال بنوع من الثقة والفعالية، غير أن الإسراع وإن كانت تقتضيه طبيعة المنازعات التجارية، إلا أنه يجب أن لا يكون بأي وسيلة، بل يجب احترام بعض الأمور من بينها احترام حقوق الدفاع .[3]

إذن ما هي الضوابط التي تخضع لها المسطرة أمام هذه المحاكم وماهي خصوصيات الإجراءات المسطرية المتبعة أمامهم ؟

هذا ما سنحاول الإجابة عنه  وفق التصميم التالي : (المبحث الأول )  الطبيعة القانونية للمسطرة ورفع الدعوى أمام المحاكم التجارية، (المبحث الثاني ) سير الإجراءات  المسطرية أمام المحاكم التجارية.           

المبحث الأول : الطبيعة  القانونية للمسطرة ورفع الدعوى أمام المحاكم التجارية

لقد خص  المشرع المغربي المسطرة  المتبعة أمام المحاكم التجارية ومحاكم الاستئناف التجارية بقواعد خاصة نص عليها في المواد من13إلى19من القانون 53.95 مع إحالته على قانون المسطرة المدنية عند عدم وجود نص خاص بنصه في الفقرة الثانية من المادة 19 من قانون المحاكم التجارية .[4]

وعليه فإن المسطرة وتقديم الدعاوى أمام المحاكم التجارية لها خصوصيات تميزها نظرا لطبيعة القضايا التجارية وخصائصها.

 ولهذا سوف نوضح أهم خصوصيات المسطرة أمام المحاكم التجارية من خلال تقسيم هذا المبحث إلى مطلبين  :(المطلب الأول ) سنخصصه لطبيعة المسطرة أمام المحاكم التجارية، فيما  (المطلب الثاني) سنرصده لرفع الدعوى أمام المحاكم التجارية.

 المطلب الأول :  طبيعة المسطرة أمام المحاكم التجارية

إن المسطرة، المتبعة أمام المحاكم التجارية ومحاكم الاستئناف التجارية تتميز بكونها مسطرة كتابية ( الفقرة الأولى)، كما أنها تتميز بالطابع التنقيبي المتمثل في الصلاحيات الواسعة التي تملكها هيئة الحكم  والمقرر (الفقرة الثانية)، بالإضافة إلى الطابع الوجاهي أو الحضوري المتمثل في ضرورة  دخول الإجراءات في مواجهة الخصوم مع تمكينهم من ممارسة  حقهم في الدفاع (الفقرة الثالثة).

الفقرة الأولى: الطابع الكتابي للمسطرة أمام المحاكم التجارية

من بين المستجدات التي جاء بها قانون 53.95 هو اختياره للمسطرة الكتابية المتبعة أمام القضاء التجاري، فإذا كان قانون المسطرة المدنية قد نص على المسطرة الكتابية والشفوية  المطبقة أمام المحاكم الابتدائية والمسطرة الكتابية لوحدها أمام محاكم الاستئناف فإنه بالنسبة للقضاء التجاري تطبق أمامه فقط المسطرة الكتابية لذا نصت المادة 13على ذلك من خلال نصها “ترفع الدعوى أمام المحكمة التجارية بمقال مكتوب  يوقعه  محام مسجل  في هيئة من هيئات المحامين بالمغرب مع مراعاة الفقرة الثانية من المادة 31 من الظهير  الشريف  رقم 1.93.162 الصادر في22  ربيع الأول 1414( 10شتنبر 1993) المعتبر بمثابة قانون يتعلق بتنظيم مهنة المحاماة .([5])

وعليه لا يسوغ مطلقا تقديم الدعوى أمام المحاكم التجارية بواسطة تصريح شفوي أو حتى بواسطة مقال موقع عليه من المعني بالأمر، بل لا مناص من تقديمها في شكل مقال مكتوب موقع عليه من طرف المحامي باعتباره حسب الفقرة الأولى  من المادة 31 من قانون المحاماة المؤهل لمؤازرة وتمثيل الأطراف أمام القضاء. ([6]) وبالتالي  فإن المسطرة الكتابية تتحقق بتقديم  الطلبات  والمذاكرات الجوابية  عن الأطراف والخصوم  كتابة وبواسطة محام مسجل بإحدى هيئات المحامين بالمغرب  ولا يتطلب فيه أن يكون مقبولا لدى محكمة النقض.([7])

 وإذا كان توجه المشرع يؤكد على ضرورة سلوك المسطرة الكتابية أمام المحاكم الابتدائية فإن بعض اتجاهات الفقه المغربي ( محمد المجدوب الإدريسي )، يرى أنه يمكن إتباع المسطرة الشفوية أمام المحكمة التجارية ذات الدرجة الأولى، وخاصة  في قضايا استيفاء ” وجيبة الكراء” شريطة أن يكون عقد الكراء تجاريا، لكن هناك اتجاه أخر من الفقه (محمد كرام)،يرى عكس الأول :” أن المسطرة الكتابية ضرورية أمام المحاكم التجارية .([8])

الفقرة الثانية : الطابع التنقيبي للمسطرة امام المحاكم التجارية

كما تتميز المسطرة أمام المحاكم التجارية بالطابع التنقيبي، فبالرجوع إلى قانون 53.95 المحدث للمحاكم التجارية يتبين لنا أنه تنبى نفس الروح التي تطبع قانون المسطرة المدنية، أي تميزها بالطابع التنقيبي، الذي يتجلى في الصلاحيات الواسعة التي يملكها القاضي المقرر أو المستشار المقرر بحسب الأحوال، وكذلك هيئة الحكم خاصة بمناسبة تسيير المسطرة والبحث عن الأدلة والوثائق  الحاسمة في النزاع حيث بمجرد تقييد مقال الدعوى بسجل خاص بكتابة الضبط، تحيله هذه الأخيرة على رئيس المحكمة التجارية أو  الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف التجارية وذلك قصد تعيين القاضي المقرر أو  المستشار المقرر حسب الأحوال، حيث تبدأ الإجراءات الضرورية واللازمة لجعل القضية جاهزة للحكم.

فمن أهم مظاهر هذه السلطات توجيه إنذارات للخصوم للرد أو للتصحيح لمسطرة أو لتقديم مستند، الأمر تلقائيا بإجراءات التحقق كالخبرة أو الحضور الشخصي ولولم يطلب منه ذلك  الخصوم، اعتبار القضية جاهزة للبت فيها بإصدار أمر بالتخلي، إلى غير ذلك من السلطات.

وعليه فإن القاضي المقرر أو المستشار المقرر يجب عليه أن لا يقف موقف المتفرج إزاء النزاع المعروض عليه، بل لابد من أن يتدخل لتوجيه نحو الاتجاه الصحيح لإبراز الحقيقة وإظهارها.

وانطلاقا من المادة  19 من القانون 53.95 المحدث للمحاكم التجارية أنه يتعين على المستشار المقرر أن يحرر في جميع القضايا التي أجري فيها التحقيق طبقا للفصلين 344 و335 من  قانون المسطرة المدنية تقريرا مكتوبا، يضمن فيه ما حدث من عوارض في تسيير المسطرة واستيفاء الشكليات القانونية ويحلل فيه الوقائع ووسائل دفاع الأطراف ويورد النص الحرفي لمستجداته ملخصا عنها عند الاقتضاء مع بيان النقط التي يجب الفصل فيها دون أن يبدي رأيه .([9])

الفقرة الثالثة : الطابع الوجاهي للمسطرة  أمام المحاكم التجارية

يعتبر مبدأ التواجهية أمام المحاكم التجارية ومحاكم الاستئناف التجارية من بين مبادئ حقوق الدفاع وترجمة لمبدأ المساواة بين الأطراف أمام القضاء  ومن مظاهر تطبيق هذا المبدأ أمام القضاء التجاري، يتجلى من خلال التنصيص على وجوب تبليغ الأطراف بالمذكرات الدفاعية  وبالمستنتجات ومنحهم أجالا كافية للردود  وإنجاز إجراءات التحقق بخصوص الأطراف  وتمكينهم من الا طلاع على مستندات القضية المودعة بكتابة الضبط.([10])

ومن أهم  مظاهر الطابع الوجاهي للمسطرة أمام المحاكم التجارية هو ضرورة  تبليغ نسخة من المقال  والوثائق المرفقة به إلى الطرف المدعى عليه الذي يكون بدوره ملزما بالإجابة والإدلاء بحجج الآجال  الممنوحة إليه وتبقى عملية تبادر المذكرات مستمرة إلى حين انتهاء كل وسائل الدفاع لدى الأطراف وصدور الأمر بالتخلي من لدن المقرر وصدور هذا الأمر متوقف على تكرار مضمون المذكرات الدفاعية بين الأطراف ..

 ولم يكن الطابع الوجاهي للمسطرة من نصيب التشريع المغربي فقط بل أخذت به بعض التشريعات المعاصرة، كالتشريع الفرنسي واللبناني ([11])

بينما اكتفى المشرع المغربي فقط بإيراد تطبيقات  له في مناسبات  عدة من  قانون المسطرة  المدنية  الذي  يعد  التشريعية العامة  لقواعد المسطرة أمام المحاكم التجارية  ومحاكم الاستئناف  التجارية .

وبناء على ما سبق ذكره فان الطابع  الوجاهي للمسطرة أمام هذا النوع من المحاكم ذو أهمية بالغة حيث بناء عليه يمكن للطرف المدعي عليه في الدعوى معرفة موضوع الدعوى وطبيعتها وسببها  والاسم الشخصي والعائلي وموطن ومهنة الطالب، وسيهل عليه الاطلاع على جميع الأوراق والمذكرات  والمستندات المدلى بها من طرف  خصمه، من ثم يسهل عليه الرد ومناقشتها.

المطلب الثاني : رفع الدعوى أمام المحاكم التجارية

إن الدعوى كوسيلة يستعملها المرء عند اللجوء إلى القضاء، تعد حقا إجرائيا خاصا عملت قوانين المرافعات على تنظيمه وتحديد شروطه وأثاره، كما يمكن اعتبارها بمثابة سلطة كونها تلزم القضاء بالنظر في الطلبات وإصدار الأحكام أو القرارات.([12])

ويعد تقييد الدعوى أو ل عمل إجرائي يتخذ في  سلسلة الإجراءات التي تتلو افتتاح الدعوى، ويتم هذا القيد عند إيداع المدعي مقاله لدى كتابة ضبط المحكمة، حيث تعمل هذه الأخيرة على تقييد الدعوى في سجلات المحكمة لتصبح القضية قائمة  وفق الشكل الذي يحدده القانون .

 وعليه فتقديم الدعوى أمام المحاكم التجارية ومحاكم الاستئناف التجارية تتسم بعدة خصوصيات  تميزها عن تقديمها عن المحاكم الأخرى.

وسنعمل من خلال هذا المطلب إلى الحديث عن تقديم المقال الافتتاحي للدعوى أمام المحاكم التجارية (الفقرة الأولى)،  والحديث عن المقال  لاستئنافي أمام محكمة الاستئناف التجارية (الفقرة الثانية)  .

الفقرة الأولى : تقديم المقال الافتتاحي للدعوى

عمد المشروع المغربي بمقتضى  المادة 13 من قانون إحداث المحاكم التجارية، غلى تحديد كيفية تقديم الدعوى أمام المحكمة التجارية، حيث نص في الفقرة الأولى منها على أنه ” ترفع الدعوى أمام المحكمة التجارية بمقال مكتوب يوقعه محام مسجل في هيئة من هيئات المحامين بالمغرب، مع مراعاة الفقرة الثانية من المادة (31).([13])

وانطلاقا من صياغة المادة أعلاه نجدها قيدت الأطراف في تقديم مقالاتهم الافتتاحية وباقي الطلبات العارضة  ومختلف الردود والمستنتجات  كتابة بواسطة محام مسجل في جدول هيئة من هيئات المحامين بالمغرب تحت طائلة عدم القبول، ولم يعد رفع الدعوى بتصريح  شفوي  ممكنا كما هو منصوص عليه في الفصل 31 من قانون  المسطرة المدنية كما أن الترافع يكون بواسطة محام أمام  المحكمة التجارية وعلى خلاف ذلك، المشروع الفرنسي .([14])

حيث ذهب المشروع الفرنسي إلى جعلافتتاح الدعوى أمام المحاكم التجارية عبر ثلاث طرق، وذلك عن طريق إشعار برفع الدعوى من طرف المدعي، أو عن طريق عريضة مشتركة بين الأطراف، كما لهم أن يفتتحوا الدعوى عن طريق الحضور التلقائي أول الاختياري  ويتبين من ذلك أن المشرع الفرنسي لم يحدد رفع الدعوى أمام المحاكم التجارية في وسيلة واحدة بل منح ثلاث  وسائل تتمتع بالبساطة، كما أنه لم يشترط ضرورة الترافع بواسطة محام، كما أن المسطرة أمام هذه المحكمة يمكن أن تكون شفوية وبإمكان الشخص أن يترافع  شخصيا دون قيد.([15])

 ومن هنا  يتضح أن المشرع المغربي  لم يترك للمدعي الخيار  لرفع دعواه بمقال مكتوب، وبهذا يكون المشرع قد كرس المسطرة الكتابية أمام المحاكم التجارية بدءا  من رفع الدعوى  واستمرارا بالنسبة لباقي إجراءاتها، ويكون بذلك  قد أكد إلزامية الترافع أمام المحاكم التجارية بواسطة محام. ([16])

إن المشرع المغربي عند وضعه للمادة 13 من القانون 53.95 كان يهدف إلى السمو بإجراءات الدعوى أمام هذه المحاكم وعيا منه بأن صيرورة النشاط الاقتصادي تقتضي عدم إشغال التجار  وأصحاب الشركات وغيرهم بمتابعة سير الدعوى وإجراءاتها وحضور جلساتها ضمانا لعدم تعطيل  أعمالهم، كما أنه يتوخى في نفس الوقت ضمان سرعة البث في النزاعات وذلك تجنبا لوقوع أخطاء  شكلية  وإجرائية من جانب الأطراف أو أحدهما والتي يستطيع المحامي بما يتوفر  عليه  من دراية بالقانون اجتنابها.

ومن خصوصيات تقديم المقال أمام المحاكم التجارية، ألزم المشرع كتابة الضبط بتقييد القضايا في سجل معد لهذا الغرض، ويسلم كاتب الضبط للمدعي وصلا يثبت فيه اسم المدعي وتاريخ إيداع المقال، ورقمه بالسجل وعدد المستندات المرفقة سواء كانت أصلية أو مجرد نسخ ونوعها (المادة 13، ف 3).([17])

ومن الناحية العملية فإن الكثير من الأطراف يفضلون الإدلاء بمستنداتهم خلال جلسة لما فيه من ضمان عدم ضياعها ويكتفون في مقالاتهم بملاحظة أن الوثائق سيدلى بها خلال  الجلسة  وتعتبر كتابة المقال الافتتاحي للدعوى ليست وحدها الضرورية لصحته، وإنما لا بد من احترام شكلية أكثر أهمية، وهي المنصوص عليها في الفصل 32 من قانون المسطرة المدنية المعدلة في 3 فبراير 2004 .([18] ) وتتمثل في مجموعة من البيانات  والتي يعتبر وجودها  ضمن المقال الافتتاحي للمدعي ضروريا لصحته وقبوله، حيث إن هذه البيانات تسهل مأمورية القاضي في فصل النزاع  والبت فيه  كما تساعده  على معرفة جدية النزاع المعروض عليه من عدمه.

وعليه نطرح التساؤل التالي، ما مصير الدعاوى التي ترفع بواسطة مقال لا يتوفر على البيانات والشكليات المنصوص عليها في الفصل المذكور أعلاه ؟.

والإجابة عن هذا التساؤل يجب الرجوع إلى الفصل 335 و32 من ق.م.م فإنه لا يشكل إغفال بعض البيانات المتعلقة بالمقال سببا لرفض الدعوى، حيث نص الفصل 32 في فقرته الأخيرة على أنه يتعين على القاضي عند الاقتضاء أن يأمر الأطراف بتحديد المعلومات أو البيانات التي تم إغفالها، أما بالنسبة لمقتضيات الفصل 335 من ق.م.م. فإن عدم توفر أحد البيانات المنصوص عليها في هذا الفصل يترتب عنه عدم القبول. وعليه فإن المشرع المغربي رتب جزاء عدم القبول على عدم توفر المقال على البيانات المنصوص عليها في الفصل 355. أما بخصوص البينات الواردة في الفصل 32 فإن الطلب لا يرفض إلا إذا تخلف المدعي عن إدراج بعض البيانات داخل الأجل المحدد له من طرف القاضي المقرر.

الفقرة الثانية :   تقديم  المقال الاستئنافي للدعوى

حددت المادة 18 من القانون 53.95  مقتضيات خاصة بشكليات  الاستئناف  المنصوص عليه في قانون المسطرة المدنية  المحدد  في أجل 30 يوما من تاريخ تبليغ الحكم الابتدائي ويتم هذا الاستئناف وفق الإجراءات المنصوص عليها في الفصل 134  وما يليه  إلى الفصل 141 من قانون  المسطرة المدنية.

ويتم تقديم  المقال الاستئنافي إلى كتابة ضبط  المحكمة التجارية  من طرف محامي ويسلم وصل بذلك، كما نصت عليه مادة  13  من القانون رقم 53.95 ويتعين على كتابة الضبط المحكمة التجارية  المصدرة للحكم الابتدائي  أن ترفع  المقال الاستئنافي مع باقي  وثائق  الملف إلى كتابة ضبط محكمة الاستئناف  التجارية خلال أجل أقصاه 15 من تاريخ المقال الاستئنافي. ([19])

 وتطبق سائر الإجراءات المسطرية الجاري بها العمل لدى المحكمة  التجارية (المواد من 13ألى 17من القانون 53.95) أمام محكمة الاستئناف التجارية إلى جانب القواعد المقررة في قانون المسطرة المدنية ما لم ينص على خلاف ذلك، أو كانت هذه القواعد  متعارضة مع القواعد المعمول بها في مادة الاستئناف التجاري( المادة 19 من القانون رقم 53.95).

ولم يتعرض القانون رقم 53.95 القاضي بإحداث المحاكم التجارية لطرق أخرى من الطعن  العادية والغير العادية، كالتعرض وتعرض الغير الخارج عن الخصومة، والطعن بالنقض  وإعادة النظر في مسائل وقضايا خاضعة بكاملها شكلا وجوهرا لقانون المسطرة المدنية، وذلك  تطبيقا للفقرة الثانية من المادة 19 التي جاء فيها (كما تبق أمام المحاكم التجارية  ومحاكم  الاستئناف  التجارية  القواعد المقررة في قانون المسطرة المدنية مالم ينص على خلاف ذلك.

وقد وقع فعلا النص على خلاف القواعد المنظمة لقانون المسطرة المدنية بل حتى لقانون المحاكم التجارية في حالات استثنائية قد  تقل أو تكثر، نذكر منها التعرض  وتعرض الغير الخارج عن الخصومة، ضد المقررات الصادرة بشأن التسوية القضائية والتصفية القضائية وسقوط الأهلية  التجارية الذي يتم بتصريح لدى كاتب ضبط المحكمة التجارية داخل أجل عشرة أيام ابتداء من تاريخ  النطق بالمقرر القضائي أو نشره في الجريدة الرسمية إذا كان من اللازم إجراء هذا النشر( المادة 729 من مدونة التجارة )، ويقع الاستئناف داخل أجل عشرة أيام ابتداء من تاريخ تبليغ  المقرر القضائي إلى الأطراف ما لم يوجد مقتضى مخالف لذلك في قانون إحداث  قانون صعوبات المقاولة، أما بالنسبة للسنديك فابتداء من تاريخ تبليغ القرار ( المادة 713 من مدونة التجارة).([20])

والمشرع من خلال  المادة 19 من قانون إحداث المحاكم التجارية، يحيل فيما يخص المسطرة أمام محاكم الاستئناف التجارية على الأحكام المتعلقة بالمحاكم التجارية والتي لا تخرج عن الأخذ بالقضاء الجماعي والمسطرة الكتابية .([21])

المبحث الثاني : سير الاجراءات النضرية أمام المحاكم التجارية

إن الخصوصية التي وردت في قانون المحدث للمحاكم التجارية بخصوص المسطرة المتبعة أمامها. ما هي إلا استثناءات عن القاعدة التي تخص بعض الإجراءات والآجال المعمول بها أمامها والتي أراد المشرع من خلالها تكريس مبدأ السرعة في البت في النزاعات والإسراع بالمساطر وضبط الآجال بنوع من الدقة  والاختصار، ولعل أهم ما يمكن الوقوف عليه في الإجراءات المسطرية المتبعة أمام هذه المحاكم، نجد مسطرة تعيين القاضي المقرر ( المطلب الأول)، والإجراءات المسطرية المكلفة بها ( المطلب الثاني).

المطلب الأول :  مسطرة تعيين القاضي المقرر

بالرجوع إلى المادة الرابعة من القانون المنشئ للمحاكم التجارية والتي نصت على ما يلي” تعقد المحاكم التجارية والمحاكم الاستئناف  التجارية جلساتها وتصدر أحكامها  وهي متركبة في ثلاثة  قضاة من بينهم رئيس يساعدهم  كاتب الضبط ما لم ينص القانون على خلاف ذلك”.

كما أن المادة 14 من نفس  القانون تنص على ما يلي : يعين  رئيس المحكمة  حالا بمجرد تقييم المقال قاضيا مقررا  يحيل إليه الملف الأول خلال 24 ساعة  يستدعي  القاضي المقرر  الأطراف  لأقرب جلسة  يحدد جلستها.

بناء على مقتضيات  المادتين السابقتين  يمكن التساؤل حول النقطة التالية : ما المقصود بالقاضي المقرر ؟ ( الفقرة الأولى) ثم ما شروط تعيين  القاضي المقرر ؟( الفقرة الثانية )، وما هي  الجهة المختصة بتعيين المقرر ؟ ( الفقرة الثالثة ).

 الفقرة الأولى : المقصود بالقاضي المقرر

يعتبر القاضي المقرر عضو من أعضاء هيئة  الحكم  الجماعية، فهو ليس بقاض حكم  فرد.([22])

ويتمثل دوره أساسا داخل  هيئة الحكم  الجماعية في اتخاذ كافة إجراءات التحقيق المعين لها .وقد أحدثت مؤسسة القاضي المقرر لأول مرة في النظام القضائي المغربي بمقتضى قانون المسطرة المدنية القديم  وقانون التحفيظ العقاري ،  وحافظ المشرع على هذه المؤسسة عند إحداثه  المحاكم التجارية وكذا الإدارية.

وتسميته بالمقرر جاءت من التقرير الذي يضعه عند إنهاء التحقيق،  وهذا التقرير  يتضمن عوارض المسطرة واستيفاء الشكليات القانونية  وتحليل  الوقائع  ووسائل  دفاع الأطراف مع ذكر  المستنتجات وبيان  النقط التي يجب  الفصل  فيها دون أن يبدي  هذا  الأخير  رأيه فيها (حسب مقتضيات  المادة  342 من  ق.م.م).([23])

 كما يتميز  عن الأخير بموجب القانون بسلطات تقنية واسعة  عددها على الإطلاق ,إمكانية  إصدار المقرر أو امر بإجراءات التحقيق كالخبرة والمعاينة والأبحاث، كما يعود إليه إنهاء التحقيق وهو ما يعرف  بالأمر بالتخلي وهو إجراء إجباري يضع حدا لتبادل الخصوم لمذكراتهم  وايداع مستنداتهم وحججهم. ([24] )

وبعد توضيحنا لمؤسسة القاضي المقرر وأهم السلطات التي يمارسها سوف نعمل على تحديد أهم شروط  تعيينه في الفقرة الموالية.

 الفقرة الثانية : شروط تعيين القاضي المقرر

إن تعيين القاضي المقرر لإتباع إجراءات التحقيق في ملف القضية المعروضة عليه يتطلب  شرطين أساسين هما :

 -(1ضرورة  تشكيل  هيئة الحكم من قضاء جماعي  وهذا إجراء  واضح بخصوص  المادة التجارية  حيث أن المادة 4 من ق.م، تنص  على أن هذا النوع من المحاكم لا يمكنها البت  في القضايا إلا بقضاء جماعي يتكون من ثلاثة قضاة.([25])

-(2 أن يتطلب  البت وحسم النزاع  في القضية، القيام  بإجراءات  التحقيق المنصوص عليها في ق.م.م  إبتداء من الفصل 55 إلى غاية المادة 102 من نفس القانون المذكور.( [26])

غير أنه من الملاحظ أن وجود  القاضي المقرر مرتبط بالهيئة  الجماعية  أكثر من ارتباطه بإجراءات  التحقيق،[27] حيث أنه أحيانا تكون القضية  المعروضة  على المحكمة تتوفر على جميع  الوسائل  بالبت فيها  على الرغم من وجود مقرر، لأن النص هو الذي أو جد هذا الأخير  وليس إجراءات  التحقيق بل أكثر من ذلك فإن المحاكم  التجارية  ومحاكم  الاستئناف التجارية  والغرفة التجارية  لمحكمة النقض  تأخذ بالتشكيلة الجماعية التي  تستلزم  وجود القاضي  المقرر.

وبعد تحديدنا لشروط تعيين القاضي  المقرر، سوف ننتقل في اخر هذا المطلب إلى النقطة  الثالثة وهي الجهة المختصة بتعيينه.

الفقرة الثالثة :  الجهة المختصة بتعيين القاضي المقرر

إن الجهة المختصة بتعيين القاضي المقرر تختلف حسب ما إن كان النزاع معروضا على المحكمة  التجارية  أو أمام  محكمة الاستئناف التجارية أو على  الغرفة التجارية  بمحكمة النقض.

 فبالنسبة للمحاكم التجارية  يكون تعيين   القاضي  المقرر  من اختصاص رئيس هذه المحكمة  وهذا ما نصت عليه المادة 14 [28]من القانون  المحدث للمحاكم التجارية 95.53.

ويكون لرئيس المحكمة التجارية  إمكانية استبدال أو تعويض المقرر  بقاضي أخر إذ اقتضت الضرورة ذلك، فلا يجوز  للمقرر أن يعين خلفا  له أو يستبدل  نفسه،  كما أنه ليس هناك ما يمنع رئيس المحكمة التجارية من أن يعين نفسه قاضيا  مقررا في قضية تجارية معينة.[29]

وإذا كانت القضية المعروضة على محكمة  الاستئناف  التجارية، فتعيين المستشار المقرر، يتم  من لدن  رئيسها الأول وهذا ما يستفاد من المادة 19[30] من القانون  رقم 95.53 المحدث  للمحاكم التجارية. فتعيين المستشار المقرر، يتم من لدن رئيسها الأول وهذا ما يستفاد من المادة 19 من قانون رقم 53.95 المحدث للمحاكم التجارية.

ويتبع نفس الحكم بالنسبة لحالة التعويض أو استبدال المقرر في هذه المحكمة إذ تعود هذه المهمة للجهة التي عينته وحدها.

وإذا كان الأمر واضحا بالنسبة للمحاكم التجارية ومحاكم الاستئناف التجارية، فإن الأمر على خلاف ذلك أمام  الغرفة التجارية  بمحكمة النقض  وإنما من لدن  رئيس الغرفة التجارية  وهذا ما أشار إليه الفصل  362/1.[31] من قانون المسطرة المدنية.

وهنا تجدر الإشارة على أنه يمكن لرئيس المحكمة   نفسه أن يكون  في بعض الأحيان  قاضيا  مقررا أو مستشارا مقررا، لأن كثرة القضايا والنزاعات  المعروضة  على هذا النوع من المحاكم التجارية  يفرض ذلك. [32]

وخلاصة  هذه الفقرة  هي أن القاضي المقرر يلعب دورا أساسيا أمام المحاكم  التجارية ومحاكم الاستئناف  التجارية،  منذ افتتاح  ملف القضية  إلى حين صيرورتها  جاهزة  للحكم، ويتمتع القاضي  المقرر أو المستشار المقرر بسلطات واسعة  ومهمة  وهدا ما سنقوم  بمعالجته والتطرق إليه في المطلب الثاني.

 المطلب الثاني : الإجراءات المسطرية المكلفة بها القاضي المقرر

يتمتع القاضي المقرر بصلاحيات واسعة  ومهمة  في مجال  الإجراءات  المسطرة للدعوى في  الميدان التجاري ، فهي  تتأرجح بين مسطرة التبليغ ( الفقرة الأولى) ومسطرة التحقيق ( الفقرة الثانية).

 الفقرة  الأولى:  مسطرة  التبليغ

 يعرف التبليغ بأنه إبطال أمر أو واقعة ثابتة إلى شخص معين على يد أعوان  كتابة الضبط  أو أحد المفوضين القضائيين أو عن طريق البريد برسالة  مضمونة  مع الإشعار بالتوصل أو بالطريقة الإدارية.

إن التبليغ في المادة التجارية تحكمها نفس القواعد التبليغ في المادة المدنية مع خصوصية  بسيطة تميز  التبليغ في المادة التجارية والتي تتجلى أساسا في التبليغ عن طريق المفوضين القضائيين   بالأسبقية وكذلك بالنسبة للتبليغ للشركة في فرعها ولقد تضمنت المادة 15[33] من القانون رقم 95.53 القاضي بإحداث المحاكم التجارية أحكامها  تخص الجهة المكلفة بالتبليغ.[34]

  ولعل أهم الإجراءات التي يتخذها  القاضي المقرر أو المستشار المقرر فيما يخص التبليغ  يتجلى أساسا  في كون  أن القاضي المقرر يصدر بمجرد تسلمه ملف القضية أمرا قضائيا بتبليغ المقال للطرف الأخر مع إشعار هذا الأخير بالجواب بواسطة محام مع العلم أن الاستدعاء لهذا الأخير يكون مرفقا بنسخة من المقال والواقع أنه من الناحية العملية فإن جواب المدعي عليه في الجلسة يكون هو منحه مهلة للجواب بواسطة محام حتى ولو توصل بالاستدعاء المرفق بالمقال الافتتاحي باعتباره حق من حقوق الدفاع .[35]

 ومن المسلم به أنه يجب إعلام كل طرف  في الدعوى أو  وكيله باليوم الذي أدرجت فيه القضية  في الجلسة  وإلا كان الحكم  باطلا  حيث  أن البت في الدعوى دون استدعاء الطرف يشكل  خرق لحقوق الدفاع  وبالتالي  فالتبليغ يعد بمثابة  إجراء جوهري يلازم الدعوى منذ بدايتها وذلك إلى نهايتها  بتبليغ الحكم مرورا بمختلف الإجراءات التمهيدية والتحقيقية. ليكون الأطراف على علم بتطورات الدعوى في مختلف مراحلها ولتتحقق بذلك الشفافية ولتصون الحقوق.[36]

الفقرة الثانية :  إجراءات التحقيق

كما هو معلوم أن الهدف المتوخى من إحداث مؤسسة القاضي المقرر في قانون المسطرة المدنية  المغربي هو خلق هيئة مكلفة بتسيير مسطرة التحقيق بصورة كتابية تنقيبية ووجاهية .

 ولهذا فإن القاضي المقرر أو المستشار المقرر منذ إحالة  القضية  عليه  يبدأ  بالأمر  بإجراءات التحقيق المنصوص عليها في الفصل 55 من قانون  المسطرة المدنية. الذي ينص على أنه” يمكن للمحكمة  بناء على طلب  الأطراف أو أحدهم أو تلقائيا  أن تأمر  قبل البت في جوهر  الدعوى  بإجراء خبرة أو الوقوف على عين المكان  أو بحث أو تحقيق  خطوط  أو أي إجراء أخر من إجراءات التحقيق.

ويمكن لممثل النيابة  العامة أن يحضر في كل إجراءات  التحقيق التي أمرت بها المحكمة.[37]

ويمكن تعريف إجراءات  التحقيق بأنها ” مجموعة من الإجراءات  المتبعة  في تقديم  وسائل الإثبات  أمام  المحكمة  والتدليل على الحقيقة  وهي تصنف إلى قسمان :

 -إجراءات تقديم  وسائل الإثبات وتتمثل في الأبحاث  واليمين …

 -إجراءات خاصة لوسائل الإثبات وهي الخبرة  ومعاينة  الأماكن.[38]

 ولقد تم توسيع  صلاحيات القاضي  المقرر من أجل التحقق  من وسائل الإثبات في إطار المادة 16 من القانون رقم 16.10 المتعلق  بتتميم القانون ر قم 53.95 القاضي بإحداث  المحاكم التجارية.

بموجب التعديل الأخير الذي طال مواد قانون إحداث المحاكم التجارية الذي وسع من صلاحيات القاضي المقرر في التحقق من الدعوى  حينما حولته المادة 16 ما يلي ” يجب على الأطراف ان يساهموا في إجراءات تحقيق الدعوى وفقا لما تقتضيه  قواعد حسن النية  وللمحكمة ترتيب الآثار عن كل امتناع أو رفض  غير مبرر.  

إذا كان مستند الإثبات يوجد بحوزة طرف في الدعوى يمكن للمحكمة أو للقاضي المقرر بناءا على طلب الطرف الأخر وما  لم يوجد مانع قانوني  الأمر بالإدلاء به داخل أجل معقول تحت طائلة غرامة تهديدية.

يمكن للمحكمة أو القاضي المقرر بناء على طلب أحد الأطراف في الدعوى  وما لم يوجد مانع قانوني أمر الغير بالإدلاء داخل أجل معقول بأي مستند يوجد بحوزته تحت طائلة غرامة  تهديدية.

باستثناء شرط الكتابة لا يخضع تقديم الطلب المشار إليه في الفقرة أعلاه لأي شكلية محددة كما  لا يشترط فيه تحديد المستند المطلوب الإدلاء به  من حيث نوعه.

واستثناء من حكم الفقرة الأولى من الفصل 82 من قانون المسطرة المدنية يمكن لأي طرف في الدعوى أمام المحكمة التجارية في إطار الأبحاث التي  تأمر بها المحكمة أو القاضي المقرر أن يطرح مباشرة على الطرف الأخر أو على أحد الشهود أسئلة  من أجل توضيح وقائع الدعوى “

ومما ينبغي الإشارة إليه من خلال هذا المقتضى التشريعي أن القاضي المقرر  لم يعد محايدا في القضية، بل أصبحت له مـأمورية التمحيص والتدقيق  في  وثائق الدعوة الممسوكة من لدن أحد أطرافها.[39]

خـــــاتــمــة:

لقد حاولنا خلال مختلف مراحل هذا العرض الإلمام قدر المستطاع بأهم ما تتميز به المسطرة أمام المحاكم التجارية عن تلك المتبعة أمام باقي المحاكم الاخرى.

كما حاولنا رصد ردود الفعل الفقه المغربي، وموقف القضاء من أهم المشاكل التي يطرحها موضوع عرضنا هذا وخاصة على المستوى العملي حيث على الرغم من التنصيص على قواعد مسطرية خاصة في  قانون رقم 53.95.المحدث للمحاكم التجارية إلا أنها تبقى غير مفعلة في بعض جوانبها ومن ثم غير  مستجيبة لخصائص المادة التجارية.

وبالإضافة إلى ذلك فإن العدد الضئيل للمحاكم التجارية المقرر حاليا في التنظيم القضائي للمملكة سيلحق ضررا كبيرا بالمتقاضين والفاعلين الاقتصاديين حيث لا تتحقق السرعة المطلوبة في فض المنازعات التجارية إذا ما أبعدنا المحاكم عن المتقاضي لذا  نقترح أن تتم الزيادة في عدد المحاكم  التجارية وتعميمها في مختلف جهات المملكة أو على الأقل أن يمنح الاختصاص في القضايا التجارية  للمحاكم الابتدائية العادية بالنسبة للجهات التي لا تتوفر على محكمة تجارية.


[1] عبد الرحيم  السليماني، القضاء التجاري بالمغرب ومساطر صعوبات المقاولة، دراسة نقدية ومقارنة، مطبعة طوب بريس، الرباط، الطبعة الأولى،2008، ص 5 و6.

2  تنص الفقرة الثانية من المادة 19 من ق.م.ت على أنه “تطبق أمام المحاكم التجارية ومحاكم الاستئناف  التجارية  القواعد المقررة في قانون   المسطرة المدنية مالم ينص على خلاف ذلك….”

3 محمد الوزاني  التهامي،  المحاكم التجارية بالمغرب ودورها في تحقيق  العدالة التجارية، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص جامعة عبد المالك السعدي  كلية العلوم  القانونية والاقتصادية،  طنجة،  السنة الجامعية 2010،ص 115

 4 تنص الفقرة الثانية من المادة 19 من  قانون  المحاكم التجارية  على ما يلي  ” كما تطبق أمام المحاكم  التجارية  ومحاكم الاستئناف  التجارية القواعد المقررة في قانون المسطرة المدنية ما لم ينص القانون على خلاف ذلك “

[5]  عبد الرحيم  بحار، القضاء التجاري  والمنازعات  التجارية، مطبعة النجاح  الجديدة ،الطبعة  الأولى، 2014، الدار البيضاء، ص 84

[6] عبد الكريم الطالب، التنظيم القضائي  المغربي  دراسة عملية، المطبعة  والوراقة  الوطنية،  مراكش، الطبعة الرابعة 2012، ص69

[7]  عبد الرحيم بحار، مرجع سابق، ص 84

[8]  بوشعيب الزموري، رسالة لنيل دبلوم ماستر في القانون الخاص، خصوصيات المسطرة أمام المحاكم التجارية، جامعة  القاضي عياض  كلية العلوم القانونية  والاقتصادية  والاجتماعية، مراكش، السنة الجامعية 2009 2010 ص 10

[9]  بوشعيب الزموري، مرجع سابق،  ص  12

[10] عبد الرحيم بحار، مرجع سابق، ص 86

11 تنص المادة 372 من قانون أصول المحاكمات اللبناني  الجديد ” لا يصح على الإطلاق إصدار حكم ضد خصم لم يجري سماعه أو يمكن من إبداء دفاعه “

[12]  نورة  غزلان  الشنيوي، قانون  المسطرة المدنية  وفق أخر المستجدات، مطبعة الورود،، إنزكان الطبعة الثالثة  2015، ص 91

13  الفقرة الثانية  من المادة 32 من القانون المنظم لمهنة المحاماة ” غير أنه يمكن للمحاميين اللذين يمارسون المهنة في بلد أجنبي يرتبط مع المغرب باتفاقية يسمح لمواطني كل  من الدولتين  المتعاقد تين لممارسة المهنة في الدولة الأخرى أن يؤازر الأطراف أو يمثلهم أمام  المحاكم المغربية  بشرط أن يعينوا محل مخابرة معهم بمكتب محام مقيد بجدول إحدى هيئات المحامين بالمملكة بعد الإذن لهم بصفة خاصة في كل قضية على حدة  من طرف وزير العدل  ما لم تنص الاتفاقية على خلاف ذلك “.

[14]  عبد الرحيم بحار،  مرجع سابق، ص 87

[15]  محمد الوزاني  التهامي،  مرجع سابق، ص 119 120

16– وهذا ما كرسته المحكمة التجارية بطنجة في إحدى الأوامر الصادرة عن رئيس المحكمة  رقم 666بتاريخ 12.4.2007 ملف رقم 666.44.2007   حيث جاء فيه  ما يلي ” … لكن أنه بالرجوع إلى المقال الافتتاحي للدعوى  تبين بأن المدعية  تقدمت  بطلبها  باسمها والحال أن المادة 13 من قانون المحاكم التجارية  تنص  طرحة على أن الدعوى أمام المحكمة التجارية ترفع بمقال مكتوب يوقعه محام … وحيث أنه ..  طلب المدعية غير مسموح وناقص … وصرح  بعدم  قبول الطلب ..” ( غير منشور).

17 أحمد شكري  السباعي  الوسيط في النظرية  العامة  في قانون  التجارة  والمقاولات  التجارية  والمدنية الجزء الأول  دار النشر  المعرفة الرباط  طبعة ص 207

18 ينص الفصل 32  من ق.م.م على ما يلي  ” يجب أن يتضمن المقال أو المحضر الأسماء العائلية والشخصية  الصفة أو مهنة   أو موطن أو محل إقامة المدعى عليه والمدعى وكدا عند الاقتضاء أسماء وصفة وموطن وكيل المدعي، إدا كان أحد  الأطراف  شركة وجب أن يتضمن المقال أو المحضر اسمها  ونوعها  ومركزها .

يجب أن يبين بإيجاز في المقالات والمحاضر علاوة على ذلك موضوع الدعوى  والوقائع  والوسائل المثارة …”

[19]  عبد الرحيم بحار، مرجع سابق،  ص 88.89

 أحمد شكري  السباعي، مرجع سابق،  ص 208 .209[20]

 21 حليمة لمغاري، محاضرات في علم التنظيم القضائي، كلية العلوم  القانونية  ولاقتصادية  والاجتماعية، أكادير، السنة الجامعية 2013.2014 ،ص85

 22 محمد المجدوب الإدريسي،  المحاكم التجارية  بالمغرب دراسة تحليلية  نقدية  مقارنة،   مطبعة بابل  للطباعة  والنشر والتوزيع، الطبعة الأولي 1998 ص170

 عبد الرحيم بحار، مرجع سابق، ص 89[23]

 محمد الوزاني التهامي، مرجع سابق، ص 131 [24]

 عبد الكريم الطالب، مرجع سابق،،ص 78[25]

 26 بوشعيب الزموري،مرجع سابق،  ص 26

 محمد المجدوب الإدريسي، مرجع سابق، ص 171.[27]

[28]  تنص المادة 14 ” يعين رئيس المحكمة حالا بمجرد تقييد المقال قاضيا مقررا يحيل إليه الملف في أربعة وعشرين  ساعة …”.

[29]  محمد التهامي الوزاني، مرجع سابق،ص 125-126.

[30]  تنص المادة 19 “تطبق نفس الأحكام 13-14-15-16-17 من هذا القانون أمام محكمة الاستئناف التجارية “.

31 ينص الفصل 362 في فقرته الأولى”. يقوم الرئيس الأول بمجرد تقديم طلب النقض بتسليم الملف إلى رئيس الغرفة المختصة الذي يعين مستشارا مقررا يكلف بإجراء المسطرة….”

[32]  بوشعيب الزموري، مرجع سابق، ص 27

[33]  تنص المادة 15″  يوجه الاستدعاء بواسطة عون قضائي وفقا للأحكام القانون رقم 41.08 بإحداث هيأة للأعوان القضائيين “

[34]  بوشعيب الزموري، مرجع سابق، ص32و33.

[35]  عبد الرحيم بحار، مرجع سابق، ص 89.

[36]  محمد الوزاني التهامي، مرجع سابق، ص 131

[37]  بوشعيب الزموري،  مرجع سابق، ص 40.

[38]  محمد الوزاني التهامي، مرجع سابق، ص 153.

[39]  عبد الرحيم بحار، مرجع سابق، ص 90-91.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

"لا تقرأ وترحل شاركنا رأيك"

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من أنفاس قانونية

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading