أخر الأخبار

الحوالة

انتقال الحقوق يكون مصدره إما القانون أو الاتفاق : إن انتقال الحق من الدائن القديم إلى دائن آخر إما أن يكون مصدره القانون وإما أن يكون مصدره اتفاق المتعاقدين ( المادة 189 ) فانتقال الحق قد يتم بمقتضى القانون كما في حالة انتقال الحقوق إلى الوريث بموت المورث، وكما في حالة حلول الدولة محل المضرور عندما يحكم عليها بوصفها مسؤولة عن أخطاء رجال التعليم العام وموظفي الشبيبة والرياضة وذلك لاسترداد المبالغ المحكوم بها عليها، إما من رجال التعليم وموظفي الشبيبة والرياضة  أو من الغير ( م 85 مكرر ) .كما قد يكون مصدره اتفاق المتعاقدين كأن يتفق الدائن مع الغير على أن يحول له حقه في ذمة المدين فيحل الغير محل الدائن في هذا الحق نفسه، وبالتالي تكون الحوالة من بين أهم الوسائل انتقال الالتزامات.

وحوالة الحق عن طريق الاتفاق هو الذي خصه المشرع بالبحث في المواد من 189 إلى 208 وهو الذي سنتطرق إليه في هذا الموضوع. ويقتضي البحث أن نبين شروطها أولا على أن نعرض لآثارها ثانيا

أولا : شروط الحوالة

إن شروط حوالة الحق على نوعين : النوع الأول يجب توافره لانعقاد الحوالة بين المتعاقدين،  والنوع الثاني يجب توافره لتصبح نافذة إزاء الغير.

  1. شروط انعقاد الحوالة بين المتعاقدين

وجوب تطبيق مبادئ التعاقد عامة إلى جانب شروط أخرى تتعلق بمحل الحوالة وبسببها :

القاعدة الأصلية أن الحوالة تخضع لمبادئ التعاقد عامة سواء من حيث أركانها أم من حيث إثباتها،  فمن حيث اركانها يكتفى لانعقادها، توافر أركان العقد بوجه عام فيكفي إذن أن يحصل تراضي المحيل والمحال له وأن يكون كل منهما متمتعا بأهلية التصرف، وأن يكون محل الحوالة مشروعا وان يكون السبب الذي تحمل عليه غير مخالف للقانون أو للنظام العام أو الآداب العامة. وهذا ما أشارت إليه المادة 194 بقولها : ” الحوالة التعاقدية لدين أو لحق أو لدعوى تصير تامة برضى الطرفين ويحل المحال له محل المحيل في حقوقه ابتداء من وقت هذا التراضي “.

أما من حيث إثباتها، فيراعى في ذلك القواعد العامة في البيانات : فإذا حول دائن حقه الذي تزيد قيمته على 10000 درهم بثمن يفوق  10000 درهم، فإن المحيل لا يستطيع إثبات التزام المحال له بالثمن، ولا المحال له يستطيع إثبات التزام المحيل بنقل هذا الحق، إلا بالكتابة أو ببدء ثبوت بالكتابة معزز بالشهادة، والقرائن ولا تسمع البينة بالشهادة والقرائن ( المادة 443 والمادة 447 ).

وقد أوجب المشرع على المحيل أن يسلم للمحال له إلى جانب سند الدين المحال به وما يكون لديه من وسائل إثباته سندا يثبت حصول الحوالة. ويمكن أن يكون هذا السند رسميا إذا طلب المحال له ذلك، على أن تكون مصروفات هذا السند الرسمي على عاتقه. فقد ورد بهذا المعنى في المادة 199 أنه “يجب على المحيل أن يسلم للمحال له سندا يثبت وقوع الحوالة، وأن يقدم له إلى جانب سند الدين، ما يكون لديه من وسائل إثباته والبيانات اللازمة لمباشرة الحقوق المحولة، ويجب عليه أن يقدم للمحال له سندا رسميا يثبت وقوع الحوالة إذا طلب منه ذلك ومصروفات هذا السند على المحال له “.

الشروط الخاصة المتعلقة بمحل الحوالة

إلى جانب مبادئ التعاقد العامة، يشترط لانعقاد الحوالة شروط خاصة تتعلق بمحلها، وفي هذا الإطار يمكن القول أن كل حق شخصي يصلح مبدئيا أن يكون محلا للحوالة به من دائنه الأصلي إلى دائن جديد. وأغلب ما يقع أن يكون محل الحوالة مبلغا من النقود، ولكن يجوز أن يكون محل الحوالة أشياء مثلية،  كما يجوز أن يكون عملا أو امتناعا عن عمل.

ويستوي أيضا في قابلية الحق للحوالة أن يكون مدنيا أو تجاريا،  وكذلك يستوي أن يكون الحق المحال به منجزا أو مربوطا بأجل أو معلقا على شرط. وهذا ما أشار إليه المشرع صراحة في المادة 190 حيث قال : ” يجوز أن يرد الانتقال على الحقوق أو الديون التي لم يحل أجل الوفاء بها “.

ولئن كان المبدأ أن كل حق شخصي يقبل الحوالة وأن الحوالة تتم وفق قواعد التعاقد عامة، فإن ثمة استثناءات لهذا المبدأ تقضي بعدم قابلية بعض الحقوق الشخصية للحوالة أو تتطلب لتمام الحوالة توافر شرط خاص هو اقترانها بموافقة المدين المحال عليه.

فالحقوق التي لا تصلح أن تكون محلا للحوالة هي : الحقوق المحتملة أو الحقوق المستقبلة حيث نصت المادة 190 على انه ” لا يجوز أن يرد الانتقال على الحقوق المحتملة ” ويراد بالحق المحتمل أو الحق المستقبل الحق الذي لا وجود قانوني له في الحال وإنما يحتمل وجوده في المستقبل، وهو خلاف الحق الشرطي الذي له وجود قانوني في الحال وغن كان هذا الوجود غير بات وغير كامل.

وكذا الحقوق التي تمتنع حوالتها بمقتضى سند إنشائها أو بمقتضى القانون فقد نصت القفرة الأولى من المادة 191 على ان الحوالة تبطل ” إذا كان الدين او الحق غير ممكن تحويله بمقتضى سند إنشائه أو بمقتضى القانون “

كما نجد من ضمن الحقوق التي لا تصلح أن تكون محلا للحوالة الحقوق التي تتسم بطابع شخصي محض فمثل هذه الحقوق والتي تكون متصلة اتصالا وثيقا بشخص الدائن لا تقبل الحوالة على ما نصت على ذلك الفقرة الثانية من المادة 191.

ومن ضمن تلك الحقوق أيضا الحقوق التي لا تقبل الحجز أو التعرض حيث نصت الفقرة الثالثة من المادة 191 على أن “الحوالة تبطل إذا كان محلها حقا لا يقبل  الحجز أو التعرض ” .مثل ذلك النفقة والحد الادنى للأجور العمال أو رواتب الموظفين .على أن المشرع أوضح أن الدين ” إذا كان لا يقبل الحجز إلا في حدود جزء محدد منه أو قيمة محددة صحت الحوالة في حدود هذه النسبة “.

أما الحقوق التي تتطلب لحوالتها موافقة المدين، فهي الحقوق التي تكون موضوع نزاع، حيث إن الحقوق المتنازع عليها وإن كانت حوالتها جائزة، إلا أنه يشترط فيها أن تتم بموافقة المدين المحال عليه،  وذلك تحت طائلة البطلان وبهذا صرحت المادة 192 من ق ل ع التي جاء فيها أنه : “تبطل حوالة الحق المتنازع فيه ما لم تتم بموافقة المدين المحال عليه “.

وقد أوضح المشرع المقصود في هذا الصدد بكون الحق متنازعا فيه أن يكون ثمة نزاع ” في جوهر الحق أو الدين نفسه عند البيه أو الحوالة، أو أن تكون هناك ظروف من شأنها أن تجعل من المتوقع إثارة منازعات قضائية جدية حول جوهر الحق .

  • شروط نفاذ الحوالة إزاء الغير

الأصل أن الحوالة حتى تتعدى آثارها حلقة المتعاقدين وتصبح نافذة إزاء المدين المحال عليه وفي مواجهة الغير، لا بد من توافر شرط أساسي يرمي إلى تحقيق شهر الحوالة وإحاطة المدين والغير علما بوقوعها، وهذا الشرط الأساسي هو إعلان الحوالة للمدين إعلانا رسميا أو قبوله بها في محرر ثابت التاريخ .وقد نصت على هذا الشرط المادة 195 التي ورد فيها أنه ” لا ينتقل الحق للمحال له به اتجاه المدين والغير إلا بتبليغ الحوالة للمدين تبليغا رسميا أو بقبولها إياها في محرر ثابت التاريخ …

” حوالة الحقوق في شركة يلزم لسريانها على الغير أن تبلغ للشركة أو تقبل منها في محرر عرفي سجل في المنطقة الجنوبية من المملكة “.

وعليه مادامت الحوالة لم تبلغ للمدين شخصا طبيعيا كان أم شركة بصورة رسمية، أو مادام لم يقبل بها في محرر ثابت التاريخ فإن الحوالة تبقى مجردة من أي أثر في حق المدين المحال عليه وفي مواجهة الغير، وتكون بالتالي حقوق المحال له مهددة وعرضة للضياع. فالمدين المحال عليه ملتزم في الأصل اتجاه دائنه الأصلي فما لم يعلم بالحوالة عن طريق الاعلان الرسمي أو ما لم يقبل بها في محرر تابت التاريخ، يكون من حقه أن يرفض دفع ما هو مترتب في ذمته إلى غير دائنه.

ثم إن الدائن قد يعمد بعد إجراء الحوالة إلى التصرف في حقه مرة ثانية كان يحيله إلى شخص غير المحال له الاول، فإذا قام المحال له الثاني بإعلان الحوالة إلى المدين المحال عليه قبل أن يقوم المحال له الأول بالإعلان عن حوالته، كانت الافضلية للمحال له الثاني، وهذا ما قررته المادة 197 بقولها : ” إذا حول نفس الدين لشخصين فضل منهما من بلغ حوالته للمدين المحال عليه قبل الآخر ولو كانت حوالته متأخرة في التاريخ “.

إلا أنه خلافا للأصل المذكور وبمقتضاه لا تعتبر الحوالة نافذة إزاء الغير إلا بإعلانها للمدين إعلانا رسميا أو بقبوله بها في محرر ثابت التاريخ، توجد ثمة حالة تكون فيها الحوالة نافذة إزاء الكافة بمجرد انعقادها بين الطرفين المحيل والمحال له وقد أشار المشرع إلى هذه الحالة في آخر الفقرة الأولى من المادة 195 حيث استثنى من إجراءات الإعلان أو القبول ” الحالة المنصوص عليها في المادة 209 ” وهي حالة حوالة من له حقوق في تركة هذه الحقوق إلى الغير. فبمجرد انعقادها بين المحيل والمحال له تنتقل الحقوق والالتزامات المتعلقة بالتركة بقوة القانون إلى المحال له وذلك إزاء الكافة ودون أي إجراء.

كما أن هناك حالات استثنائية أوجب القانون فيها لنفاذ الحوالة إزاء الغير  إتباع إجراءات غير الاعلان والقبول، ويتعلق الامر بحالة حوالة عقود كراء العقارات أو  أكريتها أو الايرادات الدورية المترتبة عليها :حيث إن حوالة عقود الكراء أو الأكرية المتعلقة بالعقارات وغيرها من الاشياء القابلة للرهن الرسمي  كالسطحية أو حوالة الايرادات الدورية المترتبة عليها إذا ما تقررت لفترة تزيد على سنة لا تكون سارية المفعول إزاء الغير إلا إذا وردت في محرر ثابت التاريخ ( المادة 196).

وكذا حالة حوالة الكمبيالات والسندات للأمر والسندات لحاملها حيث نصت المادة 208 على أن حوالة الكمبيالات والسندات للأمر والسندات لحاملها تخضع لأحكام خاصة. وهذه الأحكام الخاصة هي الاحكام التي وردت في مدونة التجارة بشأن انتقال السندات للأمر او السندات الاسمية أو السندات لحاملها .فالسندات للأمر كالكمبيالة والسند لأمر والشك للأمر وبوليصة التامين تكون حوالتها نافذة في حق المدين وفي حق الغير عن طريق تظهيرها وذلك بأن  يضع صاحب السند توقيعه في ظهر السند سواء ذكر اسم الشخص المظهر له أو اكتفى بالتوقيع دون ذكر الاسم حيث يسمى التظهير ندها بالتظهير على بياض.

أما السندات الاسمية كاسهم الشركات الاسمية أو سندات القرض الاسمية، فإن نفاذ حوالتها في حق الشركة وفي حق الغير يتوقف على قيد الحوالة في سجل خاص تحتفظ به الشركة. وأما السندات لحاملها وتشمل الاسهم والسندات التي تحرر لحاملها أيا كان فتعتبر حوالتها نافذة إزاء المدين وفي مواجهة الغير بمجرد التسليم المادي أو بمجرد أن ينتقل السند للحامل من حيازة المحيل إلى حيازة المحال له .

ثانيا : آثــــــــــــــــــــــــار الحوالة

الحوالة تنقل مبدئيا إلى المحال له نفس الحق الذي كان يتمتع به المحيل (1 ) ثم إنها إذا كانت بعوض ترتب الضمان على المحيل إزاء المحال له .(2 ) وقد ترد أيضا على جزء من الدين فما هو الحكم الذي يسود علاقة المحيل بالمحال له في مثل هذه الحالة ( 3).

1 انتقال الحق المحال به من المحيل إلى المحال له

إن الحوالة تنقل من المحيل إلى المحال له نفس الحق الذي كان يتمتع به المحيل، وعليه فالحق ينتقل إلى المحال له بقيمته وصفاته، فهو ينتقل بكل قيمته حتى ولو كان المحال له دفع فيه للمحيل ثمنا أقل كما هو الغالب .كما أن الحق المحال به ينتقل بالصفات التي كان يتصف بها : فإذا كان حقا مدنيا أو تجاريا انتقل بصفته المدنية أو التجارية إلى المحال له .وإن كان موقوفا على شرط أو مربوطا بأجل انتقل إلى المحال له بهذا للوصف،  وإن كان حقا قابلا للتنفيذ بموجب حكم انتقل بهذه الصفة أيضا.

كما أن الحق المحال به ينتقل إلى المحال له مع توابعه ومع تكاليفه والتزاماته فقد نصت المادة 200 على أن حوالة الحق تشمل توابعه المتممة له. وتطبيقا لهذه القاعدة قررت المادة نفسها الاحكام التالية :

  • إذا كان للدين المحال به امتياز ما يجعله مقدما على سائر الديون المترتبة في ذمة المدين المحال عليه، فإن الدين ينتقل إلى المحال له مع ما كان له من امتياز . وإن كان المشرع استثنى من ذلك الحالة التي يكون فيها الامتياز متعلقا بشخص المحيل حيث ينتقل الحق بالحوالة مجردا من صفاته الممتازة ؛
  • إذا كان الحق المحال به باطلا أو قابلا للإبطال، فإن الحوالة تشمل دعاوى البطلان او الابطال التي كانت للمحيل ؛
  • كون الدين المحال به ينتج فوائد فإنه ينتقل إلى المحال له أصلا وفائدة ؛
  • إذا كان للحق المحال به ضمانات ما كرهن حيازي على منقول أو عقار أو كرهن رسمي أو كفالة، فإن الحوالة تشمل هذه الضمانات شرط أن يكون تم الاتفاق على ذلك صراحة بين المحيل والمحال له، وما لم يرد هذا الاتفاق الصريح فالحق المحال به ينتقل بالحوالة دون ضماناته .

وكما أن الحق ينتقل إلى المحال له مع توابعه، كذلك فهو ينتقل إليه مع التكاليف والالتزامات التي تثقله عملا بالقاعدة العامة القائلة الغرم بالغنم. إلا إذا اشترط عكس ذلك فينتقل عندها الحق مطهرا مما كان يثقله من التكاليف والالتزامات، وقد ورد بهذا المعنى في المادة 202 أن ” البيع أو الحوالة الواردة على حق أو دين تشمل التكاليف والالتزامات المترتبة عليه ما لم يشترط غير ذلك “.

كما أن الحق المحال به ينتقل بما عليه من دفوع ولهذا أجازت المادة 207 للمدين ” أن يتمسك في مواجهة المحال له بكل الدفوع التي كان يمكنه التمسك بها في مواجهة المحيل بشرط أن يكون اساسها قائما عند حصول الحوالة أو عند تبليغها. على انه تطبيقا لأحكام الصورية التي تقضي بعدم سريان العقد المستتر إزاء لغير حسن النية، فإن المشرع منع على المدين المحال عليه التمسك في مواجهة المحال له بوصفه غيرا في حقل الصورية، بالدفوع المستمدة من الاتفاقات السرية ما لم تكن هذه الاتفاقات ناتجة من السند المنشئ للالتزام وما لم يكن المحال له على علم بها فقد ورد بهذا المعنى في الفقرة الثانية من المادة 207 أنه لا يجوز للمدين أن “يتمسك بالدفع بالصورية ولا بما وقع تبادله بينه وبين المحيل من الاتفاقات السرية المعارضة والتعهدات الخفية إذا كانت غير ناتجة من السند المنشئ للالتزام ولم يكن المحال له قد علم بها “.

2 ضمان المحيل

يضمن المحيل للمحال له أفعاله الشخصية التي تؤدي إلى زوال الحق المحال به أو الانتقاص منه سواء كانت الحوالة بعوض أو بغير عوض، فهكذا لو ان المحيل أقدم بعد إجراء الحوالة وقبل صيرورتها نافذة في حق المدين على استيفاء كل أو بعض الحق من هذا المدين المحال عليه، لترتب عليه المسؤولية وكان للمحال له الرجوع عليه بالضمان.

وإذا ترتبت المسؤولية على المحيل وأمكن الرجوع عليه بالضمان نتيجة ما صدر عنه من أفعال شخصية أدت إلى زوال الحق المحال به أو الانتقاص منه، فإن هذا الضمان يكون بإلزامه بتعويض المحال له تعويضا كاملا عما أصابه من ضرر وفقا لمبادئ المسؤولية التقصيرية، لأن التعويض هنا مصدره خطأ من جانب المحيل.

وإذا كانت الحوالة بعوض ولم يكن ثمة اتفاق خاص بين المحيل والمحال له على الضمان، فإن المحيل يضمن بحكم القانون كونه دائنا كما يضمن وجود الدين وحقه في التصرف فيه. فقد ورد في بهذا المعنى في المادة 203 ما يلي: ” من أحال بعوض دينا أو أي حق معنوي آخر يلتزم بان يضمن : 1 – كونه دائنا أو صاحب حق ؛ 2 وجود الدين أو الحق وقت الحوالة ؛ 3 حقه في التصرف فيه ؛ وكله هذا ولو حصلت الحوالة بغير ضمان “.

أم إذا كانت الحوالة بلا عوض، فالضمان الذي سبق وقررناه لا يترتب على المحيل، كل ما في الأمر أن المحيل يكون مسؤولا في مواجهة المحال له عن الضرر الذي يلحق به بسبب تدليسه ولا ضمان سوى ذلك عليه. وقد وجد المشرع أن ينبه إلى ذلك في الفقرة الأخيرة من المادة 203 حيث قال : ” من أحال بدون عوض لا يضمن حتى وجود الدين أو الحق المحال وإنما يكون مسؤولا عما يترتب على تدليسه “.

وإلى جانب الضمان القانوني الذي يشمل كون المحيل دائنا ووجود الدين وحقه في التصرف فيه يمكن ان يشمل ضمان المحيل يسار المدين. وشمول ضمان المحيل يسار المدين لا يكون مبدئيا إلا با تفاق خاص يلتزم بمقتضاه صراحة بهذا الضمان، على ان المشرع المغربي اعتبر المحيل ضامنا كذلك يسار المدين ولو لم ينص على هذا الضمان في العقد ” إذا كان المحيل قد أحال دينا على شخص كان معسرا عند إبرام الحوالة  وهذا مانصت عليه المادة 204 التي جاء فيها :” لا يضمن المحيل يسار المدين إلا إذا كان قد أحال دينا على شخص كان معسرا عند إبرام الحوالة .وأوضحت  المادة المذكورة أن هذا الضمان يشمل ثمن الحوالة الذي قبضه المحيل ومصروفات مطالبة المدين التي اضطر المحال له لانفاقها. ولا يمنع ذلك المحال له من الحق في تعويضات اكبر في حالة التدليس الواقع من المحيل “.

غير إن الدائن الذي التزم بضمان يسار المدين يسقط عنه تحمل هذا الضمان إذا كان عدم الوفاء راجعا إلى فعل المحال له أو إلى إهماله في اتخاذ الاجراءات اللازمة في استيفاء الدين ؛ أو إذا كان المحال له قد منح المدين امتدادا للأجل بعد حلول الدين (المادة 205).

3 – أثر الحوالة الواقعة على جزء من الدين

إذا حول الدائن أو صاحب الحق جزءا من دينه أو من حقه، ورجع كل من المحال له والمحيل على المدين الأول للاستيفاء جزء الدين أو الحق المحال به والثاني لاستيفاء الجزء الذي لم تشمله الحوالة وكانت ذمة المدين غير مليئة، فلا يكون لأحدهما أفضلية على الآخر في استيفاء دينه أو حقه، بل يتوازع الطرفان ما يمكن قبضه من المدين على قدم المساواة كل بقدر دينه أو حقه، كما يباشران الدعاوى المتعلقة بالدين او الحق كل بحسب نسبته في الدين او الحق، وقد جاء بهذا المعنى في المادة 206 أنه ” إذا وردت الحوالة على جزء من الدين جاز للمحيل والمحال له كل بقدر حصته ان يباشر الدعاوى الناتجة عن الدين المحال “.

إلا أنه، خلافا لهذا الأصل هناك بعض الحالات الاستثنائية يتقدم فيها المحال له على المحيل وتكون له الأفضلية في استيفاء الجزء المحال به من الدين. وهذه الحالات الاستثنائية والتي ورد عليها النص في المادة 206 المذكورة هي التالية :

إذا اشترط المحال له صراحة حق الافضلية لمصلحته في عقد الحوالة. ؛ وكذا  إذا كان المحيل قد ضمن للمحال له يسار المدين المحال عليه أو كان التزم بالوفاء عند عدم قيام المدين المحال عليه بأداء الديــــــــــــــــــــــــن.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

"لا تقرأ وترحل شاركنا رأيك"

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من أنفاس قانونية

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading