أخر الأخبار

التأمين الإجباري على العربات البرية ذات محرك نموذجا


مقدمة

رافق تطور المجتمعات المعاصرة ظهور مجموعة من الأخطار، منها ما يهدد الإنسان في شخصه كالموت والمرض والعجز والحوادث، ومنها ما يهدده في ذمته المالية كالحريق والفيضانات والمسؤولية المدنية. وقد لجأ الإنسان إلى التأمين كوسيلة حديثة للاحتماء ضد ما يحيط به من أخطار قد تلحق بشخصه أو بماله، في حالة وقوعها، أضرار متعددة[1].

وينقسم التأمين من حيث نوعه إلى تأمين اختياري والذي يلجأ إليه المؤمن له بمحض إرادته، وتأمين إجباري  تفرضه الدولة لمساسه بالجانب الإجتماعي كما هو الشأن بالنسبة للتأمينات الإجبارية على القنص والعربات ذات المحرك المنظمة بموجب مدونة التأمينات[2]، وتأمينات إجبارية أخرى منصوص عليها بمقتضى نصوص خاصة من قبيل التأمين الإجباري على حوادث الشغل[3]، والتأمين الإجباري على الطلبة[4]… إلخ.

وسنقتصر في موضوعنا المتعلق بالتأمين الإجباري على تأمين إجباري واحد والذي خصصناه للتأمين الإجباري على العربات البرية ذات محرك، وذلك نظرا لخصوصيته القانونية إذ يخضع لأحكام التأمين بصفة عامة، ولأحكام التأمين من المسؤولية بصفة خاصة من جهة، ولأهميته الواقعية من جهة أخرى والمتمثلة في المسؤولية المدنية عن حوادث السير والتي سعى المشرع المغربي عند فرضها حماية ضحية حادثة سير حتى لا يجد نفسه أمام مسؤول معسر فتضيع حقوقه. فقد ارتأينا تسليط الضوء في موضوعنا هذا على التأمين الإجباري على العربات ذات المحرك.

والتأمين الإجباري على العربات ذات محرك اي السيارات هو تأمين من المسؤولية المدنية الناتجة عن حوادث العربات البرية ذات المحرك[5]، نظمه المشرع المغربي ضمن مدونة التأمينات من المادة 120 إلى المادة 132،  إضافة إلى القرار رقم 1053/06 الصادر بتاريخ 26/06/2006 بشأن الشروط النموذجية العامة للعقود المتعلقة بالتأمين الاجباري اي تأمين المسؤولية المدنية عن العربات ذات المحرك. وقد ظهر التأمين من المسؤولية نتيجة التغيرات الاقتصادية، والتطورات التي أدت إليها الثورة الصناعية، وانتشار الآلات الميكانيكية، والسيارات، ووسائل النقل البري والبحري والجوي. فقد أدى هذا التطور إلى زيادة نشاط الإنسان و توسعه، وصاحب ذلك كثرة الحوادث، وكثرة دعاوى المسؤولية المدنية عن الإصابات التيتحدث للغير. كل ذلك أدى إلى ظهور تطور  نظام التأمين ضد المسؤولية.

وتعتبر سنة 1948 أول محطة لانطلاق التأمين ضد الحوادث من خلال “شركة تأمين ركاب السكك الحديدية”، وههي شركة انجليزية تأسست من أجل ضمان الأضرار الحاصلة بسبب ارتفاع نسبة حوادث القطارات[6].

أما فيما يخص المغرب فقد تدخل المشرع سنة 1941 لسن مجموعة من القواعد المتعلقة بالتأمين، ومن بينها التأمين الاجباري على العربات البرية ذات المحرك اي تأمين ضد المسؤولية المدنية، وبذلك كان من الدول السباقة إلى إحداث إجبارية التأمين في هذا الموضوع.

بالنسبة لأهمية التأمين الإجباري على العربات البرية ذات محرك تبرز في التكامل والتكافل الاجتماعي والحصول على التعويض المناسب عند حدوث إصابة أو ضرر، لأنه بمثابة مظلة الأمان.

ومن كل ما سبق ذكره، نخلص إلى الإشكال الآتي :

هل استطاع المشرع المغربي من خلال إلزامية التأمين الإجباري تحقيق نوع من التوازن بين مصالح المؤمن والمؤمن له ؟

وفي سبيل سبر أغوار الإشكال المطروح، سنقوم في (المبحث الأول ) برصد مدى إجبارية التأمين على العربات ذات المحرك، على أن نخصص (المبحث الثاني) للتعويض عن حوادث السير.

المبحث الأول: مدى إجبارية التأمين على السيارات

ومادام أن التأمين الإجباري للعربة ذات محرك عبارة عن عقد يفرضه المشرع على كل مالك عربة ذات محرك، وإلزام المسؤول عنها بدفع مبلغ مالي إلى شركة التأمين مقابل قيام الشركة بتعويض كل مضرور من حوادث هذه العربة، فإننا نتساءل عن ماهية الإجراءات والشروط المنصوص عليها في عقد التأمين بقصد حماية المتضرر؟ ومن المسؤول عن هذا التأمين ومن هو المتضرر المستفيد؟

غير أن الاجابة عن هذا السؤال تقتضي منا الوقوف عند نطاق التأمين الإجباري عن العربات البرية ذات محرك (المطلب الأول)، على أن نرصد حالة انتفاء التأمين (المطلب الثاني).

المطلب الأول: نطاق التأمين الإجباري على السيارات

سنحاول الحديث عن نطاق التأمين الإجباري عن العربات ذات المحرك، من حيث الأشخاص المشمولة بالتأمين ( الفقرة الأولى)، ومن حيث العربات الخاضعة له ونوع الخطر المؤمن منه (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى : الأشخاص المشمولين بالتأمين

 لمعرفة الأشخاص المشمولة بالتأمين، لابد من الوقوف على الأشخاص المسؤولة (أولا)، ثم الفئة المستفيدة من الضمان (ثانيا).

أولا: المسؤولين المشمولين بالضمان

انطلاقا من المادة 120 من مدونة التأمينات[7]، فإن كل شخص طبيعي أو معنوي من الممكن أن يسأل مدنيا عن الأضرار المادية أو البدنية اللاحقة بالغير بواسطة عربة برية ذات محرك، وعمليا فإن هذا التأمين يجب أن يغطي المسؤولية المدنية لمكتتب العقد ولمالك العربة ولكل شخص يتولى بإذن منهما حراسة العربة أو سياقتها طبقا لما نصت عليه المادة 122 من القانون رقم 17.99[8].

وبالتالي، فإن هناك تأمينا قانونيا لحساب الغير وهي تقنية ألزمتها طبيعة هذا التأمين حتى تتحقق الحماية المنشودة للمتضررين، ومن هنا نستخلص أن الأشخاص الذين يغطي التأمين مسؤوليتهم هم:

  • مكتتب العقد ومالك العربة

يعتبر مكتتب العقد هو الموقع على عقد التأمين، أو كل يقوم مقامه إما بسبب وفات الموقع الأول أو باتفاق الأطراف، يسمى هكذا في الشروط الخصوصية بالعقد[9].

وتجدر الإشارة إلى أن مكتتب العقد عادة ما يكون هو نفسه مالك العربة، غير أنه في بعض الأحيان يمكن تصور افتراقهما، كما هو الشأن في حالة القاصر مالك العربة الذي يوقع عنه الوالي أو المقدم أو الموصي فكل منهم يعتبر في هذه الحالة مؤمنا له.

     ويلاحظ أنه في حالة انتقال ملكية العربة إلى مالك جديد فإن عقد التأمين الذي عقده المالك القديم والمتعلق بتلك العربة يفسخ بقوة القانون[10]، وذلك ابتداء من تاريخ تسجيلها باسم المالك الجديد، في كون من ثم على هذا المالك الجديد أن يبادر إلى عقد التأمين جديد، ابتداء من تاريخ تسجيل السيارة باسمه[11].

 وفي هذا الصدد جاء في قرار للمجلس الأعلى (محكمة النقض حاليا) أن انتقال الملكية للمالك الجديد ﻻ يتم  إلا من تاريخ تضمين اسمه في البطاقة الرمادية للعربة، وأنه بالتالي قبل ذلك التضمين تظل عقدت التأمين التي عقدها  المالك القديم سارية على العربة[12].

  • المرخص له بالسياقة

     يقصد به الشخص الذي تسلم له العربة لأجل سياقتها لاتجاه محدد ولغاية معينة، مثل السائق المأمور، فإذا تعدى هذه الغاية أو المهمة كأن يستعمل هذه العربة لغير ما سلمت لأجله، أصبح غير مأذون له وأخرج من نطاق التغطية، ويلعب الشخص المسموح له بالسياقة دورا رئيسيا في منح الترخيص، لذلك وما دام الترخيص شخصيا فإنه ﻻ يجوز له أن يرخص لشخص آخر بالسياقة كأن يسلمه إلى زميل له[13].

  • مرخص له بالحراسة : فهو الذي لا تكون سياقته مرتبطة بمهمة أو غاية محددة، وإنما يكون استعماله للعربة أكثر شمولية من الذي رخص له بالسياقة، إذ أن هذا الترخيص ليس شخصيا لذلك يجوز أن يرخص بدوره وأن يأجر العربة ويعيرها، ويعتبر الكل مؤمنا له، والإذن إما أن يكون صريحا أو ضمنيا، كما أن المرخص له المعتبر مؤمنا له هو الذى يجب أن يظهر كمدعي عليه في دعوى حادث السير المدنية ﻻ المرخص.

تجدر الإشارة، الى أن هناك استثناء على القاعدة الواردة بالفقرة الأولى من المادة122[14]، ويتعلق الأمر بأصحاب المرائب والأشخاص المتعاطين لسمسرة العربات أو بيعها أو  إصلاحها أو إزالة العطب منها أو مراقبة حسن سيرها.

 ونفس الأمر ينطبق على أعوانهم فيما يخص العربات المسلمة لهم بحكم مهامهم، حيث لا يكتسب هؤلاء صفة المؤمن لهم بناء على عقد التأمين الإجباري، والسبب في ذلك أنهم مهنيون تسلم لهم العربات في إطار تعاطيهم لنشاطهم المهني، الذين عادة ما يكونوا مؤمن لهم بمقتضى عقود تأمين خاصة تتعلق بمهنتهم[15] .

يمكن القول أنه يشترط في الحادث الذي تسببت فيه العربة ذات المحرك من أجل ضمانه، أن يكون صادرا عن المالك أو المكتب أو المأذون له بالسياقة أو بالحراسة، ويجب أن يكونوا متوفرين على رخصة السياقة، أما إذا كانت صادرة عن الغير، كما لو كانت العربة مسروقة من صاحبها، فإنها لا تكون مشمولة بالضمان.

ثانيا: المتضررون المستفيدون من التأمين

المتضرر المستفيد من التأمين الإجباري على العربة ذات محرك هو كل من له صفة الغير يتمتع بضمان التأمين الإجباري، ويقصد بالغير كل متضرر ماعدا ما استثنى على سبيل الحصر من خلال المادة 14 من الشروط النموذجية، والمادة 124 من القانون رقم 17.99[16].

بالتالي، فكل متضرر من غير الأشخاص المذكورين على سبيل الحصر في المواد أعلاه يعتبر غيرا، ويستفيد من التأمين سواء أصيب في الحادثة وهو خارج العربة أو داخلها، أما المؤمن لهم السابق ذكرهم فمن الطبيعي ألا يعتبروا غيرا، لأن التأمين على العربات ذات المحرك هو تأمين من المسؤولية وهذه ﻻ يتصور قيامهما، إلا تجاه الغير بالإضافة الى هؤلاء الأشخاص المذكورين.

وتجدر الإشارة، إلى أن هناك مجموعة من الشروط واجب توفرها لاستفادة المتضرر من التأمين منها ما يتعلق بظروف النقل، ومنها ما يتعلق بعدد الأشخاص المنقولين، ومنها ما يتعلق بطبيعة النقل.

الفقرة الثانية : نوع الخطر المؤمن عليه والعربات المشمولة بالتأمين

 إن الإلمام بالتأمين الإجباري على العربة البرية ذات محرك يفرض معرفة نوع الخطر المؤمن عليه، وثم الوقوف عند نوع العربات المؤمنة، وهذا ما سنعالجه من خلال ما يلي :

أولا : نوع الخطر المؤمن عليه :

يقصد بالخطر المؤمن عليه الأضرار المضمونة بالتأمين، أيا لأضرار المادية أو البدنية التي تنتج عن المسؤولية المدينة[17].

     فبما أن التأمين الإجباري عن السيارات هو تأمين من المسؤولية المدنية عن حوادث السير، فإن كان هذا يغطي كل من المسؤولية التقصيرية والتعاقدية للمؤمن له، فإنه لا يغطي المسؤولية الجنائية بحكم قيام هذه الأخيرة على مبدأ شخصية العقاب[18].

بالتالي يغطي التأمين على السيارات كل من الحوادث التي تحدث بفعل العربة، سواء أثناء سيرها أو توقفها إما بسبب حادث أو حريق أو انفجار، راجع للسيارة  أو ملحقاتها أو الأجهزة والتوابع المستعملة فيها، وكذلك الحوادث الناتجة عن الأشياء والمواد التي تنقلها، بما فيها تلك الناتجة عن سقوط تلك المواد أو الأشياء[19].

    ويغطي التأمين الأضرار المادية الناتجة عن فتح أبواب العربة من قبل أي شخص، إما أثناء عمليات الصعود أو النزول منها، وعندما يقضي النص بأن تلك الحادثة أو ذلك الحريق أو الانفجار يجب أن يحدث بمناسبة سير العربة، فإن ذلك يعني أن الأمر يتعلق بجميع الحوادث التي تجري في الطرق العمومية والخصوصية سواء كانت العربة في حالة حركة أو في حالة توقف.

  ولا يتعلق الأمر فقط بالعربة والأجهزة والتوابع وكلما ذكر سابقا، وإنما أيضا بالمقصورات، كما يعني أن يكون بسبب العربة أيضا، أن تساهم العربة بذلك الحادث، وبالتالي يجب إخراج عمل الإنسان من إطار هذا التأمين، يصعب عمليا في كثير من الأحيان الفصل بين عمل العربة وعمل السائق فكلاهما في كثير من الأحيان شيء واحد إذ كيف يمكن مثلا فصل الحادث الناتج عن السرعة المفرطة، بي نعمل العربة في الاصطدام وعمل الإنسان في التجاوز السرعة[20].

يمكن القول أن كل ضرر تسبب فيه الحادث ناتج عن العربة أو توابعها أو المنتوجات المستخدمة فيها أوعن مواد تحملها يوجب الضمان.

ثانيا: العربات المضمونة بالتأمين

      انطلاقا المادة 120 من القانون رقم 17.99 [21] يتبين أن المسؤول المدني الملزم بالتأمين عن كل الأضرار التي ترتكب بواسطة عربات ذات محرك غير مرتبطة بسكة حديدية وكذا المقطورات أو شبه المقطورات المرتبطة بها.

وهكذا تكون كل عربة مهما كان شكلها والهدف من صناعتها والغاية من استعمالها، ذات محرك أو مجرورة بعربة ذات محرك خاضعة للتأمين الإجباري، وتأخذ نفس الحكم جميع توابع هذه العربة ماعدا عربات صاحب الجلالة والقصور الملكية والعربات الدولية المغربية[22].

ومن هنا يتبين أن المشرع اشترط لكي تكون العربة خاضعة للتأمين الإجباري، يجب أن تكون مزودة بمحرك كيفما كانت قوته، أما إذا كان تغير مزودة بمحرك فإنها ﻻ تخضع لإجبارية التأمين وذلك مثل الدراجات العادية والعربات المجرورة باليد أو بالحيوان.

ولا يكفي أن  تكون العربة مزودة بمحرك لتصبح ملزمة بإجراء التأمين بل يجب إضافة إلى ذلك، ألا يكون تحركها محكوم باستعمال السكة الحديدية وما يسري على العربة ذات المحرك يسري على المقطورات وشبه المقطورات، وهي كذلك عربات برية إلا أنها غير مزودة بمحرك وتكون معدة لتلحق بالعربة وغالبا ما تستعمل لنقل الأشياء.

كما يلاحظ أن المشرع اشترط أن تكون العربة برية، أي  عربة مهيأة بصفة أصلية أو عرضية لتستعمل في الطرق البرية، وبالتالي كل عربة مزودة بمحرك معدة لاستعمال في الطريق العام ولو بصفة عرضية إلا ويلزم عقد تأمين عليها. وما يجب الإشارة إليه هو أنه ليس المقصود بالسير في الطريق العام أن تكون العربة في حالة حركة، وإنما يكفي أن تستعمل تلك الطريق ولو لمجرد الوقوف لتكون خاضعة للتأمين الإجباري.

فخلاصة التي يمكن الخروج بها هي أن كل عربة برية تتوفر على محرك وغير متصلة بسكة حديدية، وتستعمل الطريق العام تخضع للإجبارية التأمين على العربة ذات محرك.

المطلب الثاني: انتفاء التأمين الاجباري على السيارات

لما كان التأمين الإجباري على السيارات هو إحدى الوسائل الرئيسية لضمان تعويض المتضررين، إذ غالبا ما تعرف الملفات التي ينعدم فيها التأمين تعثرات فإن مجال المستثنيات يعرف تجاذبا قويا بين شركات التأمين مـن جهـة، وبين المضرورين من جهة أخرى فكل توسع في تأويل بنوده ومفاهيمه قد يجهز على ما تبقى من حقوق للضحايا، الشيء الذي دفع بالمشرع  المغربي إلى تنظيم  حالات انتفاء إجبارية التأمين تخول للمؤمن التحلل من ضمان المسؤولية المدنية للمؤمن له سواء في القرار الصادر بتاريخ 25/1/1965 أو قرار وزير المالية والخوصصة رقم 857.05 بتاريخ 11 أبريل 2005 أو قرار وزير المالية والخوصصة رقم 1053/06 بتاريخ 26 ماي 2005 الذي نسخ القرار الأخير ودخل حيز التنفيذ ابتداء من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية بتاريخ 26/06/2006.

وهذه المستثنيات إما أن تكون بحكم القانون، ويتعلق الأمر هنا بالسائق وزوج وفروع وأصول المؤمن له، كما لا يكون مشمولا بالضمان الضرر الناتج عن عملية الشحن أو الإفراغ للسلع الموجودة بالعربة وهي متوقفة إذ أن ذلك يعتبر من عمل الإنسان لا العربة، وكذلك الأمر بالنسبة للسلع والمواد المنقولة إلا إذا كان هناك عقد تأمين خاص بشأنها، وإما أن تكون  الأخطار الخارجة من التأمين مرخص بها قانونا، وهذه الأخيرة هي تلك الواردة في قرار 1053/06 الصادر في 26/06/2006.[23]

وهذا ما سنحاول تبيانه في الفقرتين المواليتين، خصصنا الأول لسقوط الضمان بالنسبة للأشخاص، والثانية لحالات أخرى تؤدي إلى انتفاء التأمين.

الفقرة الأولى: سقوط الضمان بالنسبة للأشخاص

سنحاول في هذه الفقرة بيان حالات سقوط التأمين بالنسبة للسائق (أ)، و بالنسبة للأشخاص المنقولين (ب)، وكذا بالنسبة لعملية نقل البضائع (ج).

  •  السائق

نظرا لخطورة استعمال العربات السيارة، أقر المشرع المغربي ضرورة توفر مالك السيارة على مجموعة من الوثائق أبرزها شهادة القيادة، والتي تدل على توفر صاحبها على الكفاءة اللازمة مما يقل معه الخطر الذي يضمنه المؤمن، الشيء الذي أكده القضاء  بحيث  تصدى لحالة سياقة العربة دون إذن مالكها حيث جاء في قرار المجلس الأعلى عدد 231 صادر بتاريخ 6/03/1980 ملف جنحي رقم 10143 ” إذا كانت شركة التأمين لا تلزم بالضمان في حالة ما إذا كان سائق الناقلة المؤمن عليها لا يتوفر وقت الحادث على رخصة السياقة أو كانت عديمة الصلاحية قانونا فإن قيادة الناقلة بدون علم المؤمن له تلزم الشركة بالضمان [24]”.وقد أضاف المجلس الأعلى في قرار آخر شرط عدم صدور أي إهمال أو تقصير في الحراسة أو كونه مسؤولا مدنيا عن مرتكب الحادث، قرار 2628 الصادر بتاريخ 18/4/1985 الذي جاء فيه :

 ” لهذا فـشركة التأمين لا تلزم بالضمان في حالة سياقة السيارة بدون إذن مالكها إلا إذا  ارتكب المالك تفريطا في الحراسة أو كان مسؤولا مدنيا عن مرتكب الحادثة التي ساقها بدون إذنه”.[25]

وإذا كان واضحا أن هذا الاستثناء من التأمين يطبق في حق منعدم شهادة السياقة نهائيا، فإن الإشكال يطرح بالنسبة للسائق الذي سحبت منه شهادة السياقة من طرف جهة إدارية أو قضائية. فهل يعتبر كمنعدم الشهادة نهائيا؟ وهل يحدث نفس الأمر ممن سحبت منه ماديا قبل صدور أي حكم أو قرار إداري؟ وما مصير من سحبت منه شهادة السياقة دون تحرير أي محضر بل الاكتفاء بالمصالحة؟[26]

بمعنى أصح هل تشترط الحيازة المادية والقانونية معا أو بالقانونية فقط؟

هنا نجد على أن الفصل الثامن من الظهير 19 يناير 1953 المتعلق بالسير والجولان في الطرق العمومية، ينص على أنه في حالة صدور حكم نهائي بإيقاف الحق في قيادة العربات لمدة معينة أو صدور قرار إداري بتوقيف الشهادة لمدة محددة ووقع سحب الشهادة فعلا من السائق فإن لجوئه مع ذلك للقيادة يعرضه للعقوبة، ويحرمه من الضمان أيضا، لأنه في هذه الحالة في حكم منعدم شهادة السياقة.

هذا بالنسبة لسقوط الضمان بحكم نهائي أو قرار إداري، لكن يبقى السؤال ما الحكم إذا وجدت لدى السائق الحيازة القانونية دون المادية، كمن نزعت منه رخصة السياقة من طرف عون الشرطة القضائية أو ضابطها أو من طرف النيابة العامة أو قاضي التحقيق قبل صدور أي حكم؟[27]

حسب مضمون الفصل الثامن من ظهير 19 يناير 1953 بأنه لا يعتد  بالضمان إلا في حالة حيازة السائق لشهادة السياقة حيازة مادية بمعنى يصعب القول بانعدام الضمان على اعتباره -السائق- محصل للشهادة قانونا  وهو ما أكدته العديد من القرارات القضائية بحيث جاء في قرار  لمحكمة النقض (المجلس الأعلى سابقا) عدد2337  بتاريخ 26/04/1995 ملف مدني  عدد 1937″لكن حيث إن محكمة الاستئناف لا تثبت لها أن السحب الذي كان قد طال رخصة السياقة المطلوبة في الطعن كان سحبا مؤقتا من طرف النيابة العامة، اعتبرت ذلك لا يمتد إلى المساس بالحيازة القانونية لرخصة السياقة والتي لا يزول مفعولها إلا بأمر نهائي”.[28]

بالإضافة إلى انعدام الضمان لتخلف شهادة السياقة، فإننا نجد إقرار المشرع في منطوق الفصل 12 من الشروط النموذجية بانتفاء التأمين في حالة انعدام الوثائق وعدم صلاحيتها، من قبيل شهادة الفحص الطبي والذي يقضي الفصل 4/5 من ظهير 19 يناير 1953 بضرورة تجديد هذه الشهادة الطبية كل سنتين فيما يخص العربات المخصصة للنقل العمومي للمسافرين والنقل المأجور و سياقة العربات التي لا تتجاوز حمولتها 3500 كلغ مع العلم أن صلاحية هذه الرخصة تتوقف على تجديد الشهادة الطبية، فهل يعني هذا أن من أغفل عن تجديد الفحص الطبي بعد سنتين تصبح شهادته غير صالحة وبالتالي يكون كمن يسوق عربته دون شهادة صالحة.[29]

وبرجوعنا إلى قضاء الموضوع نجد على أن قراراته وأحكامه تعرف نوعا من الاختلاف والتناقض، فبعض محاكم الموضوع رفضت الدفع بانعدام التأمين المقدم من طرف شركة التأمين لانعدام الفحص الطبي مستدلة بأن الإجراء المذكور هو مجرد تأشيرة إدارية.[30]

في حين ذهبت أخرى إلى اعتبار أن إلزامية الفصل 12 من الشروط النموذجية توفر السائق إلى جانب رخصة السياقة الشهادة المتعلقة بالفحص الطبي، وبالتالي فالدفع بانعدام التأمين مرتكزا على أساس قانوني.[31]

من جهتنا فإننا نشيد بالاتجاه الثاني لمحاكم الموضوع، وذلك لاعتبار أن إلزامية تطبيق الفصل 12 من الشروط النموذجية هدفه الأساسي هو الحفاظ على أرواح المسافرين وأموال الناس، لأنه إذا قارنا بين مصلحة الضحية والمسافرين لوجدنا أن مصلحة العامة تقدم على المصلحة الخاصة، وبالتالي لا يمكن دفع السائقين إلى احترام الأنظمة والقوانين المتعلقة بالسير إلا بالتشدد في تطبيقها.

بالإضافة إلى تنصيص المشرع على ضرورة توفر السائق على شهادة الفحص الطبي، نجد في الفصل 31 من قرار 24 يناير 1953  على أن السائق ملزم بتقديم شهادة التفقد الفني للعربات، وبالرجوع كذلك إلى نص الفصل 33 من نفس القرار، نجد على أنه ليس هناك أي نص يقضي بعدم صلاحية شهادة السياقة إذا لم تكن مرفقة بوثيقة الفحص التقني، لأن هذا الأخير لا علاقة له بسلامة السائق الجسمية والنفسية وإنما  بالسلامة التقنية للعربة نفسها، وبالتالي ليست له أي علاقة بصلاحية الشهادة، ومادام الأمر كذلك فليس له أدنى أثر على الضمان.

  • سقوط التأمين بالنسبة للأشخاص المنقولين

ويتعلق الأمر بالطرف الثالث المنقول في العربة المؤمن عن مسؤوليتها المدنية، إذ أن الضمان يشمل الأضرار التي تلحق الأغيار المنقولين في العربة، وكذا كل تلف يصيب ملابس هؤلاء المنقولين باعتباره تابعا للضرر البدني نتيجة مسؤولية المؤمن له، غير أنه إذا توافرت شروط معينة سقط الضمان،[32] وهنا يجب أن نميز بين الوسيلة التي يتم بها النقل والمتمثلة في:

عربة النقل العمومية للمسافرين لكي يكون هناك ضمان يجب أن يوجد الأشخاص المنقولون داخل عربات مجهزة بهيكل مغلق ومجهز لنقل داخل المخدع، أو على مسطح مجهز بحواجز، أو داخل هيكل مغلق المسافرين، أو أن يكون المتنقلين داخل المقطورات أو شبه المقطورات لكي يكون هناك ضمان يجب أن تكون هذه العربات مصنوعة من أجل نقل الأشخاص وأن يوجد هؤلاء الأخيرين داخل العربة.[33]

هذا عن وسيلة النقل، أما من حيث عدد الأشخاص المنقولين فقد عمد المشرع إلى تحديد عدد الأشخاص بحيث إذا تجاوز العدد سقط التأمين، ويختلف العدد المعين باختلاف وسيلة النقل، فنجد  مثلا أن العربة ذات العجلين إذا حملت أكثر من شخص واحد زيادة على سائقها لا يكون هناك ضمان ولو كان الشخص الزائد طفلا، وكذا الأمر بالنسبة للعربة السياحية لا يكون هناك ضمان إذا حملت هذه العربة أكثر من خمسين في المائة من عدد المقاعد المقررة من طرف الصانع أو عند عدم وجود ذلك فمن عدد المقاعد المرخص بها من طرف وزارة النقل ولا يعد في هذا الحالة الأطفال الذين تقل أعمارهم عن عشر سنوات إلا بمثابة النصف، أو إذا تجاوز عدد الأشخاص المنقولين العدد المحدد بمقتضى التأمين.

ولا يقتصر التأمين في حالة الأشخاص المنقولين على الأطراف الثالث المنقولة بواسطة العربة والمتضررة نتيجة مسؤولية المؤمن له بل يتعداها إلى أصحاب الحقوق وإلى الأطراف الثالثة الموجودة خارج العربة.[34]

 الأصل أن الضمان يشمل جميع الأضرار التي تحدث للأشخاص الأطراف الثتالثة المنقولين سواء تم نقلهم بعوض أو بدون عوض غير أن الشروط النموذحية أقرت هذا المبدأ فقط بالنسبة للعربة المصرح في عقدها مثل هذا الاستعمال للنقل بعوض أما إذا لم يكن مصرحا به فإن نقل الأشخاص بعوض لا يؤدي إلى استثناء هؤلاء المنقولين من الضمان وإنما يستثنى أيضا من الضمان الأطراف الثالثة غير المنقولة الموجودة خارج العربة. [35]

وتعتبر مسؤولية الناقل في هذه الحالة مسؤولية تقصيرية عن الأضرار التي تصيب الشخص المنقول في السيارة. [36]

  • البضائع المنقولة

يسقط عندما تكون البضائع المنقولة تدخل في خانة المواد القابلة للاشتعال أو متفجرات أو مواد متأكدة أو محرقة ، ولا تعتبر في تطبيق هذا الاستثناء أنواع النقل التي لا تتجاوز 500 كلغ أو 600 لترا من الزيت أو البنزين المعدني أو أي منتوج مماثل بما في ذلك الوقود السائل والغازي اللازم لمحرك العربة.[37]

ويتبين من هذا الاستثناء أن الأمر يتعلق بتفاقم الأخطار التي يمكن أن يتعرض لها المؤمن ولذلك فإن مثل هذا النقل يمكن أن يكون موضوع تأمين خاص أي زيادة في الأقساط، ويجب ألا يفهم من الفصل أن هذه المواد يجب أن تكون السبب في الحادث أو تساهم فيه بل يكفي أن تحملها العربة التي سببت الحادث وكان من الطبيعي أن يكون لمثل هذه البضائع المحمولة دورا في وجود الحادث حتى يكون هناك تفسير منطقي لتطبيق الاستثناء.[38]

كما يخرج من ضمان التعويض عن الأضرار التي تلحق بالبضائع أو الأشياء المنقولة في العربة، وكذا كل السرقات المتعلقة بهذه البضائع أو الأشياء على أساس أنها سلمت للمؤمن له الذي أصبح هو الحائز لها، وهذا الأخير لا يعتبر غيرا ولا يستحق التعويض.[39]

الفقرة الثانية: حالات أخرى لاستثناء الضمان

إضافة إلى ما تم ذكره في الفقرة الأولى، فإنه يمكن أن يسقط التأمين لمجموعة من الحالات المنصوص عليها في الشروط النموذجية وهي كالآتي:

  • المسؤولية المدنية الناتجة عن الأخطاء العمدية للسائق

أقرت الفقرة الرابعة من الفصل 11 من الشروط النموذجية سقوط الضمان في حالة ارتكاب السائق أخطاء عمدية تسببت في نشوء التزام مدني، إلا أنه الحالة التي يكون فيها المؤمن له مسؤولا مدنيا عن السائق المرتكب للضرر العمدي فإن الضمان لا يسقط[40].

وهذا أمر طبيعي ذلك أنه إذا ارتكب  تابع عمدا ضررا بالغير وهو يقود السيارة التي يملكها المؤمن له المتبرع، فإنه على فرض أن هذا الأخير قد أخطأ في اختيار السائق في حراسته فإن هذا الخطأ غير عمدي ومن ثم فإنه سيتحمل نتائج عمل التابع السائق ويجب على المؤمن أن يتدخل ليشمل هذا الفعل بالضمان لأن المؤمن له المسؤول المدني لم يرتكب أي خطأ عمدي.[41]

  • الأضرار النووية

استثنى المشرع الضمان تلك الأضرار الناتجة عن الآثار المباشرة أو غير مباشرة للانفجارات وإطلاق الحرارة وانتشار الأشعة المترتبة عن تحويل نوى الذرات أو الإشعاعات الذرية وكذا آثار الإشعاعات الناجمة عن السرعة الاصطناعية للجسيمات.[42]

  • الحرب المدنية والأجنبية والاعتداءات والاضطرابات والمظاهرات

نصت المادة 45 من مدونة التأمينات على أن الحروب وما تحمله من أخطار استثنائية تخرج عن تقديرات وتوقعات المؤمن وتتعدى أحيانا حتى إمكانيته، لذلك من الطبيعي أن يقع استثناء الأضرار التي تنتج عن آثار الحرب الأجنبية أو المدنية والآلات الحربية، أو عن فتن أو اضطرابات شعبية ما عدا إذا وجد اتفاق مخالف.[43]

وليس من الضروري أن تكون هذه الحروب أو الآلات هي السبب الوحيد للضرر بل يكفي أن تكون قد ساهمت في وجوده، ذلك أن حجم العمليات الحربية وأثارها الجسام يجعل كل خطر مرتبط أو ناتج عن هذه العمليات غير مؤمن منه، وهكذا تكون كل الأعمال التخريبية والتي تكون العربة بسببها متسببة في الضرر لا تعتبر مشمولة بالضمان، وبالعكس فإن سوء تصرف صادر من عسكري أو موظف ولو أثناء هذه الحروب لا يعتبر عملا مباشرا ناتجا عن الحر وبالتالي لا يؤدي إلى سقوط الضمان، ويجب على المؤمن أن يثبت أن الضرر الحاصل يرجع إلى حرب مدنية تلك الحرب التي تتميز عن الحرب الأجنبية بكون عناصرها ينتمون إلى جنسية الدولة التي تقع بها هذه الحروب.[44]

  • الألعاب أو الاختبارات أو المسابقات أو المباريات

جاء في الفصل 11 من الشروط النموذجية، أن الضمان يسقط بالنسبة للأضرار التي تحصل أثناء الألعاب أو الاختبارات أو المسابقات أو المباريات وتجاربها إذا شارك فيها المؤمن له بصفته متباريا أو منظما أو عونا لأحدهما.

  • عملية الشحن أو تفريغ العربة

بما أن عملية الشحن أو تفريغ العربة هي من قبيل أعمال الإنسان، وليس من عمل العربة ولذلك لا تكون الأضرار الناتجة عنها مشمولة بالضمان.

المبحث الثاني : التعويض عن حوادث السير

إن التعويض عن الأضرار الناتجة عن حوادث السير مسألة إجرائية تقتضي سلوك مسطرة المطالبة للحصول عليها سواء كانت المطالبة ودية بمطالبة المضرور للمؤمن له بطريقة مباشرة، أو قضائيا عن طريق سلوك المسطرة القضائية لرفع الدعوى المباشرة أمام القضاء (المطلب الأول)، أما بالنسبة لموضوع المنازعة فإنه يقتضي وجود وثبوت المسؤولية عن الضرر وتشطيرا مع الحق في المطالبة بالتعويض (المطلب الثاني).

المطلب الأول : مسطرة الحصول على التعويض

إن التعويض عن حوادث السير يكتسي خصوصيات عدة ويطرح مجموعة من الإشكالات، وبالأخص في المسطرة المتبعة للحصول على التعويض، الشيء الذي جعلنا نعمل على تفصيل هذه المسطرة من خلال نقطتين أساسيتين وهما، إجراءات المطالبة بالتعويض (الفقرة الأولى)، ثم بيان دور صندوق الضمان في مسطرة حصول على التعويض (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى : إجراءات المطالبة بالتعويض

سنتصدى في هذه الفقرة للحديث عن الصلح كإجراء اتفاقي وحبي يتم بين المؤمن له و الطرف المضرور، وفي حالة تعذر هذه المصالحة يتم اللجوء إلى المطالبة القضائية (أولا)، وذلك قبل اللجوء إلى رفع دعوى المضرور المباشرة ضد المؤمن (ثانيا).

أولا : المطالبة الودية والقضائية

إن مطالبة المضرور للمؤمن له بالتعويض إما أن تسوى وديا (أ)، أو قضائيا (ب).

  • المطالبة الودية

تعد مسطرة المطالبة الودية من المستجدات التي جاء بها ظهير 2 أكتوبر 1984 في صيغة تتأرجح بين الوجوب و الاختيار وذلك استنادا إلى الفصل 18 منه[45].

فليس هناك ما يمنع المؤمن له من تسوية المطالبة وديا مع المضرور سواء في اتجاه الإقرار بعدم قيام مسؤوليته، أو الإقرار بقيامها مع التصالح بشأنها. وكل تسوية توصل إليها يمكنه الاحتجاج تجاه المؤمن والرجوع عليه بالضمان بمقتضاها. غير أنه لما كان المؤمن أجنبيا عن تلك التسوية، التي هي عقد يخضع لنسبية الآثار، فإنها لا تلزمه ويجوز، من تم، أن يتمسك في مواجهة المؤمن له بكافة الدفوع التي من شأنها أن تعفيه من الضمان، أو تخفف عليه.

ويلاحظ أنه غالبا ما يتضمن عقد التأمين شرطا يمنع شرطا يمنع المؤمن له من الاعتراف بالمسؤولية أو التصالح بشأنها ألا بموافقة المؤمن، وذلك تفاديا لتواطئه أو تهاونه في دفعها عنه وهو ما يضر بمصالح المؤمن[46].

ولقد نصت على هذا المقتضى الفقرة الأولى من المادة 64 من مدونة التأمينات، حيث جاء فيها : “يمكن للمؤمن أن ينص في العقد على أنه لا يمكن الاحتجاج عليه بأي اعتراف بالمسؤولية أو بأي صلح تم دون علمه. ولا يعتبر الاعتراف بحقيقة واقعة ما بمثابة اعتراف بالمسؤولية”.

وتجدر الإشارة إلى أنه لا يعتبر أي عمل إنساني تجاه الضحية، مثل العناية الطبية والصيدلية المقدمة إلى الجريح وقت الحادث أو نقله إما إلى منزله أو إلى المستشفى، بداية لصلح أو قبولا للمسؤولية شريطة ألا يؤدي ذلك إلى أي التزام[47].

  •  المطالبة القضائية

      غالبا ما يفضل المؤمن له التسوية القضائية وذلك لسببين؛ الأول يتمثل في تعنت المؤمن ومواجهة المؤمن له بمختلف الدفوع، والسبب الثاني يتجلى في إمكانية تضمين عقد التأمين شرطا يمنع المؤمن له من إجراء التسوية الودية من دون موافقة المؤمن.

ولما كانت دعوى المطالبة بالتعويض التي يرفعها المضرور تتعلق بها مصالح المؤمن لأنه هو الذي سيلزم بأداء التعويض، فإنه غالبا ما يتدخل فيها، وكثيرا ما يتولى إدارتها بنفسه نيابة عن المؤمن له.

فقد يواجه المؤمن له دعوى المسؤولية لوحده، وتعتبر هذه الحالة نادرة الوقوع إما لتعذر إدخال المؤمن خصما في الدعوى، وإما لاقتناع المؤمن له التام بعدم مسؤوليته وبإمكانه الدفاع عن نفسه لوحده.

وفي جميع الحالات التي تنتهي بها الدعوى فإن المؤمن له يرجع بما دفعه للمضرور وما تكبده من مصاريف على المؤمن، غير أنه وباعتبار أن المؤمن ليس طرفا في دعوى المسؤولية التي يستند إليها المؤمن له في رجوعه عليه، فإنه وعملا بمبدأ نسبية حجية الأحكام القضائية فيمكنه من تم أن يواجه المؤمن له بكافة الدفوع سواء ما تعلق منها بالمسؤولية أو الضمان.

وقد يرتئي المؤمن التدخل في الدعوى لمناقشة مسؤولية المؤمن له وإثارة ما لديه من دفوع تتعلق بالضمان، كما قد يتم إدخاله خصما فيها إما بطلب من المضرور أو بطلب من المؤمن له.

ومن جانب آخر فإن المؤمن كثيرا ما يشترط في عقد التأمين توليه بنفسه الدفاع عن المؤمن له، ويمتنع على هذا الأخير في عملية إدارة الدعوى وذلك تطبيقا لشرط إدارة الدعوى من طرف المؤمن.

ويتحمل المؤمن له كافة النفقات والمصاريف المترتبة على الدعوى التي يديرها بما فيها التعويضات في حالة الحكم بها، والمصاريف القضائية الأخرى[48].

       ثانيا : الدعوى المباشرة للمضرور تجاه المؤمن

أقر المشرع للمضرور حقا مباشرا على شركة التأمين فيما يتعلق بالتعويض المحكوم به قضائيا، ويستطيع المضرور إقامة دعواه المباشرة تجاه المؤمن من أجل الحصول على حكم بالتعويض في مواجهة المؤمن له، الشيء الذي يجعلنا نتساءل عن كيفية ممارسة المضرور لحقه المباشر تجاه المؤمن.

بداية نشير إلى أنه يستطيع ممارسة هذه الدعوى ومطالبة المؤمن بالتعويض كل من الضحية وأصحاب الحقوق من ورثة وغيرهم، كما يحق لكل الأشخاص المتضررين من الحادث بصفة غير مباشرة الحلول محل المضرور في جميع حقوقه المتعلقة بالحادث.

ويعتبر المدعى عليه في الدعوى المباشرة  هو المؤمن مع لزوم إدخال المؤمن له في الدعوى بالنسبة لهذا النوع من التأمين[49] أي تأمين المسؤولية المدنية الناتجة عن حوادث العربات السيارة[50].

وكجواب على التساؤل أعلاه فإن المضرور يستطيع إقامة دعواه المباشرة تجاه المؤمن قبل الحصول على حكم بالتعويض في مواجهة المؤمن له.

ويكفي صدور حكم قضائي يقرر مسؤولية الفاعل والتعويض المستحق، دون حاجة إلى اختصام المؤمن له في الدعوى أو استصدار حكم بمسؤوليته فإذا لم يكن المضرور قد سبق له الحصول على ذلك الحكم، وجب عليه اختصام المسؤول عن الحادث عند إقامته لدعواه المباشرة في مواجهة المؤمن.

وهنا يصدر حكم واحد في الدعوى ليقرر المسؤولية عن الحادث ومقدار التعويض، أي أن الحكم يحسم الأمرين؛ المسؤولية، والتزام المؤمن بأداء مبلغ التعويض المقضي به إلى المضرور مباشرة.

ويستطيع المضرور رفع دعوى المسؤولية المدنية تجاه المسؤول المؤمن له وحده، ليطالبه بتعويض الضرر الذي حل به من جراء حادث السيارة. فإذا صدر حكم قضائي نهائي لصالح المضرور، فإن المؤمن يلتزم بأداء التعويض المحكوم به إلى المضرور مباشرة.

كما أن الواقع العملي يكشف على قيام المضرور بالمطالبة بحقه في التعويض من خلال الادعاء بالحق المدني أما المحكمة الجنائية، فإذا لحق المضرور إصابة بدنية من حادث السيارة، فإن ذلك يؤدي، في أغلب الأحوال، إلى قيام جريمة جنائية من جانب القائد أو المالك، تتمثل في القتل أو الإصابة الخطأ، أو مخالفة أحكام المرور التي يرتب عليها القانون جزاء جنائيا [51].

والمضرور غالبا ما يلجأ للمطالبة القضائية ظنا منه أن المحكمة ستحكم له بمبلغ أكبر إلا أن الواقع العملي يفيد عكس ذلك حيث أن الأحكام التي تصدرها المحكمة الابتدائية غالبا ما تكون موضوعا للمراجعة وتتسم بعدم الاستقرار، وذلك لعدم التئام الجروح بصفة نهائية من جهة، وإمكانية مراجعة التعديل من جهة أخرى، هذا الأخير الذي يمكن أن يتم داخل أجل سنة من وقوع الحادث أو من زمن اجراء الخبرة .

وتجدر الإشارة إلى أن مؤسسة التأمين التي لم توفي بالتزاماتها القانونية تجاه الأطراف المستحقين للتعويض ألزمها المشرع بجزاء مدني يتمثل في زيادة50  بالمائة من المبالغ المحجوزة دون موجب، وجزاء إداري يتجسد في الرقابة المخولة لوزارة المالية باعتبارها الوصية على القطاع، فلوزير المالية بعد  استطلاع رأي اللجنة الاستشارية للتأمينات الخاصة أن يعاقب المؤسسة بغرامة تتراوح بين 10000 و 100000 درهم إذا لم توفي للمضرور بالتعويضات المستحقة له في الأجل المحدد[52].

أما فيما يتعلق بأجل رفع هذه الدعوى فيجب ألا يكون خارج خمس سنوات إما من تاريخ إجراء الخبرة المثبتة لاستقرار جروح المصاب أو من تاريخ وفاة المصاب، ويشمل نطاق تطبيق هذا الأجل ليس فقط التعويض الأساسي والتكميلي، ولكن يشمل حتى ذلك الذي يتعلق بمراجعة التعويض.

الفقرة الثانية : تدخل صندوق الضمان في حوادث السير

بجانب الرجوع على المؤمن، فإن هناك من الحالات التي يمكن فيها، الرجوع على جهة أخرى تجمع بين طياتها جميع الحالات التي لا يمكن فيها الرجوع على شركة التأمين، ويتعلق الأمر بالرجوع على صندوق ضمان حوادث السير، وللإحاطة بهذه الفقرة سنقوم بالحديث عن شروط الرجوع على صندوق الضمان (أولا)، ثم التعرج للحديث عن الحالات التي يتم فيها الرجوع على هذا الضمان (ثانيا).

أولا : شروط الرجوع على صندوق ضمان حوادث السير

 يقصد بصندوق ضمان حوادث السير المؤسسة التي تتحمل التعويض الكلي أو الجزئي للأضرار البدنية التي تتسبب فيها عربة برية ذات محرك غير مرتبطة بسكة حديدية أو بواسطة مقطوراتها أو شبه مقطوراتها وذلك في الحالة التي يكون فيها الأشخاص المسئولين عن هذه الحوادث مجهولين أو غير مؤمنين وغير قادرين على تعويض الضحايا بسبب عسرهم، حيث قد تم إحداث هذه المؤسسة بمقتضى الظهير الشريف المؤرخ في 22 فبراير 1955 المؤسس لصندوق مال الضمان[53].

ولعل الغاية التي أدت بالمشرع المغربي إلى إحداث صندوق ضمان حوادث السير تتجلى في تمكين الضحايا وأصحاب الحقوق من الحصول على تعويض في الحالات التي لا يغطيها التأمين. ونظرا لاعتبار مؤسسة صندوق الضمان مؤسسة احتياطية التدخل فقد أوجب المشرع المغربي ضرورة توفر مجموعة من الشروط تتعلق بالسيارة، وبطبيعة الضرر والمتضرر، ولهذا وجب أن نتناول كل نقطة على حدة.

  1. الشرط المتعلق بالسيارة

ويعني ذلك أن الحادث يجب أن يقع بواسطة السيارة، ويدخل في عموم هذا اللفظ السيارات والدراجات ذات المحرك والعربات المجرورة بها أو المتجولة في الطرق، ما عدا العربات التي تسير على سكة حديدية. أما العربات التي لا تتوفر على محرك فلا ضمان يشملها من جانب صندوق ضمان حوادث السير

وعليه فالأضرار الجسمانية التي تخول الضحايا حق اللجوء إلى صندوق الضمان هي الأضرار الناتجة عن حوادث السير التي تسببت فيها السيارات المحددة حصرا في الفصل الأول من ظهير 22 فبراير 1955، والذي جاء فيه “وتدخل في جملة السيارات الدراجات النارية ذات المحرك والعربات المجرورة والمتجولة في الطرق ما عدا العربات التي تسير على سكة حديدية”.

أما العربات التي لا تتوفر على محرك فإن ضمان الصندوق لا يشملها، ومن ثم فالغاية من تدخل صندوق الضمان هو ملئ الفراغ الذي تتركه بعض الحالات المتعلقة بالتامين الإجباري للمسؤولية المدنية الناتجة عن استعمال عربات ذات محرك[54].

  • الشروط المتعلقة بطبيعة الضرر

و يشترط في هذا الأمر أن يكون ضررا بدنيا لاحقا بالضحية أو بذوي حقوقه، وبالتالي يتم استثناء الأضرار المادية التي تلحق بالسيارة نفسها أو بالأمتعة أو غيرها من الأشياء، وعليه فالضرر القابل للتعويض من قبل الصندوق هو الضرر البدني كما جاء في الفقرة الأولى من  المادة 134 حيث نصت على أنه ” يتحمل صندوق ضمان حوادث السير التعويض الكلي أو الجزئي للأضرار البدنية التي تسببت فيها عربة برية ذات محرك غير مرتبطة بسكة حديدية أو بواسطة مقطوراتها أو شبه مقطوراتها وذلك في الحالة التي يكون فيها الأشخاص المسؤولون عن هذه الحوادث مجهولين أو غير مؤمنين وغير قادرين على تعويض الضحايا  بسبب عسرهم”.

والمقصود بالضرر البدني كل عجز دائم أو مؤقت يلحق الضحية ويستحق التعويض عنه وفق مقتضيات ظهير 2 أكتوبر 1984 المتعلق بالتعويض عن ضحايا حوادث السير بما في ذلك الضرر لمعنوي[55].

  • الشروط المتعلقة بالمتضرر

تتجلى الشروط الواجب توافرها في المتضرر لإمكانية الرجوع على صندوق الضمان في :

  • السكن بالمغرب أو المعاملة بالمثل ؛

يشترط أن يكون الضحايا أو أصحاب الحقوق ساكنين بالمغرب، ومعنى هذا أن الضحية الذي يكون وجوده عرضيا بالمغرب كالسياحة مثلا ويتعرض لحادث بواسطة عربة غير مؤمنة لا يستحق ضمان الصندوق، فالسكنى تتطلب الدوام والاستقرار، بل إن الأمر ينطبق ليس فقط على الضحايا وإنما حتى على أصحاب الحقوق[56].

  •  أن يكون الحادث قد وقع بالمغرب ؛

من بين الشروط الواجب توافرها للرجوع على صندوق الضمان أن يكون الحادث الذي خلف ضررا للطرف المضرور قد وقع داخل التراب الوطني للمغرب، فعملا بمبدأ إقليمية القوانين الوطنية فإن صندوق ضمان حوادث السير لا يعوض على الحوادث التي تقع خارج المغرب والتي تخضع لقانون البلد الذي وقعت فيه.

ومن ثم فعلى المتضرر أن يثبت أن الحادثة التي حدثت له في الطريق قد وقعت داخل التراب المغربي وله أن يثبت ذلك بكافة وسائل الإثبات.

  •  ألا يكون للضحية وسيلة أخرى للتعويض ؛

ومفاد ذلك أن إذا كانت للضحية أو ذوي حقوقه إمكانية للحصول على التعويض من جهة أخرى، مثل صندوق الوطني الضمان الاجتماعي أو المؤمن الشخصي للضحية، فإن صندوق ضمان حوادث السير لا يتحمل إلا التعويض التكميلي إذا كان الأول غير كامل [57](المادة 149- البند رقم 3)[58].

ثانيا : حالات الرجوع على صندوق ضمان حوادث السير

تختلف حالات الرجوع على صندوق ضمان حوادث السير حسب الحالة التي يكون فيها المسؤول مجهولا، والحالة التي يكون فيها هذا الأخير معروفا لكنه بدون تأمين.

  • حالة كون المسؤول مجهولا

إذا ارتكبت الحادثة من طرف شخص مجهول، كأن يكون ارتكبها وفر ولم يعثر عليه بعد ذلك، ففي هذه الحالة يعتد بالمحضر المحرر وفق ما نصت عليه المادة 143[59] من مدونة التأمينات، والتي تعتبر المحضر وثيقة رسمية بالنسبة للمصاب ولذوي حقوقه، إذ على أساسه يقع إثبات وجود الحادثة، وفي نفس الوقت إثبات مسؤولية الفاعل الذي ظل مجهولا.

وقد أوجب المشرع على الضابطة القضائية أن تضمن محضرها بوضوح ظروف الحادث ذي العنصر المجهول وأن توجه نسخة من المحضر أو التقرير إلى صندوق الضمان داخل أجل شهر من تاريخ إنهائه[60].

كما يجب على الضحايا أو أصحاب الحقوق أن يوجهوا طلباتهم بالتعويض إلى صندوق ضمان حوادث السير داخل أجل ثلاث سنوات من تاريخ وقوع الحادثة، طبقا لما نصت عليه الفقرة الأولى المادة 148 حيث جاءت فيها ” إذا كان المسؤول عن الأضرار مجهولا، يجب توجيه طلب الضحايا أو ذويهم بالتعويض عن الأضرار التي لحقتهم إلى صندوق ضمان حوادث السير خلال أجل ثلاث(3) سنوات ابتداء من تاريخ وقوع الحادثة.”

وإذا لم يحترم المتضرر هذه الآجال سقط حقه في المطالبة بالتعويض من الصندوق إلا إذا أثبت وجود عذر مقبول، ذلك العذر الذي يحتم ألا تحسب المدة السابقة على تحرير محضر حادثة السير في جميع الأحوال.

وصندوق ضمان حوادث السير بعد توصله بطلب الضحية أو ذوي حقوقه، إما أن يوافق على طلب التعويض بالدخول في مفاوضات مع الطالب لتحديد المبلغ، أو ألا يوافق إذا تبين له أن الشروط اللازمة غير متوفرة، وهنا يلجأ المتضرر إلى المحكمة المختصة لكي يقيم ضده دعوى للحصول على التعويض طبقا لما نصت عليه الفقرة الثالثة من المادة 148 من مدونة التأمينات.

  •  حالة كون المسؤول معروف لكنه من دون تأمين

يتدخل الصندوق لتعويض ضحايا حوادث السير حتى في الحالة التي يكون فيها مرتكب الحادث معروفا لكنه غير مؤمن، و الحالة هذه عندما يكون المسؤول عن حادثة السير لا يتوفر على تأمين بالمرة ، أو لأن التأمين الذي عقده باطل، أو تم فسخه أو أن شركة التأمين تتمسك تجاهه بأحد الدفوع، فالرجوع على صندوق ضمان حوادث السير من طرف المضرور والحالة هاته يكون عبر مرحلتين.

  • إشعار الصندوق والضحية

تنص الفقرة الثانية من المادة 143 من مدونة التأمينات على أنه ” يجب أن ترسل نسخة من كل محضر محرر طبقا لأحكام الفقرة السابقة إلى صندوق ضمان حوادث السير خلال أجل شهر(1) من تاريخ اختتامه.”

حيث قد  أوجب المشرع ضرورة من خلال نص هذه الفقرة على الشرطة القضائية أن تشير صراحة في محضر إثبات الحادثة إلى أن المسؤول غير مؤمن وأن ترسل نسخة منه إلى صندوق ضمان حوادث السير خلال شهر من تاريخ اختتامه.

كما أوجب المشرع على شركة التأمين كلما كانت تعتزم الاحتجاج تجاه الضحية أو ذويه ببطلان عقد التأمين أو بتوقيف الضمان أو انعدام التأمين أو بالتأمين الجزئي، أو كانت تعتزم الطعن في وجود عقد التأمين، رغم إدلاء المسؤول عن الحادثة بوثيقة التأمين، أن تصرح بذلك لكل من الصندوق والضحية أو ذويه برسالة مضمونة مع إشعار بالتوصل خلال الستين يوما الموالية لتقديم طلب التعويض من طرف الضحية أو ذويه[61].

  • إبرام صلح مع المسؤول أو إقامة دعوى المسؤولية ضده

يجب على المتضررين ضحايا كانوا أو أصحاب حقوق أن يقوموا داخل مدة أقصاها ثمانية عسرا شهرا إما برفع دعوى على المسؤول عن الحادث أو إجراء صلح معه وتحديد مبلغ التعويض  بموافقة الصندوق قبل أو أثناء أو بعد المصالحة، ويظهر جليا أنه سينتج عن رفع الدعوى حكم يحدد مسؤولية مرتكب الحادث وكذا مبلغ التعويض، كما أن المصالحة سينتج عنها تحديد لمبلغ التعويض[62].

ولا يخرج الأمر في هذه الحالة عن احتمالين، إما أن المسؤول في الحالتين سينفذ الحكم أو الاتفاق وبالتالي سيؤدي مبلغ التعويض أو أنه سيوجد في حالة عسر عن الأداء إما بصفة كلية أو جزئية، وفي هذه الحالة يثبت العسر بولا يخرج الأمر في هذه الحالة عن احتمالين، إما أن المسؤول في الحالتين سينفذ الحكم أو الاتفاق وبالتالي سيؤدي مبلغ التعويض أو أنه سيوجد في حالة عسر عن الأداء إما بصفة كلية أو جزئية، وفي هذه الحالة يثبت العسر بإنذار للأداء يوجه من طرف المتضرر للمسؤول يتلوه رفض أو يبقى دون نتيجة مدة ثلاثين يوما من يوم التبليغ.

وتجدر الإشارة، أنه في حالة إقامة دعوى المطالبة بالتعويض على المسؤول عن الحادثة، يجب على الضحية أو ذويه أن يوجهوا فورا إلى الصندوق بواسطة رسالة مضمونة مع إشعار بالتوصل، نسخة من المقال الافتتاحي الذي أوجب القانون أن يشار في إلى تاريخ ومكان وقوع الحادثة ونوعية العربة التي تسببت فيها، والسلطة التي حررت المحضر ومبلغ التعويض المطالب به أو طبيعة الأضرار وخطورتها إذا تعذرت الإشارة إلى المبلغ، كما يجب أن يشير المقال إلى أن المدعى عليه غير مؤمن، وإما إلى عنوان شركة التأمين في حالة استثناء محتج به من طرف هذه الأخيرة، وإما إلى أن المدعي لم يكن بإمكانه التعرف على شركة التأمين[63]، وذلك طبقا لما نصت عليه المادة 152 من مدونة التأمينات.

ومما لا شك فيه أنه إذا أدى المسؤول التعويض لم يعد هناك مبرر لتدخل الصندوق، لكن إذا لم يؤد وثبتت حالة العسر وجب على المتضرر أن يرفع طلبا بدفع التعويض إلى صندوق الضمان داخل مدة أقصاها ستة أشهر تبتدئ من يوم إجراء المصالحة أو من تاريخ الحكم الحائز لقوة الشيء المقضي به، كما يجب أن يوجه هذا الطلب بواسطة رسالة مضمونة مع الإشعار الوصول وبإشعار بالتوصل.

  • الرجوع على الصندوق بالتعويض

من خلال ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة 148 من مدونة التأمينات يتضح أنه على الضحية أو ذويه بعد أبرم صلح مع المسؤول عن الحادثة، أو الحصول على حكم قضائي نهائي بالتعويض، أن يوجهوا طلب التعويض إلى الصندوق داخل أجل سنة من تاريخ الصلح أو من تاريخ القرار القضائي الحائز لقوة الشيء المقضي به، وذلك بواسطة رسالة مضمونة مع إشعار بالتوصل أو بواسطة محرر غير قضائي[64].

ويترتب على عدم احترام الآجال المذكورة من المستفيدين سقوط حقهم في الرجوع على الصندوق ما لم يثبتوا أنهم كانوا في حالة استحال عليهم معها التصرف ضمن تلك الآجال، حيث يرجع تقدير قيام الاستحالة في هذه لحالة إلى اختصاص محكمة الموضوع.

وتجدر الإشارة، في الأخير أنه في  غير حالات الرجوع على صندوق ضمان حوادث السير المذكورة أعلاه، فإن التعويض تتم المطالبة به في مواجهة شركة التأمين طبقا لظهير 02 أكتوبر 1984 المتعلق بالتعويض عن الأضرار التي تتسبب فيها عربات ذات محرك، حيث تشمل مختلف الصور التي يرجع فيها المضرور بصفة مباشرة على المسؤول المدني الذي تسبب في الحادثة المرتكبة بواسطة عربة برية ذات محرك بمقتضى المادة 106 من قانون الالتزامات والعقود، وإلا سقط حقه في المطالبة بالتعويض إذا انعدم أجل التقادم، كما تشمل هذه الحالة مختلف الفروض التي تتجه فيها دعوى المضرور إلى المطالبة بالتعويض عن أضرار أخرى غير تلك التي شملها ظهير  02 أكتوبر 1984.

كما أن الرجوع على المسؤول المدني في هذه الحالات المذكورة أعلاه، يشمل مختلف الأحوال التي يسقط أو ينعدم فيها التأمين، بحيث تتحلل شركة التأمين أو صندوق ضمان حوادث السير من الالتزام بالحلول محل مالك السيارة المؤمن عنه.

المطلب الثاني : المسؤولية في التعويض عن الأضرار 

يعتبر ظهير 2/10/1984 من أهم الإصلاحات التشريعية التي خص بها المشرع ميدان حوادث السير، حيث بين الأضرار التي يشملها التعويض الناتج عن مساءلة الشخص المسؤول عن الحادث قبل أن يحدد الأشخاص الذين يمكن أن يستفيدوا من الحق في التعويض بصفة أصلية (الفقرة الأولى)، وبعد ذلك لا بد من إثبات المسؤولية سواء في شقها التقصيري أو العقدي (الفقرة الثانية) وتشطيرها (الفقرة الثالثة).

الفقرة الأولى : أساس التعويض

للإحاطة بجوانب هذه الفقرة فإننا سنعرض للأضرار القابلة للتعويض (أولا)، على أن نحدد الأشخاص الذين يستحقون هذه التعويضات (ثانيا).

أولا : الأضرار القابلة للتعويض

يشمل التعويض المنصوص عليه في ظهير 1984 كلا من الأضرار المادية والمعنوية على حد سواء، وذلك ضمن الحدود والمقاييس التي كرسها المشرع في هذا التعديل القانوني الجديد، وبالرغم من اهتمام المشرع كان منصبا على الأضرار البدنية أكتر من غيرها ،إلا أن ذلك لا يعني التقليل من أهمية الأضرار المالية والمعنوية .[65]

  • الأضرار المادية

الأضرار المادية التي يحق للمضرور أن يطالب بها عند حدوت الضرر أو وقوع الحادثة ، تشمل كلا من الأضرار المالية والبدنية ونظرا للأهمية التي يحظى بها التعويض فقد أولاها كل من التشريع والقضاء مكانة من الضبط والتنظيم حتى تكون أكثر حماية للطرف المضرور.

فالأضرار المادية تشمل كل الأضرار التي لحقت المضرور والخسارات و النفقات التي اضطر المصاب أو ذوي حقوقه إلى إنفاقها بسبب الحادث وهو ما أشار إليه الظهير من خلال ما تضمنته مقتضيات كل من الفصل الثاني والفصل الرابع. إلا أن جل الفقه المغربي ذهب إلى اعتبار مقتضيات المادة 2 جاءت على سبيل الحصر وليس المثال.[66]

لقد أشارت الفقرة الثانية من المادة الثانية إلى أن المصاريف و النفقات يتم استرجاعها بعد تقديم الدليل على صرفها ، و يتكون التعويض بناء على سعرها القانوني إذا كانت مسعرة وإلا خضعت للأثمان المعمول بها.[67]

وعموما يجب أن تكون في حدود المعقول وتناسب الوضعية المالية للمصاب وبدون مبالغة، وذلك ما أكده قرار المجلس الأعلى[68](محكمة النقض حاليا) بتاريخ 29/11/2006 بأن استرجاع النفقات يكون باعتبار الإثبات سعرها إن كانت مسعرة و إلا فتطبق الأثمان المعمول بها عادة بالاعتماد على التسعيرة المعتمدة بالمغرب لكل نوع من العلاجات التي يخضع لها المصاب لا تلك التي يتلقى بها المصاب العلاج.

  •  الأضرار المعنوية

ثار نقاش فقهي بين أوساط الفقه و القضاء الحديث حول مدى إمكانية تعويض الضرر المعنوي، حيث كانت المحاكم المغربية تذهب إلى الحكم بتعويضات رمزية على المساس بالشرف والاعتبار. وذلك لكون الظهير المنظم للتعويض عن حوادث السير لم يعر اهتمام كبير للضرر المعنوي اللهم ما تمت الإشارة إليه في الفقرة الثانية من المادة 4 أثناء عرضه لتعويض الألم الذي يلحق بعض الأشخاص من جراء وفاة الضحية.

وبالرغم من أن المشرع ذكر الألم فإن الضرر المعنوي قد يتخذ أكثر من صورة ، فعلى سبيل المثال الضرر الذي يصيب الجسم و الألم الذي عن التشوهات، والضرر الناتج عن المساس بالسمعة . ومن الأضرار التي تلحق السلامة الجسدية والتي سبق للقضاء الفرنسي أن أقر التعويض عليها ؛ الحرمان المؤقت من المتعة في العلاقة الجنسية.[69]

وكما سبق التنبيه، إلى أن إشارة الظهير كانت قاصرة جدا في تغطية الضرر المعنوي الأمر الذي دفع القاضي في حالة عرض نزاع لا تسعفه مقتضيات ظهير 1984 في إيجاد حل له أن يعود إلى القواعد العامة الوارد النص عليها في الفصلين 77 و 78  من قانون الالتزامات والعقود والفصل264 [70].

وحبذا لو قام المشرع المغربي بلم الشتات الذي تعرفه قواعد التعويض في مجال حوادث السير حتى لا يضيق المتضرر زيادة على الألم الحاصل له التردد المتكرر على المحاكم من اجل استيفاء حق لسبب واحد وخصوصا إذا كانت الحادثة تجمع بين ثناياها صفتي حادثة سير و حادثة طريق.

ج- الأضرار البدنية

إن الأضرار البدنية هي التي تلحق المصاب في جسمه أو قدراته العقلية فتسبب له عجزا بدنيا مؤقتا أو دائما ،الأمر الذي قد يصل في بعض الحالات إلى الاستعانة بغيره في قضاء حاجاته الشخصية ،وقد ذكر المشرع بعض الآثار السيئة التي تترتب على الإصابة بالأضرار البدنية كالأضرار التي تغير الهيئة الأصلية بمهنة أخرى، أو الانقطاع النهائي أو شبه النهائي عن الدراسة أو العمل أو الوظيفة [71].

ثانيا : الأشخاص المستحقين للتعويض

لقد عمل المشرع المغربي على تحديد قائمة الأشخاص الذين يحق لهم المطالبة بالتعويض أو باستحقاق التعويض عن الأضرار المادية، ذلك في المواد من 3 إلى10 من ظهير1984  :

  • شخص المصاب في حالات العجز البدني المؤقت أو الدائم .
  • الذي وجبت عليه نفقة المصاب المتوفى وفقا لنظام أحواله الشخصية .
  • من كانت تجب عليه نفقة المتوفى بمقتضى التزام.
  • إذا كان يعوله المتوفى ولم يكن ملزما بالإنفاق عليه .

و يلاحظ أن ظهير 1984 قام بالتضييق من دائرة الأشخاص الذين يمكنهم المطالبة بالتعويض عن الضرر المعنوي في حالة وفاة الضحية حيث يستفيد من التعويض عن الضرر المعنوي الزوج و الأصول و الفروع من الدرجة الأولى.

وهكذا لم يعد للأجداد والأحفاد من موجب لاستحقاق التعويض عن الضرر المعنوي، وحتى المصاب ليس هناك ما يؤكد أحقيته في نيل التعويض المعنوي عندما تقتصر الإصابة على العجز البدني المؤقت أو الدائم، فالمشرع ذكر استحقاق المصاب التعويض عن الألم الجسماني وما تسببه له الحادثة من تشويه في الخلقة بالرغم من أن نصوص الظهير لا تسعف في قبول هذا النوع من الطلبات [72].

الفقرة الثانية : ضرورة إثبات المسؤولية المدنية

المسؤولية في شقها المتعلق بالمسؤولية عن حراسة الأشياء[73] في إطار الفصل 88 من ق ل ع، أساس أن قواعد هذه المسؤولية هي التي تؤسس مبدئيا لتعويض المصابين، وذوي الحقوق المدنية عن الأضرار التي تسببت فيها العربة البرية ذات المحرك خصوصا عند غياب أي التزام تعاقدي بين أطراف العلاقة القانونية وقع الإخلال به، على اعتبار أن حوادث السير تعتبر المجال الخصب لتطبيق قواعد المسؤولية المدنية في ظل غياب قواعد للتأمين  مستقلة عن قواعد المسؤولية المدنية الكلاسيكية[74].

لقد عمل المشرع المغربي من خلال الفصل 88 من  قانون الالتزامات والعقود على التشديد من مسؤولية حارس السيارة، وجعل الإعفاء منها رهين شرطين لا محيد عنهما، ولعل المشرع قد اتجهت نيته إلى إقرار حماية للشخص المضرور من الحادث وهذا ما دفع به إلى إيقاع عبئ الإثبات على حارس السيارة، وبذلك يمكن القول أن قرينة الخطأ التي بنيت عليها مسؤولية حارس السيارة هي قرينة قاطعة، لا يجوز التمسك بما يخالفها، إلا إذا أثبت المسؤول أنه فعل ما كان ضروريا لمنع وقوع الضرر، وأن الضرر يرجع إما لظروف طارئة أو قوة قاهرة أو لخطأ المضرور.[75]

ولقيام مسؤولية حارس السيارة يجب أن تكون تحت حراسته ، ففي هذه الحالة تكون المسؤولية على مالك السيارة ، وقد تكون حراستها لشخص آخر غير مالكها ، هذا الأخير لا تكون له أية مسؤولية[76] ، إلا إذا أثبت خطأ من جانبه طبقا للقواعد العامة كما لو عهد سيارته لشخص عديم الدراية بالقيادة.

فالحراسة قد تكون فعلية لعدم وجود السند القانوني الناقل للحق العيني الذي يرد على استعمالها واستغلالها، فتتولد عنه الحراسة الفعلية وليس القانونية هذه الأخيرة التي تكون فيها للحارس سلطة قانونية تمكنه من استعمالها والتصرف فيها وفق ما يحدده القانون.[77]

بالإضافة إلى ذلك، يجب أن تتسبب السيارة في ضرر للغير حسب الفصل 88 من قانون الالتزامات والعقود، ومن هذا المنطلق يطرح السؤال عن الحالة التي تكون عليها السيارة عند إحداث الضرر وما هو الأثر المترتب على ذلك ؟

فالسيارة قد تكون في حالة حركة في الطريق العمومي عند إحداثها للضرر وفي هذه الحالة يكون تدخل السيارة إيجابيا، وقد يكون سلبيا إذا ما كانت في حالة سكون وارتطم بها أحد المارة وألحقت به جروحا بليغا.[78]

ففي الحالة الأولى تكون مسؤولية الحارس قائمة ،عكس الحالة الثانية حيث تنتفي ،إلا إذا كان قد قام بركنها في مكان ممنوع أو غير قانوني  أثناء إحداث الضرر[79].

وحسب ظهير 2 أكتوبر 1984 المتعلق بالتعويض عن حوادث السير، فإن المشرع المغربي لم يتطرق الأسس القانونية للمسؤولية العقدية عن حوادث السير ، وهذا ما يدفعنا لرجوع  لأحكام المسؤولية العقدية بشكل عام ، والمادة 485 من مدونة التجارة[80]  على وجه الخصوص.

إن العلاقة التي تحكم أطراف عقد النقل تجد أساسها في المجال التعاقدي الناشئ عن هذا العقد، لذلك فإن مسؤولية الناقل لا تثار إلا في الحالة التي يخل فيها الناقل بالتزاماته التعاقدية تجاه المسافر وفق شروط يترتب عن تخلف أحدها انعدام تلك المسؤولية.

لذلك لابد من وجود عقد نقل بين المسافر والناقل و التزام هذا الأخير يجد مصدره في عقد النقل المبرم بينه وبين الشخص المسافر والذي لا يكون صحيحا إلا إذا كان مستجمعا للأركان الجوهرية التي يقوم عليها[81].

وحتى يتمكن الراكب من المطالبة بالتعويض عن الضرر، فلا بد له أن يثبت وجود عقد صحيح يربط بينهما. والوسيلة المعتمدة في ذلك هي تذكرة السفر.

ولا بد لقيام المسؤولية العقدية للناقل أن يكون إخلاله بالتزامات واردة في عقد صحيح من الناحية القانونية ، أما إذا وجد المسافر أو الراكب نفسه قد تعاقد مع الناقل بعقد باطل  ، فالأمر يغير موازين المسؤولية العقدية إلى مسؤولية تقصيرية ، وذلك لأن الالتزام يكون باطلا بقوة القانون إذا كان ينقصه احد أركانه أو كان ذلك مقررا بمقتضى نص قانون[82].

ومتى كان العقد يتعلق بنقل  الأشخاص فإن التحكم في عملية النقل هو الذي يفسر مسؤولية الناقل تجاه المسافرين وذلك في حالة وقوع ضرر ، إلا أنه إذا أسندت عملية المراقبة للمسافر أو الراكب أثنا عملية النقل فإن هذا من شأنه أن يبعد صفة عقد النقل عن هذه العملية و بالتالي انتفاء مسؤولية الناقل[83].

كما أن إصابة الراكب أو المسافر بضرر يعد صورة ملموسة تتمثل فيها نتائج الخطأ العقدي و هذا يعني أن الخطأ إذا لم يترتب عنه ضرر فلا داعي لإعمال قواعد المسؤولية.

و يبقى الناقل مسؤولا عن سلامة الراكب طيلة المدة التي تفصل بين لحظة موافقة الراكب على ركوب الناقلة و اللحظة التي غادر فيها هذه الناقلة المذكورة. لأن  الأضرار التي تنتج عن الإصابة التي تقع للراكب إثر انزلاقه من فوق سلم الناقلة أثناء [84]صعوده أو نزوله تدخل هي الأخرى في إطار المسؤولية الناتجة عن عقد النقل.

وتجدر الإشارة، إلى أن هذا الالتزام الملقى على عاتق الناقل لا يرتبط بشراء تذكرة السفر على أساس أن شراء التذكرة وأداء مقابلها قد سبق ركوب وسيلة النقل بفترة زمنية قد تطول وقد تقصر[85].

لا يكفي لقيام المسؤولية العقدية أن يكون هناك خطأ من جهة و ضرر من جهة ثانية، بل لابد من توافر علاقة سببية بينهما؛ أي عدم تنفيذ الناقل لالتزامه التعاقدي مما أدى إلى حدوث ضرر للمسافر أو الراكب.

الفقرة الثالثة : تشطير المسؤولية

إن قاعدة التشطير تقتضي وجود شخصين ارتكب كل منهما خطأ،غير أن الفرق بينهما هو أن أحدهما دون الثاني خرج سالما من الحادثة هذه القاعدة تميز بين مصلحتين متعارضتين ومتناقضتين، ولكنهما متشابهتان لأن كل واحد من الطرفين ثبت في حقه خطأ[86].

ولكن الإشكال الذي يطرح هو حول فراغ الفقرة الثانية من المادة الرابعة من ظهير 1984 من إخضاع التعويض المستحق لأصحابه لمبدأ التشطير المسؤولية وهو ما يدفع للتساؤل هل هو خاضع لهذا المبدأ أم لا ؟ خاصة و أن المشرع نص بصفة صريحة في باقي المواد بالنسبة للتعويضات الأخرى لمبدأ تشطير المسؤولية في المواد 3و5و10و11 من ظهير 1984  وهنا يطرح التساؤل كيف تعامل القضاء  مع هذا الفراغ ؟ .

المجلس الأعلى أصدر قراره عدد 4451 بتاريخ 09 – 12 – 09 في الملف المدني عدد 742 1 5 08 بناء على القاعدة: «يخضع الضرر المعنوي الناتج عن حادثة سير تسببت فيها عربة برية ذات محرك (سيارة) لتشطير المسؤولية طبقا للفصل 78 من قانون الالتزامات والعقود وإن كان الفصل 4 من ظهير 4 – 10 – 1984 لا يخضعها للتشطير».

 وهكذا استقر المجلس على هذه القاعدة إلى حدود 1995 حيث قضى في قرار بعدم إخضاع التعويض المعنوي لتشطير المسؤولية و بقي عليها إلى حدود 2003  عندما قضى بإخضاع التعويضات المعنوية لمبدأ  تجزئة المسؤولية ومن هنا يتضح أن المجلس الأعلى لم يستقر هو كذلك على قاعدة واحدة من أجل رفع الاختلاف وتوحيد المقتضيات القانونية[87] .

خاتمة

في خاتمة هذا الموضوع ، ومن خلال دراستنا له كنموذج- التأمين الإجباري على العربات البرية ذات المحرك-من ضمن باقي التأمينات الإجبارية الأخرى نلاحظ أن المشرع المغربي ،عمل على تنظيم المسؤولية المدنية عن الأضرار التي تحدثها العربات البرية ذات المحرك للغير، أثناء استعمالها في الطريق العمومي ، غير أن هذا التنظيم لازال يعاني من تشتت النصوص القانونية وتفرقها.

كما أن المسؤولية بشقيها سواء التقصيرية أو العقدية لازالت تخضع للقواعد العامة للمسؤولية، خاصة الفصل  88 من ق ل ع ، نظرا لوجود فراغات قانونية منضمة للمسؤولية في إطار مدونة التأمينات وعلى الخصوص ظهير 1984

وعلى العموم، فإن مسؤولية الشخص المدنية تقوم حين يخل بأمر التزم به في مواجهة الغير في إطار المسؤولية التقصيرية المنظمة في الفصل 88 من ق ل ع أعلاه، أو أن نفس الشخص يخل بالتزام ناتج عن اتفاق مع الغير وتكون مسؤوليته عقدية، كما هو الشأن بالنسبة لمسؤولية الناقل في الفصل 485 من مدونة التجارة.

ووعيا من مشرعنا بخطورة حرب الطرق ونتائجها الوخيمة، فهي تحصد يوميا ألاف الضحايا ،وتكلف الدولة مبالغ باهظة تؤثر على الاقتصاد الوطني ودوران عجلة الاستثمار ببلادنا ،لهذا سن المشرع ظهير 02 أكتوبر 1984  لتحديد التعويضات المقررة لضحايا حوادث السير  .

يرمي المشرع من خلال سنه لكل هذه النصوص  إلى الحد من الوتيرة المزايدة للحوادث أساسا ،واحتياطا حماية الفئة المضرورة والاقتصاد الوطني. وذلك ما نلامسه من خلال تشديده في إقرار مسؤولية حارس السيارة في الفصل 88 ق ل ع حيث جعلها مسؤولية مفترضة من الصعوبة بمكان إثبات ما ينفيها.

كما فرض على الناقل الالتزام بضمان السلامة، إذ لم يعد ك الاهتمام والحذر وبدل عناية الرجل المتبصر كافية لانتفاء المسؤولية بل عليه التزام بتحقيق نتيجة .

و بناء على ما سبق فإننا نتقدم ببعض الاقتراحات وبعض التوصيات في هذا الميدان وإن كانت غير ملزمة فإنها تبقى ذات أهمية بالغة لا يمكن تجاهلها.

  • إن جمع شتات النصوص القانونية المتعلقة بالتأمينات الإجبارية عن المسؤولية  أصبح ضرورة ملحة لتجاوز  الغموض واللبس وتعارض النصوص في تحديد المسؤولية.
  • ضرورة إعادة النظر في نظام المسؤولية المدنية التقليدية على الأقل في مادة حوادث السير، بحيث يمكن الاقتداء ببعض التشريعات المقارنة المتقدمة، بإقرار ما يسمى بالمسؤولية القانونية، لتعويض جميع الضحايا والمصابين في الحوادث التي تسببها العربات البرية ذات المحرك بمجرد ثبوت تدخل العربة في الحادث وبغض النظر عن قيام المسؤولية أصلا، وإن كان هذا سيؤدي بنا إلى أزمة المسؤولية، فعلى المدى الطويل، يمكن التنبؤ بانقراض المسؤولية التقليدية الفردية ليتم استبدالها بشكل جديد من أجل إمكانية تعويض جماعي على الأضرار الناتجة عنه العلاقة بين الأفراد.
  • كما نقترح استبدال نظام التأمين من المسؤولية المدنية عن حوادث السير بنظام التأمين المباشر عن حوادث السير ، مع إعطائه الطابع التعويضي ليضمن تعويض جميع الأضرار التي تتسبب فيها العربات البرية ذات المحرك .

ونخلص في الأخير إلى أن تزايد الحوادث لا يرجع إلى قلة النصوص القانونية والتي ترتكز على الزجر والعقاب، بل آن الأوان لطرح هذا الأسلوب جانبا والتركيز على توعية العنصر البشري وفق أساليب وقائية مدروسة، وإلزامه بأخذ كل الاحتياطات الضرورية قبل زجره بناء على أساليب الردع المعروفة، وكحلول عملية لفك هذه المعضلة ندعو الى:توعية العنصر البشري، وإصلاح الشبكة الطرقية والتشدد في منح رخص السياقة ،وترسيخ بكل الوسائل المتاحة ارتداء حزام السلامة وعدم استعمال الهاتف أتناء القيادة وفي الأخير التكتيف من أساليب المراقبة.


[1] – محمد الشواي، العقود التجارية، مطبعة الخليج العربي_تطوان، الطبعة الأولى، 2016، صفحة 89.

[2] – ظهير شريف رقم 1.02..238 الصادر في 25 رحب 41423 الموافق لـ 3 أكتوبر 2202 بتنفيذ القانون رقم 17.99 المتعلق بمدونة التأمينات.

[3] – ظهير رقم 1-14-190 صادر في 6 ربيع الأول 1436 الموافق لـ 29 ديسمبر 2014 بتنفيذ القانون رقم 18-12 المتعلق بالتعويض عن حوادث الشغل.

[4] – ظهير شريف رقم1.15.105 صادر في 18 شوال 1436 الموافق لـ4 غشت 2015 بتنفيذ القانون رقم 116.12 المتعلق بنظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض الخاص بالطلبة.

[5] – فؤاد معلال، قانون التأمين – دراسة تحليلية على ضوء مدونة التأمينات المغربية الجديدة – محاضرات موجهة إلى طلبة السداسية السادسة من مسلك القانون الخاص، بدون ذكر المطبعة، السنة الجامعية 2010-2011، صفحة 67.

[6] – مقال منشور بالموقع الالكتروني https://ar.wikipedia.org/wiki/، تاريخ الاطلاع عليه 28/11/2016، على الساعة 15:00.

[7]– تنص المادة 120 من القانون رقم 17.99 على أنه ” يجب على كل شخص طبيعي أو معنوي يمكن أن تثار مسؤوليته المدنية بسبب الأضرار البدنية أو المادية اللاحقة بالأغيار والتي تسببت فيها عربة برية ذات محرك غير مرتبطة بسكة حديدية أو بواسطة مقطوراتها أو شبه مقطوراتها، أن يغطي هذه المسؤولية بعقد تأمين مبرم مع مقاولة للتأمين وإعادة التأمين. 

يمكن لكل شخص خاضع لإجبارية التأمين المذكورة قوبل طلب تأمينه بالرفض من طرف مقاولة التأمين وإعادة التأمين معتمدة لمزاولة عمليات التأمين ضد أخطار العربات ذات محرك أن يعرض الأمر على الإدارة التي تحدد مبلغ القسط الذي تلزم بمقابله مقاولة التأمين وإعادة التأمين بضمان الخطر المقترح عليها. “

[8]تنص المادة 122 من القانون رقم 17.99  على أنه ” يجب أن يغطي التأمين المنصوص عليه في المادة 120 أعلاه المسؤولية المدنية لمكتتب عقد التأمين ومالك العربة وكل شخص يتولى، بإذن من المكتتب أو مالك العربة حراستها أو قيادتها.'”

[9]– امحمد الأمراني زنطار، شرح قانون التأمين رقم 99 – 17، دراسة نظرية وتطبيقية، المطبعة والوراقة الوطنية مراكش، الطبعة الأولى 2005، ص: 187.

[10]– ما لم يكن هناك اتفاق على تحويل الضمان إلى عربة أخرى يملكها المؤمن له.

[11]– فؤاد معلال، الوسيط في قانون التأمين، دراسة تحليلية على ضوء مدونة التأمين المغربية الجديدة، مطبعة دار أبي رقراق للطباعة والنشر، الطبعة الأولى 2011، ص:198.

[12]– قرار المجلس الأعلى عدد 2/1182 بتاريخ 5/5/1998، في الملف الجنحي رقم 95/2/3/18804، مذكور في المرجع السابق، ص:198.

[13]– امحمدالأمراني زنطار، مرجع سابق، صفحة 188.

[14]– ورد في الفقرة الثانية من المادة 122 من القانون رقم 17.99 على أنه ” استثناء من أحكام الفقرة السابقة، يتعين على أصحاب المرائب والأشخاص الذين يمارسون بصورة اعتيادية السمسرة أو البيع أو الإصلاح أو الإغاثة أو مراقبة حالة العربات ذات محرك، فيما يتعلق بهذه العربات المودعة لديهم بحكم مهنتهم، أن يؤمنوا مسؤوليتهم الشخصية وكذا مسؤولية الأشخاص العاملين في منشآتهم أو الذين يتولون حراسة أو قيادة العربة ذات محرك بإذنهم أو بإذن أي شخص معين لهذا الغرض في عقد التأمين. “

[15]– تنص الفقرة الثالثة من المادة 122 من القانون رقم 17.99 على أنه “يغطي التأمين، الذي يكتتبه هؤلاء الأشخاص، المسؤولية المدنية التي يتحملونها من جراء الأضرار التي تتسبب فيها للأغيار العربات ذات محرك المودعة لديهم في إطار مهنتهم أو تلك المستعملة في إطار نشاطهم المهني.”

[16]– أكدت المادة 124 من القانون رقم  17.99 على أنه ”   تشمل إجبارية التأمين تعويض الأضرار اللاحقة بكل شخص ما عدا :

 مكتتب العقد ومالك العربة المؤمن عليها وكل شخص يتولى بإذن من المكتتب أو مالك العربة حراستها أو قيادتها ؛

1.    السائق ؛

2.    الممثلون القانونيون للشخص المعنوي مالك العربة المؤمن عليها إذا كانوا منقولين على متنها ؛

3.    أجراء أو مأمورو المؤمن له أو السائق المسؤول عن الحادثة وذلك أثناء مزاولة مهامهم.”

[17]– تنص المادة 120 من القانون رقم 17.99 على أنه ” …. يمكن أن تثار مسؤوليته المدنية بسبب الأضرار البدنية أو المادية اللاحقة بالأغيار والتي تسببت فيها عربة برية ذات محرك غير مرتبطة بسكة حديدية أو بواسطة مقطوراتها أو شبه مقطوراتها….”

[18]– فؤاد معلال، مرجع سابق، صفحة 209.

[19]– المادة 2 من الشروط النموذجية العامة للعقود التأمين المتعلقة بتأمين المسؤولية المدنية عن العربات ذات المحرك .

[20]– إدريس الضحاك، الوجيز في حوادث السير، التأمين الإجباري للسيارات، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، ، الطبعة الثانية 1989، ص: 97.

[21]– تنص المادة 120  من القانون رقم 17.99 على أنه “…..والتي تسببت فيها عربة برية ذات محرك غير مرتبطة بسكة حديدية أو بواسطة مقطوراتها أو شبه مقطوراتها…” 

[22]– مرجع سابق، ص: 93.

[23]   ادريس الضحاك. مرجع سابق. الصفحة 193.

قرار منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى عدد 39. الصفحة 229.[24]

منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى عدد 45. الصفحة 364.[25]

  الأمراني  زنطار  امحمد مرجع سابق. الصفحة 195.[26]

 الأمراني  زنطار  امحمد. مرجع سابق. الصفحة 196.[27]

-قرار منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى عدد 55، الصفحة  409.[28]

ادريس الضحاك، مرجع سابق، الصفحة  122. [29]

[30] قرار المحلس الأعلى عدد 1134 الصادر بتاريخ 20 يونيو 1984 ورد فيه: “بأن الغاية من الفحص الطبي هي التأكد من سلامة صحة السائق ويفترض في حالة عدم القيام به بقاء هذه السلامة إلى أن يثبت العكس”. قرار منشور بمجلة المحلس الأعلى عدد 35 و 36. الصفحة 32.

[31] قرار محكمة الاستئناف بأكادير عدد 1178 بتاريخ 26 يوليوز 1976 في الملف عدد 76/405 والقاضي: “بأن الفصلين 31 و33 من ظهير 24 يناير 1953 يحتم على كل سائق سيارة معدة للنقل العمومي أن يكون املا لشهادة الفحص التقني، وبما أن الفصل 12 من الشروط النموذحية ينص على أنه لا محل للتأمين عندما يكون السائق لا يتوفر على الشهادات- رخصة السياقة والسندات الأخر القانونية المتعلقة بالسير والحادثة) فهذا لفصل يتحدث عن الشهادات والوثائق كما أن يلزم السائق بأن يكون حاملا إياها وقت حدوث الحادثة……..” تمت ال
أشار إليه زن. مرجع سابق. الصفحة 200.

 ادريس الضحاك. مرجع سابق. الصفحة 126.[32]

الفصل الثالث من قرار 21 يناير 1965 المتعلق بالشروط النموذجية.[33]

33جاء في الفقرة الثانية من الفصل 14 من الشروط النموذجية أنه: “لا تضمن….. المسؤولية المدنية للمؤمن له إزاء الأشخاص المنقولين ولا إزاء الأشخاص الأخرين غير المنقولين.”

الأمراني زنطار امحمد. مرجع سابق. الصفحة 206.[35]

[36] الفصل 88 من قانون الالتزامات والعقود.

[37] الفقرة الثانية من الفصل 11 من الشروط النموذجية.

[38]  ادريس الضحاك. مرجع سابق. الصفحة 133.

[39] الفقرة الثالثة من القصل 11 من الشروط النموذجية.

راحع الفصل 85 من قانون الالتزامات والعقود.[40]

ادريس الضحاك. مرجع سابق. الصفحة 134.[41]

الفقرة الخامسة من الفصل 11 من الشروط النموذجية.[42]

 الفقرة السادسة من الفصل 11 من الشروط النموذجية.[43]

ادريس الضحاك. مرجع سابق. الصفحة 135. [44]

[45] – ينص الفصل 18 من ظهير 2 أكتوبر 1984 على : “قي ما عدا طلبات استرجاع أو تحمل المصاريف و النفقات المنصوص عليها في المادة الثانية أعلاه، التي يجوز لصاحب الشأن أن يقدم متى شاء، يجب على المصاب فور استقرار جرحه المثبت بتقرير الخبراء أو على المستحقين من ذويه إثر وفاته أن يطلبوا، قبل إقامة أي دعوى قضائية بالتعويض، إلى مؤسسة أو مؤسسات التأمين المعنية بتعويض ما لحق بهم من ضرر ويقدم الطلب الآنف الذكر برسالة موصى بها مع الإشعار بالاستلام أو مبلغه بواسطة كتابة ضبط المحكمة الابتدائية ويجب أن يشفع بالمستندات  التي تمكن من تقدير التعويض أي :

– نسخة من المحضر الذي حرره ضابط أو عون الشرطة القضائية؛

– مستخرج من شهادة ميلاد المصاب و المستحقين من ذويه ان اقتضى الحال؛

– الوثائق المثبتة للأجرة أو الكسب المهني ؛

– نسخة من تقارير الخبرة الطبية ؛

– غير ذلك من المستندات اللازمة لتقدير الأضرار.

وفي حالة تعدد مؤسسات التأمين التي تضمن الأضرار، يجب على أول مؤسسة رفع إليها الطلب أن تقدر وتدفع إلى الطالب مجموع مبلغ التعويض المستحق قبل المطالبة بالقسط الذي يتحمله المدنيون الآخرون المعنيون ومن بينهم صندوق ضمان السيارات إن اقتضى الحال.

غير أنه إذا أقيمت دعوى عمومية قبل تقديم الطلب المشار إليه في الفقرة الأولى من هذه المادة أو قبل حصول اتفاق بين مؤسسة التأمين والمعنيين بالأمر جاز للمصاب أو المستحقين من ذويه إما إقامة دعوى مدنية تابعة للدعوى العمومية وإما طلب التعويض من مؤسسة التأمين المعنية أو مواصلة المفاوضات الجارية بهذا الشأن”.

[46] – فؤاد معلال، قانون التأمين، مرجع سابق، صفحة 62.

[47] – الفقرة الثانية من المادة 64 من مدونة التأمينات.

[48] – فؤاد معلال، قانون التأمين، مرجع سابق، صفحة  63 و 64.

[49] – بالنسبة للأنواع الأخرى من التأمينات ليس ضروريا إدخال المؤمن له في الدعوى، ولو أن العادة جرت بذلك.

[50] – إدريس الضحاك، مرجع سابق، صفحة 70 و 71.

[51] – محمد حسين المنصور، المسؤولية عن حوادث السيارات والتأمين الإجباري منها، دار الجامعة الجديدة للنشر، 2003، صفحة 327 وما بعدها.

[52] – يونس أوبرقا، المسؤولية المدنية في مجال حوادث السير، مقال منشور بالموقع الالكتروني : http://www.zagorapress.com/details-22727.html، تاريخ الاطلاع عليه 28/11/2016 على الساعة 21:34.

[53]  أنشئ الصندوق بمقتضى ظهير 28 جمادى الثانية 1372 هجرية، الموافق ل 22 فبراير 1955- المعدل بظهير 30 يونيو 1958، وقد صدر بشأن تطبيقه القرار الوزيري المؤرخ في 29 جمادى الثانية 1374 الموافق ل 23 فبراير 1955 الذي عدل بعدة مراسيم وزارية، وقد أعادت مدونة التأمينات الجديدة النص عليه ونظمته في المواد من 133 إلى 157.

[54]   شروط اللجوء إلى صندوق مال الضمان وحالات تدخله، مقال منشور بالموقع الالكتروني التالي : http://www.blog.saeeed.com/200912/شروط-لجوء-صندوق-مال-ضمان-حالات-تدخله/  بدون اسم صاحب المقال، تاريخ الاطلاع 2016/11/29.

[55]  فؤاد معلال، الوسيط في قانون التأمين، دراسة تحليلية على ضوء مدونة التأمينات المغربية الجديدة، الطبعة الأولى 2011، دار أبي الرقراق للطباعة والنشر، ص 217

[56]  ادريس الضحاك، الوجيز في حوادث السير، التأمين الإجباري على السيارات، الطبعة الثانية 1989، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، ص 160

[57]  فؤاد معلال، الوسيط في قانون التأمين، مرجع سابق، ص 219.

[58]  “-3 أن الحادثة تمنحهم الحق في التعويض حسب التشريع المغربي المطبق، وأن الحادثة لا تمنحهم الحق في التعويض الكامل في أي إطار آخر. إذا كان بإمكان الضحية أو ذويه المطالبة بتعويض جزئي فإن الصندوق لا يتحمل إلا التعويض التكميلي.”

[59]  ” كل محضر يحرره ضباط أو أعوان الشرطة القضائية بخصوص حادثة سير بدنية تسبب فيها شخص مجهول أو غير مؤمن، يجب أن يشير صراحة لهذه الواقعة.

يجب أن ترسل نسخة من كل محضر محرر طبقا لأحكام الفقرة السابقة إلى صندوق ضمان حوادث السير خلال أجل شهر(1) من تاريخ اختتامه.”

[60]  امحمد  زنطار  الأمراني، مرجع سابق، 453.

[61]  فؤاد معلال، الوسيط في قانون التأمين، مرجع سابق، ص 220.

[62]  ادريس الضحاك، مرجع سابق، ص 168.

[63]  فؤاد معلال، الوسيط في قانون التأمين، مرجع سابق، ص 221.

[64]  الفقرة الأولى من المادة 149 ” يجب على الضحية أو ذويه أن يوجهوا طلب التعويض إلى صندوق ضمان حوادث السير بواسطة رسالة

مضمونة مع إشعار بالتوصل أو بواسطة محرر غير قضائي.”

15عبد القادر العرعاري ،المسؤولية المدنية ،دراسة مقارنة على ضوء النصوص التشريعية الجديدة ،مصادر الالتزام ،الكتاب الثاني ،الطبعة الثالثة ،2014 ،اكدال ، الرباط الصفحة 293.

الامراني زنطار امحمد. مرجع سابق. الصفحة 266  .[66]

الفقرة الثانية من المادة الثانية من ظهير1984.[67]

قرار صادر عن المجلس الأعلى بتاريخ 29|11 /2004 أورده عبد القادر العرعاري ،مرجع سابق الصفحة 290. [68]

عبد القادر العرعاري ، مرجع سابق. الصفحة 260.[69]

20 ينص الفصل 77 من ق ل ع :” كل فعل ارتكبه الإنسان عن بينة و اختيار ومن غير أن يسمح به القانون فأحدث ضررا ماديا أو معنويا للغير ألزم مرتكبه تعويض هذا الضرر إذا ثبت أن ذلك الفعل هو السبب المباشر في حصول الضرر.

 عبد القادر العرعاري مرجع سابق الصفحة 299.[71]

22- الامراني زنطار امحمد ، مرجع سابق الصفحة 278.

23- كما  تنشأ المسؤولية التقصيرية للشخص من أفعاله التي تسبب ضرر للغير ، فقد تثور هذه المسؤولية أيضا نتيجة الأضرار التي تحدث من فعل الأشخاص الذين يخضعون لرقابته وقد يتحمل نفس الشخص مسؤولية الأضرار التي يحدثها للغير حيوان أو أشياء أخرى يتولى حراسته : للتوسع راجع عبد القادر العرعاري . مصادر الالتزامات .الكتاب الثاني المسؤولية المدنية .الطبعة الثالثة .دار الأمان .الرباط 2011.

24- على خلاف بعض التشريعات المدنية التي فضلت إخضاع المسؤولية عن حوادث السير لقوانين خاصة كما هو الشأن بالنسبة للقانون النمساوي والقانون الألماني، ونفس النهج سار عليه المشرع الفرنسي من خلال قانون بادنار 05 يوليوز 1985 :محمد العلمي: المسؤولية والتعويض عن حوادث السير ،حماية المضرور والمصالح الاقتصادية لمقاولات التأمين ،أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص السنة الجامعية 2011/2012  الصفحة 76.

 25-  محمد العزوزي .أبحاث فقهية وقانونية مدعمة باجتهادات قضائية .طبعة 2012 .مطبعة الأمنية .الرباط . ص 76  نقلا عن أحمد بحمان .المسؤولية التقصيرية في إطار حوادث السير على ضوء الفصل 88  ق ل ع  مقال منشور بمجلة القه والقانون  .العدد السابع س 2012 ص 213  

26ــ “قرار محكمة النقض الفرنسية 29 يوليوز 1945 لا  مسؤولية على صاحب السيارة ،بل على من استعارها ويقودها بنفسه أو بواسطة تابعه ،وهذا هو الحكم حتى لو كان لصاحب السيارة مصلحة فيما أزمع من رحلة ،إذ لا يكفي ذلك و لاعتبار أنه أحتفظ لنفسه بحراسة السيارة أتناء رحلتها ،كما تكون المسؤولية على من أخد السيارة من المرآب بدون علم صاحبها التي يجري إصلاحها فيه ويسأل أيضا عما تحدثه السيارة من ضرر، ذلك الصانع الذي يعهد بها إليه لتجربتها ،بعد أن تم إصلاحها ولو كان صاحبها حينذاك جالسا إلى جانبه “[76]

 -محمد العزوزي م س ص124.[77]

28- محمد  البوشواري، المسؤولية المدنية العقدية والتقصيرية، سلسة محاضرات جامعية ميسرة، مطبعة أشرف، تاسيلا أكادير، الطبعة الأولى طبعة 2008.ص42.

29- واستثناء يمكن أن تترتب مسؤولية حارس السيارة حينما تكون في وضعية  غير قانونية ،كأن يوقف السيارة في منحدر  دون أن يقوم بما يلزم من احتياطات السلامة ،ففي هذه الحالة تتحقق مسؤولية الحارس  عن الأضرار التي تسببت فيها السيارة حتى مع تمسكه بأن دورها كان سلبيا ،وفي سابقة للمجلس الأعلى ذهب فيها “وبما أن محضر  الحادثة يفيد أن سبب تدحرج السيارة  من المنحدر هو ركنها من طرف حارسها القانوني ،وهذا يقتضي اتخاذ ما يلزم لمنع تدحرجها فإن محكمة الموضوع ،والحال ما ذكر عندما اعتبرت حارس الشيء قد فعل ما كان ضروريا لتفادي الحادث ،وحملت المسؤولية  كانت للطبيعة تكون قد خرقت الفصل 88 من ق ل ع  المحتج به وعرضت قرارها للنقض : قرار المجلس الأعلى عدد 3764 .صادر بتاريخ 11./05/2008 ملف مدني عدد 2007/5/1/1153,  ينظر محمد بحمان .مرجع سابق. الصفحة[79] .

30- القانون رقم 15 95  المتعلق بمدونة التجارة الصادر بتنفيذها لظهير الشريف رقم 1 /96/ 83/  في فاتح أغسطس 1996 الجريدة  الرسمية عدد 44 18 بتاريخ 03 أكتوبر 1996.

31- وقد أشار المشرع المغربي للأركان اللازمة لصحة الالتزامات في الفصل الثاني من ق ل ع وهي الأهلية للالتزام ، تعبير صحيح عن الإرادة ، شيء محقق يصلح لأن يكون محل التزام ، وسبب مشروع.

–محمد العزوزي مرجع سابق. الصفحة176. [82]

-محمد البشواري : مرجع سابق. الصفحة  56.[83]

-محمد العزوزي مرجع سابق. الصفحة79.[84]

35-. وفي هذا الإطار قررت محكمة الاستئناف بباريس في قرار صادر عنها بتاريخ 24 يونيو 1964 أن ” الالتزام الذي يتحمل به الناقل لا ينشأ بمجرد تسليم التذكرة إلى المسافر و لكن بأخذه هذا الأخير على عاتقه . وبناء على ذلك لا تعتبر شركة الاوتوكار مسؤولة مسؤولية عقدية عن الإصابة التي تقع لشخص بعد استلامه لتذكرة مسلمة من شباك التذاكر أثناء نزوله من سلم يفصل بين شباك التذاكر و بين المكان الذي يوجد فيه الاوتوكار”.

– الإمراني زنطار امحمد. مرجع سابق. الصفة263[86]

[87] – عبد القدر العرعاري. المرحع السابق.  الصفحة 299.


إعداد :

صباح الفزازي            

صفاء المامون

وردة الوردي

محمد الخياط الدري

محمد الركلاوي

علي المتني

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

"لا تقرأ وترحل شاركنا رأيك"

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من أنفاس قانونية

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading