أخر الأخبار

الايجاب والقبول في العقد الإلكتروني


مقدمة :

نعيش اليوم عصر العولمة وهو في أزهى مراحله، الأمر الذي أفضى إلى ظهور تقنيات ومكنات جديدة في التعاقد لم تكن معهودة من ذي قبل، فقد برزت أنماط مستحدثة في المعاملات التجارية تتم بواسطة شبكة الانترنت، وبذلك بزغ فجر التجارة الالكترونية وانتشرت انتشار النار في الهشيم في كل أرجاء المعمور، وحتى تحقق التجارة الالكترونية غاياتها لابد لها من وسائل تعتمد عليها، ويشكل العقد الالكتروني الوسيلة الرئيسة والوتد الأساسي الذي إذا اختل أو زحزح اختلت معه بالضرورة التجارة الالكترونية.

وبما أن العقد الالكتروني هو عصى الرحى في التجارة الالكترونية فإنه لا غنى عن تحديد مفهوم دقيق له، وهكذا ؛ فإن بعض الفقه يذهب إلى أن العقد الالكتروني هو ذلك »العقد الذي يتلاقى فيه الإيجاب بالقبول عبر شبكة اتصالات دولية باستخدام التبادل الالكتروني للبيانات بقصد إنشاء التزامات تعاقدية«.[1]

ويعرف العقد الالكتروني أيضا بأنه » الاتفاق الذي يتم انعقاده بوسائل الكترونية كليا أو جزئيا « .[2]

وتاريخيا، فقد شكل قانون الأونيسترال الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 16 دجنبر 1996 المتعلق بالتجارة الالكترونية مرجعا استرشاديا لدول العالم التي تعتزم إصدار قانون خاص بهذا النوع من التجارة.

وكانت من أوائل الدول التي بادرت إلى استصدار قانون متعلق بالتبادل الالكتروني الولايات المتحدة الأمريكية التي سنت القانون رقم 104 المتعلق بالاتصالات عن بعد بتاريخ 8 فبراير سنة 1996.

أما مشرعنا المغربي فلم يستفق من سباته إلا في تاريخ 6 دجنبر 2007 وهو تاريخ صدور القانون رقم 05.53 المتعلق بالتبادل الالكتروني للمعطيات القانونية،[3] ليجد دولا عربية شقيقة قد سبقته إلى تنظيم التعاقد الالكتروني، منها تونس التي كانت على رأس الدول العربية التي قننت التعاقد الالكتروني بحيث أصدرت القانون رقم 83/2000 المتعلق بالمبادلات والتجارة الالكترونية في 9 غشت 2000، والأردن التي بادرت هي الأخرى لإصدار القانون رقم 85/2001 المتعلق بالمعاملات الالكترونية الصادر بتاريخ 11/12/2001.

وتتبدى أهمية دراسة موضوع الإيجاب والقبول في العقد الالكتروني في الوقوف على الخصوصية التي تطبع التراضي في هذه الزمرة من العقود نظرا لعدم التقاء أطراف التعاقد في مجلس واحد، وتأخر أو عدم تزامن الإيجاب والقبول مع بعضهما، واعتبارا للإشكالات العملية التي يطرحها مجلس العقد الالكتروني.

وتزداد أهمية الموضوع بالنظر إلى انتشار العقود الالكترونية بكثافة والازدياد المطرد في الإعلانات التي تدعو إلى الانعقاد في مختلف المواقع الالكترونية.

ويطرح موضوع الإيجاب والقبول في العقد الالكتروني أكثر من إشكال، سنعمل على معالجة الإشكالات الأكثر عمقا وهي : ما هي السمات المميزة للإيجاب والقبول في العقد الالكتروني عن غيرهما في النظرية العامة؟ وما هي مكانة عيوب الرضا في العقد الالكتروني؟

وما هو مفهوم مجلس العقد الالكتروني؟ وكيف يتم التطابق بين الإيجاب والقبول؟

لتحليل هذه الإشكالات والإلمام بموضوع الإيجاب والقبول في العقد الالكتروني ارتأينا تقسيم الموضوع إلى مبحثين 🙁المبحث الأول ) خصوصية التراضي في العقد الالكتروني، (المبحث الثاني ) ظروف اقتران الإيجاب بالقبول في العقد الالكتروني.

المبحث الأول : خصوصية التراضي في العقد الالكتروني

العقد الالكتروني لا يختلف عن العقد العادي  في أركان انعقاده وشروط صحته والأثر المترتب عليه، وإنما يختلف عنه في الوسيلة التي يتم بها إبرامه إذ يكتسب الطابع الالكتروني من الطريقة التي ينعقد بها، فينعقد بتلاقي الإيجاب  بالقبول بفضل التواصل بين المتعاقدين بوسيلة مرئية مسموعة عبر  شبكة دولية للاتصال عن بعد، وعليه فإن العقد هو توافق إرادتين أو أكثر على إحداث أثر قانوني، فالتراضي هو قوام العقد وينصرف إلى إنشاءه، وهذا الأمر هو الذي دفعنا إلى بحث خصوصية التراضي في العقد الالكتروني وذلك عبر  مطلبين ؛ إذ سنتطرق لمميزات الإيجاب والقبول في العقد الالكتروني (المطلب الأول)، على أن نخصص (المطلب الثاني) للحديث عن مدى تأثير عيوب الرضا على الإيجاب والقبول في العقد الالكتروني.

المطلب الأول : مميزات الإيجاب والقبول في العقد الالكتروني

إن انفراد الإيجاب والقبول الالكتروني عن التقليدي بكونه يتم باستخدام وسيط الكتروني جعله يتمتع بخصوصية تثير جملة من الإشكالات النوعية، فيما يتعلق بوجود الإرادة وشكل التعبير عنها والتي تؤدي فعلا إلى إحداث أثر قانوني معين، وهذا بالضبط ما دفعنا في هذا المطلب إلى محاولة استجلاء هذه الخصوصية التي يتمتع بها الإيجاب والقبول الالكتروني وتحديد مظاهر التعبير عن الإرادة التعاقدية عبر وسائل الاتصال الحديثة وخاصة شبكة الانترنت، وذلك من خلال فقرتين ؛ الأولى سنتحدث فيها عن الإيجاب الالكتروني، أما الثانية سنخصصها للقبول الالكتروني.

الفقرة الأولى : الإيجاب الالكتروني

إن الهدف من التطرق إلى الإيجاب كتعبير عن الإرادة ليس التعرض لمسألة معناه التقليدي، إنما البحث عن أوجه اختلاف الإيجاب في المجال الالكتروني، وهو ما يدعو إلى ضرورة تحديد ماهية الإيجاب الالكتروني (أولا)، ثم الحديث عن أهم الخصائص التي تميزه (ثانيا).

أولا : ماهية الإيجاب الالكتروني

يتطلب الإلمام بماهية الإيجاب الالكتروني الصادر عبر شبكة الانترنت التطرق لتعريفه ثم الحديث عن أهم الخصائص التي تميزه.

  • تعريف الإيجاب الالكتروني

يعتبر الإيجاب الخطوة الأولى في إبرام كافة العقود، فهو الإرادة الأولى التي تظهر في العقد، ولكي يتم العقد ينبغي أن يكون هناك عرض من طرف أحد الأشخاص إلى أخر بقصد إبرام عقد ما للحصول على قبول لهذا العرض.

وعليه، ونظرا لكون معظم التشريعات لا تتضمن نصا يعرف الإيجاب، فإن الفقه قد عرفه بأنه  »ذلك التعبير عن إرادة شخص يعرض على غيره أن يتعاقد معه، وقد يكون الإيجاب موجها إلى شخص معين كما يمكن أن يكون موجها إلى أي شخص كان من الجمهور « [4].

وبالتالي، فالإيجاب هو تعبير عن إرادة منفردة بمقتضاه يعلن شخص عن إرادته الباتة في إبرام عقد معين مع تحديد شروطه الأساسية التي إذا قبلت من طرف الشخص الموجه إليه الإيجاب انعقد العقد.

إلا أن ما تم الحديث عنه يخص الإيجاب التقليدي، حيث إن الإيجاب الذي يخص العقود الالكترونية إذ نجد أن الفصل 2-65 من قانون 53-05 المتعلق بالتبادل الالكتروني للمعطيات القانونية نص على أنه لا تسري أحكام الفصول من 23 إلى 30 من قانون الالتزامات والعقود على العقد المبرم بشكل إلكتروني أو الموجه بطريقة إلكترونية، وعلى إثر هذه الخصوصية المتعلقة بالإيجاب الالكتروني وجب تعريفه وفق الطبيعة العقود المبرمة من خلاله، وهي عقود مبرمة عن بعد.

فالإيجاب الالكتروني إذن وكما عرفته التوجيهية الخاصة بحماية المستهلكين في العقود المبرمة عن بعد »الإيجاب كل اتصال عن بعد، يتضمن العناصر اللازمة بحيث يستطيع المرسل إليه أن يقبل التعاقد مباشرة، ويستبعد من هذا النطاق مجرد إعلان « [5].

وقد تضمن البند 3/2 من مشروع العقد النموذجي في شأن المعاملات الالكترونية، والملحق بقانون الأمم المتحدة النموذجي ما يلي ” تمثل الرسالة إيجابا إذا تضمنت إيجابا لإبرام عقد مرسل إلى شخص واحد أو أشخاص محددين ما داموا معرفين على نحو كاف وكانت تشير إلى نية مرسل الإيجاب أن يلتزم في القبول، ولا يعتبر إيجابا الرسالة المتاحة إلكترونيا بوجه عام ما لم يشر إلى غير ذلك”[6].

والملاحظ أن هذه التعاريف يعتريها نوع من النقص، لذلك حاول أحدهم وضع تعريف شامل للإيجاب الالكتروني يتمثل في كونه ” تعبير جازم عن إرادة الراغب في التعاقد عن بعد، ويتم من خلال شبكة دولية للاتصالات بوسيلة مسموعة مرئية، ويتضمن كل العناصر اللازمة لإبرام العقد، إذ يستطيع من وجه إليه أن يقبل التعاقد مباشرة” .[7]

وقد عالج المشرع المغربي الإيجاب الالكتروني من خلال قانون 53.05 المتعلق بالتبادل الالكتروني للمعطيات القانونية تحت اسم “العرض” من خلال الفصلين 3-65 و3-64.

وتبعا لهذا يتميز الإيجاب الالكتروني عن الإيجاب العادي في أن التعبير يتم باستخدام وسيط الكتروني من خلال شبكة الانترنت، وهذه الميزة هي التي جعلته يتمتع بخصوصية تثير جملة من الإشكالات بسبب خطورة الآثار المترتبة عنه[8].

  • خصائص الإيجاب الالكتروني

يخضع الإيجاب الالكتروني لذات القواعد العامة التي تحكم الإيجاب التقليدي، كونه باتا وجازما وكاملا يشمل كافة البيانات والعناصر اللازمة لإبرام العقد، إلا أنه بالإضافة إلى ذلك يتميز الإيجاب الالكتروني ببعض الخصوصية التي تتعلق بطبيعته، وكونه يتم بوسيلة مرئية مسموعة من خلال شبكة عالمية للاتصالات عن بعد، وهذا ما سنقوم بالتفصيل فيه من خلال ما يلي.

  1. الإيجاب الالكتروني يتم عبر وسيط الكتروني

يتطلب الإيجاب الالكتروني وجود وسيط يتمثل في مقدم خدمة الانترنت، فهو يتم من خلال الشبكة العنكبوتية باستخدام وسيلة مسموعة مرئية، وليس هناك ما يحول دون أن يكون الموجب هو نفسه مقدم خدمة الانترنت[9]، حيث إن هناك آخرين يشاركون في تقديم تلك الخدمة، منهم عامل الاتصال ومورد المعلومة وغيرهم، حيث يساهم كل منهم بدوره في إتمام عملية الإيجاب الالكتروني، وبالتالي هذا ما يصعب من مهمة التأكد من هوية الموجب الحقيقية.

ويقترب الإيجاب الالكتروني من الإيجاب في التعاقد عن طريق التلفزيون، حيث إنه في كلتا الحالتين لا توجد دعامة ورقية، ورغم هذا التشابه فإن الإيجاب الالكتروني يتميز بأنه يتضمن استمرارا معينا، بحيث إن الموجب له يستطيع دائما أن يعود ليقرأ مرة أخرى الإعلان الموجود على الموقع الالكتروني أو المرسل إليه عبر البريد الالكتروني، بينما يتميز الإيجاب في التعاقد عن طريق التلفزيون بوقتية الرسالة المعروضة عبر الشاشة، فمدة البث عبر التلفزيون تكون محدودة وتتميز بالسرعة وباختصار المعلومات، أي أن الإيجاب عبر التلفزيون يتميز بالاختصار وسرعة الزوال[10].

  • الإيجاب الالكتروني عن بعد

إن إبرام العقد الالكتروني عبر وسائل الاتصال المختلفة يجعل منه عقدا مبرما عن بعد، وبالتبع يكون الإيجاب في هذه الحالة صادرا عن بعد، وهذا ما يجعله خاضعا للقواعد الخاصة بحماية المستهلك في العقود المبرمة عن بعد، والتي تفرض على المهني أو المورد تزويد المستهلك بمعلومات حول شخصية التاجر وعنوانه، وعنوان البريد الالكتروني، والخصائص الأساسية للمنتجات والخدمات المعروضة، وأوصافها وأثمانها ووسائل الدفع أو السداد، وكذا طريقة التسليم، كما يجب أن يقوم الموجب بإطلاع الموجب إليه بخياره في الرجوع عن التعاقد، ومدة الضمان وغيرها من الشروط التي أوجبها قانون حماية المستهلك في ما يخص العقود المبرمة عن بعد.

وهي الالتزامات التي أشار إليها التوجه الأوربي رقم 97/7 في شأن حماية المستهلك في العقود عن بعد، وهي نفس المقتضيات التي أقرها المشرع المغربي في القانون 08-31[11].

  • الإيجاب الالكتروني يكون غالبا إيجابا دوليا

يتم الإيجاب الالكتروني باستخدام وسائط إلكترونية عبر شبكة دولية للاتصالات والمعلومات، فهو لا يتقيد بحدود الدول السياسية والجغرافية، فيكون الإيجاب تبعا لذلك دوليا نظرا لما تتسم به شبكة الانترنت من الانفتاح والعالمية.

إلا أنه هناك من يرى أنه لا يوجد ما يحول من قصر الإيجاب الالكتروني على منطقة جغرافية محددة، بحيث يكون له نطاق جغرافي ومكاني معين، فقد يقصر الموجب عرض المنتجات والخدمات على منطقة جغرافية معينة، مثال ذلك ما نلاحظه في بعض مواقع الويب الفرنسية المنتشرة على الانترنت والتي تقصر الإيجاب فقط على الدول الفرانكفونية الناطقة بالفرنسية، وأيضا ما تقرره الولايات المتحدة الأمريكية من حضر توجيه الإيجاب للدول الموقع عليها عقوبات اقتصادية مثل كوبا وكوريا الشمالية، أي أن الإيجاب الالكتروني قد يكون إقليميا أو دوليا، وتبعا لذلك فإن الموجب في هذه الحالة لن يلتزم بإبرام عقود أو تسليم منتجات خارج النطاق الإقليمي الذي حدد سالفا[12].

ثانيا : شروط الإيجاب الالكتروني وحالاته

سنقوم من خلال الفقرة التطرق للشروط الأساسية الواجب توفرها في الإيجاب الالكتروني، ثم الصور أو الحالات التي يأتي عليها هذا الإيجاب.

  • شروط الإيجاب الالكتروني

يتطابق الإيجاب الالكتروني مع نظيره التقليدي فيما يخص الشروط العامة الواجب توافرها فيه، حيث يجب أن يكون هذا الإيجاب حازما ونهائيا يعبر عن النية الباتة لأحد المتعاقدين في التعاقد، بحيث ينعقد على إثره العقد المقصود بمجرد قبوله من طرف المتعاقد الأخر، كما يشترط فيه أن يكون واضحا ومحددا لشروط العقد الأساسية[13].

ونظرا للخصوصية التي يتميز  بها الإيجاب الالكتروني فقد خصه المشرع بشروط خاصة يجب أن تضمن في العرض، حيث يجب أن يكون الإيجاب في العقود الإلكترونية غاية في الوضوح والدقة، وأن يتوفر على العناصر الجوهرية التي تجعل منه إيجابا باتا، فهذه العناصر الجوهرية تعد من المستندات التعاقدية، ويكون لها القوة الملزمة للعقد، حيث أكد المشرع المغربي من خلال الفصل 4-65 من قانون 53-05 في فقرته الأولى ” يتعين على كل من يقترح بصفة مهنية وبطريقة الكترونية، توريد سلع أو تقديم خدمات أو تفويت أصول تجارية أو أحد عناصرها، أن يضع رهن إشارة العموم الشروط التعاقدية المطبقة بشكل يمكن من الاحتفاظ بها واستنساخها”.

كما أن المشرع ومن خلال الفقرة الثانية من نفس الفصل ألزم الموجب بالإبقاء على إيجابه طيلة المدة المحددة له، وفي حالة عدم تحديده لها، أو تعذر عليه ذلك فإنه يظل ملزما بإيجابه طالما الولوج الالكتروني للإيجاب متوفرا من طرف الموجب نفسه[14].

وبالإضافة إلى الشرطين السابقين، فقد ألزم المشرع المغربي الموجب بالتزامه بإعلام المستهلك قبل التعاقد معه إلكترونيا، وضرورة توفير البيانات التي تساعده على أخذ فكرة واضحة عن كل ما يخص هذا العرض، ولعل أهم تلك البيانات التي يجب الالتزام بالإعلام عنها تلك التي نصت عليها الفقرة الثالثة من الفصل 4-65 من قانون 53-05، والتي يمكن إجمالها فيما يلي :

  • يتعين على الموجب أن يعين شروط بيع البضاعة أو الخدمة المعروضة أو شروط بيع الأصل التجاري أو أحد عناصره.
  • يتعين على الموجب أن يدلل على الكيفية التي ينفذ بها أطراف العقد المزمع عقده لالتزاماتهم التبادلية.
  • أن يتضمن الإيجاب من الوسائل التقنية ما يفيد المتعاقد المحتمل من الاطلاع على الأخطاء المرتكبة أثناء تحصيل المعطيات وتصحيحها.
  • لم يشترط المشرع في العقد الالكتروني أن يحرر باللغة العربية، وإنما ترك الحرية لأطراف الالتزام استعمال اللغة التي يرغبان فيها، ونعتقد أنه إذا حرر العقد بلغة أجنبية تعين ترجمته إلى اللغة العربية من قبل ترجمان محلف ليمكن الاحتجاج به أمام القضاء المغربي على اعتبار أن لغة التقاضي هي اللغة العربية، وإلا ردت الدعوى بعدم القبول.
  • أن يتضمن الإيجاب أسلوب حفظ العقد وشروط الاطلاع على العقد المزمع عقده إن لزم الأمر.
  • أن يتضمن الإيجاب الأسلوب الالكتروني الذي يمكن من معرفة القواعد المهنية والتجارية التي يروم صاحب العرض الخضوع لها.

وعلى إثر ذلك اعتبر المشرع المغربي أن كل إيجاب أو عرض لا يتضمن البيانات المذكورة يقع تحت طائلة اعتباره مجرد إشهار لا يلزم الموجب[15].

ويتبين أن حرص المشرع المغربي بإلزام الموجب ضرورة ذكر هذه الشروط والبيانات، والالتزام بالإعلام إنما كان يريد من خلاله تمييز الإيجاب الالكتروني عن الإعلان بحكم الاختلاف السائد بينهما، حيث يختلف الفقه حول اعتبار الإعلان عن السلعة على المواقع الالكترونية إيجابا أم أنه لا يعد دعوى للتعاقد ؟

لقد أثار هذا التساؤل اختلافا في الرأي لدى الفقه في تعيين الحد الفاصل بين الإيجاب الالكتروني و الإعلان، وولد تفاوتا واختلافا في الرأي حول هذه المسألة.

فقد اعتبر البعض أن الإعلان لا يعتبر إيجابا وإنما هو مجرد دعوى إلى التعاقد، وذلك بسبب عدم تعيين الشخص المقصود في الإعلان أو الإيجاب، فضلا عما يقتضيه الإعلان من ضغط معنوي على المستهلك يحثه على شراء السلع[16]، بينما ينتفي هذا الضغط بالنسبة للموجب في حالة حدوث أي طارئ على الخدمة أو السلعة حتى يتمكن من تعديل أو تصويب الأوضاع، مثل ارتفاع الأسعار، أو نفاذ الكمية أو أي طارئ آخر، فكل ذلك لا يرتب أي مسؤولية عنهم لأن الذي تم إرساله ما هو إلا إعلان دعوى للتعاقد وليس إيجابا.

أما الرأي الثاني، فيعتبر أن الإعلان الموجه للجمهور عبر تقنيات الاتصال عن بعد، يعتبر إيجابا موجها إلى الجمهور، إذا تضمن العناصر الأساسية للعقد المراد إبرامه، كأن يتم تحديد السلعة أو الخدمة تحديدا تاما نافيا للجهالة، وأن يحدد الثمن، أما إذا لم يتضمن الإعلان ذلك، فإنه مجرد دعوى إلى التعاقد[17]، حيث إن ذلك يتفق مع مفهوم الإيجاب وبالتالي ينعقد العقد إذا ما تلاقى معه القبول.

  • صور الإيجاب الالكتروني

يمكن التعبير عن الإيجاب الالكتروني باستخدام أكثر من وسيلة وتقنية تقدمها شبكة الانترنت، ومن أهم هذه التقنيات أكثرها شيوعا، التعاقد عن طريق البريد الالكتروني، والإيجاب عبر صفحة الويب، وكذا الإيجاب عن طريق المحادثة المباشرة.

  1. التعبير عن الإيجاب عن طريق البريد الالكتروني

يعتبر البريد الالكتروني أقدم الوسائل الالكترونية للتعبير عن الإرادة، ويتحقق عن طريق إرسال الموجب رسالة الكترونية إلى عنوان البريد الالكتروني للطرف الأخر،مع تضمين هذه الرسالة جميع شروط العقد ثم النقر على إرسال، حيث يكون التعبير في الرسالة الالكترونية صريحا، إذ تترجم في الأخير لتتخذ شكل كتابة لا تختلف في جوهرها على الكتابة العادية، إنما تختلف فقط في الوسيلة المستعملة وهي الكمبيوتر.

وعليه ؛ فإنه لا يصبح العقد قائما متى تم إرسال الرسالة الالكترونية كإيجاب يقدمه الموجب، إلا إذا وافق من وجه إليه الإيجاب صراحة على هذه الوسيلة، غير أن مرسل العرض يعفى من الحصول على الموافقة الصريحة باستعمال البريد الالكترونية، إذا كانت المعلومات موجهة إلى المهنيين والحرفيين، وذلك ابتداء من الوقت الذي فيه هؤلاء بعنوانهم الالكتروني[18].

ولعل أكثر المشاكل التي تحدث في الواقع العملي هي حينما يقوم الموجب ببعث أو إرسال عرض برسالة إلكترونية أكثر من مرة، فهل في هذه الحالة تعتبر كل رسالة عرضا مستقلا عن الآخر؟ أم أن الرسالة تبقى مجرد نسخة ثانية أو ثالثة حسب الأحوال ؟

إن القانون ساكت حول هذه المسألة، لكن بما أن الحاسوب يسجل في ذاكرته كل عملية إرسال على حدة، فإن هذه الإمكانية تتيح للمرسل التأكد من عمليات الإرسال التي أنجزها فعلا، ومن ثم فإن المنطق يقضي  بأن كل رسالة الكترونية تشكل عرضا مستقلا منتجا لآثاره، وهذا ماعدا إذا ثبت أن المرسل إليه على علم أو كان بإمكانه أن يعلم إذا بذل عناية معقولة أن الرسالة ما هي إلا نسخة مكررة من ذلك العرض[19]، وإلى هذا ذهب قانون التجارة الالكترونية في دولة الكويت في الفقرة الخامسة من مادته العشرة[20].

  • التعبير عن الإيجاب عبر شبكة الانترنت (الويب)

يعتبر الويب الوسيلة الأكثر استعمالا وانتشارا في الاتصالات عبر شبكة الانترنت، واستخدام الموقع يعني استمرارية هذا الموقع على مدار 24 ساعة[21]، حيث يصدر الإيجاب عن طريق عرض المنتجات إضافة إلى معلومات متعلقة بالثمن، كما يتم تضمين الصفحة الإعلانية على الويب زرا للموافقة يتم النقر عليه للتعبير عن القبول، ولعل ما يميز الإيجاب عبر هذه الوسيلة أنه موجه للجمهور فلا يكون مقصورا على أشخاص محددين، عكس الإيجاب الموجه عبر البريد الالكتروني الذي يكون موجها إلى شخص معين بذاته.

  • التعبير عن الإيجاب عن طريق المحادثة الالكترونية

بالإضافة إلى الوسيلتين السالف ذكرهما، توجد طرق إلكترونية أخرى يمكن التعبير عن الإيجاب من خلالها، فمع التطور الذي يشهده عالم التكنولوجيا، لا يمكن حصر  وسائل التعبير عن الإرادة في وسيلتين فقط.

ولعل هذا الأمر هو ما يدفعنا للحديث عن تقنية المحادثة المباشرة عن طريق الانترنت كبرنامج (skype) مثلا، حيث تسمح هذه التقنيات المباشرة لمستخدم الانترنت بالتحدث مع الشخص الآخر بطريقة مباشرة، فيتم بذلك عرض الإيجاب من الموجب والرد بالقبول أو الرفض من الشخص الموجه إليه الإيجاب، حيث يتم تبادل الإيجاب والقبول في هذه الحالة إما كتابة، وإما بالصوت والصورة، وهذا ما يعني أن التعاقد في هذه الحالة يكون بين حاضرين من حيث الزمان.

الفقرة الثانية : القبول في العقد الالكتروني

لا يكفي لإبرام العقد وجود الإيجاب وحده، فلا بد أن تقابله إرادة عقدية أخرى تتضمن قبولا لهذا الإيجاب، والعقود الالكترونية التي تبرم عبر الانترنت لا تختلف عن العقود التقليدية من هذه الناحية.

وعليه، سنتطرق من خلال هذه الفقرة إلى الإرادة الثانية اللازمة لتحقق ركن التراضي والتي تتمثل في القبول الالكتروني من خلال التطرق لماهيته (أولا)، ثم إلى الشروط الواجب توافرها فيه (ثانيا).

أولا : ماهية القبول الالكتروني

للإحاطة بماهية القبول الإلكتروني سنقوم بتعريف القبول الالكتروني كإرادة ثانية للتعبير عن الموافقة على الإيجاب الموجه إليه (أ)، ثم سنعمل على إبراز الخصائص التي يتميز بها القبول الالكتروني (ب).

  • تعريف القبول الالكتروني

القبول هو التعبير الجدي عن إرادة الشخص الذي وجه إليه الإيجاب والمتضمن لموافقته على ذلك الإيجاب، فهو الإرادة الثانية في العقد بعد الإيجاب[22].

والقبول الالكتروني لا يخرج عن هذا التعريف فيما عدا كونه يتم بوسائط إلكترونية وعن بعد لذلك فهو يخضع من حيث الأصل للقواعد والأحكام العامة التي تنظم القبول التقليدي، ولكنه يتميز ببعض القواعد التي ترجع إلى طبيعته الالكترونية[23].

ولكي ينتج القبول أثره القانوني المتمثل في انعقاد العقد لا بد أن يتطابق تماما مع الإيجاب الالكتروني المقدم له من قبل الموجب، ويجب أن يكون هذا التطابق في كل جوانبه، وإلا فإن العقد لا ينعقد متى اختلف القبول مع الإيجاب مع إمكانية اعتباره إيجابا جديدا وليس قبولا.

والمشرع المغربي لم يعط تعريفا محددا للقبول الالكتروني، إلا أنه عالجه في الفصل 65-5[24]  من القانون رقم 53-05 المتعلق بالتبادل الالكتروني للمعطيات القانونية تحت عنوان “إبرام عقد بشكل إلكتروني”[25].

  • خصائص القبول الالكتروني

لا يختلف القبول الالكتروني عن القبول التقليدي سوى أنه يتم عن بعد عبر تقنيات الاتصال الحديثة، لذا فإن القبول الالكتروني يتميز بالخصائص التالية :

الخاصية الأولى تتمثل في كونه لا ينعقد إلا إذا كان مصحوبا بتأكيد معين له “كالنقر المزدوج” على مفتاح القبول أو عن طريق ملئ استمارة البيانات للمتعاقد على الموقع الالكتروني[26].

والثانية تتمثل في كونه يتم التعبير عنه عن بعد، فإذا كان طرفي العقد بإمكانهم التواجد مع بعضهم البعض في حالات عدة للقبول التقليدي، فإن الأمر يختلف عن ذلك بالنسبة للقبول الالكتروني لأنه يتم عبر وسائل سمعية بصرية افتراضية بعيدة عن الواقع.

وتبقى خاصية ثالثة تتمثل في كون القبول الالكتروني يتميز  في اتفاق إرادة المتعاقدين، حيث إن وصول القبول للموجب لا يكفي لانعقاد العقد، بل يجب على الموجب إصدار إقرارا باستلامه لمثل هذا القبول والذي يكون عادة بإرسال رسالة إلكترونية تفيد ذلك وخلال أجل معقول مما يجيز للقابل في الحالة التي لا يتلقى فيها الإقرار الالكتروني حق تجاهل العقد والرجوع بالتعويض على الموجب.

ثانيا : شروط القبول الالكتروني

نرى أنه من المفيد قبل أن نتطرق للشروط الواجب توافرها في القبول الالكتروني، أن نذكر أهم صيغ و حالات التعبير عن القبول الالكتروني الموجه عبر شبكة الانترنت، ونخص بالذكر؛ القبول عن طريق البريد الالكتروني، والقبول عن طريق النقر بالفأرة cliquage  de souris ، وهل يعتبر السكوت في القبول الالكتروني تعبيرا عن الإرادة.

يعتبر استخدام البريد الالكتروني من أهم الوسائل للتعبير عن القبول، ففي هذه الصورة يمكن للموجب إليه أن يستخدم البريد الالكتروني لإرسال موافقته على الإيجاب في صورة رسالة إلكترونية إلى عنوان البريد الالكتروني الذي وصله بنفس الوسيلة، يبلغه فيها بموافقته على قبول التعاقد طبقا للشروط السابقة في الإيجاب و يكون مصحوبا بتوقيعه.

وتجدر الإشارة إلى أنه في هذه الحالة من التعبير عن القبول عن طريق البريد الالكتروني لا يقوم العقد صحيحا إلا إن قام الموجب أثناء توصله بقبول الموجب إليه بإشعار هذا الأخير أنه قد توصل بقبوله، وعلى إثر ذلك يقوم العقد صحيحا وينتج آثاره.

ويكون التعبير عن القبول كذلك عن طريق النقر بالفأرة، ولقد أثارت هذه الصورة من القبول الالكتروني العديد من الاختلافات و وجهات النظر، حيث إنه من اليسر القول بوجود الإرادة إذا تم التعبير عنها كتابة، ولكن تثور الصعوبة عند غياب الدليل الكتابي، فهذه الوسيلة قد تتضمن حدوث الكثير من الأخطاء من قبيل لمس الأيقونة على سبيل الخطأ أثناء استخدام جهاز الحاسوب، وهو الأمر الذي يحمل معه العديد من المخاطر التي تهدد مثل هذا النوع من التعاقد.

ولذلك نجد الفقه قد انقسم بخصوص هذه المسألة إلى قسمين وسار في اتجاهين :

اتجاه أول ؛ يرى أنه لا يوجد ما يحول دون اعتبار النقر مرة واحدة على الأيقونة قبولا من الناحية القانونية لمجرد وصوله إلى علم الموجب، وبذلك ينعقد العقد، وهذا ما أخد به الفقه الفرنسي، لكن إذا اشترط الموجب تأكيد القبول بالضغط مرتين على الأيقونة فإن العقد في هذه الحالة لا ينعقد إلا من لحظة الضغط مرة ثانية على الأيقونة[27].

والاتجاه الثاني ؛ الذي يؤكد أن مجرد الملامسة والضغط على الأيقونة المخصصة للقبول لمرة واحدة قد يكون على سبيل الخطأ و بالتالي لا يعطي الدلالة القاطعة على توافر القبول، لذا يجب الضغط مرتين على الأيقونة حتى يتأكد القبول وينتج كافة آثاره[28].

ولعل هذا التباين في الوجهات هو ما يحيلنا إلى طريقة التعبير عن القبول الالكتروني كما حدده المشرع المغربي، فبالعودة إلى الفقرة الأولى من الفصل 5-65 نجد أن المشرع اشترط أن يحصل القبول لانعقاد العقد عن طريق وسيلة النقر على الأيقونة ما يلي :

يجب في مرحلة أولى أن يقوم من وجه إليه الإيجاب باختيار البضاعة التي يريد من بين تلك المعروضة للشراء بواسطة النقر  في الخانة المحددة، وفي المرحلة الثانية يقوم الموجب بالإشعار بطريقة الكترونية ودون تأخير غير مبرر بتسلمه القبول الموجه إليه، فيعرض على من قبل التعاقد معه ملخصا لطلبه قصد تمكينه من التحقق من تفاصيل الأمر الصادر عنه ومن السعر الإجمالي ومن تصحيح الأخطاء المحتملة، وفي النهاية يقوم الطرف القابل بتأكيد الأمر المذكور لأجل التعبير عن قبوله بواسطة النقر مرة ثانية[29].

ويطرح تساؤل حول مدى اعتبار السكوت تعبيرا عن القبول كصورة من صور التعبير عن القبول الالكتروني.

الأصل أنه لا يمكن اعتبار سكوت من وجه إليه الإيجاب قبول، ولذلك فإن من تسلم رسالة إلكترونية عبر شبكة الانترنت تتضمن عبارة تفيد “إذا لم يرد على هذا العرض خلال مدة معينة اعتبر ذلك قبولا” فيمكنه أن لا يعيرها أي اهتمام[30].

إلا أنه قد يعتبر السكوت عن الرد قبولا إذا كان هناك تعامل سابق بين الأطراف، أو كانت طبيعة التعامل أو العرف التجاري تدل على أن السكوت هو تعبير عن القبول، ويكون أيضا السكوت صحيحا إذا اتفق الطرفان على ذلك، كاعتبار السكوت صحيحا إذا مضت مدة معينة.

وعليه، فإذا كانت أغلب التشريعات المتعلقة بالمعاملات الالكترونية لم تشر إلى اعتبار السكوت وسيلة يعتد بها للتعبير عن القبول، فإن استخلاص ذلك يعد مسألة موضوعية تتدخل في نطاق السلطة التقديرية لقاضي الموضوع.

ولكن هذه الحالات الاستثنائية لا يمكن قبولها على حالها في شأن القبول الالكتروني، نظرا للتعاقد عبر شبكة الانترنت، فلا يمكن القول بأن العرف يلعب دورا فعالا وهاما في هذا المجال لعدم وجود معاملات كثيرة ومستقرة تصل إلى درجة العرف[31].

وبالعودة إلى الشروط الواجب توافرها في القبول الالكتروني فإنه يخضع لتلك الشروط التي تتطلبها القواعد العامة للقبول التقليدي.

وتتمثل هذه الشروط في صدور القبول والإيجاب قائما، تطابق القبول والإيجاب، وأن يكون هذا القبول صريحا و واضحا.

  • صدور القبول والإيجاب قائما

تقتضي قواعد التعامل أن من تقدم بالإيجاب يظل ملزما به إلى حين تلقيه الرد ممن وجه إليه، والقبول وجب أن يصدر حالا إذا كان المتعاقدين يجمعهما مجلس عقد واحد، أما إذا كان المتعاقدين في مجلسين مختلفين طبقت القواعد المتعلقة بالتعاقد عن طريق المراسلة أو عن طريق الوسيط.

وعليه، فالقبول في العقد الالكتروني يجب أن يصدر خلال المدة التي حددها الموجب لصلاحية إيجابه أو خلال وجود الإيجاب على الموقع، فطالما أن الإيجاب لازال موجودا على الموقع مثلا، فإن الموجه إليه إذا ضغط على أيقونة القبول فإن العقد ينعقد في هذه الحالة لأن الإيجاب مازال قائما.

كما يجب أن يصدر القبول الالكتروني قبل أن يرجع الموجب عن إيجابه إلا إذا كان قد حدد مدة القبول، ويجب أن يصدر القبول خلال هذه الفترة، وفي كل حال يصدر القبول قبل انقضاء مجلس العقد أي قبل انتهاء الاتصال بين المتعاقدين[32].

وبالتالي فلا أثر للقبول إلا إذا صدر أثناء قيام الإيجاب، وهذا أمر بديهي، فالقبول جواب على الإيجاب، فإذا لم يعد الإيجاب قائما كان القبول جواب لمعدوم، ويطلق على هذا الشرط في الفقه الإسلامي “اتحاد مجلس الإيجاب والقبول حقيقة وحكما[33]“.

  • تطابق الإيجاب مع القبول

إن الأصل في القواعد العامة أن يكون القبول مطابقا للإيجاب لإبرام العقد، أي أن طرفي العقد يتفقان على الشروط الأساسية لإبرام العقد وكذا العناصر الأخرى التي يعتقدان أنها مهمة، بمعنى أن يكون القبول مطابقا للإيجاب مطابقة تامة، ولا يقصد هنا مطابقة الألفاظ والصيغ، وإنما المطابقة في الموضوع بشكل يكون صدور القبول بالموافقة على جميع المسائل التي تضمنها الإيجاب دون تفرقة بين ما يعد من المسائل الجوهرية و ما يعد من المسائل التفصيلية الثانوية[34].

  • أن يصدر القبول الالكتروني صريحا واضحا وحرا

طبقا القواعد العامة، فإن القبول يتم صراحة على شكل مجموعة من الصور “الكتابة والإشارة المتداولة عرفا، واتخاذ موقف لا تدع ظروف الحال شكا في دلالته…” وقد يتم القبول أيضا ضمنيا إذا لم ينص القانون أو يتفق الطرفان أن يكون صريحا.

وبتطبيق هذه القواعد على القبول الالكتروني نجد أنه يتم في الغالب صراحة ويصعب أن يتم ضمنيا، ويستشف ذلك من خلال النصوص القانونية، حيث نجد أن القانون النموذجي الأونيسترال ينص في المادة 234 على أنه : “يعتبر القبول…مقبولا إذا تسلمه مرسل الإيجاب…”، فكلمة تسلم هنا تفيد أن القبول يتم تسلمه برسالة مكتوبة وهذا تعبير صريح[35].

وعليه، فالقبول إذن وجب أن يكون صريحا، كما وجب أن يكون واضحا إن اشتمل على عدد من البيانات منها أن يتم تحديد الشخص القابل، وبناء على ذلك فتسجيل بيانات تحديد الشخصية يكون ضروريا لتسجيل العقد.

المطلب الثاني: تأثير عيوب الرضا على الإيجاب والقبول في العقد الالكتروني

إن قيام العقد صحيحا وإنتاجه أثارا قانونية، يفرض في التراضي أن يكون سليما وحرا، لكنه في بعض الأحيان يشوبه الرضا بعض العيوب التي  لا تحول دون قيام العقد، ومن تم مطالبة الطرف الذي تعيب رضاه بإبطال العقد، ويعتبر العقد الالكتروني أحد العقود التي تثار فيها مسألة تعيب الإرادة، لذا ووعيا منا بالأهمية التي تكتسيها عيوب الرضا، فقد خصصنا لها طلبا قسمناه إلى فقرتين ؛ الفقرة الأولى سلطنا فيها الضوء على العيوب التي يسوغ إعمالها في العقد الالكتروني، فيما خصصنا الفقرة الثانية للحديث عن العيوب المستبعدة في مجال التعاقد الالكتروني. 

الفقرة الأولى: عيوب الرضا المخول إعمالها في العقد الالكتروني

إن عيوب الرضا التي تنهض سببا لطلب إبطال العقد الالكتروني والتي يتصور أن تعيب إرادة احد المتعاقدين يمكن حصرها في : عيبي الغلط (أولا)،  والتدليس (ثانيا).

أولا: الغلط في العقد الالكتروني

يعرف الغلط في النظرية العامة للالتزامات والعقود بأنه ” توهم يصور لشخص الواقع على خلاف حقيقته ويدفعه إلى التعاقد، فالمتعاقد تحت وطأة الغلط يقوم لديه تصور كاذب للواقع يحمله على إبرام عقد ما كان ليبرمه لو وقف على حقيقة الأمر”.[36]

ويشترط للتمسك بالغلط لإبطال العقد في الميدان الالكتروني أن يقع أحد المتعاقدين في غلط جوهري وأن يتصل ذلك الغلط بعلم المتعاقد الآخر، ويكون الغلط جوهريا إذا بلغ عند من وقع فيه حدا من الجسامة بحيث كان سيمتنع عن التعاقد لو لم يقع في الغلط، وقد يقع الغلط في جوهر الشيء أو يقع على شخص المتعاقد أو في طبيعة العقد.[37]

وفي المجال الالكتروني لا يمكن حصر أنماط العقود أو صور الوقوع في الغلط، إذ يمكن أن يرتكب المستخدم خطأ بشأن الخانة التي يضغط عليها حيث يبدأ في الخطوات إلى أن يجد نفسه متعاقدا رغم عدم اتجاه إرادته لذلك، كما أن الغلط قد ينتج عن سوء فهم موضوع أو شروط العرض أو الإيجاب الموضوع على الخط، مما يتيح لكلا الطرفين المطالبة بإبطال العقد، غير أن حكم العقد الالكتروني الذي يبرم نتيجة الغلط فالذي لا يمكن تداركه وتصحيحه يكون باطلا حسب ما جاءت به المادة 3/12 من اتفاقية الأونيسترال للتعاقد الالكتروني.[38]

 ومن الناحية العملية كثيرا ما يقع الغلط بسبب العرض الناقص أو غير الواضح للمنتجات المعروضة عبر تقنيات الاتصال لذا ألزم التوجيه الأوروبي رقم 31/2000 بشأن التجارة الالكترونية في المادة 11 منه مقدمي الخدمات بعرض الخدمة على العميل بالتفصيل الدقيق وأن يقوموا بإعلامه بذلك بوسائل مناسبة وفعالة وسهلة البلوغ وعلى نحو يمكنه من فهم المعطيات الالكترونية، الأمر الذي يكفل عدم وقوع العميل في الغلط.[39]

ثانيا: التدليس في التعاقد الالكتروني

يعرف التدليس بكونه الالتجاء إلى الحيلة والتضليل والخداع بقصد إيقاع المتعاقد في غلط يدفعه إلى التعاقد، فهو يثير الغلط في ذهن المتعاقد عن طريق إيهامه بأمر يخالف الحقيقة وجره بذلك إلى التعاقد.[40]

وبناء على هذا التعريف  يتضح على أنه حتى يقوم التدليس سببا لإبطال العقد لا بد من توفره على مجموعة من الشروط[41] تتمثل في ؛ استعمال الطرق الاحتيالية بهدف دفع المتعاقد إلى إبرام العقد، بالإضافة إلى ضرورة أن يكون هذا التدليس هو السبب المباشر  في التعاقد بحيث إنه لو وجد المتعاقد في ظروف أخرى لما أقدم على إبرام العقد.

إن للتدليس أهمية كبيرة في إطار العقود الالكترونية حيث أتاح الطرح الجديد لنظام التعاقد الالكتروني للطرف غير الخبير الحق في أن يتمسك بتعيب إرادته نتيجة تدليس ناجم عن كتمان المتعاقد الآخر للمعلومات التي  كان يجب عليه الإفصاح عنها، إلا أن الوسائل الاحتيالية في العقد الالكتروني لها معنى أوسع وتطبيقات جديدة وأساليبها متنوعة، نظرا لقدرة بعض العابثين والمحتالين على اختراق النظام المعلوماتي للشبكة، ومن أهم هذه التطبيقات:

– الدعايات والإعلانات الالكترونية الكاذبة والمضللة للمنتجات والخدمات عبر شبكة الانترنت.

– الكذب المعتمد على نشر معلومات غير صحيحة وان كان الكذب وحده لا يكفي لتكوين عنصر الحيلة في التدليس، كامتداح التاجر بضاعته إلى حد الكذب ما دام ذلك مألوف في التعامل، وعلى العكس إذا خرج الكذب عن المألوف في التعامل يدخل في مجال التدليس في الإعلانات والدعايات الالكترونية أو الخدمات إذا كان مؤثرا في إرادة المدلس عليه ودافعا إلى التعاقد.[42]

الفقرة الثانية: عيوب الرضا المستبعدة في العقد الالكتروني

يعتبر تطبيق نظرية عيوب الرضا من ابرز الآليات الحمائية التي تصون إرادة المتعاقد، لكن نظرية عيوب الرضا لا يمكن تطبيقها على إطلاقها في مجال التعاقد الالكتروني، الأمر الذي يحتم تنحية بعض العيوب التي تشوب الإرادة في العقد الالكتروني أو تطبيقها ـ استثناء ـ في حدود جد ضيقة، ويتعلق الأمر هنا، بعيب الإكراه (أولا)، وعيب الغبن (ثانيا).

أولا : الإكراه في العقد الالكتروني

يتحدد مفهوم الإكراه في أنه ضغط يقع على الشخص، فيولد في نفسه رهبة تحمله على إبرام تصرف قانوني، فتكون سببا في جعل رضاه غير سليم.[43]

فالإكراه يصيب الإرادة في أهم عنصر هو عنصر الحرية والاختيار، إذ المكره لا يرغب في التعاقد وإنما الرهبة التي ولدها الإكراه دفعته إلى أن يتعاقد.[44]

إن الإكراه بمدلوله المومأ إليه، يتعذر أن يشوب إرادة المتعاقد الكترونيا، فهو مستبعد لسببين رئيسيين : أولهما ؛ بعد المسافة بين المتعاقدين، حيث يكون وجودهما على شبكة الانترنت افتراضيا لا حقيقيا. أما السبب الثاني ؛ فهو المتجسد في أن استعمال البرنامج الالكتروني للتعاقد رهين بفعل المتعاقد الآخر بدخوله على الموقع أو فتحه لجهاز الحاسوب وليس مرهونا بفعل المكره.[45]

وبما انه لكل قاعدة استثناء والاستثناء يؤكد القاعدة ولا يفنيها، فإنه يمكن الاعتداد بعيب الإكراه في العقد الالكتروني في حدود جد ضيقة بل تكاد تكون شبه منعدمة، وذلك في حالة التبعية الاقتصادية، حيث يضطر المتعاقد إلى إبرام العقد تحت ضغوط العوز الاقتصادي، إذا كانت وضعية السوق التجارية تتسم باحتكام منتوج ما، وتوريده بشروط مجحفة، فيجد المتعاقد نفسه مرغما على التعاقد تحت الرهبة التي تبعث في نفسه بسبب تهديد مصالحه المرتبطة بمكانة ذلك المنتوج. ويجب لفت الانتباه، إلى أن إعمال عيب الإكراه في هذه الحالة هو استثناء والاستثناء لا يقاس عليه.

ثانيا: عيب الغبن في العقد الالكتروني

الغبن هو عدم التعادل بين الأداءات المتقابلة للأطراف المتعاقدة، بين ما يعطي الشخص وما يأخذه مما يخل بالتوازن الاقتصادي للعقد.[46]على أن عدم التعادل المقصود هنا ليس هو عدم التعادل العادي الذي لا تخلو منه جميع المعاملات تقريبا، والذي يصعب تجنه في كل العقود، إنما عدم التعادل هنا يقصد به معنى خاص، ولا يدخل في الاعتبار إلا إذا كان غير عادي، خارجا عن المألوف.[47]

وإذا كان الغبن يخول إبطال العقد وفقا للنظرية العامة للالتزامات والعقود، فإنه يكون غير جدير بالاعتبار في العقود الالكترونية وذلك لعدة اعتبارات لعل من أبرزها أن المتعاقد الكترونيا يكون أمام بوابة على الموقع الالكتروني (web) تحتوي معلومات كافية لتنوير رضاه فيتعاقد عن بينة واختيار، وما يزكي مبدأ إقصاء الغبن في التعاقد الالكتروني هو أن المشرع المغربي  لا يعتد بالغبن كسبب موجبا للإبطال إلا إذا كان ضحيته قاصرا[48]، هذا فضلا عن ضرورة صدور الغبن نتيجة تدليس الطرف الآخر أو نائبه أو الشخص الذي تعامل من أجله.[49]

يلاحظ مما تقدم ؛ أن المشرع المغربي ضيق كثيرا من نطاق إعمال الغبن لما قرنه بإلزامية أن يكون ضحيته قاصرا، الأمر الذي يجعل الأخذ بالغبن عصيا على العقود العادية فأحرى أن يكون في العقود الالكترونية.

المبحث الثاني: ظروف اقتران الإيجاب والقبول في العقد الالكتروني

يعتبر العقد منعقدا في اللحظة التي يقترن فيها القبول بالإيجاب، باعتبار أن التقاء الإرادتين هو الذي يخلق العقد، وهو الذي يحدد وقت تحقيق الرابطة القانونية، غير أن الإشكال الذي يطرح في العقد الالكتروني باعتباره عقدا مبرما عن بعد، هو البعد المادي لطرفيه وكذا وسيلة إبرامه الشيء الذي ألغى معه كل المفاهيم المرتكزة على عنصر التحديد المكاني، لذا سنحاول التطرق لمجلس العقد الالكتروني (المطلب الأول)، على أن نخصص (المطلب الثاني) لبحث تطابق الإيجاب القبول في العقد الالكتروني.

المطلب الأول: مجلس العقد الالكتروني

 من أجل معرفة  الخصوصية التي تطبع مجلس العقد الالكتروني، ارتأينا تسليط الضوء على ماهية مجلس العقد الالكتروني (الفقرة الأولى)، ثم تحديد الطبيعة القانونية لمجلس العقد الالكتروني (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: ماهية مجلس العقد الالكتروني

إن التعاقد بواسطة الشبكة العنكبوتية يتم في مجلس عقد فريد من نوعه الأمر الذي يحتم علينا تحديد مفهوم مجلس العقد الالكتروني (أولا)، ثم بيان عناصره (ثانيا).

أولا : مفهوم مجلس العقد الالكتروني

يرى العلامة السنهوري أن نظرية مجلس العقد لم تعالج علاجا خاصا في الفقه الفرنسي، أما الفقه الإسلامي فقد صاغ لها نظرية بلغت من الإتقان مدى كبيرا، فلا يطلب من المتعاقد الآخر القبول فورا، بل له أن يتدبر بعض الوقت، ولكن من جهة أخرى لا يسمح له بأن يمعن في تراخيه إلى حد الإضرار بالموجب بإبقائه معلقا مدة طويلة دون الرد على إيجابه فوجب إذن التوسط بين الأمرين، ومن هنا نبتت نظرية مجلس العقد.[50]

وقد تعددت المحاولات التي تتناول تعريف مجلس العقد سواء في الفقه الإسلامي أو الفقه المعاصر، فقد عرفه البعض بأنه ” مكان وزمان التعاقد الذي يبدأ بالانشغال البات بالصيغة  وينقض بانتهاء الانشغال بالتعاقد”. وهذا التعريف ينطبق على مجلس العقد الالكتروني أيضا فالقصد من مجلس العقد منح المتعاقدين مهلة كافية هي فترة انعقاده للتدبر والتروي في أمر التعاقد، فقد ثبت لهما التفكير والتروي طيلة مجلس العقد وإلى حين انفضاضه، وهكذا يترتب على فكرة مجلس العقد أن يكون كل من الإيجاب والقبول غير ملزمين طالما لم يتم التلاقي بينهما، فيثبت للموجب خيار الرجوع عن إيجابه، كما يثبت لمن وجه إليه الإيجاب خيار القبول أو الرفض طالما لم ينفض المجلس، وهو ما يعرف بخيار المجلس.[51] وعليه فإن مجلس العقد هو الإطار الزماني والمكاني الذي يجمع المتعاقدين حقيقة أو حكما لحظة إبرام العقد.

يستفاد من هذا ؛ أن القصد من المرور بمرحلة مجلس العقد الالكتروني تمكين المتعاقدين من مهلة كافية تجعل إقدام أطراف العقد على التعاقد يجيء عن بينة وقناعة كاملة.

ثانيا: عناصر مجلس العقد الالكتروني

يدخل في تكوين ماهية مجلس العقد الالكتروني، عنصرين لا غنى عنهما في قيام هذا المجلس ألا وهما العنصر المادي (أ)، والعنصر المعنوي (ب).

أ ــ العنصر المادي[52]

يمثل العنصر المادي أحد عنصري مجلس العقد وتتجلى أهميته في التعاقد بين حاضرين حيث يلتقيان فعليا في مكان واحد يجمعهما طول الفترة اللازمة لإبرام العقد، قد يكون المكان الذي يبرم فيه العقد(العنصر المادي للمجلس)، مكانا مفتوحا أو مغلًقا، كما يمكن أن يكون حيزا ثابتا كمكتب أحد المحاميين أو منزل أحد الطرفين أو متحركا كإبرام العقد على متن باخرة متحركة.

والمقصود بعنصر المكان في مجلس العقد: هو ذلك الحيز الثابت أو المتحرك الذي يجمع المتعاقدين فعليا أو افتراضيا أثناء انشغالهما بالتعاقد، يبدوا من خلال هذا التعريف أن العنصر المادي لمجلس العقد هو حيز محدد يتلاقى فيه الطرفان جسديا أو افتراضيا للتعاقد، فهذا المكان قد يأخذ مفهوما واسعًا فيشمل التعاقد الالكتروني أو يأخذ مفهوما ضيًقا كما في حال التعاقد بين حاضرين من حيث الزمان والمكان، لا شك أن هذا المفهوم الأخير لا يتلاءم مع التعاقد الالكتروني الذي يتم عن بعد كالتعاقد عبر الانترنت بشكل مباشر، حيث يرى كل طرف نظيره ويسمعه طوال فترة مجلس العقد.[53]

ب ــ العنصر المعنوي

يعد العنصر المعنوي جوهر مجلس العقد، فهو الذي يعمل على تحقيق حكمته ويبرر سبب وجود نظرية مجلس العقد وهي كسب بعض الوقت للتفكير والتروي قبل إعلان الإرادة أو العدول عنها بعد إعلانها متى توافرت شروط الاعتداد بهذا العدول. يمكن تعريف هذا العنصر بأن الفترة الزمنية التي يظل المتعاقدين منتقلان خلالها بأمور العقد المراد إبرامه تتمثل هذه الفترة في تلك المدة الواقعة بين صدور الإيجاب والعلم بالقبول يتعين وجود هذا العنصر سواء كان  المجلس حقيقيا أو حكميا أو كان التعاقد تقليديا أو إلكترونيا. فقد أصبح المقصود باتحاد مجلس العقد تعاصر انشغال الطرفين بإبرام العقد حتى ولو كان التعاقد يتم

عن بعد من خلال الوسائط الإلكترونية أو غيرها من وسائل الاتصال المباشر، بالتالي فإن اتحاد مجلس العقد هو- بصفة أساسية- اتحاد الزمان الذي يكون الطرفين خلاله منشغلين بأمور التعاقد، فإن التعاقد الالكتروني يعد تعاقدا بين حاضرين من حيث الزمان لكون الكتابة بين الغائبين من خلال الشبكة تماثل التعبير باللفظ في التعاقد بين الحاضرين.[54]

الفقرة الثانية: الطبيعة القانونية لمجلس العقد الالكتروني

الواقع أن العقد يبرم بين متعاقدين من داخل مجلس العقد الواحد فهذه هي الصورة الغالبة، بيد أنه نتيجة للتطور التكنولوجي وازدهار التجارة الالكترونية أضحى الحديث عن التعاقد عبر وسائل الاتصال الحديثة بين أطراف لا يجمعهم مجلس عقد واحد، إذ يكون الطرف الأول في مكان يختلف عن الطرف الثاني، [55] الأمر الذي تمخض عنه تعدد وتنوع في الاتجاهات الفقهية حول الطبيعة القانونية لمجلس العقد الالكتروني، فثمة من يعتبره تعاقد بين حاضرين (أولا)، وآخرون يرجحون كونه تعاقدا بين غائبين (ثانيا)، ويتوسطهما رأي يعتبره مجلسا مختلطا (ثالثا).

أولا : العقد الالكتروني تعاقد بين حاضرين

ينطبق مجلس العقد حسب هذا الرأي على كل متعاقدين انصرفا إلى موضوع التعاقد دون أن يشغلهما شاغل آخر، وطالما أن الاتصال يتم مباشرة عبر شبكة الانترنت، بحيث يمكن أن يرى كل منهما الآخر ويسمعه في آن واحد، فلا وجود للفاصل الزمني بين صدور التعبير عن الإرادة، ووصول هذا التعبير إلى علم الموجه إليه دون الأخذ بالاعتبار التباعد المكاني، فمجلس العقد يكون حكميا وليس حقيقيا.[56]

وأنصار هذا الاتجاه يرون أن التعاقد الالكتروني تعاقد بين حاضرين، لكون أطراف التعاقد على اتصال دائم عبر شبكة الانترنت، إما عن طريق الكتابة أو عن طريق الحوار، وقد يكون بالصوت والصورة والكتابة، ففي كل هذه الحالات يتحقق الحضور في مجلس العقد الالكتروني، وبالتالي نكون أمام تعاقد بين حاضرين، وان كان حضورا اعتباريا.[57]

لكن ما يعاب على هذا الاتجاه انه يفترض لمجلس العقد سوى ركن واحد وهو ركن الزمان، متناسيا أن مجلس العقد يقوم على ركنيين هما المكان والزمان، فالركن المكاني يشكل ركنا ماديا للمجلس، غير أن الركن الزماني يجسد فقط الركن المعنوي، ولكل منهما شروط وأحكام، فان قصر المجلس على أحدهما دون الآخر يترتب عليه خلل في مجلس العقد.

ثانيا: العقد الالكتروني تعاقد بين غائبين

يذهب أصحاب هذا الرأي إلى كون العقد الالكتروني هو تعاقد بين غائبين زمانا ومكانا شأنه شأن التعاقد بطريقة المراسلة أو التعاقد بطريق التليفون ولا يختلف عنهم إلا في الوسيلة التي يتم بها، ويعتمد هذا الاتجاه لتبرير رأيه المتجسد في كون التعاقد الالكتروني هو تعاقد بين غائبين، نظرا لعدم وجود الإيجاب والقبول في نفس اللحظة، بل يوجد فاصل زمني بين علم الموجب بالقبول وصدوره، ناهيك عن اختلاف مكان المتعاقدين، وفي هذا السياق أكد الفقيه السنهوري أن المعيار الأساسي في تميز التعاقد بين حاضرين عند التعاقد بين  الغائبين هو أن تفصل فترة من الزمن بين صدور القبول وعلم الموجب، ففي التعاقد بين الحاضرين تنمحي هذه الفترة ويعلم الموجب بالقبول في الوقت الذي يصير فيه، أما في التعاقد بين غائبين فإنه القبول يصدر ثم تمضي فترة من الزمن، وهي المدة اللازمة لوصول القبول إلى علم الموجب ومدن تم يختلف وقد صدور القبول عن وقت العلم به.[58]

ولا مراء أن ما يعاب على هذا الرأي أن أصحابه  قد أغفلوا دور وسائل الاتصال الحديثة، ففيه تحقيق للتفاعل المباشر بين طرفي التعاقد، بحيث يتبدد الفاصل الزمني مما يستبعد القول باعتبار أن مثل هذا التعاقد يعد تعاقدا بين غائبين في كل الحالات.

ثالثا: مجلس العقد المختلط

يقوم هذا الاتجاه على فكرة مؤداها أن التعاقد عبر الانترنت تعاقد بين حاضرين من حيث الزمان، وتعاقد بين غائبين من حيث المكان، باعتبار أن الأمر يتم بوسائل سمعية بصرية تسمح بالتفاعل بين طرفين يضمهما مجلس واحد حكمي افتراضي، شانه شان التعاقد عن طريق الهاتف. فحسب هذا الرأي يعتبر العقد الالكتروني تعاقد بين حاضرين في الزمان لانعدام الفاصل الزمني بين صدور القبول وعلم الموجب به، ويعد تعاقدا بين غائبين لتواجد الطرفين في دول مختلفة.[59]

وكغيره من الاتجاهات الأخرى لم يسلم  هذا الاتجاه من سهام النقد، فثمة من رفض فكرة اعتبار التعاقد عن بعد تعاقدا بين حاضرين من حيث الزمان وبين غائبين من حيث المكان لعدم جواز تجزئة مجلس العقد، ذلك أن هذا الأخير يتطلب وحدة المكان واستمرارية زمانية متصلة، إلا أن هذا الرأي يفضي إلى تجزئة هاتين الوحدتين، فضلا عن كونه يخلط بين مجلس العقد الحقيقي ومجلس العقد الحكمي، إذ لا وجود لمجلس مختلط، الشيء الذي يؤدي إلى صعوبة تطبيق أحكام المجلس الحقيقي على زمان المجلس وأحكام المجلس الحكمي على مكان المجلس.[60]

ولعل هذا التباين في الآراء حول الطبيعة القانونية للعقد المبرم الكترونيا يطرح إشكالية تحديد زمان ومكان تلاقي الإرادتين وهو ما سنفصل فيه الحديث في المطلب الثاني.

المطلب الثاني: اقتران الإيجاب والقبول في العقد الالكتروني

إن اقتران الإيجاب بالقبول في العقد الالكتروني يشكل مرحلة مهمة في التعاقد نظرا لكونها اللحظة الحاسمة في إنشاء العقد، لذلك ارتأينا في هذا المطلب الإحاطة بعنصرين من الأهمية بمكان وهما :  زمان اقتران الإيجاب بالقبول في العقد الالكتروني (الفقرة الأولى)، ومكان تطابق الإيجاب والقبول في العقد الالكتروني (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: زمان اقتران الإيجاب بالقبول في العقد الالكتروني

لقد أعطى الطابع الالكتروني للتعاقد زخما جديدا لمسالة تقليدية أثيرت في النظرية العامة للعقود، تتمثل في تحديد زمان ومكان انعقاد العقد، هذه المسألة التي حظيت باهتمام كبير من لدن الفقه والقضاء، والتشريع، وذلك لأهمية النتائج التي تترتب على تحديدها.

فتحديد لحظة انعقاد العقد تنبني عليها معرفة أمور شتى تتجلى مثلا  في معرفة أهلية المتعاقدين لحظة انعقاد العقد، والتي يصبح فيها العقد ملزما لهما، بحيث لا يستطيع الموجب أن يسحب إيجابه أو أن يعدل عنه، كما يفيد في معرفة ما إذا تم القبول في المهلة التي حددها الموجب أم لا.[61]

ومما لا ريب فيه أن هذه المسألة لا تثير أي إشكالية في التعاقد بين حاضرين، بحيث يقترن القبول بالإيجاب في نفس اللحظة ونفس المكان وبالتالي ينعقد العقد، بيد أن المسألة ليست بهذه السهولة عند الحديث عن العقود الالكترونية، ذلك أنها تمتاز باختلاف مكان المتعاقدين، وبوجود فاصل زمني بين صدور القبول وعلم المتعاقد الآخر به، الشيء الذي يدفعنا إلى التساؤل عن كيفية تحديد زمان انعقاد العقد الالكتروني؟ للإجابة على هذه الإشكالية لا بد من استجلاء النظريات التي تطرقت للموضوع وتتجلى في :

 أولا : نظرية إعلان القبول

إن زمان انعقاد العقد الالكتروني حسب مذهب الإعلان يرد إلى الوقت الذي يعلن القابل عن قبوله بتحريره إياه وإرساله الكترونيا وذلك بالضغط على المكان المحدد للقبول وعندها يتحدد زمن القبول.[62] أما إذا تم عن طريق الويب فان اللحظة التي ينعقد فيها العقد هي اللحظة التي يحررها فيها من وجه إليه الإيجاب رسالة الكترونية يعبر عن قبوله لما وجه إليه، ويرسل فيها القابل معلوماته الشخصية المطلوبة منه، وبالتالي فالقبول وفقا لهذه النظرية تعبير إرادي غير واجب الاتصال فيكفي مجرد إعلانه من صاحبه.

إلا أن من صعوبات الأخذ بهذه النظرية الحالة التي يكون فيها القابل قد حرر رسالة القبول وتركها على جهازه الخاص دون أن يرسلها أو يعلم بها أحد إذ تثار مسألة صعوبة إثباتها.[63]

ثانيا : نظرية استلام القبول

حسب هذه النظرية ؛ يكون وقت انعقاد العقد هو وقت وصول الرسالة المتضمنة للقبول إلى الموجب، بمعنى السيطرة الفعلية للموجب على الرسالة المتضمنة القبول، بحيث تكون تحت تصرفه حتى ولو لم يطلع عليه، فبمجرد وصول القبول إلى مكان الموجب يصبح نهائيا، لا يستطيع القابل استرداده، ومن تم ينعقد بغض النظر عن علم الموجب له كون الوصول قرينة على العلم.[64]

إلا أن ما يؤاخذ على هذه النظرية كون التسليم مجرد واقعة مادية لا قيمة قانونية لها في إثبات علم الموجب بالقبول، ما دام أن هذا الأخير لا ينتج اثر هالا بعلم الموجب له.

ثالثا : نظرية تصدير القبول

مفاد هذه النظرية أن العقد ينعقد في المكان والزمان اللذين يرسل فيهما القابل قبوله، وعليه فلا يكفي لانعقاد العقد أن يعلن القابل عن قبوله، بل لا بد أن يرسل هذا القبول إلى الموجب، فإخراج القبول من حيازة القابل دليل على صدوره.

فتطبيقا لهذه النظرية فإن العقد ينعقد عندما يكتب القابل رسالة بريد الكتروني تتضمن قبوله ويضغط على زر الإرسال فتخرج بالتالي هذه الرسالة عن سيطرته ولا يعود بإمكانه التراجع عن قبوله بحيث تصبح نهائية.[65]

رابعا : نظرية العلم بالقبول

فحوى هذه النظرية الأخيرة تقوم على أن العقد ينعقد في الزمان والمكان اللذين يعلم فيهما الموجب بأن إيجابه قد تم قبوله، فالقبول لا يصبح نهائيا إلا في الوقت الذي يستطيع فيه الموجب أن يعلم به، بحيث لا يعتبر  التعاقد تاما إلا في هذا الوقت، فتطبيقا لهذه النظرية فانه لا يكفي الضغط على خانة القبول في نماذج العقود على مواقع الويب، وإنما يجب أن يصل القبول إلى الموجب ويعلم به، إلا أن ما يلاحظ أن هذه النظرية لا تحتوي على ما يلزم الموجب بالاطلاع على رسالة القبول والعلم به طالما أن وصول هذه الرسالة لا يكفي لانعقاد العقد.[66]

الفقرة الثانية: مكان تطابق الإيجاب والقبول في العقد الالكتروني

لتحديد مكان توافق إرادتي كل من الموجب والقابل أهمية خاصة في العقود الالكترونية، نظرا للصفة الدولية الغالبة على المعاملات التجارية الالكتروني هذا من جهة، ومن جهة ثانية يفيد في معرفة المحكمة المختصة مكانيا في حالة وجود أي نزاع حول العقد الالكتروني، ومعرفة القانون الواجب التطبيق في حالة تنازع القوانين. ووفقا للقواعد العامة في تحديد الاختصاص القضائي فإن مكان إبرام العقد هو الذي يحدد الاختصاص المكاني للمحكمة،[67] وتحديد مكان إبرام العقد الالكتروني يعرف صعوبة تحديد المكان الذي ترسل منه الرسالة الالكترونية وكذا مكان استلامها، فكلاهما في فضاء خارجي صعب التحديد.[68]

وبالتالي يثور التساؤل حول مكان اقتران الإيجاب بالقبول، هل هو مكان إقامة القابل أم المكان الذي استلم فيه الموجب القبول أم مكان نظام معالجة المعلومات؟

يلاحظ أن جل التشريعات حددت مكان اقتران الإيجاب بالقبول في القد الالكتروني بالمكان الذي يقع فيه مقر عمل الموجب، بغض النظر عن مكان تواجد النظام المعلوماتي الذي تلقى الرسالة فيه ما لم يتم الاتفاق على خلاف ذلك،[69] وهذا ما نص عليه قانون الأونيسترال النموذجي للتجارة الالكترونية حيث جاء في المادة 4/15 : ” ما لم يتفق المنشئ والمرسل إليه على غير ذلك، يعتبر  أن رسالة البيانات أرسلت من المكان الذي يقع فيه مقر عمل المنشئ ويعتبر أنها استلمت في المكان الذي يقع فيه مقر عمل المرسل إليه . لأغراض هذه الفقرة:

– إذا كان للمنشئ أو المرسل إليه أكثر من مقر عمل واحد، كان مقر العمل هو المقر الذي له أوثق علاقة بالمعاملة المعنية، أو مقر العمل الرئيسي إذا لم توجد مثل تلك المعاملة.

– أذا لم يكن للمنشئ أو المرسل إليه مقر عمل، يشار من تم إلى محل إقامته المعتاد.”

فهذه المادة تؤكد على منح المتعاقدين حرية تعيين المكان الذي أرسلت منه رسالة البيانات أو استلمت فيه، وكذلك لم توضح لنا مكان اقتران الإيجاب بالقبول صراحة، وإنما أوضحته بصورة ضمنية إذ يمكن القول أن مكان انعقاد العقد الالكتروني هو المكان الذي يعتبر أن رسالة البيانات استلمت فيه ويعتبر أنها استلمت في المكان  الذي يقع فيه مقر عمل المرسل إليه (مقر الموجب).[70]

خلاصة القول أن مكان انعقاد العقد هو مقر عمل الموجب، وعلى مستوى التشريع المغربي لا

يوجد نص قانوني واضح يبين لنا مكان إبرام العقد الالكتروني، بحيث إن المشرع ترك ثغرة بخصوص تحديد مكان اقتران الإيجاب بالقبول، وبالتالي ففي اعتقادنا الشخصي يجب على المشرع أن يملأ هذا الفراغ القانوني بنص يتماشى مع قانون الأونيسترال النموذجي بشأن التجارة الالكترونية.

خاتمة :

تأسيسا على ما سبق يتضح أن التراضي في العقد الالكتروني هو ذاته في العقد العادي إلا أنه يختلف عنه من حيث الوسيلة التي يتم بها، ففي العقد الالكتروني يتم الإيجاب والقبول بواسطة وسائل البيانات الالكترونية، ثم إن التعاقد الالكتروني يكون بين حاضرين زمانا وغائبين مكانا، كما أن العقد الالكتروني وضع نموذجا جديدا لمجلس العقد ذلك أنه يمكن أن يكون افتراضيا إذا تم التعاقد بتكنولوجيا المحادثة والمشاهدة المباشرة عبر الانترنت.

من هذا المنطلق نقترح بعض التوصيات التي نراها جديرة بالأهمية في مجال التعاقد الالكتروني : 

  • إيراد تعريف محدد للعقد الالكتروني نظرا للتضارب الذي يعرفه على مستوى الفقه، بالإضافة إلى تحديد المجال المكاني والزماني لانعقاد العقد الالكتروني؛
  • إنشاء قضاء مختص بنظر المنازعات الالكترونية بحيث تشمل في تكوينها خبيرا متخصصا في مجال تقنيات الاتصال، بالإضافة إلى عقد دورات تكوينية لرجال القضاء بهدف إعداد إطارات قضائية تساير المستجدات الحديثة في مجال التقنيات المختلفة.

[1]  خالد ممدوح إبراهيم، إبرام العقد الالكتروني، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية، الطبعة الثانية 2011، ص 74.

[2]  ماجد محمد سليمان أبا الخيل، العقد الالكتروني، مكتبة الرشد ـ ناشرون، المملكة العربية السعودية ـ الرياض، الطبعة الأولى 2009، ص 16.

[3]  القانون رقم 53.05 المتعلق بالتبادل الالكتروني للمعطيات القانونية، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1,07.129  بتاريخ 19 ذي القعدة 1428 (30 نوفمبر 2007)، الجريدة الرسمية عدد 5584 بتاريخ 25 ذي القعدة 1428 (6 ديسمبر 2007)، ص 3879.

[4]  مامون الكزبري، نظرية الالتزامات في ضوء قانون الالتزامات والعقود المغربي، مصادر الالتزام، الجزء الأول، مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء، دون ذكر سنة ورقم الطبعة، ص 54.

[5]  محمد بيسي، التراضي في العقد الالكتروني، مقال منشور في جريدة القانونية، متوفر على الرابط التالي: http://www.alkanounia.com/-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D8%B6%D9%8A-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%82%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%AA%D8%B1%D9%88%D9%86%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%8A%D8%AC%D8%A7%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%AA%D8%B1%D9%88%D9%86%D9%8A-%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%A8%D9%88%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%AA%D8%B1%D9%88%D9%86%D9%8A-t284.html#.WDLO4dLhDMw، تم الاطلاع عليه يوم 11/11/2016 على الساعة 14:05.

[6]  مرزوق نور الهدي، التراضي في العقود الالكترونية، مذكرة لنيل شهادة الماجستر في القانون فرع المسؤولية المهنية، جامعة مولود معمري ـ تيزي وزو، كلية الحقوق والعلوم السياسية، الجزائر، السنة الجامعية 2012، ص 95.

[7]  بلقاسم حامدي، إبرام العقد الالكتروني، أطروحة مقدمة لنيل الدكتورة تخصص قانون الأعمال ، جامعة الحاج لخضر باتنة، كلية العلوم السياسية، الجزائر، السنة الجامعية 2014/2015، ص 67.

[8]  عقد البيع عبر شبكة الانترنت، دون ذكر صاحبه، مقال منشور بمجلة القانون والأعمال الالكترونية متوفر على الرابط: http://www.droitetentreprise.org/web/%D8%B9%D9%82%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D9%8A%D8%B9-%D8%B9%D8%A8%D8%B1-%D8%B4%D8%A8%D9%83%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%86%D8%AA%D8%B1%D9%86%D8%AA/، تم الاطلاع عليه يوم 11/12/2016، على الساعة 17:20.

[9]  خالد ممدوح إبراهيم، عقود التجارة الإلكترونية، مقال منشور في الموقع الالكتروني :  http://www.aladalacenter.com/index.php/2012-10-31-17-26-38/98-2009-12-12-01-25-32، تم الاطلاع عليه يوم 2016/11/12 ، على الساعة 17:45.

[10]  بلقاسم حامدي، إبرام العقد الالكتروني، مرجع سابق، ص 68.

[11]  القانون رقم 08-31 القاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.03 بتاريخ 14 من ربيع الأول 1432 (18 فبراير 2011)، الجريدة الرسمية عدد 5932 بتاريخ 3 جمادى الأولى 1432 (7 أبريل 2011)، ص 1072.

[12]  محمد بيسي، التراضي في العقد الالكتروني، مقال إلكتروني، مرجع سابق.

[13]  نزهة الخلدي، الموجز في النظرية العامة للالتزامات، مصادر الالتزام-العقد-، مطبعة تطوان، الطبعة الأولى، سنة 2013 ص 40.

[14]   أشهيهب محمد، خصوصية التراضي في العقد الالكتروني، مقال منشور في مجلة قانون الأعمال الالكترونية، متوفر على الرابط: http://www.droitetentreprise.org/web/%D8%AE%D8%B5%D9%88%D8%B5%D9%8A%D8%A9%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D8%B6%D9%8A%D9%81%D9%8A%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%82%D8%AF%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%84%D9%83%D8%AA%D8%B1%D9%88%D9%86%D9%8A/، تم الاطلاع عليه يوم 11/12/2016 على الساعة 15.30.

[15]  المختار بن أحمد العطار، العقد الالكتروني، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، الطبعة الأولى 2010، ص 27-28.

[16]  بلقاسم حامدي، إبرام العقد الالكتروني،  مرجع سابق، ص 77.

[17]  مولاي حفيظ علوي قاديري، التعبير عن الإرادة في التعاقد الالكتروني، الجزء الأول، مقال منشور في جريدة القانونية، متوفر على الرابط ؛ http://www.alkanounia.com/%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B9%D8%A8%D9%8A%D8%B1-%D8%B9%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B1%D8%A7%D8%AF%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B9%D8%A7%D9%82%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%AA%D8%B1%D9%88%D9%86%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%B2%D8%A1-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%88%D9%84-t68.html#.WDLWXdLhDMw، تم الاطلاع  عليه يوم 2016/11/14 على الساعة 14:30.

[18]  عبد الله الكرجي و صليحة حاجي، التعاقد الرقمي ونظم الحماية الالكترونية، مطبعة الأمنية الرباط، دون ذكر رقم الطبعة، ص 58.

[19]  حنان العربي، التبادل الالكتروني للمعطيات القانونية (القانون المغربي 53-05)، دراسة تحليلية نقدية، طبعة الأولى 2008، ص 17.

[20]  ” كل مستند الكتروني يستلمه المرسل إليه يعتبر مستندا مستقلا، وإن بإمكانه أن يتصرف فيه على هذا الأساس ما عدا إذا تعلق الأمر بنسخة ثانية منه، وكان المرسل إليه على علم بها أو كان بإمكانه أن يعلم إذا بذل العناية المعقولة أو استخدم أي جزء متفق عليه يفيد أن المستند إنما هو نسخة ثانية”.

[21]  مرزوق نور الهدى، التراضي في العقود الالكترونية، مرجع سابق، ص 66.

[22]  نزهة الخلدي، الموجز في النظرية العامة، مرجع سابق، صفحة 43.

[23]  عبد الله الكرجي و صليحة حاجي، التعاقد الرقمي ونظم الحماية الالكترونية، مرجع سابق، صفحة 64.

[24]  ينص الفص 65ـ5 على أنه : ” يشترط لصحة إبرام العقد أن يكون من أرسل العرض إليه قد تمكن من التحقق من تفاصيل الإذن الصادر عنه ومن سعره الإجمالي ومن تصحيح الأخطاء المحتملة، وذلك قبل تأكيد الإذن المذكور لأجل التعبير عن قبوله.

يجب على صاحب العرض الإشعار بطريقة الكترونية، ودون تأخير غير مبرر وبطريقة الكترونية بتسلمه قبول العرض الموجه إليه.

يعتبر قبول العرض وتأكيده والإشعار بالتسلم متوصلا بها إذا كان بإمكان الأطراف المرسلة إليهم الولوج إليها”.

[25] – أحمد أدريوش، تأملات حول قانون التبادل الالكتروني للمعطيات القانونية، منشورات سلسلة المعرفة القانونية، مطبعة الأمنية، الرباط، الطبعة الأولى 2009، صفحة 95.

[26]  بلقاسم حامدي، إبرام العقد الالكتروني، مرجع سابق، صفحة 80.

[27] – مرزوق نور الهدى، التراضي في العقود الالكترونية، مرجع سابق، صفحة 127.

[28]  مولاي حفيظ علوي قاديري، مقال الكتروني، مرجع سابق.

[29]  أحمد أدريوش، تأملات حول قانون التبادل الالكتروني للمعطيات القانونية، مرجع سابق، صفحة 75.

[30]  عبد الله الكرجي و صليحة حاجي، التعاقد الرقمي ونظم الحماية الالكترونية، صفحة 66.

[31]  خالد ممدوح إبراهيم، إبرام العقد الالكتروني، دراسة مقارنة، دار مرجع سابق، صفحة 344.

[32]  بلقاسم حامدي، إبرام العقد الالكتروني، مرجع سابق، صفحة 80.

[33]  مرزوق نور الهدى، التراضي في العقود الالكترونية، مرجع سابق، صفحة 151.

[34]  للتفصيل أكثر في تطابق الإيجاب مع القبول أنظر المطلب الثاني من المبحث الثاني بعده.

[35]  بلقاسم حامدي، إبرام العقد الالكتروني، مرجع سابق، صفحة 83.

[36]  مامون الكزبري، نظرية الالتزامات في ضوء قانون الالتزامات والعقود المغربي، مرجع سابق، ص 74.

[37]  مرزوق نور الهدى، التراضي في العقود الالكترونية، مرجع سابق، ص 83.

[38]  محمد أشهيهب، خصوصية التراضي في العقد الالكتروني، http://www.droitetentreprise.org/web/%D8%AE%D8%B5%D9%88%D8%B5%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D8%B6%D9%8A-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%82%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%84%D9%83%D8%AA%D8%B1%D9%88%D9%86%D9%8A/، تم الاطلاع عليه يوم 08/11/2016 على الساعة 13:45.

[39]  مرزوق نور الهدى، التراضي في العقود الالكترونية، مرجع سابق، ص 83.

[40]  نزهة الخلدي، الموجز في النظرية العامة للالتزامات، مرجع سابق، ص 69.

[41]   هذه الشروط تجد سندها القانوني في الفصلين 52 و53 من قانون الالتزامات والعقود.

[42]  بلقاسم حامدي، إبرام العقد الالكتروني، مرجع سابق، ص 135.

[43]  إدريس العلوي العبدلاوي، شرح القانون المدني النظرية العامة للالتزام، نظرية العقد، مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء، الطبعة الأولى 1996، ص 379.

[44]  مامون الكزبري، نظرية الالتزامات في ضوء قانتون الالتزامات والعقود المغربي، مرجع سابق، ص 111.

[45]  أشهيهب محمد، خصوصية التراضي في العقد الالكتروني، مقال الكتروني، مرجع سابق.

[46]  نزهة الخلدي، الموجز في النظرية العامة للالتزامات، مرجع سابق، ص 78.

[47]  إدريس العلوي العبدلاوي، شرح القانون المدني النظرية العامة للالتزام، مرجع سابق، ص 398.

[48]  ينص الفصل 56 من قانون الالتزامات والعقود على أنه : ” الغبن يخول الإبطال إذا كان الطرف المغبون قاصرا أو ناقص الأهلية، ولو تعاقد بمعونة وصيه أو مساعده القضائي وفقا للأوضاع التي يحددها القانون، ولو لم يكن ثمة تدليس من الطرف الآخر. ويعتبر غبنا كل فرق يزيد على الثلث بين الثمن المذكور في العقد والقيمة الحقيقية”.

[49]  ينص الفصل 55 من قانون الالتزامات والعقود على أنه : ” الغبن لا يخول الإبطال إلا إذا نتج عن تدليس الطرف الآخر أو نائبه أو الشخص الذي تعامل من اجله، وذلك فيما عدا الاستثناء الوارد بعد”.

[50]  خالد ممدوح إبراهيم، إبرام العقد الالكتروني، مرجع سابق، ص 360.

[51]  ماجد محمد سليمان أبا الخيل، العقد الالكتروني،  مرجع سابق، ص 61.

[52]   يصطلح أيضا على العنصر المادي في مجلس العقد الالكتروني ” العنصر المكاني”.

[53]  بلقاسم حامدي، إبرام العقد الالكتروني، مرجع سابق، ص 90.

[54]  بقاسم حامدي، إبرام العقد الالكتروني، مرجع سابق، ص 92.

[55]  محمد الحراق، التراضي الالكتروني في التشريع المغربي والمقارن، بحيث لنيل دبلوم الماستر في وحدة القانون المدني والأعمال، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية طنجة، الموسم الجامعي 2010/2011، ص 33.

[56]  محمد زحزاح، التكييف القانوني لمجلس العقد الالكتروني، مقال منشور بالمجلة الالكترونية ، مجلة القانون والأعمال، موجود على الرابط : http://www.droitetentreprise.org/web/%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%83%D9%8A%D9%8A%D9%81-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%A7%D9%86%D9%88%D9%86%D9%8A-%D9%84%D9%85%D8%AC%D9%84%D8%B3-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%82%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%84%D9%83%D8%AA%D8%B1/ ، تم الاطلاع عليه يوم 12/11/2016 على الساعة 17:50.

[57]  بلقاسم حامدي، إبرام العقد الالكتروني، مرجع سابق، ص 160.

[58]  سامح عبد الواحد التهامي، التعاقد عبر الانترنت دراسة مقارنة، دار الكتب القانونية، طبعة 2008، ص 205.

[59]  بلقاسم حامدي، إبرام العقد الالكتروني، مرجع سابق، ص 162.

[60]  بلقاسم حامدي، إبرام العقد الالكتروني، مرجع سابق، ص 163.

[61]  محمد أطويف، انعقاد العقد التجاري الالكتروني، مقال منشور بموقع العلوم القانونية، متوفر على الرابط : http://www.marocdroit.com/%D8%A7%D9%86%D8%B9%D9%82%D8%A7%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%82%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%AC%D8%A7%D8%B1%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%84%D9%83%D8%AA%D8%B1%D9%88%D9%86%D9%8A_a1291.html،  تم الاطلاع عليه يوم 12/11/2016 على الساعة 21:05.

[62]  المختار بن احمد عطار، العقد الالكتروني، مرجع سابق، ص 35.

[63]  محمد الحراق، التراضي الالكتروني في التشريع المغربي والمقارن، مرجع سابق، ص 37.

[64]  بلقاسم حامدي، إبرام العقد الالكتروني، مرجع سابق، ص 172.

[65]  محمد أطويف، انعقاد العقد التجاري الالكتروني،  مقال الكتروني، مرجع سابق.

[66]  المختار بن احمد عطار، العقد الالكتروني، مرجع سابق، ص 39.

[67]  غير أنه نظرا للطبيعة الخاصة للعقد الالكتروني وكونه ينعقد في فضاء خارجي غير تابع لأي دولة، فإن الاتجاه يسير حاليا إلى إسناد ولاية النظر في نزاعات العقد الالكتروني إلى محكمة فضاء افتراضية على شبكة الانترنت تتشكل من قضاة متخصصين في علوم الاتصال والمعلوميات.

[68]  رشيد لكحل، الضمانات المخولة في مرحلة ما قبل إبرام العقد الالكتروني، مقال منشور بموقع العلوم القانونية، متوفر على الرابط التالي: http://www.marocdroit.com/%D8%A7%D9%84%D8%B6%D9%85%D8%A7%D9%86%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AE%D9%88%D9%84%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D9%85%D8%B1%D8%AD%D9%84%D8%A9-%D9%85%D8%A7-%D9%82%D8%A8%D9%84-%D8%A5%D8%A8%D8%B1%D8%A7%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%82%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%84%D9%83%D8%AA%D8%B1%D9%88%D9%86%D9%8A_a4397.html، تم الاطلاع عليه يوم  08/11/2016، على الساعة 12:36.

[69]  محمد أشهيهب، خصوصيات التراضي في العقد الالكتروني، مقال الكتروني، مرجع سابق.

[70]  بلقاسم حامدي، إبرام العقد الالكتروني، مرجع سابق، ص 121.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

"لا تقرأ وترحل شاركنا رأيك"

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من أنفاس قانونية

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading