أثار قاعدة الجنائي يعقل المدني في القانون الجنائي للأعمال
حفاظا على حسن سير العدالة كرست التشريعات مجموع من القواعد التي تساهم في ذلك سواء في ما يخص الدعاوى المدنية أو الجنائية، ومن بين هذه القواعد قاعدة الجنائي يعقل المدني، أو كما تسميها بعض القوانين الجنائي يوقف المدني ومفاد هذه لقاعدة وقف الدعوى المدنية لحين البت في الدعوى الجنائية والتي تحكمها قواعد خاصة بمقتضاها يظل القاضي المدني مكتوف اليدين لا يستطيع السير في نظر لدعوى المدنية رغم اختصاصه بالنظر فيها إلا بعد الفصل في الدعوى الجنائية[1].
إلا أنه بعد ما شهده العالم من تطورات في شتى المجالات وخاصة المجال الاقتصادي وبزوغ فجر العولمة، وتقدم ميدان المال والأعمال وبروز أهميته في تطوير المجتمعات وازدهارها بحيث كان لزاما معه وضع ترسانة قانونية معاصرة ومواكبة ومنظمة لهذه المعاملات، ومن أهمها ما يعرف بقانون الأعمال والذي تدخل في طياته مجموعة من القوانين التي لها علاقة بالميدان التجاري وبمجال المال والأعمال من قبيل قانون الشركات، والقانون البنكي والملكية الصناعية، والقانون الجنائي للأعمال وغيرها من القوانين المتعلقة بهذا المجال.
وتجدر الإشارة إلى أن قانون الأعمال حاول أن يرسخ قواعد خاصة تتماشى مع خصوصياته منفردا في ذلك عن القواعد العامة في اتجاه ترسيخ استقلاليته وتمرده على باقي فروع القانون الأخرى، وخير مثال على ذلك مخالفته لقاعدة الجنائي يعقل المدني في مجال الجنائي للأعمال.
فبعد أن كان القاضي المدني ينتظر إلى حين بت القاضي الجنائي في الدعوى أصبح اليوم القاضي الجنائي هو الملزم في بعض الدعاوى المتعلقة بعالم المال والأعمال يتريث إلى حين بت القاضي المدني التجاري في الدعوى، وهو ما يسمى بقاعدة التجاري يعقل الجنائي، إذ أصبح لهذه القاعدة دور محوري في قضايا صعوبات المقاولات ومنازعات الشغل وكدا قضايا حماية الملكية الصناعية والتجارية وجاء قانون الأعمال بهذه القاعدة للحفاظ على المصالح الاقتصادية وتقوية الثقة والائتمان في هذا المجال وكدا تشجيع الاستثمار وتكريس مبدأ النظام العام الاقتصادي.
وانطلاقا من هذا التقديم البسيط يمكننا طرح الإشكالية التالية: ما المقصود بقاعدة الجنائي يعقل المدني وما شروط تطبيق وما هي مظاهر قصورها؟
للإجابة عن هذه الإشكالية ارتأينا تقسيم هذا الموضوع كالآتي:
- المبحت الأول: ماهية قاعدة الجنائي يعقل المدني.
- المبحث الثاني: قصور قاعدة الجنائي يعقل المدني وظهور قاعدة التجاري يعقل الجنائي.
المبحت ألأول: ماهية قاعدة الجنائي يعقل المدني
إن تطبيق قاعدة الجنائي يعقل المدني تستلزم أولا إقامة الدعوى الجنائية قبل أو أتناء الدعوى المدنية بحيث سنعمل من خلال هذا المبحث على تقديم مفهوم لقاعدة الجنائي يعقل المدني مع تبيان شروطه في (المطلب الأول)، وسنقتصر في (المطلب الثاني) للأساس القانوني لقاعدة الجنائي يعقل المدني.
المطلب الأول: مفهوم قاعدة الجنائي يعقل المدني وشروطه
للتفصيل أكتر في هذا المطلب ارتأينا تقسيمه إلى فقرتين، بحيث سنقوم بتقديم تعريف لقاعدة الجنائي يعقل المدني والمقصود منها في الفقرة الأولى وسنخصص الفقرة الثانية لشروط تطبيق قاعدة الجنائي يعقل المدني.
الفقرة الأولى: تعريف قاعدة الجنائي يعقل المدني
يقصد بقاعدة الجنائي يعقل المدني القاعدة التي ترد على متابعة الدعوى المدنية لمسيرتها، بمعنى أنه إذا حدت أن تم رفع الدعوى المدنية أمام القضاء المدني من قبل المتضرر وحركت النيابة العامة هي الأخرى المتابعة عن الجريمة التي تشكل وقائعها أساس المطالبة المدنية فمن حق المتضرر نقل المطالبة المدنية إلى المرجع الجنائي عملا بالفصل 11 من قانون المسطرة المدنية. بحيث على المحكمة المدنية في أي مرحلة كانت عليها الدعوى التي لم يتم الفصل فيها نهائيا التوقف عن متابعة النظر فيها حتى تنتهي الدعوى العمومية بحكم مبرم في موضوعها[2].
فإذا ما أقيمت الدعوى المدنية أمام المحكمة المدنية وأقيمت الدعوى العمومية أمام المحكمة الزجرية بشكل منفصل يجب على المحكمة المدنية في هذا الوضع إيقاف البت في الدعوى المدنية وتنتظر إلى حين بت القضاء الزجري بشكل منفصل وبحكم نهائي في الدعوى العمومية وذلك تفاديا لحدوث أي تضارب بين القرارين.
وهذا ما يشكل مظهر من مظاهر سيادة الدعوى الجنائية على الدعوى المدنية والذي يظهر وبكل وضوح في قاعدة الجنائي يعقل أو يوقف المدني. بحيث نصت على هذه القاعدة أغلب التشريعات كالتشريع المصري في المادة 265 من قانون الإجراءات الجنائية والتي تنص على انه “إذا رفعت الدعوى المدنية أمام المحاكم المدنية يجب وقف الفصل فيها حتى يحكم نهائيا في الدعوى الجنائية المقامة قبل رفعها أو في أثناء السير فيها” كما نص التشريع الفرنسي هو الآخر على هذه القاعدة في مادته الرابعة من قانون الإجراءات الجنائية الفرنسي الجديد[3].
والهدف من وقف الدعوى المدنية المقامة أمام القضاء المدني في حالة إقامة الدعوى العمومية هي تفادي التعارض بين الحكم الجنائي والمدني الذي يعتمد عليه[4]،
فإذا أقام الطرف المدني الدعوى المدنية منفصلة عن الدعوى العمومية أمام المحكمة المدنية المختصة فإنه يتعين على المحكمة المدنية أن توقف البت في هذه الدعوى إلى حين صدور حكم نهائي في الدعوى العمومية إذا كانت قد تم إقامتها. وهذا ما أكدته الفصل 10 من قانون المسطرة الجنائية في فقرته الثانية: “غير انه يجب أن توقف المحكمة المدنية البت في هذه الدعوى إلى أن يصدر حكم نهائي في الدعوى العمومية إذا كانت قد تمت إقامتها”.
فالوقف يطبق ولو كانت الدعوى العمومية مقامة أمام المحكمة الزجرية ليست لها ولاية الحكم في الدعوى المدنية[5].
الفقرة الثانية: شروط تطبيق قاعدة الجنائي يعقل المدني
يشترط لتطبيق قاعدة الجنائي يعقل المدني وقف الدعوى المدنية المقامة أمام القضاء المدني إلى أن يصدر حكم نهائي في الدعوى ألعمومية فهده القاعدة تتطلب لإعمالها توفر مجموعة من الشروط. وهذه الشروط كاٍلآتي.
أولى إقامة الدعوى العمومية قبل رفع الدعوى المدنية أو أثناء السير فيه
فلا يتصور وقف الدعوى المدنية إذا أقيمت الدعوى العمومية بعد انقضاء الدعوى المدنية بحكم مكتسب لقوة الأمر المقضي نه إذ أن الإيقاف يفترض دعوى قائمة[6]،
فالمقصود بهذا الشرط هو أن يتم رفع الدعوى العمومية في المرحلة التي تكون فيها الدعوى المدنية ما تزال قائمة للبت فيها وأن يتم رفعها قبل رفع الدعوى المدنية،
بحيث إن إقامة الدعوى العمومية التي يترتب عنها وجوب وقف الدعوى المدنية المقامة أمام القضاء المدني رفع دعوى المدنية إلى المحكمة المختصة بها، لا مجرد تحريكها أمام السلطات المختصة[7].
ثانيا: وحدة سبب الدعويين المدنية والعمومية
بمعنى أن تكون الدعوى المدنية والعمومية الناشئتين عن فعل واحد وبعبارة أخرى أن يكون الفعل الجرمي الذي ارتكبت به الجريمة ونشأت عنه الدعوى العمومية هو ذات الفعل الذي ترتب عنه إلحاق الضرر بالطرف المدني ونشأت عنه الدعوى المدنية[8].
وفي حالة اختلاف سبب الدعويين، فلا محل لإيقاف الدعوى المدنية لأنه لا يوجد احتمال لأن يتقيد القاضي المدني بالحكم الجنائي.
وبهذا الصدد قضت محكمة النقض بما يلي: “يشترط لتطبيق قاعدة الجنائي يعقل المدني إلى جانب وحدة الموضوع وحدة المدعى عليه في الدعويين، فتكون المحكمة على صواب لما رفضت وقف النظر في الدعوى التعويض عن الطرد التعسفي إلى أن يبت في تهمة خيانة الأمانة الموجهة إلى العامل، لأن الإنذار بفصله لا يتضمن أسباب الطرد بشكل واضح”[9].
ثالثا: وحدة الخصوم في الدعويين العمومية والمدنية
إلى جانب وحدة الموضوع الدعوى نجد وحدة الخصوم بحيث من الضروري أن يكون الخصوم في الدعوى المدنية هم أنفسهم في الدعوى العمومية[10]،
ومعني هدا الشرط أن يكون المدعى عليه في الدعوى المدنية المقامة أمام القضاء المدني هو المتهم المرفوع ضده الدعوة العمومية على اعتبار أن المسؤول المدني يكون مسؤولا مدنيا عن فعل المتهم الذي هو سبب الدعوى المدنية والدعوى ألعمومية وبدلك يتعين وقف الدعوى المدنية المقامة أمام القضاء المدني ضد المسؤول المدني وحده إلى أن يتم إصدار حكم نهائي في الدعوى العمومية[11].
رابعا: صدور حكم نهائي في الدعوى العمومية
كما يشترط لتطبيق قاعدة الجنائي يعقل المدني انتظار صدور حكم في الدعوى العمومية وصيرورته مع ضرورة توفره على الصبغة النهائية وذلك حتى لا يصدر حكمين مختلفين في نفس الدعوى، وبهذا نستنتج من قاعدة الجنائي يعقل أنها تمنع بكيفية صريحة ومباشرة الفصل في الدعوى المدنية بمجرد تحريك الدعوى العامة، وبهذا يكون على القاضي المدني أن ينتظر إلى أن تفصل المحكمة الزجرية نهائيا في الدعوى العامة التي تشترك في بعض المسائل المدنية الموقوفة[12].
المطلب الثاني: الأساس القانوني لقاعدة الجنائي يعقل المدني
بعد تطرقنا لتعريف قاعدة الجنائي يعقل المدني وبيان شروطها. ارتأينا أن نعالج هذا المطلب من خلال الأساس القانوني لرفع الدعوى المدنية أمام القضاء الزجري والمدني (الفقرة الأولى) ثم السند القانوني الذي تتمحور عليه قاعدة الجنائي يعقل المدني (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: الأساس القانوني لرفع الدعوى المدنية بين القضاء الزجري والمدني
إن الأصل في الدعاوى المدنية الناتجة عن جرائم الأعمال هي من اختصاص القضاء المدني إلا أن التشريعات أجازة للقضاء الزجري الاختصاص بالبت في الدعاوى المدنية التابعة. ومن بين تلك التشريعات هنالك التشريع المغربي الذي بدوره سلك نفس الاتجاه حيث أعطى للطرف المدني حرية الاختيار بين إقامة الدعوى أمام القضاء المدني أو الزجري، وهو ما تضمنته بعض النصوص القانونية مثل الفقرة الأولى من الفصل 9 من قانون المسطرة الجنائية حيث جاء فيه: “يمكن إقامة الدعوى المدنية والدعوى العمومية في آن واحد أمام المحكمة الزجرية المحالة إليها الدعوى العمومية”.
وكذا الفقرة الأولى من الفصل 10 من قانون المسطرة الجنائية: “يمكن إقامة الدعوى المدنية منفصلة عن الدعوى العمومية لدى المحكمة المدنية المختصة”.
وبخصوص رفع الدعوى المدنية أمام كلا القضائين – الزجري والمدني – فالأصل كما أشرنا سابقا أن الطرف المدني مخيرا لكي يختار تقديم دعواه المدنية إما أمام القضاء الزجري أو المدني. وبما أن لكل قاعدة استثناءاتها فإن المشرع بدوره أورد استثناء في الفصل 11 من قانون المسطرة الجنائية حيث تضمن: “لا يجوز للطرف المتضرر الذي أقام دعواه لدى المحكمة المدنية المختصة أن يقيمها لدى المحكمة الزجرية غير أنه يجوز له ذلك إذا أحالت النيابة العامة الدعوى العمومية إلى المحكمة الزجرية قبل أن تصدر المحكمة المدنية حكمها في الموضوع”.
لذا قد يثار تساءل حول هل سقوط الدعوى العمومية يؤدي بالتبع إلى سقوط الدعوى المدنية؟
وفي نفس الصدد صدر قرار عن المجلس الأعلى سابقا – محكمة النقض حاليا – جاء في طياته: “وحيث إنه بما أن محمد بن أحمد توفي في يوم 16 أبريل 1958 قبل تسلم الاستدعاء للحضور المسلم في منزله يوم 20 شتنبر 1958 فقد كان يتعين على قضاة الزجر الذين أثبتوا هذه الوفاة في مقررهم أن يشهدوا بعدم رفع الدعوى الموجهة ضد هذا الظنين إليهم ويقرروا تبعا لذلك بعدم اختصاصهم للبت في الدعوى المدنية المقامة ضده…”[13].
لذا فإننا نستخلص من الفصل 12 من قانون المسطرة الجنائية الذي تطرق إلى هذه المسألة أنه يمكن استمرار الدعوى المدنية رغم سقوط الدعوى الجنائية شريطة أن تكون الدعويان قد رفعتا إلى المحكمة الزجرية قبل وقوع الحوادث التي تسقط الدعوى كموت الظنين كما رأينا في القرار أعلاه.
ويعود السبب الذي دفع المشرع المغربي إلى إعطاء الحق للطرف المدني لرفع دعواه أمام القضاء الزجري لاعتبارات عديدة منها:
- تمكين الطرف المدني من الاستفادة من أدلة الإثبات التي تقدمها النيابة العامة في الدعوى العمومية، الأمر الذي يغنيه عن بذل الجهد لتقديم الأدلة الخاصة.
- تمكين الطرف المدني من الاستفادة من السلطات والصلاحيات الواسعة التي يتمتع بها القضاء الزجري، ومن خضوع دعواه للإجراءات المقررة بقانون المسطرة الجنائية الأمر الذي يكفل له حسما سريعا لها.
- تفادي التناقض المحتمل بين الأحكام رغم وحدة الأطراف والسبب والموضوع.
- تمكين النيابة العامة من الاستفادة من أدلة الإثبات التي يقدمها الطرف المدني، الأمر الذي يدعم مركز الاتهام والحكم على المتهم بالتعويض والعقوبة معا[14].
ويتعين القول إذن أن الدعوى المدنية إذا كانت مقبولة أمام القضاء الجنائي فما ذلك إلا استثناء من الأصل وهو اختصاص القضاء المدني بنظرها ولا يجوز للفرع أن يطغى على الأصل فينال منه ويؤثر فيه لأن معنى ذلك قلب للأوضاع القانونية[15].
الفقرة الثانية: السند القانوني لقاعدة الجنائي يعقل المدني
نص المشرع المغربي من خلال الفقرة الثانية من الفصل 10 من قانون المسطرة الجنائية: “غير أنه يجب أن توقف المحكمة المدنية البت في هذه الدعوى إلى أن يصدر حكم نهائي في الدعوى العمومية إذا كانت قد تمت إقامتها”.
فمن خلال هذا الفصل نستشف أن المشرع أراد وقف المحكمة المدنية البت في القضية إلى حين صدور الحكم من طرف القضاء الزجري وذلك من أجل تجنب التعارض في الأحكام الذي قد يتم الوقوع فيه بين القضائين الجنائي والمدني من جهة، بالإضافة إلى عدم إجبار القاضي الزجري سلوك نفس الاتجاه الذي ذهب إليه القاضي المدني.
وبانفتاحنا على التشريع المقارن نجد العديد من التشريعات نصت على هذه القاعدة، مثل التشريع المصري الذي نص صراحة عليها في المادة 265 من قانون الإجراءات الجنائية: “إذا رفعت الدعوى المدنية أمام المحاكم المدنية يجب وقف الفصل فيها حتى يحكم نهائيا في الدعوى الجنائية المقامة قبل رفعها أو في أثناء السير فيها، على أنه إذا أوقف الفصل في الدعوى الجنائية لجنون المتهم يفصل في الدعوى المدنية”.
هذا وقد نص المشرع التونسي على هذه القاعدة من خلال الفصل 18 من قانون المرافعات الجنائية التونسي: “دعوى الحق الشخصي من خصائص كل من لحقه الضرر فله أن يقوم بها على ذي الشبهة أو على من كان نائبا عنه، ويمكن تتبعها في آن واحد مع دعوى الحق العام لدى حاكم واحد، ومن الممكن القيام بها بانفرادها لدى محكمة مدنية، وفي هذه الصورة يبقى إجراؤها متوقفا ريثما تنفصل بوجه قطعي دعوى الحق العام المقامة قبل المطالبة الشخصية أو أثنائها…”[16],
وبخصوص السبب الرئيسي لوجود قاعدة الجنائي يعقل المدني، ذهب جانب من الفقه الفرنسي ‘جارو’ إلى اعتبار أن المشرع حينما ينص على قاعدة الجنائي يعقل المدني لا يقتصر على عدم تأثر القاضي الجنائي بالحكم المدني فحسب وإنما كان يستهدف من ذلك جعل الحكم الجنائي حجة أمام القضاء المدني بالنسبة للمسائل المشتركة بين الدعويين الجنائية والمدنية.
في حين ذهب الفقيه ‘ميشيل برالوس’ إلى القول أن المحكمة الجنائية تتمتع بسلطات واسعة في التحقيق لا تتمتع بها المحكمة المدنية، كما أن الدعوى الجنائية تسبقها في الغالب استدلالات وتحقيقات تهدف هي الأخرى إلى كشف الحقيقة، وبالتالي فمن المعقول أن ينتظر القاضي المدني حتى يتم الفصل في الدعوى الجنائية ليستنير بما فيها من تحقيقات مما يؤكد حجية الحكم الجنائي أمام القضاء المدني[17].
فبعد هذا كله يبقى هنالك تساؤل مطروح وهو: هل قاعدة الجنائي يعقل المدني من النظام العام أم لا؟
عرف القضاء انقساما ثنائيا بهذا الخصوص إلى اتجاهين اتجاه يعتبر القاعدة ليست من النظام العام واتجاه ثاني اعتبرها من النظام العام.
الاتجاه الأول: ذهبت ثلة من المحاكم الفرنسية إلى اعتبار هذه القاعدة ليست من النظام العام و بالتالي يجوز للقاضي المدني أن يرفض الأخذ بها، وذلك لأن هذه القاعدة قد تتخذ وسيلة للمماطلة وإطالة أمد النزاع أو للتخلص من الوفاء بالتزام مدني أو على الأقل تأخير الوفاء به.
وتجدر الإشارة إلى أن المحكمة التجارية بليون الفرنسية قامت ببادرة طيبة حيث ميزة بين تحريك الدعوى العمومية من طرف النيابة العامة أو رفعها من طرف المدعي بالحقوق المدنية، ففي الحالة الأولى اعتبرت المحكمة ارتباط القاعدة بالنظام العام، أما في الحالة الثانية فإن المحكمة اعتبرتها ليست من النظام العام[18].
الاتجاه الثاني: ذهب المشرع المغربي في هذا الاتجاه حيث اعتبر القاعدة الجنائي يعقل المدني من النظام العام وسندنا في ذلك ما جاء في الفقرة الثانية من الفصل 10 من قانون المسطرة الجنائية التي تنص: “غير أنه يجب أن توقف المحكمة المدنية البت في هذه الدعوى إلى أن يصدر حكم نهائي في الدعوى العمومية”، فاستعمال المشرع لمصطلح ‘يجب’ يدل على الإلزام والوجوب وبالتالي فالقاعدة من النظام العام ولا يمكن الاتفاق على مخالفتها.
وقد سلك هذا الاتجاه أيضا كل من محكمة النقض الفرنسية في أحد قراراتها، والقضاء البلجيكي بالإضافة إلى العديد من الدول الأوروبية.
المبحث الثاني: قصور قاعدة الجنائي يعقل المدني وظهور قاعدة التجاري يعقل الجنائي
عرفت قاعدة الجنائي يعقل المدني تراجعا ملحوظا في العديد من تشريعات وقوانين الدول وهو ما سنحاول رصده في مطلب أول، ومع التطور الهائل الذي يعرفه ميدان المال والأعمال ظهرت قاعدة جديدة وهي قاعدة التجاري يعقل الجنائي موضوع المطلب الثاني.
المطلب الأول: قصور قاعدة الجنائي يعقل المدني
إذا كانت قاعدة الجنائي يعقل المدني تعرف قصورا، فسنعمل على رصد مظاهر هذا القصور من خلال فقرتين اثنتين، نخصص الأولى إلى الأسباب التي كانت وراء قصور وتراجع هذه القاعدة فيما نخصص الفقرة الثانية الى مظاهر هجر هذه القاعدة.
الفقرة الأولى: أسباب تراجع قاعدة الجنائي يعقل المدني
بداية كثيرة هي القواعد المسطرية سواء المدنية منها أو الجنائية التي تستغل من قبل بعض القضاء لإطالة أمد النزاع بين المتقاضين مما يشكل ضياعا وإهدارا وكذا إضرارا لحقوق هؤلاء، ومن هذه القواعد نجد قاعدة الجنائي يعقل المدني إذ قد يترتب عن إعمالها أن تظل الدعوى المدنية معلقة أمدا طويلا الى حين البت في الدعوى الجنائية مما قد يضر بطالب الحق كما له أن يمس أيضا بهيبة القضاء عامة والمدني خاصة[19]. وأيضا من أسباب تراجع هذه القاعدة نجد الانتقادات الفقهية التي وجهت لهذه القاعدة فنجد على مستوى الفقه الحديث كانت هناك عدة عوامل جعلت هذه القاعدة عرضة للنقد ويمكن رصد هذه الانتقادات فيما يلي:
أن مبدأ حجية الشيء المقضي به جنائيا في الدعوى المدنية بعيد على أن يقدم كمبدأ عام والسبب في ذلك أنه غير معترف به أو أنه متجاهل من طرف أغلب القوانين.
أن المبدأ عرف دائما معارضين له الذين ليسوا مجردين من الحجج، وفي الواقع فإن الجنائي ليس معصوما من الخطأ كما أن التناقض بين الأحكام الجنائية والمدنية معترف به أصلا في العديد من الحالات كحالة صدور حكم نهائي من طرف المحكمة المدنية قبل تحريك الدعوى العمومية[20].
كما كان للقضاء الفرنسي موقف من هذه القاعدة قاعدة الجنائي يعقل حيث بقي مصرا على مبدأ حجية الأحكام الجنائية في الدعوى المدنية ويؤخذ بها في كل مرة تعرض عليه إلى حدود سنة 2000، حيث تغيرت وجهة نظر القضاء الفرنسي حيث صدر القانون المتعلق بالمسؤولية عن الجرائم غير المقصودة، الشيء الذي حرك جمود النصوص القانونية في هذا الشأن. وإن كنا نوجد ونعيش الآن وقت السرعة في أغلب المعاملات فإن إعمال مثل هذه القواعد وإسقاطها على أفراد المجتمع قد لا يساير التطور الذي يعيشه المجتمع، لما يترتب عنها من بطء في حل النزاعات، كل هذه الأسباب وغيرها كانت وراء تراجع إعمال هذه القاعدة وهو ما سنتطرق له في الفقرة الموالية.
الفقرة الثانية: مظاهر هجر قاعدة الجنائي يعقل المدني
على الرغم من أن المبدأ العام المنصوص عليه في المادة العاشرة من قانون المسطرة الجنائية أن الجنائي يعقل المدني، فإن هذا المبدأ بات متجاوزا في العديد من التشريعات كالتشريع الفرنسي والإنجليزي، وهو نفس التوجه الذي سلكه المشرع المغربي في قانون حماية الملكية الصناعية[21] حينما خرج عن الأصل وجعل المدني يعقل الجنائي لا الجنائي يعقل المدني، فنجد الفصل 205 من نفس القانون ينص في فقرته الثانية على أنه “لا يجوز للمحكمة الجنحية أن تبت في الأمر إلا بعد صدور حكم اكتسب قوة الشيء المقضي به عن المحكمة المرفوع إليها التحقق من ثبوت الضرر. ولا يجوز إثارة الدفوعات التي يستمدها المدعى عليه من بطلان سند الملكية الصناعية أو من المسائل المتعلقة بملكية السند المذكور أمام المحكمة الجنحية”.
وباستقرائنا لهذه المادة يتضح لنا جليا هجر قاعدة الجنائي يعقل المدني اذ أن الأمر معكوس هنا تماما فنجد على أن المدني التجاري هو من يوقف الجنائي كاستثناء لمبدأ استقلال القضاء الجنائي عن القضاء التجاري أو المدني، ولا يجوز أن تقام الدعوى العمومية من أجل التزييف إلا بشكوى من الطرف المتضرر الذي قد يكون مالكا للعلامة أو براءة الاختراع وما الى ذلك والتساؤل الذي يثار هنا هو ماذا إن قام المتضرر بالتنازل عن شكايته هل من شأن ذلك أن يضع حدا للمتابعة، والقانون رقم 17.97 المتعلق بحماية الملكية الصناعية في مادته 205 لم يوضح ذلك اطلاقا إلا أنه برجوعنا الى المادة 4 من قانون المسطرة الجنائية نجدها تجيب على أنه “تسقط الدعوى العمومية… تسقط أيضا بتنازل المشتكي عن شكايته، إذا كانت الشكاية شرطا ضروريا للمتابعة ما لم ينص القانون على خلاف ذلك”[22].
أيضا من مظاهر هجر هذه القاعدة هو اللجوء إلى حلول ووسائل بديلة عوض اللجوء إلى القضاء مثل التصالح في المادة الاجتماعية لما له من أثر إيجابي لتحقيق العدالة الاجتماعية من حيث تقليص المدة الزمنية للنزاع من قبيل فتح الملفات أمام المحاكم وضمان التحكم في الإجراءات والنتائج للوصول إلى الهدف المراد تحقيقه فنجد المادة 551 من مدونة الشغل المغربي تنص على أنه “يكون كل خلاف بسبب الشغل، من شأنه أن يؤدي إلى نزاع جماعي، موضوع محاولة للتصالح، تتم أمام المندوب المكلف بالشغل لدى العمالة أو الإقليم، أو العون المكلف بتفتيش الشغل أو أمام اللجنة الإقليمية للبحث والمصالحة أو اللجنة الوطنية للبحث والمصالحة، وذلك بناء على نوعية الخلاف الجماعي، طبقا للمواد 552 و 556 و 565 أدناه”.
كما أنه من خصوصية الإدانة بالتفالس في إطار صعوبات المقاولة على المسؤولية المدنية للمسيرين، أنه إذا كانت قواعد القانون الجنائي تجيز للطرف المدني المتضرر من جراء الجريمة أن يقيم دعواه المدنية أمام القضاء الزجري كدعوى مدنية تابعة للدعوى العمومية، فإن هذه القاعدة لن يكون لها تطبيق في إطار مساطر صعوبات المقاولة على أساس أن المشرع المغربي جعل تحريك الدعوى العمومية متوقف على الحكم الصادر من المحكمة التجارية بفتح مسطرة معالجة صعوبات المقاولة[23]، وهذه صورة أخرى من مظاهر تراجع قاعدة الجنائي يعقل المدني.
المطلب الثاني: ظهور قاعدة التجاري يعقل الجنائي
إن تداعيات حماية النظام العام الاقتصادي فرضت سيادة الدعوى التجارية على الدعوى الجنائية، وذلك باتخاذ كل الإجراءات الضرورية لضمان استمرارية المشروع التجاري وتجنب كل العوارض التي من شأنها الإخلال باستمرارية المقاولة التجارية، وهذا التوجه التشريعي الذي أضحى محمودا في الوقت الراهن له ما يبرره في ظل الجدل الفقهي الكبير والمتعلق بتدخل القضاء الجنائي في مجال الأعمال، إذ هناك عدة اتجاهات تشكك في مدى قدرة القضاء الجنائي على القيام بدوره الإيجابي في ميدان الأعمال وإنجاح رهان التنمية.
ونظرا أيضا لخصوصية جرائم الأعمال فإنه من المنطقي كان يجب إسناد البت فيها لقضاء متخصص وهو القضاء التجاري، لما له من مؤهلات وصلاحيات واسعة وقدرة على سرعة البت وحل طلاسيم هذه الجرائم، ومن هنا أصبح المبدأ هو أن ينتظر القاضي الجنائي القاضي التجاري حتى يبت أي أن التجاري يوقف الزجري عندما يتعلق الأمر بجرائم الأعمال[24]، ويستشف من مجموعة من الاتجاهات الفقهية أنه تم التكريس لقاعدة جديدة في مجال الأعمال وهي قاعدة التجاري يعقل الجنائي، ولعل أهم سبب يبرر هذا التوجه هو رغبة المشرع في جعل النظام القضائي منسجم ومتناسق، وهو ما سيحول بالتبعية دون وجود ازدواجية في الأحكام مادام من الممكن أن تصدر كل جهة حكما متناقضا مع الحكم الذي قد تصدره الجهة الأخرى[25].
وكمثال على ذلك نجد الحكم الصادر بفتح مسطرة صعوبات المقاولة والذي يعتبر شرطا ضروريا للمتابعة بجريمة التفالس إذ لو طبقنا هنا القاعدة الكلاسيكية الجنائي يعقل المدني لا توقفت مسطرة صعوبات المقاولة حتى يبت القاضي الجنائي في جريمة التفالس، وهذا يعني موت المقاولة. كما أنه عندما يطرح السؤال عن المقتضيات التي لها الأولوية في التطبيق لا بد أنها ستكون تلك المقتضيات الخاصة التي ستحمي النظام العام الاقتصادي، وهذا ما سيفضي إلى فك التنازع بين القانون التجاري والقانون الجنائي.
ومن هنا يلاحظ أن إرادة المشرع تتجه نحو الانتصار للتجاري على حساب الجنائي، وهذا ما يتضح من خلال منع المشرع المتابعة الزجرية في جريمة التفالس إلى حين صدور حكم من المحكمة التجارية بفتح مسطرة المعالجة، وهذا منطقي لأن إنقاذ المقاولة يستدعي إشراك كل من تربطهم علاقة بها، وهذا ما قد ينتفي في حالة إذا توبع أحدهم بجنحة التفالس.
كما أنه في حالة دعوى عدم توفير مؤونة الشيك التي تثار في آن واحد مع فتح مسطرة التسوية القضائية، إذ يثار التساؤل عن المقتضيات واجبة التطبيق هل الزجرية أم الحمائية للمقاولة التي تعرف صعوبات، هنا حسب أغلب الفقه فإن النص الخاص يرجح على العام واللاحق ينسخ أو يلغي السابق وبالتالي سنطبق النصوص الحمائية للمقاولة، وذلك لحماية النظام العام الاقتصادي، فكل هذا مهد لانهيار قاعدة الجنائي يعقل المدني وتكريس قاعدة التجاري يعقل الجنائي، هذا ناهيك عن التطورات الاقتصادية المتسارعة وكذا اللجوء للصلح في العديد من المجالات على رأسها التجاري والجمركي والضريبي وإيقاف تطبيق الإكراه البدني في مجال عدم أداء الديون الناتجة عن صعوبات المقاولة، كل هذا بدوره ساهم في بروز هذه القاعدة في مجال الأعمال.
وفي الختام يمكن القول أن القانون الجنائي للأعمال قد استطاع أن يؤثر على قاعدة الجنائي يعقل المدني وأخرج إلى الوجود القانوني قاعدة جديدة تسمى بقاعدة التجاري يعقل الجنائي.
وتظهر هذه القاعدة بشكل واضع في الكتاب الخامس من مدونة التجارة الذي يتعلق بنظام صعوبات المقاولة، وكذلك في قانون حماية الملكية الصناعية الذي يقيد يد القضاء الجنائي إلى أن يبت القاضي صاحب الاختصاص في الدعوى أي القضاء التجاري.
وأخيرا يمكن القول أن قواعد القانون الجنائي للأعمال وقاعدة الجنائي يعقل المدني يعرفان تشتتا بين مختلف النصوص القانونية، ولهذا السبب ندعو المشرع إلى جمع هذه القواعد لكي يسهل الأمر على الباحثين والمهتمين بهذه المجال من جهة، ومواكبة التطورات الواردة على قانون الأعمال من جهة أخرى.
[1] إدوار غالي الدهبي: وقف الدعوى المدنية لحين الفصل في الدعوى الجنائية، مكتبة غريب، الطبعة الثالثة، 1991، ص: 3.
[2] جهاد شكري: آثار مقتضيات مسطرة صعوبة المقاولة على قاعدة الجنائي يعقل المدني، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص 2008-2009، ص: 18.
[3] عبد الحميد العلمي: حجية الحكم الجنائي أمام القضاء المدني، الطبعة الأولى، 1998، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، ص: 37.
[4] محمد عبد الحميد الالفي: الدعوى المدنية أمام القضاء الزجري “الدعوى المدنية المتابعة للدعوى العمومية في القانون المغربي”، الطبعة الأولى، 2006، الدار المصرية المغربية للنشر والتوزيع، الدار البيضاء، ص: 21.
[5] مأمون محمد سلامة: الإجراءات الجنائية في التشريع المصري، دار الفكر العربي بالقاهرة، 1988، ص: 450.
[6] محمد عبد الحميد الالفي: شروح عملية في قانون المسطرة الجنائية المغربي “دراسة مقرنة”، الجزء الأول، مكتبة الرشد، سطات، بدون تاريخ النشر، ص: 305.
[7] عبد الواحد العالمي: شروح في قانون المسطرة الجنائية المغربي، الجزء الأول، الطيعة الأولى، 2006، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، ص: 269.
[8] محمد عبد الحميد الالفي: شروح عملية في قانون المسطرة الجنائية المغربي “دراسة مقرنة”، مرجع سابق، ص: 305.
[9] قرار رقم 149 بتاريخ 8 مارس 1982، منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى، عدد 30، ص: 104، منقول من كتاب محمد عبد الحميد الالفي: شروح عملية في قانون المسطرة الجنائية المغربي “دراسة مقرنة”، مرجع سابق، ص: 306.
[10] محمد عبد الحميد الالفي: الدعوى المدنية أمام القضاء الزجري “الدعوى المدنية المتابعة للدعوى العمومية في القانون المغربي”، مرجع سابق، ص: 25.
[11] محمد عبد الحميد الالفي: شروح عملية في قانون المسطرة الجنائية المغربي “دراسة مقرنة”، مرجع سابق، ص: 306.
[12] عبد الواحد العالمي: شروح في قانون المسطرة الجنائية المغربي، مرجع سابق، ص: 269.
[13] قرار رقم 192 بتاريخ 16- 5-1961
[14] محمد عبد الحميد الألفي: شروح عملية في قانون المسطرة الجنائية المغربي، الجزء الأول الدعاوى الناشئة عن الجريمة، مرجع سابق، ص: 289-290.
[15] عبد الحكم فوده: البراءة وعدم العقاب في الدعوى الجنائية، منشأة المعارف الإسكندرية، طبعة 2000، ص: 84.
[16] إدوار غالي الدهبي: مرجع سابق، ص: 11.
[17] إدوارد غالي الدهبي: مرجع سابق، ص: 20-21 .
[18] إدوارد غالي الدهبي: مرجع سابق، ص: 29.
[19] محمد بولمان: دراسة في القانون ‘قاعدة الجنائي يعقل المدني… أي استعمال لأية غابة’، مقال منشور بالجريدة الإلكترونية الصباح، تاريخ الإطلاع: 15 ماي 2015.
[20] شكري جهاد: أثر مقتضيات مسطرة صعوبات المقاولة على قاعدة الجنائي يعقل المدني، مرجع سابق، ص: 30.
[21] ظهير شريف رقم 1.00.19 صادر في 9 ذي القعدة 1420 بتنفيذ القانون رقم 97-17 المتعلق بحماية الملكية الصناعية (ج. ر. بتاريخ 2 ذي الحجة 1420، 9 مارس 2000).
[22] شكري مجاهد: أثر مقتضيات مسطرة صعوبات المقاولة على قاعدة الجنائي يعقل المدني، مرجع سابق، ص: 44.
[23] ليلى الجلالي واخرون: عرض حول موضوع: مسؤولية مسيري الشركات حال تعرضها للصعوبات، ماستر القانون المدني والأعمال، طنجة، الصفحة: 50.
[24] هشام الزربوح: خصوصية القانون الجنائي للأعمال، أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق، جامعة مولاي إسماعيل، كلية الحقوق، مكناس، 2013-2014، ص: 297.