نضع بين أيديكم زوار موقع أنفاس قانونية النسخة الكاملة لرسالة بعنوان “مبدأ سلطان الإرادة والقيود الواردة عليه”.
مقدمة :
يعتبر العقد من أهم الآليات الاقتصادية لتبادل الخيرات بين الأفراد والجماعات، حيث لا يمكن لأحد أن يحصل على شيء أو يتخلى عنه في أغلب الأحيان إلا في إطار عقد معين، وقد كان على هذا الأخير حفاظا على كيانه من الانهيار أن يعيش في تطور مستمر لم يتوقف إلى الآن.
ففي العصر الروماني كان لا مناص للأفراد من اتباع شكليات معينة لإبرام هذا العقد أو ذاك، باستثناء عقد البيع والكراء والوكالة والشركة التي كانت عقودا رضائية. ثم تخلص من هذه الشكليات وأضحت له اعتبارات أخرى في العصر الكنسي، حيث أصبح له طابعا دينيا محضا يستمد منه قوته، كضرورة احترام الوفاء بالعهد، وأداء الثمن العادل، واعتبار عدم التنفيذ إثم وخطيئة من هنا برزت إرادة الأطراف كعنصر يتحكم في إنشاء العقود، وإن كانت مختلطة بمفاهيم ذات طابع ديني.
مع القرن الثامن عشر تم التخلص من باقي الاعتبارات المزاحمة للإرادة، وأصبحت لهذه الأخير سلطان مطلق في تكوين العقد. وكان ذلك نتاجا للأفكار المقدسة للحرية الفردية التي أطرها مفكري عصر الأنوار، قبيل اندلاع الثورة الفرنسية سنة 1789 ، فتوصل رجال الاقتصاد إلى مبدأ “دعه يعمل، دعه يمر”، وعلماء الاجتماع إلى ضرورة تقديس حرية الفرد في التملك والتصرف فيما يملك، والسياسيين نادوا بأهمية مراعاة الدولة لمبادئ ثلاثة وهي: الحرية والعدالة والأخوة. وهو ما استفاد منه أقطاب القانون حينها لصياغة المبدأ المعروف ب”سلطان الإرادة” في العقود.
وقد تبنت مدونة نابليون لسنة 1804 مبدأ سلطان الإرادة إلى حد كبير، وذلك حينما نصت المادة1134 منها على أن الاتفاقات المنشأة بكيفية مشروعة تصبح بمثابة قانون بالنسبة لطرافها، بحيث لا يمكن مراجعتها إلا باتفاق أطرافها أو بمقتضى القانون. وهو المبدأ الذي أصبح منصوصا عليه في المادة 1193 من القانون المدني الفرنسي بعد تعديل 2016.
ويقصد بمبدأ سلطان الإرادة أن الأفراد باستطاعتهم إنشاء قانون خاص بهم، عن طريق التقاء إراداتهم وتطابقها، دون اتباع أي شكلية أو التقيد بقيود معينة، وعليها نشأت القاعدة المعروفة ب”العقد شريعة المتعاقدين”. وتتفرع عن مبدأ سلطان الإرادة ثلاثة عناصر تتمثل في الحرية التعاقدية، والقوة الملزمة للعقد، ونسبية آثار العقد
وبمقتضى الحرية التعاقدية فإن الفرد حر في التعاقد أو عدم التعاقد، وفي حالة الموافقة على العقد، فهو حر في اختيار الشخص المتعاقد معه، والوقت المقرر لذلك، والكيفية التي يحبذها. وهو ما عبر عنه الفقيه الفرنسي “كونو “Gonot قائلا : ” أنا لست ملزما بأي تصرف قانوني إلا إذا رغبت في ذلك، وفي الوقت الذي أريد، وبالطريقة التي أريد”. أما القوة الملزمة للعقد فتعني أن العقد الذي تطابقت عليه إرادات الأطراف لا يمكن هدمه بأي شكل من الأشكال إلا باتفاق نفس الإرادات، أو بمقتضى الحالات التي يسمح فيها القانون بذلك. أما العنصر الثالث المتمثل في نسبية آثار العقد، فتعني أن الآثار الناشئة عن العقد لا تلزم إلا الأطراف الذين تطابقت إراداتهم وتوافقت على ذلك العقد.
وقد كانت هذه القواعد ملائمة لتلك الفترة، لأن الأفراد كانوا متساوين نسبيا، وكانت تصرفاتهم ومعاملاتهم بسيطة، ولا تحتاج إلى فطنة عالية أو ذكاء خارق لإنجازها على وجه صحيح. فكانت عقودهم تتضمن في ثناياها قدر كبير من العدالة، ولم يكن الحيف والغبن الفاحش مطروحا إلا في حالات نادرة، وقد عبر عن ذلك الفقيه الفرنسي الكبير “دوما “Doumat بقوله :”من قال عقدا فقد قال عدلا”.
وليس غريبا أن يأتي قانون الالتزامات والعقود المغربي لسنة 1913 متأثرا بهذه الأفكار، ما دامت مدونة نابليون هي مصدره التاريخي، حيث تبنى مختلف هذه العناصر في الفصول 2 و19 و 21 و 128 إضافة إلى الفصل230 الذي تضمن المبدأ المعروف ب”العقد شريعة المتعاقدين”.
هكذا استقر مبدأ سلطان الإرادة في أغلب القوانين المدنية وصار دعامة تقوم عليها نظرية العقد. حيث للأفراد الحرية الكاملة في إبرام ما يشاؤون من العقود، ولا يحد من هذه الحرية إلا اعتبارات النظام العام. وإرادات الأطراف كافية لإنشاء الالتزامات التعاقدية، دون حاجة إلى إفراغ هذه الإرادة في على شكل خاص. وعندما يرتبط الأشخاص بعلاقة تعاقدية، تكون لهم حرية تحديد الآثار التي تترتب عن هذه العلاقة، فلا يلتزمون إلا بما أرادوا الالتزام به، وكل ما أرادوه. ويصبح هذا العقد بمثابة قانون ملزم لهم وفق مبدأ العقد شريعة المتعاقدين، فلا يستطيع أي طرف تعديله أو إنهاؤه دون موافقة الآخر، كما لا يمكن ذلك للقاضي، إلا وفق ما اتجهت إليه إرادتهم الصريحة أو الضمنية.
ومنذ أواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين تسارعت عجلة التطور بشكل كبير، حيث وصلت الرفاهية أقصى حدودها، بفعل التقدم الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، ووصلت البشرية إلى درجة مهولة من الوفرة والازدهار. إذ سهل الانفجار الصناعي سبل الحياة ويسرها، ونشأت تجمعات اقتصادية عملاقة، ساهمت في وفرة الأشياء والخدمات، إذ أضحى بإمكان الأفراد قضاء أغراضهم وإشباع رغباتهم بأقل تكلفة، والوصول إلى مقصدهم من أقصر طريق. لدرجة أن المنتوجات المرغوب فيها صارت تأتي حتى عتبة المنزل، عن طريق التجارة المنزلية، ثم ظهرت التجارة الالكترونية التي تمكن الفرد من الحصول على ما يريد ولو كان في قارة أخرى، وفي وقت قياسي.
لكن في خضم هذه التطورات كانت الفئات الاجتماعية تعيد تشكيل نفسها، حيث برز طرف يملك وسائل تقنية وفنية تخوله أفضلية على الطرف الآخر الذي لا حول له ولا قوة، فيجد نفسه أحيانا مدفوعا بضغوط الحاجة والضرورة والإغراء، وأحيانا أخرى يجد نفسه ضحية تسرع وطيش في اتخاذ القرار. كما أن هذه الكمية الهائلة من المنتوجات والخدمات تكون في أكثر من مرة على حساب الجودة، فيقتني الفرد منتوجات وسلع يتضح له فيما بعد أنها معطوبة أو معيبة، أو ليست كما كان يتوقها على الأقل، بفعل وهم قر في وجدانه بسبب التقنيات التسويقية العالية التي يعرض بها هذا المنتوج. كما تعقدت المعاملات وتشابكت، وصار من الصعب الإلمام بالعديد من المعلومات المهمة المتعلقة بالعقد. إضافة إلى أن ظهور الوسائل الالكترونية، صاحبه ارتفاع احتمالية تعرض المتعاملين بها للنصب والاحتيال، نظرا لبعد الأفراد وعدم معرفة بعضهم بشكل مسبق، إضافة إلى تزايد بيع الأشياء الوهمية وغير الحقيقية.
إذن هذه التطورات رغم إيجابياتها الكثيرة، أدت إلى تعقد المعاملات وتشابكها، وبرزت طرف قوي ومسيطر، لأنه صاحب مقومات وإمكانيات، ويحتكر السلع والخدمات في بعض الآحيان، وآخر ضعيف يرزح تحت وطأة الحاجة والضغط. ولا شك أن قدرة هاذين الطرفين على المستوى التعاقدي متباينة، ومنحهما حرية التعامل في إطار مبدأ سلطان الإرادة، غير عادل ولا منصف، لأن الطرف القوي سيبغي على الطرف الضعيف ويجور عليه لا محالة، للحصول على منافع وفوائد أكثر ولو على حساب قواعد الأخلاق وحسن النية.
وترك الحرية التعاقدية مطلقة على افتراض المساواة بين الناس، معناه الرضا بتغليب الطرف القوي على الضعيف في كل العلاقات التعاقدية التي تجمع بينهما، وتكريس عدم المساواة القائم داخل المجتمع. كما أن ترك الطرف الضعيف تحت رحمة الطرف القوي فيه أقصى انواع الظلم، والتستر عليه باسم الرضائية. وهو ما قد لا يتفق مع التوجه الرسمي لأغلب الدول الحديثة التي أصبحت تسعى بدرجة أولى إلى تحقيق العدل والمساواة بين الأفراد. لأن مقولة دوما التي كانت صالحة إلى بداية القرن العشرين لم تعد كذلك، بل صارت أغلب العلاقات التعاقدية غير عادلة وفاقدة للتوا زن.
الشيء الذي أدى إلى انكماش مبدأ سلطان الإرادة، موضوعا وشكلا، متأثرا بالأفكار التي جاء بها المذهب الاشتراكي، المعادي لمذهب الفردانية، والذي كان طرحه الأساس ي متمثلا في جعل أساس العقد هو العدل وليس مبدأ سلطان الإرادة، وينادي بانتقال الدولة من الدولة الحارسة إلى دولة فاعلة تتدخل لحماية الطرف الضعيف، تحقيقا للعدالة وتوجيها للاقتصاد. فاضطرت العديد من التشريعات أن تتدخل بشكل تدريجي وتضع تعديلات تلطف من حدة هذا المبدأ، بما يراعي العدالة التعاقدية، ولا يقصي دور الإرادة في نفس الوقت.
فتوسعت القوانين في مفهوم النظام العام، وفرضت شروطا شكلية لابد من احترامها لإبرام العقد، ومنحت القاض ي سلطة إبعاد الحيف عن الطرف الضعيف، من خلال العديد من المؤسسات، كالتفسير وتعديل الشرط الجزائي، ومهلة الميسرة، ونظرية الظروف الطارئة، وغيرها. مرورا بوضع شروط شكلية لحماية المتعاقد الالكتروني من مغبة النصب والاحتيال، وصولا إلى صدور قوانين الاستهلاك التي ضيقت من مبدأ سلطان الإرادة بشكل غير مسبوق، ووضعت قواعد يستعصى تصنيفها ضمن التصنيف التقليدي. وانحازت بشكل واضح للطرف الضعيف الذي نعتته ب”المستهلك” في مواجهة الط رف القوي الذي سمته ب”المهني”، كطرف محترف يملك إمكانيات تقنية وفنية هائلة يستغلها لصالحه.
هكذا أصبحت العدالة التعاقدية تكسب حيزا مهما في العلاقات التعاقدية، في مقابل تضييق دائرة الحرية التعاقدية، كعنصر أساسي في مبدأ سلطان الإرادة. وقد نهجت أغلب التشريعات في البداية أسلوب التعديل الجزئي للقواعد العامة كلما دعت الضرورة إلى ذلك، فكانت لا تأتي بتعديل أو إضافة إلا بعد مرور مدة مهمة، أو إذا استوجب الآمر ظروف استثنائية غير متوقعة. لكن في الآونة الأخيرة أصبحت التعديلات متسارعة وواحدة تلوى الأخرى، كما لم يعد المشرع يكتفي بالتعديلات الجزئية للنظرية العامة، بل صار بالإضافة إلى ذلك يأتي بقوانين خاصة ومستقلة، تتضمن تعديلات جوهرية وعميقة، لدرجة أنها تكون عكس القواعد العامة في بعض الآحيان، بشكل ينذر بأزمة حقيقية للنظرية العامة، وينبئ بتشتتها وتوزيع مضامينها على قوانين مختلفة ومتفرقة.
ولكثرة هذه التعديلات المقيدة لمبدأ سلطان الإرادة، بدأت تظهر أفكارا منادية بالقضاء على هذا المبدأ، وضرورة تعويضه بمبادئ العدالة والإنصاف، لأنه يقوم على مبالغة غير معقولة لقوة ودور الإرادة في العقد، على اعتبار أن الحرية التعاقدية والقوة الملزمة، اللتان ينسبهما أنصار المبدأ إلى الإرادة، لا يمكن أن تكون لهما أية أهمية أو قوة ما لم يعترف بهما القانون. وبالتالي فالقانون هو الذي يكفل للعقد قوته الملزمة عن طريق الجزاءات التي يفرضها على من يخالفه.
وهذه الفلسفة تقر أولوية المجتمع على الفرد، وسلطة القانون على العقد. والحجة لدى هؤلاء أن الحرية التعاقدية فيها مخاطرة واضحة، ولم تعد تحقق العدالة بين الأطراف في أغلب الآحيان، بل تكون فعالة فقط بين الأطراف المتساوية من حيث الإرادة، والقوة الاقتصادية، وهو ما لم يعد موجودا إلا في حدود ضيقة. كما أن القوة الملزمة للعقد هي الأخرى أضحت تتنافى مع العدالة التعاقدية في مواضع عدة، إذ ليس من العدل في شيء أن يلزم المتعاقد بتنفيذ التزامات زادت عن الحد المتفق عليه أثناء التعاقد، فصارت مرهقة ومكلفة جدا، بفعل ظروف استثنائية وغير متوقعة، لا يد له فيها، طرأت في الفترة الممتدة بين إبرام العقد وتنفيذه.
في حين ظل العديد من الفقهاء مناصرين لسيادة مبدأ سلطان الإرادة في العقود، وإن كان بعضهم قد قبل بتلطيف حدته وإعادة تشكيله بما يوافق متطلبات العصر.
أولا: أهمية الموضوع
تكمن أهمية هذا الموضوع في راهنيته والنقاش الذي ما فتئ يثيره، وكثرة الآخذ والرد بين الباحثين القانونيين بشأنه، الذي يجعله موض وع كل ساعة، دون أن يتقادم بمرور الزمن، وذلك نظرا للتطورات الاقتصادية والاجتماعية المتسارعة التي تستدعي مقاربات متتالية، وتبادل وجهات النظر بشكل دائم، وتحليل ودراسة عميقين وشاملين، من أجل الوصول إلى قواعد قانونية ت واكب الحياة اليومية وما يستجد بها.
إضافة إلى أن العدالة التعاقدية لم يعد بالإمكان إغفالها، والقول بترك الآمور لمبدأ سلطان الإرادة لم يعد صحيحا على إطلاقه، لأن هذه الحرية قد تؤدي إلى حرمان العديد من الأفراد من الحاجيات الأساسية واليومية، فقط لأن المهني يغالي في تقدي ر أثمانها، أو سيحصلون عليها بتكلفة عالية لا تساوي قيمتها الحقيقية. وواضح أن مثل هذه الأفكار لا يمكن أن تتوافق مع توجهات الدولة نفسها، التي تسعى في مجملها إلى تحقيق العدالة والمساواة بين أفرادها. لذلك فالموضوع مهم ومقاربته فيها أهمية عظيمة من خلال المساهمة في تكوين رؤية واضحة قبل بناء أي توجه رسمي.
كما أن التطورات المتسارعة للحياة الاقتصادية تضغط على المشرع وتضيق من الفسحة الزمنية التي يملكها لدراسة الآمور بتأني وروية، حيث تطرأ ظروف مفاجئة تجبره على إيجاد قواعد قانونية تؤطرها وتنظمها في وقت وجيز، فيقع في أخطاء أو تأتي صياغته معيبة أو قاصرة لأسباب مختلفة، ومهمتنا كباحثين أن نرصد مكامن الخلل ونحاول تقديم اقتراحات بديلة، للتوصل إلى حلول أكثر عدالة وإنصاف.
ثانيا: صعوبات الموضوع
من الناحية العلمية: يمكن القول أن ضيق عامل الزمن ه و الذي يواجه أغلب البحوث الأكاديمية، وهو ما يصعب إنجازها بشكل احترافي، خصوصا من الناحية الشكلية. وقد حاولنا التركيز ما أمكنتنا قدرتنا لتفادي مثل هذه الأخطاء.
أما من الناحية العملية: فلا يخفى على أحد أن انتشار وباء كورونا كوفيد 91 المستجد، كانت له – تأثيرات مباشرة على الطلبة الباحثين، من خلال تقييد حركتهم، وإجبارهم على الاكتفاء بما يملكون من مراجع وما يجدونه من منشورا على المنصات الالكترونية فقط، دون أن يتمكنوا من الوصول إلى العديد من المراجع المهمة التي قد تغني البحث، خصوصا وأن ما ينشر إلكترونيا في المغرب شحيحا ولا يفي بالغرض. لكن من ناحية أخرى كانت هذه القلة في المراجع سببا لوقوف الطالب الباحث وقتا أطول أمام النصوص القانونية وتحليلها ومناقشة مضامينها.
ثالثا: إشكالية الموضوع
من خلال التوطئة التي افتتحنا بها الموضوع نعتقد أن الإشكالية التي يطرحها باتت واضحة، والتي تتمثل في مصير سلطان الإرادة، وأي اتجاه ستكون له الغلبة، هل سينهار أم يبقى راسخا صامدا في وجه التغيرات الجذرية التي تشهدها نظرية العقد. ووسط كل هذ الأفكار نصيغ الإشكال الذي سنحاول تناوله في تضاعيف هذا البحث والمتمثل في:
هل التعديلات المدخلة على مبدأ سلطان الإرادة تنذر باختفائه، أم أنها مجرد اضطراب ناتج عن إعادة تشكيل نفسه بما يوافق التطورات الاقتصادية والاجتماعية العميقة التي يشهدها العقد؟
وهذا الإشكال بدوره تتفرع عنه تساؤلات فرعية نوجزها كالتالي:
ما المكانة التي تحتلها حماية رضا الطرف الضعيف ضمن القواعد العامة؟
وما تأثير التدخل القضائي لإعادة التوازن العقدي على القوة الملزمة للعقد؟
رابعا: مناهج البحث
كان لطبيعة الموضوع دور هام في تحديد المناهج المتبعة لتناول الإشكالية التي يطرحا والإجابة عن الأسئلة المتفرعة عنها، لذلك اعتمدنا دراسة وصفية، وتحليلية، ومقارنة في بعض مناحي البحث.
المنهج الوصفي: من خلال هذا المنهج سنحاول التوقف عند المقتضيات التشريعية المتعلقة بالموضوع، لتسليط الضوء على أحكامها، وتبسيط مضامينها من أجل تحليلها
المنهج التحليلي: وهذا المنهج كان تبعا لاستعمال المنهج الوصفي، لأن البحث الأكاديمي لا يفترض راء الفقهية فيه التوقف عند حدود الوصف، بل لابد من تحليل النصوص القانونية، على ضوء والاجتهادات القضائية، واستلهام القوانين المقارنة، من أجل التوقف على النقائص والثغرات أو القصور الذي تعاني منه، ومدى فعاليتها في التعاطي مع الحياة اليومية والمشاكل العملية التي تطرحها.
المنهج المقارن: ولنفس الأسباب سنعتمد على الأسلوب المقارن، تفاديا للاقتصار على القانون المغربي، من خلال استحضار بعض مقتضيات القوانين المقارنة، كالتشريع الفرنس ي بالذات، والمصري في بعض جوانبه. وهو الآمر الذي سيساعدنا على معرفة الفلسفة المتبعة من طرف كل واحد منها في تعاملها مع هذه الآمور التي تستجد باستمرار، إضافة إلى إبراز مكامن القوة أو الضعف التي يعاني منها هذا أو ذاك، من أجل التشييد بالنقط الإيجابية في قوانيننا ذات الصلة بالموضوع، والدفع بتطوير وتجاوز قصورها إن وجد.
خامسا: خطة البحث
من أجل الإجابة عن الإشكالية المطروحة أعلاه، وإلقاء الضوء على مختلف الجوانب المرتبطة بها، ارتأينا اتباع التقسيم الثنائي في كل المحاور ماعدا الجزئية منها، لأنه الأكثر اعتمادا في تناول البحوث الأكاديمية من جهة، ولأنه الأجدر باستيعاب الموضوع مضمونا وشكلا. وعليه فقد جاء البحث وفق الخطة التالية:
الفصل الأول: حماية رضا الطرف الضعيف أثناء تكوين العقد
الفصل الثاني: دور القاضي في إعادة التوازن العقدي
للاطلاع على الرسالة كاملة شاهد الملف أسفله