تسجيل العلامة التجارية الدولية
مقدمة :
إن التطور التكنولوجي والعلمي الهائل في مجال الملكية الفكرية دفع المتخصصين للتفكير في السبل القانونية لحمايتها، فحقوق الملكية الفكرية هي من أسمى الحقوق التي يمتلكها الانسان، لأنها تعتمد على العقل البشري في ابداعاته وتجلياته الفكرية ونتاجه الذهني.
وتنقسم الملكية الفكرية إلى قسمين ؛ الأولى تسمى بالملكية الأدبية والفنية، وتتمثل في حقوق المؤلف وحقوق الملحن، وسائر المصنفات الفنية والأدبية…وغيرها، أما الثانية فتسمى الملكية الصناعية، وتشمل الاختراعات (البراءات) والعلامات التجارية، وعلامة الخدمة …
ويربط أغلب الباحثين بدء ظهور تنظيمات قانون العلامات التجارية الى العصور الوسطى، غير ان وظائف العلامة التجارية حينئذ لم تكن تتطابق مع وظائفها في الزمن المعاصر، اذ كانت تستعمل على الخصوص تحت مصدر المنتجات.
وعليه، فإن أول قانون حديث تعامل مع العلامة بمفهومها المتعارف عليه حاليت، هو القانون الفرنسي ل 23 يوليوز 1857 الذي ربط الحق في العلامة التجارية بمجرد سبق الاستعمال، ثم بدأت بعد ذلك التنظيمات القانونية المنظمة للعلامة التجارية تتعاقب في مختلف الدول الأوروبية، فوضعت ألمانيا قانوننها سنة 1870، وبريطانيا سنة 1879، واسبانيا سنة 1929، وايطاليا سنة 1942.
وقد كان المغرب من بين الدول السباقة إلى وضع تنظيم قانوني للعلامة التجارية، حيث صدر أول قانون يتعلق بالملكية الصناعية بمقتضى ظهير شريف الصادر بتاريخ 23 يونيو1916 خاصة بالمنطقة الفرنسية، وقانون صادر سنة 1938 خاصة بمنطقة طنجة الدولية، وبما أن هذه القوانين لم تعد قادر على مواكبة التطورات التي عرفها هذا المجال، جعل المشرع المغربي يفكر جديا يفكر في وضع تشريع فعال لمواكبة العولمة وتامين حماية شاملة للعلامة التجارية على جميع التراب الوطني، إلى أن صدر قانون منظم للملكية الصناعية بمقتضى الظهير الشريف الصادر بتاريخ 15 فبراير 2000 الصادر بتنفيذ القانون رقم 17.97 والذي لم يدخل حيز التنفيذ إلا اعتبار من تاريخ 18 دجنبر2004 ، كما وقع تعديله بمقضتى ظهير شريف صادر بتاريخ 14فبراير 2006 بتنفيذ القانون رقم 31.05.
أما بخصوص انضمام المغرب إلى الاتفاقيات الدولية، فإننا نشير إلى أن هذا الاخير قد صادق على مجموعة من الاتفاقيات ؛ أهما اتفاق نيس الفرنسية بشأن التصنيف الدولي للبضائع لأغراض تسجيل العلامات الموضوع في نيس سنة 1957، واتفاقية باريس لحماية الملكية الصناعية لسنة 1883 والتي بدأ سريانها في نونبر سنة 1884، واتفاقية مدريد بشأن التسجيل الدولي للعلامات الصادر في الرابع عشر من أبريل 1891، بالإضافة إلى مجموعة من الاتفاقيات والبروتوكولات التي نظمت الملكية الصناعية بشكل عام، وتسجيل العلامة دوليا بشكل خاص.
وتكمن أهمية تسجيل العلامة التجارية الدولية في تمييز المنتجات الصناعية عن مثيلاتها أو المنافسة لها على الصعيد الدولي، وأيضا زيادة الطلب عليها، وهذه الزيادة تدل على شهرة العلامة وانتشار سمعتها، مما يرتب هلى تسجيلها اعتبار العلامة حقا لصاحبها، هذا الحق الذي يستوجب الحماية من اي اعتداء قد يقع عليها.
ومن هنا تتضح لنا معالم إشكالية الموضوع، والتي نصوغها على الشكل التالي : إلى أي حك استطاعت الاتفاقيات الدولية حماية العلامة التجارية المسجلة دوليا؟ وما هي الاجراءات القانونية التي يمكن مباشرتها لتوفير هذه الحماية؟للاجابة عن الاشكالية المطروحة سنحاول بداية الوقوف عند ضوابط تسجيل العلامة التجارية الدولية (المبحث الأول)، على أن نرصد الآثار المترتبة عن تسجيل تلك العلامة دوليا (المبحث الثاني).