القانون البنكي بين البنوك التقليدية والبنوك التشاركية

القانون البنكي بين البنوك التقليدية والبنوك التشاركية

مقدمة :

مما لاشك فيه أن الائتمان بمختلف أشكاله أضحى مسألة في غاية الأهمية، لأجل ضمان استمرار المنشأة في مزاولة أنشطتها وأداء وظائفها الاقتصادية والاجتماعية داخل المجتمع، ونظرا للأهمية القصوى التي يكتسبها الائتمان، وتأثيره الواضح ليس فقط بالنسبة النشاط المقاولات، لكن كذلك على الظرفية الاقتصادية والاجتماعية للدولة، فإن ذلك فرض على هذه الأخيرة التدخل بشكل حازم لأجل حماية الائتمان وتنظيمه بشكل دقيق، وهو ما دفع المشرع المغربي إلى التنظيم الدقيق للمؤسسات الممارسة لكل أشكال النشاط الائتماني عبر وضع إطار قانوني ينظم من جهة مؤسسات الائتمان ومختلف العمليات التي تقوم بها، ويسعى من جهة أخرى إلى حماية المتعاملين مع هذه المؤسسات.

ووعيا من المغرب بهذه الاهمية، فانه قد بادر إلى تأطير هذه المؤسسات بمقتضى قانون خاص يدعى القانون البنكي، وقد تجلت أولى بواده بإحداث البنك المخزني المغربي بموجب اتفاقية الجزية الخضراء –الخزيرات- المبرمة في 07 أبريل 1906 من قبل مندوبي اثنتا عشرة دولة أوروبية بالإضافة إلى الولايات المتحدة والمغرب، واتخذ هذا البنك شكل شركة مساهمة مقرها المركزي في مدينة طنجة الدولية، وكانت جميع الدول الموقعة على الاتفاقية السابقة تمتلك حصة فيها، غير أن فرنسا تمكنت من تفويت بعض حصص الدول لصالحها فأصبحت تملك حصة الأسد في رأسمال البنك، لكن هذا الأمر لم يدم طويلا فبعد استقلال المغرب مباشرة أي في سنة 1959 دخلت الحكومة المغربية في مفاوضات مع فرنسا قصد استرجاع البنك المخزني المغربي، الذي أضحى بمقتضى الظهير الشريف رقم 1.59.233 يجمل اسم بنك المغرب.

وهكذا توالت التشريعات والقوانين المنظمة للمادة البنكية وعلى رأسها الظهير الشريف رقك 1.05.38 الصادر بتنفيذه القانون رقم 76.03 الذي هو بمثابة قانون أساسي لبنك المغرب، وفي 14 من فبراير 2006 صدر القانون رقم 34.03 المتعلق بمؤسسات الائتمان والهيئات المعتبرة في حكمها.

لكن رغم هذا الزخم من التعديلات التي أدخلت على القوانين المتعلقة بالمهنة البنكية، إلا أن البنوك ذات الصبغة الإسلامية، أو  بالأحرى المنتوجات التي تتعامل بها هذه البنوك لم تعرف سبيلا إلى الأسواق البنكية المغربية إلا باتداء من 2007، حيث سمح بنك المغرب بتداول ثلاث منتوجات، إلا أنها لم تلق النجاح الذي كان متوقعا، وذلك بالنظر إلى تكلفتها العالية، وأيضا عدم وجود مقتضيات ضريبية متعلقة بها بشكل واضح.

وحري بالذكر أنه في سنة 2012 تم تقديم مشروع القانون رقم 103.12 يتعلق بمؤسسات الائتمان والهيئات المعتبرة في حكمها، تم المصادقة عليه سنة 2014، والذي جاء بعدة اهداف اهمها ؛ توفير المزيد من الاستقلالية لبنك المغرب في مجال المراقبة على النظام البنكي نظرا لما له من تأثير على مستوى استقرار القطاع المالي والاسهام في تطوير الاقتصاد بصفة عامة.

وكذلك يرمي إلى الأخذ بيعن الاعتبار التطورات العميقة التي عرفها القطاع المالي المغربي، وكذلك ضرورة بناء نظام بنكي فعال يعتمد على الشفافية المالية وإجراءات رقابية تتطابق والمعايير المعمول بها دوليا، إضافة إلى أن هذا القانون تميز  ولأول مرة بالمغرب بالاعتماد على نظام البنوك الإسلامية بمسمى آخر وهو البنوك التشاركية، وهكذا تم بسط أرضية تشريعية للبنوك التشاركية باعتباره مشروع مهم لتنمية اقتصاد المغرب، ومبادرة ينتظرها الجميع لما لها من فوائد متعددة منها الادخار وتعزيز قدرة المغرب التنافسية، لاستقطاب فوائد الرأسمال الهامة، التي تمشي في هذا الاتجاه.

انطلاقا من كل هذا يحق لنا طرح الإشكالية التالية :  إلى أي حد استطاع المشرع المغربي إحكام تنظيم القطاع البنكي مراعيا خصوصية كل من البنوك التقليدية والبنوك التشاركية؟

تنبثق عن هذه الإشكالية المحورية مجموعة من التساؤلات من قبيل : ما هو الإطار القانوني لكل من البنوك التقليدية والبنوك التشاركية؟ وما هي أهم العمليات البنكي سواء المميزة للبنوك التقليدية أو البنوك التشاركية؟ وهل من رقابة على هذه العمليات؟

إن الاجابة على الإشكالية المطروحة تقتضي منا تناول الموضوع من خلال  بسط :

 الإطار القانوني للبنوك التقليدية والبنوك التشاركية (المبحث الأول)

 على أن نرصد الرقابة على العلميات البنكية التي تمارسها (المبحث الثاني).

ملاحظة : تجدون أسفله العرض كاملا

مقالات ذات صلة :

Exit mobile version