التعويضات عن الفصل التعسفي
مقدمة :
تساهم الفئة العاملة في النهوض بالحياة الاقتصادية داخل المقاولات والمساهمة في تنميتها وضمان استمرارها سواء على الصعيد الداخلي أو الخارجي، ولا يمكن تحقيق هذه النتيجة إلا باتباع مجموعة من الضوابط القانونية من أجل تحقيق التوازن الاقتصادي بين رئيس المقاولة وبين حقوق الأجير، وقد أعطت مدونة الشغل نفسا جديدا لأحكام العلاقات بين الأطراف المكونة لعقد الشغل، وما يترتب عنها من آثار سواء على مستوى إبرام العقد أو تنفيذه أو إنهائه بشكل يكتسي طابع المرونة، وذلك من أجل تحقيق التوازن بين المشغل والأجير.
ويعتبر عقد الشغل من العقود التي تكتسي طبيعة خاصة، تجعله يتميز عن غيره من العقود المماثلة له، ويمكن أن ينتهي بمختلف الأسباب التي تنتهي بها تلك العقود، لكن طبيعته الخاصة ومميزاته جعلت المشرع يحيطه بمجموعة من الضمانات والتدابير القانونية التي يتوجب احترامها من أجل إنهاء هذا العقد.
ومما لا شك فيه، أن المشرع قد منح المشغل سلطة الإشراف على الأجير في إطار ما يسمى بعلاقة التبعية التي تعد من مقومات عقد الشغل، كما يملك المشغل حق فصل الأجير في إطار ممارسته للسلطة التأديبية الممنوحة له قانونا، غير إن هذه السلطة لا يمكن أخذها على إطلاقها، ذلك أنه يتوجب على المشغل أن لا يتعسف في استعمال هذا الحق تجاه الأجير.
والتعسف في الاصطلاح القانوني ؛ هو استعمال الحق على نحو يتنافى مع الهدف الاجتماعي الذي نشأ من أجله، وتحمل كلمة “الفصل أو الطرد ” الكثير من المعاني المتمثلة كلها في إنهاء الرابطة العقدية بين الأجير والمشغل، يفقد معها الأجير مجموعة من الحقوق والامتيازات تجعله عرضة للبطالة التي تعد شرا وآفة اجتماعية، ويمكن أن يصدر الفصل بشكل صريح ومباشر، كما يمكن أن يصدر بشكل ضمني غير مباشر.
وقد أخذت مدونة الشغل المغربية بنظرية التعسف في إنهاء عقد الشغل غير محدد المدة بالنسبة للمشغل والأجير على السواء، واعتبرت عدم التعسف من النظام العام حسب المادة 41 منها.
ونظرا لخطورة الفصل على حياة الأجير، وأمام وضعية عدم التكافئ بين المشغل والأجير، فقد تدخل المشرع المغربي بمجموعة من الضمانات ورسم طريقا تجب فيه الموازنة بين حق المشغل في الإنهاء، وبين مصلحة الطرف الآخر الضعيف أي الأجير.
وتبعا لذلك، ذهب المشرع المغربي إلى إيجاد وسائل لحماية الوضعية الهشة للأجير الذي يستند على نظرية التعسف في استعمال الحق المنظمة في قانون الالتزامات والعقود، والتي حاول المشرع تكييفها مع طبيعة علاقة الشغل في ما يطلق عليه بالفصل التعسفي أو غير المبرر، وهو الذي يتعرض له الأجير من قبل المشغل بحيث إذا تجاوز هذا الفصل شروطه اعتبر فصلا تعسفيا.
وإذا كان مبدأ حرية الإرادة في التعاقد وإنهائه هو الشريعة العامة التي تحكم عقد العمل، باعتبار أن العقد شريعة المتعاقدين ولهم الحق في إنهائه بإرادتهما، فإن المشرع قد رتب أثرا قانونيا على إنهاء عقد العمل بصفة تعسفية ليعطي الجانب المتضرر الحق في الحصول على تعويض لجبر الضرر.
فما المقصود بالإنهاء التعسفي لعقد الشغل؟ وكيف يتم إثباته؟ وما هي الآثار المترتبة عن هذا الفصل؟ هذا ما سنعمل على بيانه من خلال المباحث التالية :