التحكيم في العقد الإلكتروني

مقـــدمـــة :

           أدت الطفرة التكنلوجية المهولة التي نعيشها في الوقت الراهن إلى ظهور معاملات تجارية غير مسبوقة، وبذلك برزت التجارة الإلكترونية وطفحت بشكل جلي في الآونة الأخيرة.  ولا غرو أن تثور جملة من المنازعات بمناسبة مزاولة التجارية الإلكترونية، هذه المنازعات تحتاج لفضها إلى نظام قانوني متميز، ولعل التحكيم الإلكتروني كوسيلة بديلة لحل المنازعات أهم آليات تسوية الخلافات الناجمة عن العقد الإلكتروني.

       ويعرف التحكيم الإلكتروني بأنه ذلك التحكيم الذي تتم إجراءاته عبر شبكة الإنترنيت، وفق قواعد خاصة دون حاجة إلى التقاء أطراف النزاع والمحكمين في مكان معين.[1]

        ومن حيث الصيرورة التاريخية لنظام التحكيم الإلكتروني،  فقد كان السبق في استخدام هذا النظام مع محكمة التحكيم الإلكترونية بمونتريال بكندا عام 1996، حيث تقدم مركز قانون الأبحاث العام التابع لكلية الحقوق بجامعة مونتريال بمشروع للمحكمة المفتوحة أو على الخط، حيث تتم التسوية وفقا لهذه الآلية التي لا تستلزم انتقال أطراف النزاع وحضورهم المادي أمام المحكمين نظرا لإمكانية سماع أطراف النزاع والشهود عبر الاتصالات الإلكترونية.  وفي سنة  1998 ظهر التحكيم المعجل كنتيجة لطبيعة العقود الدولية الإلكترونية، وما تتطلبه من سرعة استدعت ضرورة البحث عن آلية أسرع كالتحكيم الإلكتروني.

        بيد أن ما يسترعي الانتباه هو أن المشرع المغربي في القانون 53.05 المتعلق بالتبادل الإلكتروني للمعطيات القانونية الصادر في 30 نوفمبر 2007 لم يتطرق  للتحكيم الإلكتروني البتة تاركا بذلك فراغا تشريعيا.                 

          وتتبدى أهمية موضوع التحكيم الإلكتروني  في الدور الريادي الذي أضحى يعرفه التحكيم عموما كوسيلة لتسوية المنازعات، وأيضا فيما يوفره للأطراف من حسنات تتجاوز ما هو متعارف عليه في نظام التحكيم التقليدي، إذ يوفر السرعة اللازمة لإنهاء الخصومة بما يتماشى مع خصائص التجارة الإلكترونية. وتزداد أهمية الموضوع إذا علمنا أن المشرع المغربي لازال متخلفا عن تقنين التحكيم الإلكتروني .       

      وهكذا فإن الإشكالية الرئيسية التي تطرح نفسها بإلحاح في هذا الموضوع يمكن صياغتها على النحو التالي:

               كيف يساهم  نظام التحكيم الإلكتروني في فض منازعات التجارة الإلكترونية؟ 

     وتتفرع عن هذه الإشكالية عدة تساؤلات من قبيل:

– كيف تتحدد ماهية التحكيم الإلكتروني؟

– و ما هي الشروط اللازمة لانعقاد اتفاق التحكيم الإلكتروني؟

– وما هي الإجراءات الواجب اتباعها في التحكيم الإلكتروني؟

    بغية معالجة جميع الإشكاليات التي يطرحها الموضوع ارتأينا تقسيم الموضوع إلى مبحثين: (المبحث الأول) الأحكام العامة للتحكيم الإلكتروني، (المبحث الثاني) النظام القانوني الإجرائي للتحكيم الإلكتروني.

  المبحث الأول: الأحكام العامة للتحكيم الإلكتروني

        إن ظهور التحكيم الإلكتروني كآلية لحل منازعات عقود التجارة الإلكترونية، ومنه أصبح التحكيم الإلكتروني أكثر لجوء إليه مقارنة بالوسائل الإلكترونية البديلة الأخرى لحل المنازعات، الأمر الذي تطلب منا البحث في ماهية التحكيم الإلكتروني (المطلب الأول).

 ويستند التحكيم أيا كانت صورته تقليديا أو إلكترونيا إلى اتفاق بين أطرافه، ولذلك فإن البحث عن كيفية إبرام إتفاق التحكيم الإلكتروني والطريقة التي يمكن لأطرافه أن يعبروا عن رضاهم باللجوء إلى هذا النوع من التحكيم أمر لا مفر منه.

  وقد أشترطت إتفاقية نيويورك لسنة1958 لصحة إتفاق التحكيم شروطا موضوعية وشكلية ( المطلب الثاني).

   المطلب الأول: ماهية التحكيم الإلكتروني

    إن بروز التحكيم كأهم آلية بديلة لحل منازعات العقود الدولية التقليدية، كان له صدا أمام منازعات عقود التجارة الإلكترونية ومنه أصبح التحكيم الإلكتروني أكثر لجوء إليه مقارنة بالوسائل الإلكترونية البديلة الأخرى. الأمر الذي تطلب تبيان مفهومه، وتمييزه عن مختلف الوسائل الإلكترونية  الأخرى (الفقرة الاولى) وكذلك تبيان أنواع التحكيم الإلكتروني (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: مفهوم التحكيم الإلكتروني

  يوفر التحكيم الإلكتروني للأطراف العديد من الإيجابيات التي تنبع بشكل أساسي من طبيعة الوسط الذي تجري فيه عملية التحكيم. لذا سنخصص هذه الفقرة لتعريف التحكيم الإلكتروني (أولا) وتمييزه عن باقي الوسائل الأحرى (ثانيا).

  أولا: التعريف

  لا يختلف التحكيم الإلكتروني في جوهره عن التحكيم التقليدي، فكلاهما وسيلة من الوسائل البديلة لفض المنازعات، إذ يعتمد لفض نزاع معين بدلا من اللجوء إلى القضاء باعتباره الوسيلة المعتادة لفض المنازعات.

   والتحكيم لا يتم إلا إذا اتفق الطرفان على اتخاذه وسيلة لحل نزاعهم وولاية المحكم في حسم النزاع تستمد بناء على ذلك من هذا الاتفاق، كما تتحدد صلاحيته بحدود ما تفوضه إرادة الأطراف النظر فيه مع ملاحظة أن دور الإرادة في وجود التحكيم ليس مطلقا، إذ أنه مقيد ابتداء بالحالات التي يجوز فيها اللجوء إلى التحكيم بديلا عن القضاء وهي حالات يحددها المشرع، ويضع بموجبها إطارا للإرادة  ودورها في اللجوء إلى التحكيم.[2]

  وينقسم التحكيم الإلكتروني إلى شقين، الأول هو “التحكيم”، بمعناه التقليدي، هو نظام تسوية المنازعات يخول بمقتضاه أطراف النزاع مهمة الفصل إلى محكمين يختارونهم بمحض إرادتهم بدلا من الطريق القضائي. والثاني “الإلكتروني” ويعني الاعتماد على تقنيات استخدام الوسائط والأساليب والشبكات الإلكترونية منها شبكة الانترنيت.[3]

   ويعتبر جوهر التحكيم الإلكتروني استغلال شبكة الانترنيت في حل المنازعات  المتولدة عن التصرفات القانونية التي أبرمت عن طريقها، بما يتلاءم وطبيعة وخصوصيات هذه التصرفات، لذا يعرف البعض التحكيم الإلكتروني بأنه: التحكيم الذي تتم إجراءاته عبر شبكة الانترنيت، وفق قواعد خاصة دون الحاجة إلى التقاء  أطراف النزاع والمحكمين في مكان معين، إذ هو قيام شخص ثالث محايد يسمى المحكم الذي تم اختياره من قبل الأطراف مباشرة، أو من قبل جهة أخرى يوكل إليها مهمة إصدار حكم ملزم في نزاع ما بين طرفين بشرط أن تنعقد الجلسات ويصدر الحكم عبر الانترنيت.[4]

  ويمكن القول أن التحكيم الإلكتروني هو تولية طرفي العقد الدولي الإلكتروني مراكز متخصصة في مجال نزاعهم، ولاية القضاء في نزاعهم الدولي اللامادي في إطار بيئة رقمية تتماشى وطبيعة نزاعهم ومصدره.[5]

   يتضح من التعاريف السالفة للتحكيم بمفهومه التقليدي والإلكتروني أن الاختلاف يكمن في الوسيلة التي تتم من خلالها إجراءات التحكيم في عالم افتراضي، فلا وجود للورق والكتابة التقليدية أو الحضور المادي للأشخاص، كما أن الأحكام الصادرة يحصل عليها الأطراف موقعة جاهزة بالطريقة الإلكترونية وباستخدام  التوقيع الإلكتروني، وبذلك تعود التفرقة بينهما إلى استعمال وسائل الاتصال الحديثة في إجراءاته، الأمر الذي يطرح التساؤل عما إذا كان من اللازم إتمام التحكيم بأكمله عبر الوسائل الإلكترونية لاعتباره إلكترونيا أم يكفي فقط استعمال الوسيلة الإلكترونية في أي مرحلة من مراحله؟.

  للإجابة على التساؤل المطروح انقسم الفقه إلى اتجاهين، يرى الاتجاه الأول (الاتجاه الموسع) أن التحكيم يعد إلكترونيا سواء تم بأكمله عبر وسائل الكترونية أو اقتصر استعمالها على بعض مراحله فقط، إذ يمكن أن يقتصر استخدام الوسيلة الإلكترونية على مرحلة إبرام اتفاق التحكيم وتبادل البيانات، في حين تتم المراحل الأخرى بالطرق التقليدية كحضور الأطراف جلسات التحكيم.

  بينما يرى الاتجاه الثاني (الضيق) أن التحكيم لا يكون إلكترونيا إلا إذا تم بأكمله عبر الوسائل الإلكترونية، بداية من الاتفاق على التحكيم مرورا بتبادل المستندات وسماع الشهود والخبراء، انعقاد جلسات التحكيم دون الحضور المادي للأطراف انتهاء بصدور حكم التحكيم إلكترونيا.[6]

  ثانيا: تمييز التحكيم الإلكتروني عن الوسائل الإلكترونية البديلة الأخرى

    سنقوم بتمييز التحكيم الإلكتروني عن كل من التفاوض (أ ) والوساطة أو التوفيق (ب).

أ: التفاوض

   يمكن تعريف المفاوضات بأنها عملية يتم فيها التحاور والمناقشة وتبادل الأفكار والآراء والمساومة بالتفاعل بين الأطراف من أجل الوصول إلى اتفاق معين مصلحة أو لحل مشكلة ما: اقتصادية، قانونية… ويرى البعض بأنها حدوث اتصال مباشر أو غير مباشر بين شخصين أو أكثر بمقتضى اتفاق بينهم يتم من خلاله تبادل العروض والمقترحات وبذل المساعي المشتركة، بهدف التوصل إلى اتفاق بشأن عقد معين تمهيدا لإبرامه.

   وتزداد أهمية التفاوض في عقود التجارة الإلكترونية في ظل عجز الطرق التقليدية عن إيجاد حلول تتلاءم وظروف التجارة الإلكترونية، وما تتطلبه من سرعة في إنجاز الصفقات.

  وإذا كان التفاوض في التجارة التقليدية يتم شفاهة عن طريق الاتصال المباشر بين أطراف التعاقد من خلال عقد اجتماعات وجاهية، فإنه أصبح يتم بطريقة إلكترونية عن طريق تبادل رسائل البريد الإلكتروني أو عبر شبكة الانترنيت أو بواسطة أحد المراكز المختصة. وتكمن أهمية التفاوض في أنه وسيلة للتفاهم وتقريب وجهات النظر بين الأطراف.[7]

 ب: الوساطة أو التوفيق

   التوفيق والوساطة مصطلحان يتم استخدامها في الغالب على أنهما مترادفان، غير أن البعض يرى أن هناك اختلاف بينهما: فالتوفيق يعني عملية جمع الأطراف المتنازعة ومساعدتهم في توفيق أوجه الخلاف بينهم والتصالح، بينما الوساطة عملية يكون للوسيط من خلالها اقتراح شروط تسوية النزاع، ونرى أنه لا يوجد داع لمثل هذه التفرقة، حيث يرى البعض على خلاف الرأي السابق أن على الوسيط أن يمتنع عن القيام بطرح حلول بديلة على الأطراف، إذ أن دوره في هذه الحالة ينقلب لدور الموفق وتنقلب العملية إلى توفيق. ولم يفرق أي من القوانين ولا مراكز الوساطة بين هذه التسميات، حيث يتم استخدام أي منه للدلالة على الآخر.

   وتعتبر الوساطة مرحلة متقدمة من التفاوض تتم بمشاركة طرف ثالث(وسيط) يعمل على تسهيل الحوار بين الطرفين المتنازعين ومساعدتهما على التوصل لتسوية، فيعرفها البعض على أنها شكل من الأشكال  البديلة لحل المنازعات، يقوم فيها الأطراف بحل النزاع بأنفسهم بمساعدة وسيط محايد، بحيث لا يتخذ الوسيط قرار ولكنه يساعد أطراف النزاع على إيجاد حل مقبول من جميع الأطراف المعنية.[8] 

 الفقرة الثانية: أنواع التحكيم الإلكتروني

    ينقسم التحكيم الإلكتروني من حيث إرادة المحتكمين إلى تحكيم إجباري وتحكيم اختياري( أولا) ومن حيث إتباع الإجراءات القضائية دون الخروج عليها فإنه ينقسم إلى تحكيم بالصلح وتحكيم بالقضاء ( ثانيا) ومن حيث مدى حرية المحكم وسلطاته فإنه ينقسم إلى تحكيم حر وتحكيم  مؤسساتي (ثالثا).

أولا: التحكيم الاختياري والتحكيم الإجباري

   ينقسم التحكيم بالنظر إلى دور الإرادة في اللجوء إليه إلى تحكيم اختياري، وتحكيم إجباري ويكون التحكيم اختياري كلما كان اللجوء إليه يتم بإرادة خالصة من أطرافه للفصل في ادعاءاتهم المتناقضة، فالأطراف لديهم حرية الاختيار والمفاضلة بين سلوك طريق القضاء أو سلوك طريق التحكيم للفصل في نزاعهم، ولكنهم يكونوا قد اختاروا طريق التحكيم، وعليه فإن التحكيم الاختياري هو التحكيم الذي يتم اللجوء إليه بمحض إرادة الأطراف وهذا النوع من أنواع التحكيم يرتكز على دعامتين أساسيتين وهما الإرادة الذاتية للأطراف المحتكمين وإقرار المشرع.

   ويكون التحكيم إجباريا في كل حالة يوجب فيها المشرع على الخصوم سلوك طريق التحكيم للفصل في نزاعهم، فهو التحكيم الذي يلزم المشرع المتخاصمين فيه باللجوء إليه كطريق لحل النزاع، وهو غالبا ما تسبقه عملية التفاوض بين المتنازعين، وعند فضل مفاوضات التسوية الودية، يصار عندها إلى عملية التحكيم الإجبارية، حيث يتم طرح النزاع على هيئة التحكيم التي تم تشكيلها.[9]

   نخلص مما سبق إلى القول بأن التحكيم يكون اختياريا إذا كان يستند إلى اتفاق الخصوم ( في صورة الشرط أو المشارطة) على اللجوء إليه، ويكون إجباريا إذا كان اللجوء إليه أمرا واجبا.

 ثانيا: التحكيم بالقضاء والتحكيم مع تفويض المحكم أو المحكمين بالصلح

    إن معيار التفرقة بين هذين النوعين من التحكيم هو مدى ما تتمتع به المحكمة أو المحكمون من سلطات ومقدار ما يرد عليها من قيود. فالتحكيم بالقضاء أو التحكيم بالقانون يلتزم فيه المحكم أو المحكمون بتطبيق القانون على جميع مراحل الخصومة، أما التحكيم بالصلح فيوجد في كل حالة لا يتقيد فيها المحكم أو المحكمون بالقانون في الفصل في الخصومة، حيث يحكم المحكم في النزاع المعروض عليه وفقا لما يراه عادلا أو ملائما لمصلحة الأطراف، بغض النظر عن موافقة تلك لقواعد القانون الموضوعي أو عدم موافقته.

    إن التحكيم بالقضاء هو الأصل وأن التحكيم بالصلح يرد استثناء على هذا الأصل ويترتب على ذلك أنه يجب أن يكون منصوصا عليه في الاتفاق صراحة، وان تدل عليه الإرادة الصريحة الواضحة للأطراف ويجب التزام التفسير الضيق لهذا الاتفاق.[10]

ثالثا: التحكيم الحر والتحكيم المؤسساتي

    التحكيم الحر هو التحكيم الذي يلجأ فيه أطراف الخصومة إلى اختيار محكمة أو محكمين بكامل حريتهم ليتولوا البت في النزاع، ويستند اختيار المحكمين في هذا النوع من التحكيم على المعرفة الشخصية للمحكمة.

  أما التحكيم المؤسساتي فهو تحكيم تتولاه هيئات ومراكز تحكيم وطنية أو دولية، وتكون متخصصة بالتحكيم، ومع تنامي  دور التجارة الدولية واتساع نطاق المنازعات وتعقيدها انحصر نطاق التحكيم الحر ليتم الاحتكام أمام هيئات ومراكز تحكيم دائمة، ومراكز التحكيم المؤسساتي لا تتولى التحكيم بنفسها، وإنما تقتصر مهمتها على تهيئة التحكيم لأطراف النزاع وتيسيره، وذلك بمساعدتهم على اختيار محكميهم بفضل القوائم التي تعدها تلك المراكز[11].

المطلب الثاني: شروط صحة اتفاق التحكيم الإلكتروني

يعد اتفاق التحكيم الإلكتروني تصرفا قانونيا صادر عن إرادتين من أجل إنشاء التزام على عاتق الطرفين بإحالة النزاع الذي يثار بينهما إلى التحكيم، وبهذا المفهوم لا يخرج عن كونه عقدا يخضع للقواعد العامة للعقود. ونظرا لكون التحكيم الإلكتروني عقدا من العقود فإنه يتطلب كباقي العقود شروطا موضوعية للانعقاد، لكنها خاصة بعض الشيء عن القواعد العامة (الفقرة الأولى)، وأيضا بالنسبة للشروط الشكلية (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: الشروط الموضوعية لانعقاد اتفاق التحكيم الإلكتروني

يتطلب لصحة اتفاق التحكيم، عقدا كان أو شرطا، أن تتوافر فيه الشروط اللازمة لصحة أي عقد بصفة عامة، والتي تحددها النظرية العامة للعقود ويتعلق الأمر بأركان قيام العقد، وهي الرضا (أولا)، والأهلية (ثانيا)، والمحل (ثالثا)، والسبب (رابعا ).

أولا: الأهلية      

تجمع كافة القوانين والاتفاقيات الدولية الخاصة بالتحكيم التجاري على ضرورة توافر الأهلية القانونية لكافة أطراف اتفاق التحكيم، ويقصد منها تمتع الأطراف المتنازعة بأهلية تصرف في الحقوق، وقد اشترط المشرع المغربي في قانون المسطرة المدنية من أجل إبرام اتفاق التحكيم في الفصل 308 أن يتوفر الأشخاص على الأهلية الكاملة سواء كانوا طبيعيين أو معنويين، ومرد ذلك أن القاضي من شأنه أن يعرض وجود الحق محل النزاع للخطر نتيجة لاحتمال أن يقضي ضد طرف غير كامل الأهلية[12].

ويعتبر شرط الأهلية من الشروط اللازمة للانعقاد اتفاق التحكيم وضمانة مهمة بدونها يكون حكم التحكيم باطلا.

فالمشرع المغربي سمح لكل من توافرت فيه الأهلية الكاملة في إبرام اتفاق التحكيم وعليه وبمفهوم المخالفة فإن كل من لم يتوافر فيه شرط كمال الأهلية فهو ممنوع من إبرام اتفاق التحكيم، وينصرف ذلك على القاصرين، وناقص الذين ليس بوسعهم، إبرام اتفاق التحكيم إلا إذا أذن لهم بذلك أو قضي بترشيدهم، أو باشروا هذا الأمر بواسطة نائبهم القانوني.

وعليه فإن الأهلية المتطلبة للإبرام اتفاق التحكيم الإلكتروني، ما دام التعاقد يتم عن بعد في الفضاء الإلكتروني قد يصعب على أحد طرفي التعاقد التحقق من أهلية الطرف الآخر.

فبالنسبة لأهلية التاجر غالبا لا تطرح أي إشكال طالما أن الشركة تطرح رقم السجل التجاري لها وللتاجر الذي يمارس النشاط التجاري على وجه الاحتراف ويوجد له قيد في السجل التجاري في دولته يؤكد تمتعه بالأهلية اللازمة كممارسة النشاط التجاري.

غير أن الإشكال يشار بخصوص الأهلية المتعلقة بالمستهلك إذ غالبا ما تكون المعلومات المقدمة من طرفه بخصوص هويته غير صحيحة.

فما هي الآلية إذن التي يمكن من خلالها التأكد من هوية الأطراف تفاديا للخسارة الفادحة في حالة اللجوء للتحكيم، والاصطدام عند تنفيذ الحكم ببطلان الاتفاق لعدم أهلية أحد الأطراف؟

إجابة عن الإشكال المطروح يمكن استخدام بعض المسائل الفنية للتأكد من هوية الأطراف وهي كالتالي:

وهي عبارة عن كروت ذكية تقوم بتخزين البيانات الخاصة بحاملها والمحل والإقامة، فهي بمثابة الحاسوب المستقل لكونها تحتوي على سجل كامل من المعلومات والبيانات الشخصية والرقم السري.

وأهليتهم القانونية بإصدار شهادة مصادق عليها تتعلق بأطراف التحكيم الإلكتروني

لا تسمح للدخول إلى موقع الإنترنيت إلا من شخص تتوفر لديه الأهلية القانونية وذلك من خلال ملئ نموذج معلومات معروضة على الإنترنيت، وفي حالة إذا كان لدى الشخص الأهلية القانونية فإنه يستطيع دخول الموقع وإبرام العقود، وفي حالة عدم ملئ هذه البيانات أو إذا اتضح منها عدم أهلية المستخدم فإنه لم يسمح له بالدخول إلى الموقع وبالتالي عدم إبرامه أية عقود.[13]

ثانيا : الرضا في اتفاق التحكيم

يقصد بالرضا باعتباره كباقي العقود بشكل عام توافق إرادتين على إحداث أثر قانوني، ويقصد بالرضا في اتفاق التحكيم هو تطابق إرادتي الأطراف واتجاهها إلى اختيار التحكيم كوسيلة لحسم المنازعات التي ثارت، أو قد تثور بشأن العلاقة التعاقدية، سواء في إطار التحكيم الحر أو التحكيم المؤسساتي، أو كان على شكل شرط التحكيم. وهذا ما ينطبق على مفهوم الرضا في اتفاق التحكيم الإلكتروني إلا فيما يخص كيفية تطابق إرادتي الأطراف التي تتم عبر الوسائل الإلكترونية، الأمر الذي يشير إشكالية مدى صحة الرضا أو بالأحرى مدى اعتداد القانون باستعمال  الوسائل الإلكترونية كوسيلة للتعبير عن الإرادة[14].

ومن المعلوم أنه ليس في القواعد العامة ما يحول دون أن يتم التعبير عن الإرادة بالوسيلة الإلكترونية، لذا فإن قيام زائر الموقع بالضغط على أيقونة معينة بما يفيد الرضا بالتعاقد والموافقة على شروطه الواردة في صفحة الموقع، أو عن طريق بعث رسالة إلكترونية إلى البائع معلنا عن قبول إيجاب هذا الأخير يفضي إلى أن المتعاقد قد سلك مسلكا لا تدع ظروف الحال شكا في دلالته على التراضي.

ويعتبر الضغط على الأيقونة  فعلا إيجابيا يعبر عن طريقة المتعاقد بقبوله لبنود العقد، رغم الإشكال الذي قد يثور في حالة الضغط على الأيقونة الخطأ مما قد يخالف إرادة المتعاقد.

لذا لجأ البعض إلى قاعدة الضغط مرتين على أيقونة القبول الضغط على أيقونة الموافقة، ثم أيقونة التأكيد على الموافقة، وهذا ما أصبح التعامل به شائعا في المعاملات الإلكترونية.

ويشترط في التعبير عن الإرادة أن يكون صادرا من الشخص عن رضا واختيار حر وصريح، يقطع برغبته في اللجوء إلى التحكيم الإلكتروني، ودون أن يشوبه أي عيب من عيوب الإرادة كالغلط أو التدليس أو الإكراه أو الغبن وإلا جاز إبطاله[15].

وأخيرا لا بد من التذكير على أن اتفاق التحكيم كأي عقد أساسه الإرادة، وإذا انتفت عنه كان العقد باطلا ومنعدما. لذا وجب أن يكون التراضي سليما قائما على إرادة متبصرة بموضوع وإتفاق التحكيم، وعلى إرادة حرة غير مضطرة إلى إبرام هذا الاتفاق، مع ضرورة أن يقع هذا التعبير بشكل صريح وواضح، وذلك حتى لا تثار صعوبات حول استجلاء إرادة الطرفين في اللجوء إلى التحكيم من عدمه.

ثالثا: المحل

تقضي القواعد بوجوب أن يكون لكل عقد محلا معينا أو قابلا للتعيين ممكنا أو مشروعا، ولا يخرج اتفاق التحكيم الإلكتروني باعتباره عقدا عن هذه القواعد. فالمحل الذي يضاف إلى اتفاق التحكيم يتمثل في النزاع الذي يراد فضه عبر الاتفاق على التحكيم، وينبغي أن يتوافر في شرط القابلية لحكم العقد، أي أن يكون هذا النزاع قابلا للتحكيم، والأصل أن المتعاقدين لاسيما في التجارة الدولية يتمتعان بحرية كبيرة في تحديد المسائل التي تخضع للتحكيم، ومع ذلك فإن بعض التشريعات تفرض قيودا على حرية الأطراف في إخضاع النزاع للتحكيم فتنص على عدم قابليته للتحكيم.

ولعل أكثر القيود تأثيرا على قابلية النزاع للتحكيم الإلكتروني هي تلك التي أتت بها التشريعات الخاصة لحماية المستهلك، إذ تمنع النصوص الخاصة بحماية المستهلك الاتفاق الذي يبرم بين التاجر ة المستهلك ويكون مضمونه تحديد القانون الواجب التطبيق على عقدها أو النزاع التي يثار بشأنه[16].

ومثل هذا المنع مرده رغبة المشرع في إحاطة المستهلك بالحماية فالمستهلك إذ يتعاقد مع تاجر محترف يكون في مركز يتسم بالضعف عند مزاولته بمركز التاجر المحترف[17].

إلا أن القول بعدم جواز الاتفاق على التحكيم الإلكتروني عندما يكون أحد الطرفين مستهلكا لا يحقق دائما مصلحة المستهلك.

فالمستهلك قد يبرم العقد الإلكتروني مع شخص قد لا يكون موجودا بالضرورة في ذات الدولة التي يوجد فيها التاجر، فإذا أثير نزاع بينهما ولم يكن أمام المستهلك إلا إقامة الدعوى أمام المحاكم الوطنية، فهذا قد يتطلب منه مصاريف قضائية مرتفعة نسبيا، بالنظر لوجود التاجر المدعى عليه في بلد آخر، كما يتطلب الأمر إجراءات كثيرة ومعقدة لتبليغه ومن تم نظر الدعوى. وقد المنازعة و هذا الحل في غالب العقود التي يبرمها المستهلك قليلة القيمة، وفي مثل هذا الفرض قد يفضل المستهلك عدم إقامة الدعوى على التاجر وترك حقه تفاديا للمصاريف المرتفعة والإجراءات الطويلة، وهذا ما يعني ضياع حقه بدلا من حمايته.

بناء على ذلك فإن الفقه والقضاء حاول أن يقف موقفا وسطا من مسألة قابلية النزاع الذي يكون أحد طرفيه مستهلكا للتحكيم، وذلك بالوقوف على الحكمة من عدم جواز اللجوء إلى التحكيم واختيار قانون سوى القانون الوطني قانونا واجب التطبيق على النزاع [18].

وما تجدر الإشارة إليه في الأخير أنه إذا كان محل الالتزام في عقد التحكيم مستحيلا أو كان مخالفا للنظام العام أو الآداب كان العقد باطلا، وهكذا يشترط في المحل اتفاق التحكيم الإلكتروني أن يكون ممكنا وليس مستحيلا لا يتعذر تحققه، أو مخالفا للنظام العام، ولا يكون كذلك في المسائل التي لا يجوز فيها الصلح.

رابعا : السبب

  لا يخفى أن سبب لجوء الأطراف إلى التحكيم هو الاستفادة من مزاياه المتعلقة بالسرعة والتحرر من الإجراءات الشكلية التي يفرضها النظام القضائي، وإذا كان هذا السبب معلوما للجميع علم اليقين، فإنه لا يلزم ذكره صراحة كبند في اتفاق التحكيم الإلكتروني، وقد أقرت جل التشريعات مشروعية السبب[19].

إذ يفرض أن لكل اتفاق سببا مشروعا ولو لم يرد في العقد، بيد أن هذه القرينة ليست قاطعة، وإنما هي قرينة بسيطة يجوز إثبات عكسها في الأحوال التي يتبين فيها أن قصد الأطراف في اللجوء إلى التحكيم في حد ذاته كوسيلة للتقاضي وإنما مجرد الهروب من الأحكام التي يضمنها القانون الواجب التطبيق على موضوع النزاع في حالة إذا ما طرح النزاع أمام القضاء.

والغرض أن القانون الذي سيقوم القاضي بتطبيقه يتضمن أحكاما آمرة يرغب الأطراف باستبعادها تحت ستار الحرية التي تبيح لهم اختيار القانون الواجب التطبيق أمام هيئة التحكيم إذ يشكل اتفاق التحكيم في مثل هذا الغرض حالة من حالات الغش نحو القانون، ويجوز إبطاله لعدم مشروعية السبب، وإن كان العسير الوصول إلى هذه النتيجة من الناحية العملية لصعوبة إثبات ما تقصده النوايا[20].

الفقرة الثانية: الشروط الشكلية لانعقاد اتفاق التحكيم الإلكتروني

   تتطلب أغلب القوانين التي تنظم أحكام التحكيم سواء الوطنية أو الدولية، شكلية معينة في اتفاق التحكيم نظرا للآثار القانونية المترتبة عنه، وفي غياب نصوص قانونية خاصة بالشروط الشكلية المتطلبة في التحكيم الإلكتروني يتم إخضاعه للأحكام التي تسري على التحكيم بوجه عام.

أولا: الكتابة

يشترط في اتفاق التحكيم أن يكون مكتوبا، فالكتابة إذن هي الشرط الشكلي الواجب توافره في اتفاق التحكيم، ويتجسد المفهوم التقليدي للكتابة بأنه مجموعة من الأحرف والأرقام والرموز والإشارات التي تدل على معنى معين وتكون ثابتة على دعامة قوية تتمثل في الدعامة الورقية التي تحوي معلومات معينة وتكون ممهورة باتفاق المتعاقدين [21].

وقد أدى التطور المستمر في وسائل الاتصال إلى ضرورة إعادة النظر في المفهوم التقليدي للكتابة التي أصبحت تكتب على دعامات إلكترونية ولها نفس حجية الكتابة التقليدية [22]. وهذا ما نصت عليه المادة 1 من قانون رقم 53.05[23] وإذا كانت الكتابة الإلكترونية في إطار التعاقد الإلكتروني هي أيضا عبارة عن حروف وأرقام ورموز، وأي علامة أخرى مثبتة على دعائم إلكترونية أو رقمية أو ضوئية، أو أي وسيلة أخرى تعطي دلالة قابلة للإدراك، وهي بهذا المفهوم تحقق إلى حد التطابق المقصود من الكتابة التقليدية ولعل هذا على الأقل هو الاقتناع السائد وسط الاجتهاد الفقهي والتشريعي الذي سار في اتجاه إعطاء القوة القانونية لاتفاق التحكيم المثبتة على دعامة إلكترونية[24].

وتجدر الإشارة في هذا الصدد إلى عدم الخلط بين الكتابة والدعامة أو الركيزة التي توضع عليها الكتابة، فالدعامة هي مجرد وسيلة لاحتواء الكتابة وليس لها أثر في تحديد مفهوم الكتابة، وإغفال المشرع في تحديد نوع هذه الركيزة فإنهما يمكن أن تكون أي شيء لاحتواء الكتابة فإذا كانت الكتابة الإلكترونية، فتعد كتابة طالما تحقق الهدف المنشود منها وهو استيفاء شكل معين يسمح بتأكيد نسبة المعلومات التي تتكون منها إلى شخص معين[25]13.

وقد تبنت جميع التشريعات المنظمة للتحكيم عموما المفهوم الواسع للكتابة كالفقرة 2 من المادة 7 من القانون النموذجي للتحكيم التجاري الدولي[26]. والمادة 6 من قانون الأنيسيترال النموذجي للتجارة الإلكترونية التي تنص على أنه ” عندما يشترط القانون أن تكون المعلومة مكتوبة، تستوفي رسالة البيانات ذلك الشرط إذ تيسر الاطلاع على البيانات الواردة فيها على نحو يتيح استخدامها بالرجوع إليها لا حقا”، نفس الاتجاه سار فيه المشرع المغربي من خلال الفقرة الثانية من الفصل 313 من قانون المسطرة المدنية [27]. وتعد هذه النصوص سندا قانونيا كافيا للقول بالاعتداد بالكتابة الإلكترونية لإبرام اتفاق التحكيم الإلكتروني.

إلا أن استيفاء الكتابة الإلكترونية شرط الكتابة والاعتراف بحجيتها يتطلب توافر شروط معينة فيها، فالكتابة الإلكترونية غير ثابتة على دعامة مادية كما في الكتابة التقليدية وهذا يعني أنها تكون متاحة للاطلاع عليها مرة واحدة فقط. وتفاديا لذلك يشترط في الكتابة الإلكترونية لاتفاق التحكيم أن تكون ثابتة بحيث يمكن استخدامها والرجوع إليها فيما بعد.

فلا يكفي والحال كذلك أن يكون شرط التحكيم الإلكتروني مكتوبا وظاهرا في موقع التاجر ساعة إبرام العقد، وإنما ينبغي فوق ذلك أن تكون المعلومات الخاصة بشرط التحكيم الإلكتروني محفوظة بحيث يمكن الرجوع إليها لا حقا[28].

ثانيا: التوقيع

   لا تعد الكتابة دليلا إلا إذا كانت موقعة، فالتوقيع يعد العنصر الثاني من عناصر الدليل الكتابي المعد للإثبات، ودون التوقيع يفقد الدليل الكتابي حجيته، فالتوقيع هو الذي ينسب الورقة إلى من وقعها حتى لو كانت مكتوبة بخط غيره[29].

هذا بخصوص المحررات الورقية، لكن بعد ظهور المعاملات الإلكترونية كان لابد من اختراع تواقيع تتلاءم مع طبيعة هذه المعاملات فظهر ما يسمى بـــ ” التوقيع الإلكتروني”.

وبرجوعنا إلى القانون المغربي، تحديدا القانون رقم 53.05 المتعلق بالتبادل الإلكتروني للمعطيات القانونية – المستوحى من القوانين الإلكترونية الدولية – نجده نظم أحكام التوقيع الإلكتروني تحت اصطلاح ” التوقيع الإلكتروني المؤمن” ونص على مجموعة من الشروط التي يجب توافرها في التوقيع الإلكتروني حتى يتم الاعتداد به وذلك من خلال المادة 6[30] من القانون المذكور.

وقد ركز المشرع من خلال القانون 53.05 على التوقيع الإلكتروني باعتباره القاسم المشترك في المعاملات الإلكترونية، والذي يضفى الشرعية القانونية عليها.

ويؤدي التوقيع الإلكتروني وظائف عديدة أهمها هي التعريف بمن أبرم التصرف، وانضمام صاحب التوقيع إلى مضمون العقد والمحافظة على شمولية وحدة المضمون، وأيضا إضفاء الطابع الأصلي على الوثيقة الإلكترونية.

وتجدر الإشارة إلى أن التوقيع الإلكتروني، مثله مثل أي بيان آخر يكون موضوع معاملة إلكترونية، فإنه من السهولة الاعتداء عليه واختلاسه داخل هذا الفضاء الإلكتروني الواسع الذي لا يوحى بالثقة والاطمئنان خاصة أمام وجود محترفين في مجال اختراق الأنظمة المعلوماتية، وهو ما يطلق عليه بـ   ( الهاكر )، ويكون من اللازم البحث عن وسيلة  لحماية التوقيع وكذا أي بيان أو معلومة أخرى من هؤلاء المتجسسين أو القراصنة، لذلك عملت مختلف التشريعات كالمغرب وفرنسا ومصر على سن نظام قانوني خاص بعملية أو تقنية التشفير، حيث بواسطتها يكون من المستحيل أو من الصعب الوصول لتلك البيانات أو الاعتداء عليها، وبذلك تكون هذه الوسيلة قد وفرت نوعا من الأمن والطمأنينة بالنسبة للمتعاملين بواسطة الشبكة المعلوماتية[31].

وبعد بيان التوقيع الإلكتروني يمكن طرح السؤال التالي: هل يعتبر التوقيع شرطا لصحة اتفاق التحكيم المبرم إلكترونيا، أم أنه يقصد به وسيلة لمساعدة الأطراف على إثبات هذا الاتفاق حال إنكار أو تعنت أحد الأطراف في تنفيذ حكم التحكيم الصادر في النزاع؟

جوابا على السؤال المطروح يمكن القول أن لجوء الأطراف إلى التحكيم يعني تنازلهم عن حقهم باللجوء إلى القضاء الذي يعتبر صاحب الاختصاص الأصلي لفض المنازعات، لذلك لا بد من انصراف إرادة الأطراف إلى اتخاذ التحكيم سبيلا لذلك. وليس من طريقة أنجع من توقيع الأطراف على اتفاق التحكيم لذلك نجد أن معظم القوانين نصت على ضرورة توقيع اتفاق التحكيم.

المبحث الثاني: النظام القانوني الإجرائي للتحكيم الإلكتروني

تتميز البيئة التي يتم فيها التحكيم الإلكتروني بالافتراضية، الأمر الذي أثار ضرورة تبيان إجراءات سريان دعوى التحكيم الإلكتروني و إبراز طريقة التواصل بين الخصوم و هيئة التحكيم في عالم افتراضي (المطلب الأول)، كما يفضي مباشرة إجراءات التحكيم الإلكتروني عبر شبكة الإنترنت إلى حتمية صدور الحكم الفاصل في المنازعة إلكترونيا، الامر الذي أثار العديد من الإشكالات عند سعي ذوي الشأن إلى تنفيذ الحكم الإلكتروني (المطلب الثاني).

المطلب الأول: بدء إجراءات التحكيم الإلكتروني

لا يحتاج رفع النزاع أمام مراكز التحكيم الإلكتروني إلى مهارة معقدة في صياغة و كتابة طلب التحكيم، إذ تنظم لوائح الهيئات المختصة كيفيات بسيطة لرفع النزاع وكل الأمور الواجب مراعاتها و توافرها سواء في طلب التحكيم أو في كيفية الرد عليه من قبل المحتكم ضده (الفقرة الأولى) و تقتضي طبيعة موضوع النزاع أو ظروف و ملابسات الدعوى المعروضة على هيئة التحكيم الإلكتروني، سرعة اتخاذ بعض التدابير المؤقتة أو التحفظية أو إصدار بعض الأحكام الوقتية تجنبا لأضرار بالغة قد تلحق بأحد الخصوم نتيجة الانتظار حتى صدور الحكم التحكيمي (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: سير الدعوى التحكيمية

تمنح المراكز المتخصصة في حل المنازعات عبر الخط المتنازعين كل المعلومات التي يجب إتباعها في تقديم الطلب و كذا البيانات التي يجب ان تتوفر فيه، و حتى تتاح للمدعى عليه فرصة متكافئة للدفاع عن نفسه فإن عليه تقديم دفوعاته ابتداء من التاريخ الذي تم تبليغه بذلك، كم أنه على الهيئة التحكيمية و باتفاق مع الأطراف أن تأخذ بما يصلح من أدلة للإثبات.

أولا: تقديم الطلبات

يحتم رفع طلب التحكيم الإلكترونية إتباع إجراءات معينة إذ أنه لا يحتاج إلى مهارة معقدة في صياغة و كتابة طلب التحكيم، إذ تنظم لوائح الهيئات المختصة كيفيات بسيطة لرفع النزاع و كل الأمور الواجب مراعاتها و توافرها سواء في الطلب الذي يقدمه المدعي أو في الدفع الذي يقدمه المدعى عليه، إذ أن هذه المراكز تعد نموذجا يحتوي على فراغات يملؤها المحتكمون عند رفع النزاع.[32]

يقصد بطلب التحكيم ذلك الطلب الذي يوجهه أحد طرفي اتفاق التحكيم إلى مركز التحكيم المتفق عليه، و يخطره برغبته في رفع النزاع إلى التحكيم الإلكتروني و اتخاذ الإجراءات الازمة  لتحريكه و استكماله.[33]و بذلك يكون الأطراف أمام سلسلة من الإجراءات يتعين عليهم إتباعها إذا رغبوا في عرض النزاع على مركز التحكيم الإلكتروني، و تتجسد أول خطوة في التوجه إلى موقع مركز التحكم المعين على شبكة الانترنيت، و النقر بعدها على مفتاح إحالة النزاع، فيظهر على الشاشة نموذج طلب التحكيم المعد سلفا من من قبل مركز التحكيم، و الذي يتغير من مركز لآخر[34]، إلا أنها تشترك في العديد من البيانات  يمكن تعدادها في ما يلي:

  1. أسماء الأطراف بالكامل، و عناوينهم الإلكترونية، و تحديد وسيلة الاتصال بهم (هاتف، فاكس بريد إلكتروني)، و طبيعة عملهم.
  2. وصف لطبيعة  و ظروف النزاع، و أية حلول يراها مناسبة.
  3. الغرض من الطلب و طبيعة التسوية المطلوب إجراؤها.
  4. تحديد عدد المحكمين، و عند إغفال ذلك سيعتبر أنه قد تم اختيار محكما وحيدا للنظر في النزاع.
  5. اختيار الإجراءات المتبعة خلال نظر النزاع، و بإغفال ذلك سيعد راضيا بالإجراءات التي اعتمدها المحكم.[35]

و تجدر الإشارة إلى أن طلب التحكيم الذي يحرر على النموذج المعد لذلك متاح على المواقع الإلكترونية، حيث تقتصر مهمة المدعي على ملء الفراغات الكائنة بهذا النموذج، ثم يقوم بإرساله إلكترونيا إلى المحكمة المراد حل النزاع فيها، و إذا قدم الطلب إلى  المحكمة الافتراضية فإن سكرتارية المحكمة تقوم بنشره على موقع الدعوى عند تأكدها من صحة طلب التحكيم المقدم إليها وفقا لما يقرره نظامها من شروط.

أما فيما يخص طلب التحكيم في إطار نظام التحكيم السريع على مستوى OMPI، فإنه على خلاف التنظيمات الذاتية للتحكيم الإلكتروني إذ أن المادة 6 منه تلزم طالب التحكيم بتقديم طلبه إلى المركز و إلى الأطراف الأخرى في نفس الوقت، و يقع على عاتق المركز إخطار كل من طالب التحكيم و المدعى عليه باستلام طلب التحكيم و كذا التاريخ الذي بدأت فيه إجراءات التحكيم[36].

ثانيا: الإستدعاءات والتبليغات

إن التبليغ بطريقة الكترونية يمكن أن تكون بواسطة فاكس أو بريد الكتروني أو برقية او اية وسيلة أخرى من شأنها ان تسفر عن دليل خطي يؤكد أن الإرسال قد تم فعلا، و الغاية هي إخطار الأطراف بمواعيد الجلسات و احترام مبدأ المواجهة و المساواة بين الخصوم.

و بخصوص التبليغات و تحديد المواعيد يثور التساؤل حول نوع التوقيت الذي تحدد به المواعيد يثور التساؤل حول نوع التوقيت الذي تحدد به المواعيد الإجرائية التي قد تحددها هيئة التحكيم أثناء سير إجراءات التحكيم[37].

من المعلوم أن التوقيت تختلف من دولة لأخرى، حيث إن الاختلاف في التوقيت بين الدول قد يصل إلى ست ساعات كاملة كما هو الحال مثلا بين التوقيت في المغرب و الوقيت في الولايات المتحدة الامريكية، فما التوقيت الذي تحدد به مواعيد الإجراءات و جلسات التحكيم الإلكتروني؟

يرى البعض أنه لحل هذه المشكلة لابد من اعتماد توقيت عالمي موحد يتم تحديد مواعيد الجلسات و إجراءات التحكيم الإلكتروني من خلال و هو توقيت جرينيتش، ونؤيد هذا الرأي لأنه يمثل الحل الأمثل الذي يمكن الوصول إليه لوضع توقيت واحد و ثابت تتحدد به المواعيد عند السير في إجراءات التحكيم الإلكتروني[38].

الفقرة الثانية: دعوى التحكيم الإلكتروني و اتخاذ التدابير الوقتية و التحفظية

تنبع خصوصية التحكيم الإلكتروني من إتمام كل إجراءاته على الخط و ذلك عن طريق مختلف الوسائل الفنية و الاتصالات التي تتيحها شبكة الإنترنيت من إمكانية تبادل المذكرات و الدلائل عبر الخط، كما تتيح تبادل الصوت و الصورة و النصوص بشكل متزامن بين الأطراف، و كذلك اتخاذ ما تراه من تدابير وقتية و تحفظية.

أولا: جلسة دعوى التحكيم الإلكتروني

تتجلى خصوصية التحكيم الإلكتروني في إبراز كيفية انعقاد هذه الجلسة عبر الخط و هو ما سنحاول تبيانه.

قبل التطرق إلى كيفية تبادل المذكرات  و الدلائل عبر شبكة الإنترنيت، لابد من البحث حول مدى إقرار التشريعات الذاتية للتحكيم لفكرة تقديم المستندات عبر الوسائل الإلكترونية.

  1. مدى إقرار تبادل المذكرات و الدلائل عبر الخط

تعتد التنظيمات الذاتية للتحكيم الإلكتروني صراحة بقبول تبادل البلاغات و المستندات عبر الوسائل الإلكترونية، فنجد المادة 2/4 من نظام المحكمة الافتراضية صريحة في قبولها للأدلة الإلكترونية بنصها على أنه يتعين على الأطراف و السكرتارية و محكمة التحكيم إرسال البلاغات المكتوبة و الاخطارات بالبريد على موقع القضية.

إنشاء موقع إلكتروني للقضية: يعد إنشاء موقع إلكتروني لكل قضية إجراء جوهريا تحث عليه  مختلف التنظيمات الذاتية للتحكيم الإلكتروني لما فيه من أهمية بالغة لتسهيل اجراءات التحكيم، و لقد اعتبر البعض أن موقع القضية تقابله مصلحة كتابة الضبط لدى المحكمة بالنسبة للقضايا التي تنظر أمام القضاء الرسمي.

و الهدف من انشائه هو تمكين المحتكمين من إيداع و تقديم ما يريدون من مستندات و دلائل ووضعها تحت بصر هيئة التحكيم الإلكتروني، كما يمكن هذا النظام من استلام المستندات في أي وقت يوميا حتى في أيام الإجازات و العطلات الرسمية طوال 24 ساعة و من أي مكان.

البريد الإلكتروني: اعتبرت العديد من القوانين و الاتفاقيات الدولية المنظمة للتحكيم أن تبادل الرسائل و المستندات وسيلة كافية يمكن للأطراف من خلالها التعبير عن رغباتهم و بذلك تبادل المذكرات و المستندات الخاصة بالتحكيم الإلكتروني.

تنظيم جلسات الاستماع إلكترونيا هو أمر ممكن من الناحية الفنية، حيث أن تقنية و غيرها من تقنيات البث الحي للصوت و الصورة المتوفرة على شبكة الإنترنيت، تتيح لهيئة و أطراف التحكيم الإلكتروني إمكانية إنشاء بيئة تفاعلية على الشبكة لدعواتهم التحكيمية، بحيث يستطيعون من خلالها مشاهدة حية لبعضهم البعض، تماما كما هو الحال في الدعاوي التحكيمية التقليدية، و لكن دون حضور مادي لهم في مكان واحد[39].

ثانيا: اتخاذ التدابير الوقتية و التحفظية

لم تخرج التنظيمات الذاتية للتحكيم الإلكتروني عن ما هو معمول به في إطار التحكيم التقليدي، بالرجوع إلى لائحة المحكمة الافتراضية و التي تقر في المادة 18 /1 منها اختصاص محكمة التحكيم في اتخاذ التدابير المؤقتة التي تراها مناسبة بالنظر إلى المنازعة المعروضة أمامها، و تضيف الفقرة الثانية من ذات المادة أنه يحق لأي طرف من أطراف المنازعة طلب اتخاذ تدابير مؤقتة من محكمة وطنية، و لا يعد هذا الطلب بمثابة تنازل أو انتهاك لاتفاق التحكيم.[40]

 توافق صياغة المادة 18 من لائحة المحكمة الإلكترونية ما هو منصوص عليه في إطار قانون الاونيسترال النموذجي للتحكيم التجاري  الدولي لعام 1985 مع تعديلات 2006 (المواد 9 و 17)، وكذا قانون التحكيم بصيغته المنقحة لعام 2010 و هذا ما يوحي أن التحكيم الإلكتروني يقر بصفة صريحة نظام التدابير المؤقتة.

و ذلك ما كرسه التحكيم السريع في المادة 40 من منه، إذ تقر الفقرة الأولى منها على صلاحية هيئة التحكيم في اتخاذ تدابير مؤقتة و التي تراها بناء على طلب أحد الأطراف، كالأمر بالتحفظ على البضائع محل المنازعة أو وضعت تحت يد شخص ثالث محايد، كما يحق لمحكمة التحكيم تعليق هذه التحفظات على شرط تقديم ضمانات مناسبة من طالب التدبير[41].

أضافت الفقرة الثالثة من ذات المادة أن هذه التدابير و الاوامر يمكن أن تأخذ شكل حكم مؤقت او تمهيدي، و تضيف الفقرة  الأخيرة أن لجوء أحد الأطراف إلى السلطات القضائية من أجل طلب إتخاذ أو تنفيذ تدابير مؤقتة، لا يعتبر متناقضا مع اتفاق التحكيم أو تنازلا عن هذا الأخير[42].

المطلب الثاني : حكم التحكيم الإلكتروني

بعد منح كافة أطراف النزاع الفرصة الكاملة لإبداء دفاعهم وتقديم حجهم، تقوم التكيم الالكتروني بقفل المرافعة تمهيدا لإصدار الحكم للتحكيم الذي توصلت إليه بعد المداولة بين جميع أعضاء هيئة التحكيم الإلكتروني لإصدار الحكم التحكيمي المنهي للمنازعة الإلكترونية، إلا أنه يتطلب لإصدار العديد من الشروط الواجب توفرها حتى يتوفر على المشروعية،  وليكون صدوره صدورا صحيحا، بحيث يمر بمجموعة من الإجراءات التي تسبقه ( الفقرة الأولى) ليصبح الحكم التحكيمي جاهزا وصحيحا لكي ننتقل إلى مرحلة تنفيذه ( الفقرة الثانية ).

الفقرة الأولى: إجراءات صدور الحكم التحكيمي الإلكتروني

يتطلب إصدار الحكم التحكيمي إعداده وفق مجموعة من الإجراءات (أولا) كما يجب أن يتوفر على شروط شكلية معينة (ثانيا).

أولا : إعداد الحكم التحكيمي الإلكتروني

في إطار مرحلة إعداد الحكم التطبيقي الإلكتروني، نجد أنه يتميز بقواعد خاصة، منها ما يتعلق بمعيار صدور هذا الحكم الإلكتروني (أ) ومنها الاختلاف الذي يكمن في إجراءات المداولة،  إذن أن الحكم التحكيمي الإلكتروني تختلف إجراءات مداولاته عن إجراءات التحكيم التقليدي وعن القضاء أيضا، لأن المداولة في التحكيم الإلكتروني تتم بشكل إلكتروني[43] (ب).

وفقا للقواعد وأنظمة ولوائح مراكز وهيئات التحكيم الإلكتروني، فإنه يتم النص فيها على ميعاد إصدار حكم التحكيم الإلكتروني بالأيام أو الساعات، على خلاف التحكيم التقليدي فهو بحسب بالشهور أو بالأيام، لما يمتاز به التحكيم الإلكتروني من سرعة عبر شبكة الإنترنت، فطبقا لنظام القاضي الافتراضي يصدر المحكم قراره الفاصل في الموضوع خلال 72 ساعة من تاريخ تقديم طلب التحكيم، وطبقا لأحكام اللائحة الموحدة لهيئة الأيكان، فتصدر هيئة التحكيم قرارها في مدة لا تقل عن خمسة وأربعين يوما و لا تزيد عن خمسين يوما ووفقا لنظام مركز التسوية الإلكترونية بكندا تصدر محكمة التحكيم قرارها الفاصل في النزاع خلال خمسة وثلاثين يوما من تاريخ انتهاء إجراءات التحكيم.[44]

تختلف إجراءات المداولة في التحكيم الإلكتروني عما تمر به في المداولة في التحكيم العادي، إلا من خلال القضاء الإلكتروني الذي تتم فيه تلك المداولة المتعلقة بالتحكيم الإلكتروني، ويقصد بالمداولة بصفة عامة تبادل الرأي بين المحكمين بهدف التوصل لإصدار الحكم، وهي عبارة عن مناقشة تتم بين أعضاء هيئة التحكيم، ويمكن أن تتكون هيئة التكريم من محكمين موجودين في دول مختلفة، والنصوص المنظمة لقانون التحكيم لا تشترط شكلا معينا للمداولة وهذا ما تجسده الممارسة التحكيمية بإجراء المداولة بالتلفون والفاكس، وبالتالي لا تستبعد المداولة الالكترونية.[45]

ثانيا : الشروط الشكلية لحكم التحكيم الإلكتروني.

يشترط لصحة الحكم التحكيمي الالكتروني، توفر العديد من الشروط الشكلية، والتي من دونها يكون معرضا للبطلان ومن بين هذه الشروط ما فرضه المشرع من ضرورة إفراغ حكم التحكيم في شكل معين (أ) ناهيك عما يحتاجه هذا الحكم من تبليغ للطرف من أجل الاعتداد به (ب).

في التحكيم الإلكتروني يصدر حكم التحكيم الالكتروني بنفس الطريقة التي تمت بها إجراءاته، وعليه فإن كتابة حكم التحكيم والتوقيع عليه يكون أيضا بشكل إلكتروني.

وما تبغي الإشارة إليه أن الاعتراف بصحة التوقيع الإلكتروني قد عرف انتشارا واسعا بين الأنظمة التشريعية ومن بينها المشرع المغربي الذي اعترفوا بجواز التوقيع ووضع مجموعة من الشروط حتى يقوم صحيحا، وذلك من خلال المادة 6 من القانون 53.05،  وهذا الاعتراف الواسع راجع إلى تطور التجارة الإلكترونية والتي فرضت على التشريعات ضرورة مواكبتها، بالإضافة إلى ما يجب أن يتوفر في الحكم التحكيمي من بيانات تعتبر لازمة لانقاد، من أسباب  البطلان.[46]

ب – تبليغ الحكم :

إنه لمن الضروري أن يتم تبليغ الأطراف بالحكم التحكيمي الحاسم للمنازعة الالكترونية بينهما وهنا يطرح السؤال: هل يتم تبليغه للأطراف بشكل إلكتروني أم يتم بشكل عادي؟ وإحاجة على هذا التساؤل نرجع إلى المادة 3/2 من نظام التحكيم السريع الخاصة بالمراسلات الكتابية والإخطارات، والتي تقر أن هذه الأخيرة يمكن أن تتم بأية وسيلة من وسائل الاتصالات عن بعد تسمح بإقامة، دليل على الإرسال الأمر الذي يوحي أن تبليغ الحكم الالكتروني يتم عن طريق البريد الإلكتروني.[47]

الفقرة الثانية: تنفيذ الحكم التحكيمي الإلكتروني

بعد صدور الحكم التحكيم الفاصل بين أطراف النزاع الإلكتروني، تأتي مرحلة تنفيذ الحكم الصادر عن محكمة التحكيم دون تأخير، ومع ذلك قد يكزن من الطرف الخاسر سيء النية ويرفض الحكم، مما يجعل الطرف المستفيد من الحكم اللجوء إلى القضاء الوطني الدولة التنفيذ لطلب تنفيذ هذا الحكم، مما يدفعنا إلى الحديث إلى نوعين من التنفيذ، تنفيذ الحكم وفق اتفاقية نيويورك لسنة 1958 (أولا) أو تنفيذ الحكم الالكتروني بشكل تلقائي (ثانيا).

أولا : تنفيذ الحكم التحكيمي الإلكتروني وفق اتفاقية نيويورك لسنة 1958

لقد جاءت اتفاقية نيويورك بمجموعة من الشروط لأجل تنفيذ الحكم التحكيمي في الحالة التي يكون أجنبيا على أحد أطرافه أو هما معا، لذلك فإن تنفيذ، يجب أن يأتي موافقا لما أتت به بالاتفاقية، وبالرجوع إلى هذه الأخيرة نجد أنها تشترط حسب المادة 4 و 5 منها ما يلي :

حسب الاتفاقية فإن تقديم الأمر بالتنفيذ يكون مشفوعا بأصل الحكم التطبيقي أو صورة من الأصل، تجمع الشروط المطلوبة لرمية السند، وأيضا تقديم أصل اتفاق التحكيم وفي ظل هذه الشروط المفروضة من قبل اتفاقية نيويورك فإن الأصل في تنفيذ الحكم التحكيمي هو الرضائية، لكن تحسبا لأي سوء نية من الطرف المنفذ عليه، قد وجدت هذه الإمكانية حتى يستفيد صاحب الحق من حقه، لذلك خضعت اتفاقية نيويورك هذه الشروط لتيسير طلب التنفيذ إذ أن الاتفاقية قد افترضت أن مجرد صدور حكم التحكيم قرينة على صحته، ولذلك تكتفي الاتفاقية من طالب التنفيذ أن يرفق طلبه بأصل اتفاق التحكيم مع شرط ترجمتها إلى لغة الدولة المطلوب التنفيذ فيها إذا كانت إحدى من هاتين الوثيقتين بلغة غير لغتها.[48]

نجد أن المادة الخامسة من الاتفاقية والتي جعلت الأصل هو قابلية الحكم للتنفيذ متنى توفرت جميع شروط صحة، بمجرد تقديم وثيقة الحكم ووثيقة اتفاق التحكيم على النحو المبين في المادة الرابعة، وجعلت رفض الاعتراف بالحكم وتنفيذ، هو الاستثناء عن الأصل،[49] وأوجه البطلان المحددة، في المادة الخامسة من الاتفاقية هي واردة على سبيل الحصر لا المثال بهدف الحد من كثرت حالات رفض التنفيذ.[50]

ثانيا:  التنفيذ لحكم التحكيم الإلكتروني :

يقتضي تنفيذ حكم التحكيم الالكتروني إيجاد وسائل خاصة تتلاءم مع هذا النوع من المجالات، إذ لا ينبغي التنفيذ أمام القضاء الوطني للدول، ويرجع ذلك إلى أن أحكام التنفيذ تحدد مدى سلامة إجراءات التحكيم الإلكتروني وفقا لقواعد للقانون وطني، سواء كان هذا القانون هو المختار عن الأطراف لحكم الإجراءات، أو كان مقر دولة مقر التحكيم، وفي الحالتين قد لا تتناسب هذه القوانين الوطنية مع الإجراءات الإلكترونية فقد لا تعترف هذه القوانين بصحة الكثير من إجراءات التحكيم الإلكتروني، وهو ما يؤدي في النهاية إلى تعطيل فعالية أحكام التحكيم الإلكتروني[51].

مما استدعى البحث عن الوسائل المناسبة لتنفيذ هذه الأحكام الالكترونية والتي من شأنها أن تجعل الطرف الخاسر يطيع الحكم التحكيمي الإلكتروني الصادر لصالح الطرف الآخر، وهذه الآليات أو الوسائل التي من شأنها تمكسين الطرف الرابح من الحصول على حقه وتنقسم هذه الوسائل التنفيذ غير المباشرة تتمثل في تهديد بسحب علامة الثقة والتهديد بنظام إدارة السمعة على الانترنت أو الطرد عن الأسواق الإلكترونية أو اللجوء إلى نظام الغرامة التهديدية، وكذلك التنفيذ بوسائل مباشرة من خلال إيداع ضمان مالي معلق أو التنفيذ التلقائي الإلكتروني.[52]

  خاتمــــة:    

       يتبين من خلال ما مر معنا في أطوار هذا العرض أن التحكيم الإلكتروني لم يستأثر باهتمام المشرع المغربي مما يضطر الباحث إلى الاستنجاد بقواعد التحكيم  العادي ومواءمتها مع متطلبات التجارة الإلكترونية.

        وفي السياق ذاته نستشف أن التحكيم الإلكتروني يشكل أهم أدوات إنهاء الخصومة بين الأطراف لما ينطوي عليه من مميزات يأتي في طليعتها السرعة والابتعاد عن المسطرة القضائية العادية التي غالبا ما تتسم بالبطيء النسبي.  ويخضع التحكيم لإرادة الأطراف في اللجوء إليه إلا أنه يضمن في العقد الإلكتروني شرط التحكيم على حين غرة من أحد أطراف العلاقة التعاقدية مما يطرح إشكالية الفراغ التشريعي الكبير في تنظيم التحكيم الإلكتروني من طرف المشرع المغربي.

      وبناء على هذا الأساس نهيب المشرع ببعض المقترحات التي نقدر أنها ضرورية لتجاوز جملة من الإشكالات المطروحة في ميدان التعاقد والتحكيم الإلكتروني من قبيل:

      – سن المشرع نظاما قانونيا خاصا بالتحكيم الإلكتروني وإضافة إلى قانون 53.05 المتعلق بالتبادل الإلكتروني  للمعطيات القانونية.

     – ضرورة تبسيط المساطر في التحكيم الإلكتروني بغرض فض المنازعات على جناح السرعة.

     – توعية أطراف معاملات التجارة الإلكترونية بأهمية التحكيم،  ووضع ضمانات قانونية تيسر طرق باب التحكيم الإلكتروني.

    – تكوين المحكمين ليكونوا على دراية تامة بالمنازعات المتعلقة بالتجارة الإلكترونية حتى يتمكنوا من أداء دورهم على الوجه الأكمل.


[1]  يونس توفبق، التحكيم في منازعة العقود الإلكترونية، بحث لنيل دبلوم الماستر، شعبة القانون الخاص، تخصص قانون الأعمال، جامعة عبد المالك  السعدي، الكلية المتعددة التخصصات تطوان، السنة الجامعية 2015/2016،الصفحة 5.

[2]  خالد أيت سليمان،  التحكيم الإلكتروني  ودوره في حل منازعات التجارة الإلكترونية، رسالة لنيل ماستر متخصص في الاستشارة القانونية جامعة محمد الخامس السويسي، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية سلا، الموسم الجامعي 2012_2013، ص 6.

[3]  كريم بوديسة،  التحكيم الإلكتروني كوسيلة لتسوية منازعات عقود التجارة الإلكترونية، مذكرة لنيل شهادة الماجستير في القانون تخصص قانون التعاون الدولي، جامعة مولود معمري_ تزي وزو _ كلية الحقوق والعلوم السياسية، سنة 2012، ص 9 و 10

[4] حسام أسامة أحمد، الاختصاص الدولي للمحاكم وهيئات التحكيم في منازعات التجارة الإلكترونية، دار الجامعة الجديدة، مصر 2009 ص، 177.

[5] ناصر حمودي،  النظام القانوني لعقد البيع الدولي الإلكتروني المبرم عبر الانترنيت، أطروحة لنيل درجة دكتوراه في القانون، كلية الحقوق، جامعة  مولود معمري، تيزي وزو، سنة 2009،ص 474.

 كريم بوديسة، مرجع سابق، ص 12. [6]

 ابراهم خالد ممدوح، التحكيم الإلكتروني في عقود التجارة الدولية، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية، طبعة 2008،   ص 216.[7]

 خالد أيت سليمان،  مرجع سابق، ص 37-38. [8]

 أحمد أبو الوفاء،  التحكيم الاختيارية والاجباري، منشأة المعارف الإسكندرية، الطبعة الخامسة، ص 16.[9]

 اأشرف عبد المنعم الرفاعي،  اتفاق التحكيم والمشكلات العملية والقانونية في العلاقات الدولية الخاصة، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية [10]

2003، ص17.

 خالد أيت سليمان،  مرجع سابق، ص 14-15.[11]

 [12] فوزية الرامي، التحكيم الإلكتروني في عقود التجارة الإلكترونية، رسالة لنيل الماستر في القانون الخاص، جامعة القاضي عياض كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، مراكش، السنة الجامعية 2012/2013.

 هشام البخفاوي، التحكيم الإلكتروني، أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه، جامعة الحسن الأول، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية[13] سطات، السنة الجامعية 2012/ 2013،  ص 178

بوديسة كريم، التحكيم الإلكتروني كوسيلة لتسوية منازعات عقود التجارة الإلكترونية، مذكرة لنيل شهادة الماجستير في القانون، تخصص قانون [14]

التعاون الدولي، جامعة مولود معمري ــ تيزي وزو، كلية الحقوق والعلوم السياسية، السنة الجامعية 2012/06/20.  ص44.

 فوزية الرامي، مرجع سابق، ص 90.[15]

من ذلك مثلا التوجيه الأوروبي بشأن حماية المستهلك في التعاقد عن بعد الصادر بتاريخ 20 ماي 1997، والمادة 12 الفقرة الأولى من القانون[16]

الدولي الخاص السويسري لعام 1987.

  خالد أيت سليمان، مرجع سابق، ص 49. [18]

 ينص الفصل 63 من قانون الالتزامات والعقود على ما يلي : ” يفترض في كل التزام أن له سببا حقيقيا ومشروعا ولو لم يذكر”.[19].

 فوزية الرامي، مرجع سابق، ص 93.[20]  

 بوديسة كريم، مرجع سابق، ص 58[21]  

 تنص المادة 1 على أنه ” يحدد هذا القانون النظام المطبق على المعطيات القانونية التي يتم تبادلها بطريقة إلكترونية وعلى المعادلة بين الوثائق[22]  المحررة على الورق وتلك المعدة على دعامة إلكترونية وعلى التوقيع الإلكتروني”.

[23] القانون رقم 53.05 المتعلق بالتبادل الإلكتروني للمعطيات القانونية الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.07.129 صادر في 19 من القعدة 1428 (30 نوفمبر 2007). الجريدة الرسمية عدد 5584 بتاريخ 25 ذو القعدة 1428 ( 6 ديسمبر 2007)، ص 3879

[24]  مولاي حفيظ علوي قاديري، طرق فض المنازعات في التجارة الإلكترونية والوسائل البديلة لها ــ دراسة مقارنة، أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق شعبة القانون الخاص، وحدة البحث والتكوين في قانون الأعمال، جامعة محمد الخامس، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية الرباط، أكدال،  السنة الجامعية 2011/ 2012

[25]  فوزية الرامي، مرجع سابق ص 82.[25]  

 تنص الفقرة الثانية من المادة 7 من القانون النموذجي للتحكيم التجاري الدولي على ما يلي: ” أن يكون اتفاق التحكيم مكتوبا ويعتبر الاتفاق[26]

مكتوبا إذا ورد في وثيقة موقعة من الطرفين أو في تبادل رسائل أو تلكسات أو برقيات أو غيرها من وسائل الاتصال السلكي أو اللاسلكي لتكون بمثابة  سجل الاتفاق، أو تبادل المطالبة والدفاع التي يدعي فيها أحد الأطراف وجود اتفاق ولا ينكره الطرف الآخر، وتعتبر الإشارة عقد ما إلى مستند على شرط التحكيم بمثابة اتفاق تحكيم شريطة أن يكون الاتفاق مكتوبا، وأن تكون الإشارة قد وردت بحيث تجعل ذلك الشرط جزءا من العقد”

 تنص الفقرة2 من الفصل 313 من م.م على ما يلي: ” يعتبر اتفاق التحكيم مبرما كتابة إذا ورد في وثيقة موقعة من الأطراف أو في وسائل[27]

متبادلة أو اتصال بالتلكس أو برقيات أو أية وسيلة أخرى من وسائل الاتصال والتي تعد بمثابة الاتفاق تثبت وجوده أو حتى بتبادل مذكرات الطلب أو الدفاع التي يدعي فيها أحد الطرفين بوجود اتفاق تحكيم دون أن ينازعه الطرف الآخر”.

 خالد آيت سليمان. م.س. ص 57.[28]  

 زينب بنعومر، الحجية القانونية للمستندات الإلكترونية، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص، قانون الأعمال، جامعة القاضي عياض،[29]

كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، مراكش، السنة الجامعية 2010 / 2009. ص 107

 تنص المادة 6 من القانون 05_53 على ما يلي:” يجب أن يستوفي التوقيع الإلكتروني المؤمن، المنصوص عليه في الفصل 3_417 من [30]

الظهير الشريف المعتبر بمثابة قانون الالتزامات والعقود، الشروط التالية:

ــ أن يكون خاص بالموقع

ــ أن يتم إنشاؤه برسائل يمكن للموقع الاحتفاظ بها تحت مراقبة الخاصة بصفة حصرية

– أن يضمن وجود ارتباط بالوثيقة المتصلة به بكيفية تؤدي إلى الكشف أي تغيير لا حق أدخل عليها.

ــ يجب أن يوضع التوقيع بواسطة آلية لإنشاء التوقيع الإلكتروني، وتكون صلاحيتها مثبتة بشهادة للمطالبة 

ــ يتعين أن يشار إلى معطيات التحقق من التوقيع الإلكتروني المؤمن في الشهادة الإلكترونية المنصوص عليها في المادة 10 من هذا القانون.

 العربي جنان، الأنظمة المعلوماتية والانترنيت بين التنظيم القانوني وأحكام المسؤولية النظرية والتأصيل، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون[31]

جامعة القاضي عياض، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، مراكش، السنة الجامعية 2010/ 2009. ص286.

[32] فوزية الرامي، م س، ص122

[33] خالد ايت سليمان، م س، ص 74

[34] بوديسة كريم، م س، ص 112

[35]  انظر موقع المحكمة الفضائية (www.cybertribunal.org

[36]  هشام البخفاوي، م س، ص 124

[37]  فوزية الرامي، م س، ص 127

[38]  محمود محمد جبران، التحكيم الإلكتروني كوسيلة لحل منازعات التجارة الإلكترونية، رسالة لنيل دبلوم الماجستير في القانون الخاص، جامعة الشرق الأوسط الاردن، 2009، ص 133.

[39]  فوزية الرامين م س، ص 137

[40]  فوزية الرامي، م س، ص 137

[41]  بوديسة كريم، م س، ص 148

[42]  خالد ايت سليمان، م س، ص 110

[43] أسعد فاضل منديل، أحكام عقد التحكيم وإجراءاته، درامة مقارنة، منشورات زين الحقوقية دار نيبور العراق، الطبعة الأولى، 2013،  ص 201.

[44] خيري عبد الفتاح السيد البتانوني، فض المنازعات بالتحكيم الإلكتروني عبر وسائل الاتصال الالكتروني، دار النهضة العربية القاهرة، دون ذكر الطبعة، الطبعة الثانية، 2012 ص 166.

[45] ابراهيم أحمد سعيد زمزري، القانون الواجب التطبيق في منازعات عقود التجارة الإلكترونية دراسة مقارنة، رسالة للحصول على درجة الدكتوراه، جامعة عين الشمس مصر، السنة 2006 ص 369.

[46] خالد ايت سليمان التحكيم الالكتروني ودوره في حل  منازعات التجارة الإلكترونية، رسالة لنيل شهادة ماستر متخصص في الاستشارة القانونية، جامعة محمد  الخامس الرباط، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية سلا، السنة الجامعية 2012/2013 ص: 116.

[47] عصام عبد الفتاح مطر، التحكيم الالكتروني، ماهيته، إجراءاته واليك في تمويه منازعات التجارة الالكترونية العلامة التجارية، الملكية الفكرية، دار الجماعة الجديدة، الإسكندرية 2009 ص 485.

[48] عصام عبد الفتاح، التحكيم الإلكتروني ماهيته، إجراءاته، آلياته في تسوية منازعات التجارة الالكترونية، العلامات التجارية، حقوق الملكية الفكرية، م س : ص  488.

[49] كريم بوديسة، التحكيم الالكتروني كوسيلة لتسوية منازعات عقود التجارة الدولية، مذكرة لنيل الماجستير في القانون، جامعة مولود معمبر إلى يتزي، وزو لسنة 2012، الجزائر، ص 175.

[50]  المادة 5 من اتفاقية نيويورك لسنة 1958 حددت حالات البطلان فيما يلي:

  1. لا يجوز رفض الاعتراف وتنفيذ الحكم بناءا على طلب الخصم الذي يحتج عليه بالحكم إذا قدم هذا الخم للسلطة المختصة في البلد المطلوب إليها الاعتراف والتنفيذ الدليل على : أن أطراف اتفاق…

[51] فوزية الرامي، التحكيم الالكتروني، في عقود التجارة الالكترونية رسالة لنيل الماستر في القانون الخاص، جامعة القاضي عياض كلية العلوم الاقتصادية والاجتماعية، مراكش، السنة الجامعية 2012 – 2013 ص 164.

[52] عصام عبد الفتاح مطر، التحكيم الإلكتروني وماهيته العلامات التجارية وحقوق الملكية الفكرية، م س،  ص 489.

Exit mobile version