يقدم لكم موقع أنفاس قانونية رسالة بعنوان ” الاختصاص العالمي للمحاكم الجنائية الوطنية”
مقدمة
يعد السلام العالمي من أهم الأهداف التي يحرص القانون الجنائي الدولي على تحقيقها، فقد أظهر التاريخ منذ الأزل معاناة البشرية من ويلات الحروب عبر مختلف مراحل الحضارة الإنسانية بداية من شكلها البدائي ومرورا بالحربين العالميتين حيث سجل المؤرخون جرائم ومجازر كان ضحيتها الجنس البشري، لذلك كانت المساعي والجهود تبذل منذ ذلك الوقت إلى حد اليوم لوضع حدود تقف عندها هذه النزاعات التي تصل إلى حد إبادة الجنس البشري.
فالمجتمع الدولي يمر بمنعطف مهم جدا، باتت فيه مفاهيم حقوق الإنسان أحد المعايير المهمة لقياس مدى تطور الأمم والشعوب، بحيث أخذت الدول الحديثة تنهض على العدل واحترام حقوق الإنسان، وقد بذل المجتمع الدولي جهودا كبيرة لتوسيع آليات ملاحقة مرتكبي الجرائم الدولية من أجل حماية مصالحه وقيمه الإنسانية وكرامة الإنسان وتحقيق الإحساس بالعدالة، فبدأ التضامن الدولي في مواجهة تلك الجرائم بتشكيل لجان دولية ومحاكمات عن طريق محاكم خاصة مؤقتة، والتي تعتبر أحد أهم المظاهر الأساسية لتطور القانون الدولي خلال العقود الخمس الأخيرة، خاصة ما يرتبط منه بالقضاء الدولي الجنائي.
في ظل تطور القانون الدولي، أصبح هذا الأخير يسمح بل ويقتضي مساءلة جميع الأفراد الذين ارتكبوا مخالفات جسيمة بخرقهم للقانون الدولي الإنساني، وذلك على أساس المسؤولية الجنائية الشخصية من خلال محكمة نومبرج، التي تمثل حجر الزاوية في التطور الذي عرفته قواعد القانون الدولي، بفضل تجربة القضاء الدولي الذي دشنته تلك المحكمة.
لقد كان ذلك دافعا لمنظمة الأمم المتحدة في استلهام المبادئ التي قامت عليها هذه المحكمة والأحكام والقرارات الصادرة عنها لتطوير القانون الدولي، بحيث قامت لجنة القانون الدولي التابعة للأمم المتحدة بطلب من الجمعية العامة سنة 1950، بصياغة المبادئ التي تضمنها نظام المحكمة العسكرية الدولية الخاصة، وفي نفس الاتجاه اهتمت الأمم المتحدة بمبادئ التعاون الدولي المتعلقة بمتابعة وتسليم ومحاكمة الأشخاص المتهمين بارتكاب جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، وفي سنة 1973، تبنت الجمعية العامة تسعة مبادئ في هذا الإطار .
نتيجة لذلك، تم إحداث ما يشبه قطيعة مع مرتكزات القانون الدولي التقليدي، ليحل محله قانون دولي جديد يقوم على عدة مبادئ أساسية، وممارسة دولية جديدة لعل من أبرزها التشديد على ضرورة متابعة ومعاقبة المسؤولين عن ارتكاب الجرائم الدولية.
وتجلى ذلك بوضوح في التسعينات من القرن الماضي الذي شهد إقامة محكمتين جنائيتين دوليتين، لقد شكلت هاتان المحكمتان مثالا حيا للتطور الذي أحدثته تجربة محكمة نومبرج في مجال القانون الدولي، بحيث أصبح لهذا القضاء مؤسسات خاصة وفاعلة على الساحة الدولية.
وكانت السمة الغالبة لتلك المحاكمات هي عدم استئثار أية دولة ببسط ولايتها القضائية الوطنية لمباشرة اختصاصات سيادتها على الجرائم التي ارتكبت، بل كان قرار المحاكمة ذاته لا تنفرد به دولة معينة ولكن يتم من خلال اتفاقية دولية أو اتفاقية قاصرة على دول الحلفاء المنتصرة خلال الحرب، أو بقرار من مجلس الأمن لمحاكمة مجرمي الحرب. وقد أعطت النظم الأساسية لهذه المحاكم الأولوية لاختصاصها على اختصاص المحاكم الوطنية، فلم تكن تقبل كمبدأ عام للاختصاص المتوازي في المحاكمة بين الولاية القضائية الجنائية الوطنية والمحكمة الدولية الجنائية، بل إنه على العكس من ذلك كانت تكرس هيمنة المحكمة الدولية على المحاكم الوطنية.
ولم تساهم المحاكم المؤقتة في التخفيف من حدة المخالفات الجسيمة لمبادئ وقواعد القانون الدولي الإنساني، بالرغم من أنها تمتاز ببعض الإيجابيات، إلا أنها تبقى عدالة مؤقتة ترتبط بظروف إنشائها وتختص في جرائم معينة وتزول ولايتها بعد انتهاء مهمتها، وهذا وضع منتقد من جميع الوجوه، إذ لا يجوز من وجهة العدالة الجنائية إنشاء محكمة تنظر في جرائم وقعت قبل نشأتها، كما أن تحديد مهمتها بجرائم دولية معينة ارتكبت في فترة زمنية محددة يؤدي إلى عدم معاقبة كل الجرائم الدولية، وإلى جعل العدالة الدولية الجنائية عدالة انتقالية ومتحيزة.
أنشأت المحكمة الجنائية الدولية، وتم اعتماد نظامها الأساسي في روما بتاريخ 17 يوليو 1998، ودخلت حيز التنفيذ في 01 يوليوز 2002، بعد اكتمال المصادقات المطلوبة، وتختص هذه المحكمة بالجرائم الأكثر خطورة التي تمس كيان المجتمع الدولي والمحددة على سبيل الحصر، وهي : جرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب وجريمة العدوان، إلا أن هذا الاختصاص لا يشمل الجرائم المرتكبة قبل دخول نظامها الأساسي حيز التنفيذ، إضافة إلى التأثير السلبي فيما بين المحكمة ومجلس الأمن وارتباطها بالأهواء السياسية.
مما يجعلنا نتساءل حول إمكانية قيام المحكمة الجنائية الدولية بمتابعة وإدانة أحد مسؤولي أو قادة الدول الكبرى؟
وعندما كانت الإجابة بالنفي تفرض نفسها، فإن ذلك يتطلب من الدول وضع قواعد جديدة بعيدة عن الأهواء السياسية والثغرات القانونية، تهدف إلى تحقيق العدالة الجنائية الدولية، وعدم إفلات مرتكبي الجرائم الدولية من العقاب، وهو ما يمكن تحقيقه بواسطة اعتناق الدول لمبدأ الاختصاص الجنائي العالمي في تشريعاتها الوطنية.
ووفقا للقواعد العامة، ينعقد الاختصاص الجنائي للمحاكم الوطنية إذا توافر ضابط يربط الجريمة أو مرتكبيها أو الضحية بالدولة التي ينتمي إليها قضاء الحكم، وتتفق التشريعات الوطنية على تبني مبدأ الإقليمية بوصفه أهم مظاهر سيادة الدولة على إقليمها، مع إمكانية مد ولاية القضاء الوطني إلى متابعة مواطنيها في حالة ارتكابهم جرائم خارج إقليم الدولة وفقا لمبدأ الشخصية الإيجابية، كما تسمح بامتداد ولايتها القضائية إلى الجرائم المرتكبة ضد مواطنيها خارج إقليمها، بغض النظر عن جنسية مرتكبيها أو المجني عليه وهو ما يعرف بالاختصاص العيني .
إذن يتطلب توافر ضابط أو أكثر لينعقد الاختصاص للقضاء الوطني، ولكن قد تقف تلك الضوابط عاجزة عن مواجهة حالات ارتكاب الجرائم الدولية الخطيرة وانتهاك مصالح وقيم المجتمع الدولي، خاصة تلك التي ينص عليها القانون الدولي الإنساني، كفرار الجاني إلى دولة أخرى، أو عدم رغبة سلطات الدولة التي ارتكبت فيها الجريمة أو ارتكاب الجريمة من المسؤولين الرسميين للدولة، وهو الأمر الذي يتطلب عدم الوقوف عند حدود توافر ضوابط الاختصاص سالفة الذكر.
فامتداد الاختصاص يعتبر بمثابة علاج قانوني في حال عدم إمكانية متابعة ومحاكمة ومعاقبة الجناة بمقتضى المبادئ التقليدية للاختصاص، مما دفع المجتمع الدولي إلى تفعيل مبدأ الاختصاص الجنائي العالمي تفاديا لإفلات مرتكبي الجرائم الدولية من العقاب، حيث يصبح القضاء الوطني مختصا بمتابعة ومحاكمة ومعاقبة مرتكبي أنواع معينة من الجرائم الدولية التي تمس أمن وسلم المجتمع الدولي، دون اشتراط توافر أي رابط بين الجريمة والدولة الممارسة للاختصاص الجنائي العالمي.
في نفس السياق، يعتبر مبدأ الاختصاص الجنائي العالمي مرتبط بشكل أساسي بالمحاكم الوطنية سواء من حيث توضيح مفهومه أو من حيث تطبيقه، حيث يحق للمحاكم الوطنية طبقا للمبدأ متابعة ومحاكمة ومعاقبة مرتكبي أنواع معينة من الجرائم الدولية بغض النظر عن قواعد الاختصاص التقليدية، تنفيذا لالتزامات الدول على الصعيد الدولي ووضع حد لإفلات مرتكبي الجرائم الدولية من العقاب، مما يؤكد أن مبدأ الاختصاص العالمي يرتبط بالقانون الجنائي الوطني بشكل أساسي المنتمي بدوره من حيث الممارسة إلى فرع القانون الخاص في التشريع المغربي.
كما تتضح أهمية المبدأ في النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، الذي أقر أسبقية القضاء الجنائي الوطني على القضاء الدولي الجنائي من خلال تبني مبدأ الاختصاص بالجرائم الدولية عندما يكون هذا الأخير قادرا وراغبا في ممارسة اختصاصه وفقا للقانون الوطني.
لكن، لا يفهم من ذلك أن مبدأ الاختصاص الجنائي العالمي قد ظهر بمقتضى نظام روما، بل يجد أصوله الأولى في الفقه الخاص بمدارس الفلسفة القانونية خلال مطلع القرن السابع عشر في كتابات جروسيوس ” Hugo Grotius ” عام 1625، “ودي فاتل ” de vattel، في كتابه قانون الشعوب عام 1758، كما جاء في بعض الكتابات في القرن التاسع عشر فكرة العقاب العالمي .
إضافة إلى ذلك نجد أن الفكرة قد خرجت من كتب الفقه لتسجل في مدونات التشريعات الجنائية الوطنية، فنجد أن أولى التطبيقات لمبدأ العالمية في التشريع النمساوي سنة 1803، والإيطالي سنة 1889، والنرويج سنة 1902، التي نصت على قواعد قانونية تمنح القاضي حق ملاحقة الجرائم الدولية سواء التي وقعت بإقليم الدولة أو خارجها وهو ما يترتب عليه عولمة القانون الجنائي والذي يؤدي إلى عولمة القاضي الوطني بالنسبة لجرائم معينة.
حيث أقرت اتفاقيات جنيف الأربع لسنة 1949 مبدأ الاختصاص الجنائي العالمي، وألزمت الدول الأطراف باتخاذ التدابير التشريعية الضرورية لوصف جرائم الحرب ومتابعة مرتكبيها، فقد نصت الفقرة الأولى من المواد 49 و 50 و 129 و 146، من الاتفاقيات الأربع على ما يلي:” تلزم الدول المتعاقدة بأخذ التدابير التشريعية اللازمة من أجل تحديد العقوبات المستحقة على الأشخاص الذين يرتكبون أو يأمرون بارتكاب إحدى الجرائم الخطيرة وفق التعريف الوارد في المادة الآتية من الاتفاقيات الحالية”.
توضح هذه الفقرة الاختصاص الجنائي العالمي في جانبه المادي، بمعنى أنه على التشريع الوطني إدانة الجرائم الدولية التي تشترك صيغتها في المواد سالفة الذكر من اتفاقيات جنيف، والمادتين 11 و 85 من البرتوكول الأول المتعلق بالنزاعات المسلحة الدولية، كما يجب إضافة الجرائم المتعلقة بالنزاعات الداخلية المنصوص عليها في البرتوكول الثاني لاتفاقيات جنيف، وعند ارتكاب هذه الجرائم يتعين على الدول الأطراف القيام بما يلي:”تلتزم كل دولة طرف في الاتفاقيات بمتابعة المشتبه فيهم بارتكاب أو إعطاء أوامر لارتكاب إحدى الجرائم الخطيرة المذكورة، ومحاكمتهم أمام القضاء الوطني مهما كانت جنسية المجني عليه”.
إضافة لاتفاقيات جنيف، أصبحت جريمة التعذيب بذاتها موضوع الاتفاقية الدولية المؤرخة في 10 ديسمبر 1984، التي تؤسس هي الأخرى لمبدأ الاختصاص الجنائي العالمي، حيث تلزم الدول الأطراف بإنشاء اختصاصها “المادة 5، وممارسة المتابعة القضائية المادة 6، والإدانة المادة 7 أو تسليم المشتبه فيه بارتكاب جريمة التعذيب للدولة التي تطالبه للتقاضي المادة 8.
أهمية الموضوع:
تكمن أهمية الموضوع إلى التطورات التي عرفها القانون الدولي والتي انبثقت عن الاهتمام المتزايد للدول بضرورة ردع مرتكبي هذه الجرائم، وقبولها تطبيق الاختصاص العالمي الذي يعد دعامة أساسية لنظام الردع العالمي لهذه الجرائم، كما يثير هذا الموضوع مسألة التنازع بين القضاء الوطني والقضاء الدولي فيما يتعلق بالجرائم الدولية التي ينظر فيها القضاء، إضافة إلى الصعوبات العملية التي تكتنف الاختصاص العالمي والتي لا تقتصر على مجرد التطبيق القضائي بل تتجاوزه إلى التطبيق التنفيذي من قبل الدول لارتباطه بإشكالات تتعلق بالعلاقات الدولية.
وقد تأثر التشريع الوطني بذلك، فلم يعد الاختصاص الجنائي للمحاكم الوطنية يعتمد على المعنى التقليدي للسيادة الوطنية، بل اعتمد على معنى أوسع أصبحت فيه هذه السيادة ممتدة إلى حماية مصالح الدولة وقيمها في ضوء التضامن الدولي.
كما ازدادت أهمية المبدأ نظرا لتشابك العلاقات الدولية وسهولة انتقال وانتشار الجريمة المنظمة العبر الوطنية التي ينتمي مرتكبوها إلى جنسيات متعددة ويمتد نشاطهم إلى أقاليم دول عديدة، لذلك كان لا بد من تعاون الدول فيما بينها لمكافحة الجرائم الدولية، وتتولى كل منها متابعة ومحاكمة وعقاب المجرم الذي يضبط في إقليمها دون الاكتراث بجنسيته أو مكان ارتكابه للجريمة، تنفيذا لالتزامات الدولة باعتبارها نائبة عن المجتمع الدولي.
وتظهر أيضا أهمية الموضوع في عدم التكافؤ بين الوسائل المعتمدة لمكافحة الجرائم الدولية مع الوسائل المعتمدة في ارتكابها، أي وجود اختلال التوازن لصالح الفعل الإجرامي، وهو ما يؤدي إلى انعدام فعالية السياسة الجنائية الوطنية في متابعة مرتكبي الجرائم الدولية وبالتالي إفلاتهم من العقاب، لذلك إذا أراد المجتمع الدولي وضع نظام فعال لمواجهة تلك الجرائم يجب القيام بتكييف القاعدة الجنائية مع خصوصية الجرائم الدولية، الأمر الذي يتطلب مواجهة التعسف الحالي من طرف الدول بشأن مبدأ السيادة الوطنية، ويؤسس لسياسة جنائية دولية تحتم على المشرع الوطني تبني مبدأ الاختصاص الجنائي العالمي في تشريعه الداخلي.
إضافة إلى الاتفاقيات الدولية التي تلزم الدول الأطراف بملاحقة مرتكبي الجرائم الواردة بها واتخاذ التدابير التشريعية اللازمة لإنشاء ولايتها القضائية على تلك الجرائم، تتطلب حتما تحديد نطاق التزام الدولة بهذه الاتفاقيات الدولية سواء من حيث التجريم والعقاب أو من حيث تحديد نطاق اختصاصها القضائي، ومن ناحية أخرى فإن بعض الجرائم الدولية تحكمها قواعد دولية عرفية، وهو ما يتوقف على مدى إلزامية قواعد العرف الدولي في تحديد الاختصاص الوطني فيما يتعلق بالجرائم الدولية.
كما يعتبر النظام القضائي عنصرا هاما من عناصر ضمان احترام سيادة القانون وحماية الضحايا، ومن أجل أن يكون القانون فاعلا يجب تطبيقه عن طريق إخضاع المتهمين بارتكاب انتهاكات القانون الدولي للتحقيق والمساءلة القانونية، وتعتبر هذه العملية القضائية أمرا ضروريا لضمان حقوق الضحايا في الحصول على إنصاف قضائي فعال ومحاربة مبدأ الحصانة وتعزيز الردع، ومع ذلك ليس هناك سوى آليات قضائية محدودة متاحة لضحايا انتهاكات القانون الدولي.
إشكالية الموضوع:
نشأ الاختصاص الجنائي العالمي كنظام قانوني من أجل تجاوز الثغرات القانونية الموجودة في النظام القانوني الدولي، بهدف ضمان تقديم المسؤولين عن ارتكاب جرائم دولية معينة للعدالة، حيث يكون ملاذا أخيرا يمكن اللجوء إليه للحد من إفلات المجرمين من العقاب.وجدير بالذكر أن القانون الدولي الإنساني العرفي قد أشار إلى مبدأ الاختصاص العالمي، لكنه خالف القانون الاتفاقي، فهذا الأخير قد حصر تطبيق المبدأ في الانتهاكات الجسيمة، أما القانون الدولي الإنساني العرفي فقد وسع من تطبيق المبدأ ليشمل كل انتهاكات القانون الدولي الإنساني حتى تلك الانتهاكات التي لا توصف بالجسيمة، ومن أهمها الانتهاكات التي تحدث أثناء النزاعات المسلحة غير الدولية، والتي تقع بمخالفة ما جاء بالمادة الثالثة المشتركة لمعاهدات جنيف والبرتوكول الإضافي الثاني.
لذا ستتمحور دراستنا حول إشكال أساسي يتمثل في :
ماهي الأسس القانونية لممارسة الاختصاص العالمي من طرف المحاكم الجنائية الوطنية بالنظر لجرائم الحرب وجرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية ؟.
المناهج المعتمدة:
أثرنا أن نتبع في دراستنا المنهج التاريخي بحكم الامتداد الزماني للمبدأ والذي يهدف إلى الوقوف على التطورات التي عرفها تطبيق مبدأ الاختصاص العالمي من خلال الاتفاقيات الدولية التي تبنت المبدأ، والمنهج المقارن للتعرف على موقف التشريعات المختلفة المطبقة له، للوصول بالمشرع الوطني إلى إمكانية اعتماد مبدأ الاختصاص العالمي.
إضافة إلى المنهج القانوني التحليلي من خلال التحليل الموضوعي والعلمي لبعض المواد القانونية خاصة تلك الواردة في اتفاقيات جنيف المتعلقة بمبدأ الاختصاص العالمي، والمنهج الوصفي من خلال تحديد خصائص المبدأ ووصف طبيعته ونوعية العلاقة بين متغيرات المبدأ وأسبابه واتجاهاته.
تقسيم الموضوع:
محاولة منا الإحاطة بالجوانب النظرية والعلمية للموضوع ارتأينا تقسيم البحث الى فصلين: قمنا في (الفصل الأول) بالتعريف بالاطار العام للاختصاص الجنائي العالمي وتأصيله الفقهي والقضائي والتمييز بين مبدأ الاختصاص الجنائي العالمي والإنابة القضائية وكذا تمييزه عن الاختصاص الجنائي الدولي، إن مبدأ الاختصاص الجنائي العالمي لا يمكن تطبيقه على جميع الجرائم الدولية لذلك قمنا بتحديد تلك الجرائم، ثم انتقلنا بعد ذلك لبحث مسألة إعمال الاختصاص العالمي من طرف المحاكم الجنائية الوطنية والقانون الدولي الانساني إلا أن واقع العلاقات الدولية وموازين القوى يجعل تطبيق المبدأ يصطدم بصعوبات و تحديات تعيق تطبيقه يتعين علينا التطرق إليها (الفصل الثاني).
للاطلاع على موضوع “الاختصاص العالمي للمحاكم الجنائية الوطنية” أنظر الملف اسفله