أوصاف الالتزام الأجل


يقدم لكم موقع أنفاس قانونية موضوعا حول ” أوصاف الالتزام الأجل”

خص المشرع المغربي لبحث أوصاف الالتزام “الأجل” الفصول من 127 إلى 139، وتقتضي الإحاطة بهذا البحث أن نعرف الأجل ونحدد مقوماته، ثم نعرض لمختلف أنواعه، ثم نعين لمصلحة من يقرر الأجل، ثم الآثار التي تترتب عليه، لنختم البحث ببيان أسباب حلول الأجل. 

الفرع الأول : تعريف الأجل ومقوماته

الأجل هو أمر مستقبل محقق الوقوع يتوقف على حدوثه نفاذ الالتزام أو انقضاءه. 

مقومات الأجل : يتميز الأجل بمقومين اثنين ؛ هو أمر مستقبل وهو أمر محقق الوقوع. 

يجب أن يكون الأجل أمرا مستقبلا : لابد في الأجل كما في الشرط أن يكون أمرا مستقبلا. فالأمر الماضي أو الحاضر الذي لا يصح أن يكون شرطا، لا يصح كذلك أن يكون أجلا ولو كان طرفا الالتزام يجهلان وقت التعامل أن الأجل الذي يضربانه للمستقبل هو أمر قد حل. 

يجب أن يكون الأجل أمرا محقق الوقوع : لا بد في الأمر الذي ينطوي عليه الأجل، أن يكون أمرا محقق الوقوع بخلاف الشرط الذي ينطوي على أمر مشكوك في وقوعه. 

الفرع الثاني : مختلف أنواع الأجل

الأجل  كالشرط على أنواع مختلفة يمكن تصنيفها من زوايا متعددة :

فبمقتضى تصنيف أول وهو الأهم الأجل من حيث أثره، إما أن يكون أجلا واقفا وإما أن يكون أجلا فاسخا، وبمقتضى تصنيف ثان الأجل من حيث ميعاد حلوله إما أن يكون أجلا معينا وإما أن يكون أجلا غير معين، وبمقتضى تصنيف ثالث الأجل من حيث طريقة تحديده، إما أن يكون أجلا صريحا وإما أن يكون أجلا ضمنيا. وبمقتضى تصنيف رابع الأجل من حيث مصدره إما أن يكون تعاقديا أو قانونيا أو قضائيا. 

التصنيف الأول : الأجل الواقف والأجل الفاسخ

الأجل الواقف :terme suspensif  هو الذي يتوقف على حدوثه نفاذ الالتزام، فإذا التزم المدين بالوفاء بالدين في تاريخ معين، فالتزامه يكون التزاما مربوطا بأجل واقف، بمعنى أن الدائن لا يستطيع مطالبة المدين بأداء الدين قبل حلول هذا التاريخ. 

الأجل الفاسخ :terme extinctif   هو الذي يترتب على حدوثه انقضاء الالتزام.  فإذا أجّر زيد داره لمدة سنتين، فالتزامه كمؤجر يكون مربوط بأجل فاسخ بمعنى أنه ينقضي بانتهاء السنة الثانية من مدة الايجار ويستطيع زيد التحلل منه بانتهاء هذه المدة. 

التصنيف الثاني : الأجل المعين والأجل غير المعين

الأجل المعين : terme certain   هو الذي يعرف ميعاد حلوله على وجه الدقة سواء أكان هذا الميعاد ميعادا في التقويم كالخامس عشر من شهر ديسمبر من السنة الحالية، أم كان هذا الميعاد ميعاد حدث يقع في تاريخ معين كاليوم الأول من عيد الفطر المبارك أو يوم عيد الاستقلال. 

الأجل غير المعين : terme incertain   وهو الذي يتعلق بأمر وإن كان محقق الوقوع، إلا أن تاريخه يبقى مدار جهالة ولا يمكن تعينه عند نشوء الالتزام، ويجب التفريق بين الأجل غير معين من جهة وبين الشرط، ففي الشرط تحوم الجهالة بالنسبة لحدوث الأمر من جهة وبالنسبة لتاريخ حدوث هذا الأمر من جهة ثانية. أما في الأجل غير المعين فالأمر محقق الوقوع في ذاته والجهالة تحوم بالنسبة ليعاد وقوعه ليس إلا. 

التصنيف الثالث : الأجل الصريح والأجل الضمني

الأجل الصريح :terme express هو الذي يجري تحديده على وجه صريح كان يعين تاريخ استحقاق قرض في الخامس من يناير من عام 2016 أو يعين تاريخ انتهاء عقد ايجار في الواحد والعشرين من مايو 2017، ويجري عادة تحديد الأجل باتفاق الطرفين أو قد يترك تحديده لإرادة الدائن. 

الأجل الضمني : terme tacite  هو الذي لم يحدد بصورة صريحة بل ينتج على ما ورد في الفصل 127″ من طبيعة الالتزام أو من طريقة تنفيذه أو من المكان المحدد لهذا التنفيذ “.

ملاحظة هامة : يجدر لفت النظر إلى أنه ما لم يحدد الأجل صراحة أو ما لم يستنتج ضمنا فالالتزام يعتبر منجزا ويتعين تنفيذه فورا. وهذا ما أشار إليه الفصل 127 بقوله :”إذا لم يحدد للوفاء بالالتزام ميعاد معين، وجب تنفيذه على الفور مالم ينتج الأجل من طبيعة الالتزام أو من طريقة تنفيذه أو من المكان المحدد لهذا التنفيذ “.

التصنيف الرابع : الأجل التعاقدي والأجل القانوني والأجل القضائي

*الأجل التعاقدي   terme conventionnel هو الذي يجري تعينه بمقتضى الاتفاق كأن يحدد المقرض والمستقرض تاريخ استحقاق القرض أو كأن يستنتج الأجل ضمنا من طبيعة الالتزام أو من طريقة تنفيذه أو من المكان المحدد لهذا التنفيذ. 

الأجل القانوني : terme légal   هو الذي يكون مصدره القانون، فقد يعمد المشرع إلى تعيين أجل أدنى أو أقصى لقيام بعض التصرفات أو قد يحدد أجلا لممارسة بعض الحقوق أو لانقضائها. 

الأجل القضائي أو نظرة الميسرة terme judiciaire : هو الذي يمنحه القاضي للمدين سيء النية الملاحق قضائيا. والقوانين تسمح عادة للقاضي في اللجوء إلى نظرة الميسرة للأخذ بيد المدين الجدير بالعطف والرعاية فينظره إلى أجل معقول لتنفيذ التزامه. 

الفرع الثالث : لمصلحة من يقرر الأجل

تترتب أهمية كبرى على معرفة الطرف الذي كان الأجل مقررا لمصلحته، لأن هذا الطرف هو الذي يحق له وحده النزول عن الأجل. والأجل قد يمنح لمصلحة المدين أو لمصلحة الدائن أو لمصلحة المدين والدائن معا. 

وفي حالة تعدد المدينين أو الدائنين قد يمنح الأجل لبعض المدينين دون البعض أو لبعض الدائنين دون الآخرين. 

ولا بد في صدد معرفة الطرف الذي تقرر الأجل لمصلحته من التمييز بين أن يكون الأجل قضائيا وبين أن يكون قانونيا وبين أن يكون تعاقديا. 

لمصلحة من يقرر الأجل القضائي : الأجل القضائي يقرر دوما وأبدا لمصلحة المدين، وعليه فللمدين وحده النزول عن الأجل الممنوح له قضائيا والقيام بتنفيذ التزامه إن شاء قبل حلول هذا الأجل. 

لفائدة من يقرر الأجل القانوني : إن الأجل القانوني يمنح كذلك دون ما ريب لمصلحة المدين. 

لمصلحة من يقرر الأجل التعاقدي : قرر الفصل 135قاعدة مؤداها أن الأجل التعاقدي “يفترض فيه أنه مشترط لمصلحة المدين…ما لم يقض القانون أو العقد بخلافه “. فبمقتضى هذه القاعدة تقوم قرينة على أن الأجل التعاقدي يعتبر مشروطا لمصلحة المدين، ولكن هذه القرينة هي قرينة بسيطة تقبل البينة المعاكسة بحيث يجوز إقامة الدليل على أن الأجل كان مقررا لمصلحة الطرفين معا أو لمصلحة الدائن فحسب، وهذا الدليل على ما نص عليه الفصل 135 يمكن أن يستمد إما من الاتفاق أومن القانون. 

الفرع الرابع : آثار الأجل

وجوب التمييز بين مرحلة قيام الأجل ومرحلة حلول الأجل: يقتضي بيان آثار الأجل أن نميز بين المرحلة التي تسبق حلول الأجل أي المرحلة التي يكون فيها الأجل قائما، وبين المرحلة التي تستتبع حلول الأجل. وعليه سنقسم هذا الفرع إلى مبحثين :

المبحث الأول : آثار الأجل قبل حلوله

1 ـ الأجل الواقف

المبادئ التي تتجمع حولها آثار الأجل الواقف قبل حلوله :

يمكن جمع الآثار التي تترتب على الأجل الواقف قبل حلوله حول المبدأين الأساسيين التاليين :

أولا : الالتزام المربوط بأجل واقف هو التزام كامل الوجود ؛

ثانيا : ولكنه التزام غير نافذ.

فلنوضح المقصود بهاذين المبدئين ولنبين النتائج التي تترتب على كل منهما :

إن الالتزام المربوط بأجل واقف هو التزام كامل الوجود ولكن نفاده مرجأ بعض الوقت. ومن أهم النتائج التي تترتب على كون الالتزام المربوط بأجل واقف التزاما كامل الوجود النتائج التالية :

  1. يجوز للدائن بدين مقترن بأجل واقف أن يتخذ حتى قبل حلول الأجل سائر الاجراءات التحفظية لحقوقه، كأن يطلب استكتاب الملتزم للتثبت من توقيعه على السند المنشئ لحقوقه المربوطة بأجل واقف أو كأن يطلب وضع الاختام وتحرير قوائم الجرد، بل إنه يجوز له أن يطلب كفيلا أو أي ضمان آخر أو أن يلجأ إلى الحجز التحفظي إذا كانت له مبررات معتبرة تجعله يخشى إعسار المدين أو فراره (الفصل 138) ؛
  2. للدائن بأجل واقف التصرف بحقه، فمشتري الشيء بأجل واقف مثلا يستطيع أن يبيعه أو أن يهبه أو أن يوصي به للغير، على أن تكون حقوق هذا الغير طبعا مربوطة بنفس الأجل الواقف؛ 
  3. إذا توفي الدائن بدين مقترن بأجل واقف وذلك قبل حلول الأجل، فحقوقه لا تنقضي بوفاته بل إنما تنتقل إلى ورثته ؛
  4. يجوز لصاحب الحق المقترن بأجل واقف القيام بسائر الأعمال المادية اللازمة لصيانة حقه من التلف، وبالمقابل يمتنع على المدين في فترة قيام الأجل أن يجري أي عمل من شأنه أن يمنع أو يصعب على الدائن مباشرة حقوقه عند حلول الأجل (الفقرة الأول من الفصل 125 المعطوف عليها بالفصل 134) ؛
  5. يسقط الأجل الواقف ويصبح الحق المؤجل مستحق الأداء إذا شهر إفلاس المدين أو إعساره أو إذا ضعف بفعله الضمانات الخاصة التي سبق له أن أعطاها بمقتضى العقد، أو لم يعط الضمانات التي وعد بها (الفصل 139) ؛
  6. إذا أدى المدين الالتزام قبل حلول الأجل، لا يسوغ له استرداد ما دفعه ولو كان جاهلا وجود هذا الأجل (الفصل 136).
  7. الالتزام المربوط بأجل واقف هو التزام غير نافذ :

إن الالتزام المربوط بأجل واقف وإن كان كامل الوجود، إلا أنه غير نافذ ما دام الأجل يحل، ومن أهم النتائج التي تترتب على عدم نفاذ الالتزام المربوط بأجل واقف النتائج التالية :

  1. التزام مربوط بأجل واقف هو التزام غير قابل للتنفيذ الجبري على المدين، وعليه لا يستطيع الدائن مطالبة المدين قضائيا بالوفاء بمثل هذا الالتزام مادام الأجل لم يحل ؛
  2. الالتزام المربوط بأجل واقف لا يمكن أن تقع المقاصة القانونية بينه وبين التزام آخر على الدائن، لأن المقاصة القانونية لا تكون إلا في التزامين مستحقي الأداء (الفصل 362)، والالتزام المربوط بأجل واقف ليس التزام مستحق الأداء ؛ 
  3. الالتزام المربوط بأجل واقف لا يمكن أن يسري عليه التقادم المسقط لأن التقادم المسقط لا يتناول الالتزام إلا إذا كان مستحق الأداء، والالتزام المربوط بأجل واقف لا يستحق الأداء إلا عند حلول الأجل ؛
  4. إذا تقرر إلغاء أو بطلان الأداء الحاصل قبل حلول الأجل وترتب على ذلك استرداد المبالغ المدفوعة، فإن الالتزام يعود وفي هذه الحالة يستطيع المدين أن يتمسك بمزية الأجل المشترط فيما بقي من مدته (الفصل 137).
2- الأجل الفاسخ

المبادئ التي تتجمع حولها آثار الأجل الفاسخ  قبل حلوله :

يمكن جمع الآثار التي تترتب على الأجل الفاسخ قبل حلوله حول مبدأين أساسيين :

أولا : الالتزام المربوط بأجل فاسخ هو التزام موجود ونافذ ؛ 

ثانيا : ولكنه التزام يزول حتما بحلول الأجل. 

فلنوضح المقصود بهاذين المبدئين ولنبين الآثار التي تترتب على كل منهما :

 إن الالتزام المقترن بأجل فاسخ هو كالالتزام المعلق على شرط فاسخ موجود ونافذ فورا. وتترتب على ذلك النتائج التالية :

  1. الدائن بأجل فاسخ له حق حال واجب الأداء، وعليه يستطيع أن يتقاضاه من المدين طوعا ورضاء وإلا فقضاء وكرها، وله أن يوقع على مدينه الحجز التحفظي بل والحجوز التنفيذية ؛ 
  2. إن صاحب الحق المقترن بأجل فاسخ يملكه حالا، فله أن يقوم بسائر الأعمال الإدارية، كما له أن يتصرف فيه بجميع أنواع التصرفات الجائزة وهذه التصرفات تنفذ فورا ولكنها تكون مرتبطة بنفس الأجل الفاسخ ؛
  3. لما كان الالتزام المقترن بأجل فاسخ واجب الأداء، فإن التقادم المسقط يسري عليه منذ نشوئه. 
  4. الالتزام المقترن بأجل فاسخ يزول حتما بحلول الأجل :

إن الالتزام المقترن بأجل فاسخ هو الالتزام مؤقت بطبيعته ويزول حتما بحلول الأجل، وهنا يظهر الاختلاف الجوهري بين الالتزام المربوط بأجل فاسخ وبين الالتزام المعلق على شرط فاسخ : فالأول مؤكد الزوال، في حين أن الثاني هو معرض فقط للزوال بحيث يزول إذا تحقق الشرط الفاسخ، ويستمر في إنتاج آثاره وتصبح هذه الآثار نهائية إذا تخلق الشرط. ويترتب على كون الحق المقترن بأجل فاسخ حقا مؤقتا بطبيعته أن جميع التصرفات صاحب هذا الحق تقيد بحدود هذا الحق وتكون مؤقتة مثله، لأن المتصرف لا يستطيع أن ينقل إلى المتصرف إليه أكثر مما له. 

المبحث الثاني : آثار الأجل بعد حلوله

آثار الأجل الواقف : بمجرد حلول الأجل الواقف يصبح الالتزام المقترن بمثل هذا الأجل قابلا للتنفيذ، وينقلب من التزام غير نافذ إلى التزام مستحق الأداء وواجب التنفيذ وعليه :

  1. يجوز للدائن إذا امتنع المدين عن الوفاء بدينه طواعية أن يجره على ذلك عن طريق القضاء ؛ 
  2. تجوز المقاصة القانونية بين الدين بين الدين الذي حل أجله، وبين دين مقابل له على الدائن مستحق الأداء ؛
  3. يسري على الدائن الذي حل أجله التقادم المسقط ويبدأ سريان هذا التقادم منذ حلول الأجل.

ويجب لفت النظر إلى أن المدين يعتبر في حالة مطل إذا تأخر في تنفيذ التزامه رغم حلول الأجل، لأن مطل المدين في التشريع المغربي يتحقق بمجرد حلول الأجل (الفصل 255).

ولما كان المشرع رتب على الأجل الواقف آثار الشرط الواقف الفصل 134، فإنه يجب أن تطبق على حلول الأجل الواقف أحكام تحقق الشرط الواقف سواء بالنسبة إلى هلاك محل الالتزام أو تلفه أو نقص قيمته (الفصل 120)، أم بالنسبة للتصرفات التي يكون المدين قد أجراها في الفترة الممتدة بين بين نشوء الالتزام وحلول الأجل (الفقرة الثانية من الفصل 125).

آثار الأجل الفاسخ  : بمجرد حلول الأجل الفاسخ ينقضي الحق الذي كان مربوطا به، وذلك من تلقاء نفسه ودون حاجة لصدور حكم يقرر هذا الانقضاء. ويترتب على انقضاء الحق بحلول الأجل الفاسخ زوال جميع التصرفات التي كان قد أجراها صاحب الحق في فترة قيام حقه. 

ولما كان المشرع رتب على حلول الأجل الفاسخ آثار الشرط الفاسخ (الفصل 134)، فإنه يجب أن نطبق على حلول الأجل الفاسخ أحكام تحقق الشرط الفاسخ سواء من حيث إلزام الدائن برد ما أخذه أو استحالة هذا الرد بسبب الدائن أو بسبب أجنبي لا يد له فيه، أو احتفاظ الدائن بالثمار و الزيادات التي يكون جناها قبل حلول الأجل الفاسخ (الفصل 121)،أم من حيث التصرفات التي يكون أجراها من يترتب على حلول الأجل الفاسخ زوال حقوقه، وذلك في الفترة التي تسبق حلول هذا الأجل.

الفرع الخامس : أسبـــــــــــــــــــــــاب حلول الأجل

يحل الأجل بأحد الأسباب الثلاثة التالية :

1 بانقضـــــــائه، 2 بالنزول عنه ممن هو مقرر لمصلحته، 3 بسقـــــــوطه.

  وسنعرض تباعا لكل من هذه الأسباب :

حلول الأجل بانقضائه : ينقضي الأجل بتحقق الأمر الذي كان يتوقف على حدوثه نفاذ الالتزام أو زواله إذا كان من نوع الأجل غير المعين كوفاة شخص أو رجوع القافلة الأولى من الحجيج، أو بمضي الميعاد المضروب لنفاذ الالتزام أو زواله إذا كان من نوع الأجل المعين كاليوم الأول من شهر يناير من العام الحالي. 

وقد أوضح المشرع في الفصول من 130إلى 133 القواعد التي يجب اتباعها في حساب الأجل المعين الذي هو الغالب في الحياة العملية وتتلخص هذه القواعد في ما يلي:

  1. يبدأ سريان الأجل من تاريخ العقد ما لم يعين المتعاقدين أو القانون تاريخ آخر، وفي الالتزامات الناجمة عن جرم أو شبه جرم يبدأ سريان الأجل من تاريخ الحكم الذي يحدد التعويض الذي يجب على المدين أداؤه (الفصل 130) ؛
  2. اليوم الذي يبدأ منه العد لا يحتسب من الأجل، والأجل المقدر بعدد من الأيام ينقضي بانتهاء يومه الأخير (الفصل 131) ؛
  3. عندما يكون الأجل مقدرا بالأسابيع أو الأشهر أو السنة، يكون المقصود بالأسبوع مدة سبعة أيام كاملة، وبالشهر مدة ثلاثين يوما كاملة وبالسنة مدة ثلاثمائة وخمس وستين يوما كاملة (الفصل 132) ؛
  4. إذا وافق حلول الأجل يوم عطلة رسمية قام مقامه أول يوم عمل يليه (الفصل 133).

حلول الأجل بالنزول عنه : الأجل ليس من متعلقات النظام العام، لذا يمكن النزول عنه، على أن النزول عن الأجل حتى يكون صحيحا وملزما يجب أن يصدر عمن قرر الأجل لمصلحته. 

ويجب التذكير بأنه ما لم يقض العقد أو القانون بخلاف ذلك، يشترط لصحة نزول المدين عن الأجل إذا كان محل الالتزام نقودا أن لا يكون للدائن ثمة مضرة في استيفائها قبل الأوان، وإذا لم يكن محل الالتزام نقودا أن يرتضي الدائن استيفاء الالتزام قبل حلول الأجل (الفصل 135).

حلول الأجل بسقوطه : منح الأجل يقوم على ثقة من الدائن بمدينه، فإذا ظهر أن هذه الثقة كانت في غير موضعها وأن مصالح الدائن باتت مهددة الخطر، فمن العدل أن يسقط حق المدين بالأجل، لذا نص الفص على فقدان المدين مزية الأجل في الحالات الاربعة التالية :

أولا : عند إشهار إفلاسه ؛  

ثانيا : إذا أضعف بفعله ما أعطى الدائم من تأمينات خاصة بمقتضى العقد ؛

ثالثا : في حالة لم يقدم للدائن ما وعد بتقديمه من تأمينات ؛

رابعا : إذا أخفى عن غش التكاليف والامتيازات السابقة المترتبة على التأمينات المقدمة منه. 

وسنعرض على التعاقب لمختلف هذه الحالات :

سقوط الأجل لشهر إفلاس المدين : إذا كان المدين تاجرا وأشهر إفلاسه، فإنه يترتب على الحكم بالإفلاس اعتبار  جميع الديون لأجل ديونا حالة لا فرق بين أن تكون هذه الديون ديونا تجارية أم ديونا مدنية، ذلك أن الإفلاس يقتضي تصفية الوضع الذي خلفه الإفلاس تصفية عامة وأن هذه التصفية العامة تتطلب بالضرورة الاعتداد بجميع ديون المفلس حتى ما كان منها لم يستحق بعد، يضاف إلى ذلك أن مجرد إعلان الإفلاس يستتبع انهيار ثقة الدائن بمدينه، وثقة الدائن هي العماد الذي يرتكز عليه الأجل ويبرره. 

سقوط الأجل لإضعاف تأمينات الدائن : إذا كان الدائن قد منح أجلا للمدين ارتكازا منه على التأمينات التي يكون قد قدمها له، فإن المنطق يقضي بأن يكون الدائن غير ملزم على انتظار حلول الأجل إذا ما أقدم المدين على إضعاف هذه التأمينات وأن يكون له بالتالي في هذه الحالة المطالبة بإسقاط المدين في الأجل، على أن سقوط الأجل لإضعاف التأمينات يتطلب توافر عدة شروط :

أولا : يجب أن يكون الدائن قد حصل على تأمينات خاصة، كرهن على منقول gage  أو رهن عقاري antichrèse  أو رهن رسميhypothèque  أو كفالة cautionnement ، أما الضمان العام gage général  الذي يتمتع به كل دائن على مجموع أموال مدينه فلا يعتبر من قبيل الضمانات الخاصة، وعليه إذا ما تصرف المدين بقسم من أمواله وأنقص بالتالي الضمان العام الذي يعود لدائنيه، فإن هؤلاء لا يستطيعون استناد إلى إضعاف هذا الضمان العام المطالبة بإسقاط حق المدين في الأجل.

ثانيا : يجب أن يكون مصدر التأمينات الخاصة الممنوحة للدائن هو العقد، فالفصل 139 ينص على إسقاط حق المدين في الأجل إذا هو “أضعف التأمينات الخاصة التي سبق له إن أعطاها بمقتضى العقد “.

ثالثا : يجب ان يكون إضعاف التأمينات قد حدث بفعل المدين نفسه أي بخطئه، كأن يمنح المدين دائنه رهنا رسميا على بناء أو حرج ويعمد إلى هدم البناء أو قطع أشجار الشرج. 

أما إذا كان إضعاف التأمينات الخاصة، قد حصل عن سبب أجنبي لا دخل لإرادة المدين فيه، كأن تهبط قيمة العقار المقرر عليه الرهن نتيجة أزمة اقتصادية، فإن المدين في هذه الحالة لا تسقط عليه مزية الأجل بحكم القانون، إنما يكون للدائن ” الحق في أن يطلب تأمينات تكميلية، حتى إذا لم تقدم، حق له أن يطلب تنفيذ الالتزام على الفور “الفقرة الأخيرة من الفصل 139”.

سقوط الأجل لعدم تقديم المدين الضمانات التي وعد بها :

إذا حصل المدين على أجل نتيجة وعده الدائن بتقديم ضمانات خاصة تضمن تنفيذ التزامه أخل المدين بوعده ولم يقدم هذه الضمانات، فهو يفقد حقه في الأجل، وذلك لنفس الاعتبارات التي تؤول إلى إسقاط الأجل بسبب إقدام المدين على إضعاف ما أعطاه للدائن من تأمينات خاصة. 

سقوط الأجل لإخفاء المدين عن غش التكاليف والامتيازات السابقة المترتبة على التأمينات المقدمة منه :

إذا منح المدين ضمانات خاصة لدائنه وأخفى عن غش التكاليف والامتيازات السابقة المترتبة على هذه الضمانات، فإن من حق الدائن إذ تتضح له الحقيقة أن يطلب إسقاط حق المدين في الأجل مثل ذلك أن يعطي مدين لدائنه رهنا على عقار ويوهمه أن مستأجر هذا العقار لمدة عشر سنين لم يدفع بعد شيئا من الأجور ثم يتبين للدائن أن المستأجر أدى أجور العشر سنين مقدما، مثل ذلك أيضا أن يمنح المدين لدائنه رهنا رسميا على أرض يوهمه أنها صالحة للبناء ويمكن أن تباع بثمن لائق ثم يتبين للدائن أنها مكلفة بارتفاق عدم البناء عليها وأنها لاتباع إلا بثمن بخس.

  ففي مثل هذه الحالات يفقد المدين مزية الأجل.  وهذا ما أوضحه الفصل 139 إذ هو بعد أن قرر إسقاط حق المدين في الأجل إذا أشهر إفلاسه أو أضعف بفعله التأمينات التعاقدية الخاصة أو لم يعط لتلك التي وعد بها أضافت ” ويسري نفس الحكم على الحالة التي يكون المدين فيها قد أخفى عن غش التكاليف والامتيازات السابقة التي تضعف التأمينات المقدمة منه “.


يمكنك قراءة الأوصاف الأخرى التي تلحق أطراف الالتزام :

اطلع على المقال عبر الرابط التالي : اضغط هنا

Exit mobile version